Alef Logo
ابداعات
              

صباحات قرويَّة

أنس مصطفى

خاص ألف

2013-10-29

عَلَى رَسلِكَ يا الفِرَاقُ اليَتيِم..

عَلَى رَسلِك حتَّى نمنَحَ الفَجرَ ندَاوةَ الأمَل، حتَّى نُشيِّدَ من آجُرِ الحَنَانِ بُيُوتاً تَدهَنُ الصَّباحَاتِ بالأخضَرِ الوَسِيم، عَلَى رَسلِكَ حتَّى نَشتلَ المشَاويرِ بالحَكايَا، حتَّى نلثُمَ العُمرَ بَالأمَلِ القَليِلْ..

عَلَى رