Alef Logo
ابداعات
              

شعر / شَمعُ فَرَاشَاتٍ . .في مَسَاءاتِهَا المُنمنَمَة

محمد حلمي الريشة

2006-04-10

أُكرَةُ صَدرِهِ المُغَلَّقِ
تَرتَجُّ مِروَحةً في آنِهِ الضَّاريِّ
كَمْ سَيَحتَمِلُ خُلَّبَ صَوتِهَا الفَرْوِيِّ
دُونَ دَغلِ شَفَتهِ
السُّفلَى
تَهزُّ شُرفَةَ زَهوِهَا بِبَوحِهِ المُقَطَّر .

عَنَاقِيدُهَا لَيسَتْ دَانِيَةً
كَخُلخَالِ
أَغصَانٍ
مَرِحَة
وهوَ بَعِيدٌ - يُضِيءُ دُرَّاقَ لَثغَتهِ عَلَى وَمضِ رَنَّتِهَا
يَندَهُ النَّايَ مَفرُوداً كَسَهلٍ مِن
عَلٍ :
آنَ أَنْ تُنْزِلَني عَن حِبَالِ صَوتِهَا بِبُلبُلَةٍ وَاحِدَة .
كأْسُ عُريِ الغِيَابِ الَّذي سَبَقهَا
صَبَّ إبرَتَهُ فَوقَ عَجينَةِ عُمرهِ البَاردَة
أَينَ كَانَ كُلُّ عِنَبِ كَلامِهَا الأَبيَض في اسوِدَادِ مَوَاسِمِه ؟
يَخفِضُ لَها جَنَاحَ أَسرَارِهِ
كَنَحلٍ يُرَاقِصُ وَردَةً مَرشُوووووقَةً إلَى فَمِه ،
يَتَورَّدُ مَاءُ لِسَانهِ بِسُكَّرٍ يَنبِضُ ولَوزٍ مُوسِيقيّ ..
هُدِّيهِ ، أَيَّتها الفِتنَةُ ، مِن رَأسِهِ
إلَى
أَخْمَصَيهِ لِيَستَطيعَ بَهاءهَا ؛
بَهجَةً .. بَهجَة .
بِثَلاثِ عُيونٍ
يَنشُدُ سِحرَ رُخَامِهَا المَنحُوتِ بِمَاءِ القُرُنفُل ،
كَم أَخفَى أُغنِيَاتِهِ دَاخِلَ دَالِيَةِ حُزنِهَا اللَّيلَكيّ ..
وَحدَهُ ، الآنَ ، يَسكُبُ مَرمَرَ غَيمِهِ عَلَى
صَحراءِ الغِيَاب .
- هل تَأَخَّرَ كَثيراً ؟
سَتأخُذُهُ من كُوَّةِ رُوحِهِ لِتَغسِلَهُ من غِيَابِه ،
ثمَّ تَحلُمُ بِكَوكَبٍ يَتَراقَصُ نَشوةً عَلَى
سُرَّةِ نَومِهَا
بَعدَ صُعوبَتِه .
سَاعَةٌ تِلوَ سَاعَةٍ - وَلا يَستَطيعُ صَبراً -
وأُخَرُ لِظِلِّهِ الخَفيفِ
عَلَيهَا
وَهوَ يُطَبِّعُ ثَغرَهَا بِاحتِلامِ شَفَتَيه .
كأَنَّها زَيَّنَتْ كلَّ زُقَاقَاتِ جَسَدهِ
بِقَنَاديلَ لَهَا رَفيفُ ضَوء ،
وكأَنَّها انفِلاتُ رُزمَةِ فَراشَاتٍ بَيضَاء
في مَسَاءاتِهَا المُنَمنَمَة .
سَيَكسِرُ مَاءهُ فَوقَ
نَقشِهَا
[ بِالأَبيضِ والأَسوَد ]
فَهوَ حَمَامُ العَاشقِ - يَسبَحُ في مُحيطِ عَينَيهَا بِأَمَانٍ مُؤقَّت.
يَا الَّتي كائنُ نُورٍ في خَواصِّهِ المُحَدَّبَة :
متَى تَنضُجُ بَقيَّةُ الأَلوانِ
في حَديقَةِ رُؤيَتهِ المُضمَرَة ؟
مُنذُ شُهورٍ وهوَ أَسِيرُ أَعمِدَةٍ من وَرَق ؛
لا الأَرضُ تَصغرُ بَينَ يَدَيه ،
وَمِن خَلفِهِ قَوافلُ سَنواتٍ مُدبِرَةٍ إلَى أُفُولِهَا ..
يَقولُهَا : عِبَارةً مُزدَوَجَة
مِرآةً لا يَرَى فيهَا سِواهَا
ولا يَسأَلُ : كَم منَ الخُطُواتِ الطِّينيَّةِ سَتَشرَبُ قَدَماه
قَبلَ وُصُولِهَا وَوَصلِهَا ؟
من بَعيدٍ /
يَتلُو خَريفَهُ بِأَحَاسِيس صَفصَافَةٍ مُرهَقَة :
الحبُّ ؛
مَسَافَةٌ غَيرُ كَافِيَةٍ بينَ عَاشِقَينِ يَتلاصَقَانِ
حُلُمَاً ..
لَمحَاً ..
مِلْحَاً ..
لَحمَاً ..
يَ
نِ
زُّ
عَرَقَاً من كَثرَةِ حُدُوسِهِ العَارِيَة .
- "سَأَحشُوها نُسخَةً من ضُلُوعي .."
هكذا قَالَها في اللُّهاثِ المَريضِ ،
بَعدَ ارتِفَاعِ دَرَجَةِ حَرارَةِ وُعُولِ جَسَدِه .
مَا الَّذي يَراهُ لَدَيها ؟
مَا الَّذي لَيسَ لَهُ ؟
حَرِيرُ سُطُوعِهَا - هذا المسَاء ،
يُشهِبُ جَبينَهُ من
بُرجِ
عَذرائِهَا ،
وهوَ عَقرَبُ الأَثيرِ يُدَفِّفُ رَنينَهُ بِوسَادَةِ المِلح ..
هل حَمَلُ الرَّعشَةِ مَا يَصطَفيهِ ، الآنَ ، يَا ثَعالِبَ انتِظَارِه ؟
رُبَّما ..
يَملأُ جِرَارَ أُذنَيهِ بِآهٍ طَويلَة :
نَمْ قَليلاً
كَي يَترَاءى لَكَ ظِلِّي الرُّخَاميّ مُضطَجِعاً إلَى جِوَارِك ؛
هذا .. بَياضُ يَقيني /
هذا .. سَوادُ عُيوني /
وهذا .. اللَّيلَكيُّ يَتأَبَّطُ ثِماري المُؤجَّلَة ..
فُضَّ أَسرِي
- أَيُّها الرَّجلُ الوَحلُ -
متَى تَعتَليني .. فَأَقطُفك ؟
هَدأَةُ اللَّيلَةِ - مَناقيرٌ جَافَّةٌ :
هذهِ البُرودَةُ يَصطَليهَا أَلَمَاً
يَتعرَّى من فُتونِه ،
القَهوةُ تَتلَعثمُ قَبلَ أَن تَنتَهي
من طَوافِهَا في دَمِه ،
واندِلاعاتُ المَشَاعرِ -
تَصطَفُّ مِثلَ جَدَائل مُخضَّبةٍ
بِمَسافاتِهَا ..
أَيُّهذا السُّكوتُ الضَّالعُ
- في حِينهِ -
إلَى
لَيلَكٍ يَرتَديهَا :
مُتعَبٌ بِخَواطِرهِ كَطُقوسٍ تُنقِّرُ ذَاكِرَتهُ اللاهثَةَ
من قَبلُ ..
ومن بَعدُ .
كالَّذي يَرقُصُ فَوقَ
صَحوَةِ المَجمَرَة ..
هذهِ النَّدَّاهَةُ تُولِعُهُ
- في مَنفَاهُ -
تَترُكهُ يَتهَاوَى
إلَى
حِضنِهَا
قِ سْ طَ اً
قِ سْ طَ اً
وَدُونَ مَائِدَة .
كأَنَّ لِلكَلامِ بُكورَتُهُ المُضَاعَفَة ،
وكأنَّهُ يَقولُهُ لِلمَرأَةِ - المرَّةِ الأُولَى
بِثقَةِ ظِلٍّ في دَوَرانِه .
يَحدُثُ أَنْ : لا شَيءَ سِوَى ظَمَأٍ إِلَيهَا
يَتجَرَّعُهُ عَن بُعد .
لا مَرئيٌّ /
أُفقُهَا / الَّذي لَهُ مَقَابضُ من تردُّدٍ وغوَايَة ..
لِذَا ؛
يُسَامِرُ شَهَواتهِ بِمُخيَّلَةٍ نَهَريَّةٍ
تُبلِّلُ حَوافَّ انتِظَارهِ .
يُروِّضُ عُزلَتهُ كلَّ يَومٍ
كَأنَّها سَمكةٌ في إِناءٍ من زَمنٍ جَافّ ..
أُستُريهِ بِمُكَوَّريكِ المُعلَّقَينِ بِسلسِلَةِ الرُّوحِ ،
أيَّتها الآنِيَّةُ - المُخَطَّأةُ بِصَوابِهَا
وبِئرِهِ النَّهِمَة .
أَيقَظَتهُ - هذا الصَّباحَ ،
من سَريرهِ الضَّيِّقِ وحَوَاسِّهِ المَبتُورَة :
عِمْ حُبَّاً
يَا مَريضي المُبهَمَ واللَّذيذَ في آن .
من دَاخِلِ أَسوَارِها المُتَجمِّدَة
تَتَرصَّعُ نَدىً قِرمِزِيَّاً
عَلَى سَماءِ فِضَّتهَا الدَّائِمَة ..
كَمِ الأَلَمُ دُونَهُ -
وهوَ يَتسَلَّقُ طَاسَاتِهَا
جُرعَةً ..
جُرعَةً ..
ولا يَرتَوِي .
الأَحَاديثُ لَيسَتْ عُصَارةَ القَلبِ - أيَّتها الرِّيَاحُ السَّاكِنَة
إنَّها نَفَسُ القَلبِ ونَفسُهُ
يَستَدعي كَمَائِنَها الضَّروريَّةَ
- كلَّ سَاعَةٍ -
لِيَسقُطَ فِيهَا بِرَغبَتهِ المُرجَأَة .
مَهلاً ..
لِلبَنفسَجِ أَنْ /
يَستَحوِذَ عَلَى أَرِيْجهِ بَعدَ شَهَقاتِ لُغَتهِ المُستَنفَرَة ..
لِلأَردِيَةِ - عَلَيهَا - أَنْ /
تَتَسَاقطَ في قَلَقِ خَريفِهِ المَطمُوث ..
لِفَمِهِ أَنْ /
يَمتَصَّ يُوبيلَها الفِضِّيَّ بالأَمسِ قَبلَ الغَد ..
وَلهُ أَنْ /
يَجُوحَ فوقَ خَيالاتِهَا
كُلَّما أَثْمَرتْ مُراوَدتُها كَائِنَاتٍ بَهيَّة .
تَتلَوَّى مِثلَ صَلصَالٍ سَاخنٍ
أَمامَ سِعَةِ احتراقِهِ ،
يَكادُ حَليبُ لَونِهِ يَتخَثَّرُ من كَثرَةِ مَا انتَهى مِنهُ –
إلَيه ..
حُطِّي ضِفَّتَيكِ ، كَجَناحَي غَيبةٍ آتيةٍ عَلَى
مِيَاهِ مَشَاعرهِ اللامِعَة
عَلَّهُ يَتَعَنقَدُ بينَ جُوعَاتِكِ –
اللَّهفَة .
في دَواخِلهِ دَهَاليزُ سَلِسَةٍ - لا يَستَطيعُ اصطِيَادَها ،
وفي قَمصَانِ نَومِهَا لآلئُ حِكَايَاتٍ مُترَفَةٍ ..
فَيَا حِصَّتهُ في الرَّغائبِ المُشَجَّرةِ بِسِوَاه :
أَينَ .. أَنتِ ؟
كَجُزءٍ بهِ /
مُصَابٍ بِدَاءِ سَريرِهَا المُعلَّقِ على نَافذَةٍ مُتأَرجِحَة ،
وكَكُلٍّ بهِ /
يُظلِّلُهُ بِأُمنياتٍ مُلَوَّثةٍ بِجُثُوِّها قُربَهُ
- مثلَ هرَّةٍ مُطفأَة -
يَبقَى انتظَارُهُ حَمَّامَ إنَائهِ
إلَى أَنْ يَصرخَ :
وَجَدتُها .. وَجَدتُها .
من حَقِّهِما - يَوماً مَا
أَنْ يُولَدَا ثَانيةً
في ثَانِيَة .


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أَجَاصُ خُبْثِ شَبِيهِي

03-تموز-2010

أَوَّلِي .. أَخِيرُهُا

25-حزيران-2010

حُمَّى لَيْلَةِ حِبْر

06-تموز-2009

"لاوْرَا".. اللُّغْزُ المُبْتَسِمُ غُمُوضًا

18-شباط-2009

لاَ بَرَّ فِي بَحْرِ الْكِتَابِ!

28-تشرين الثاني-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow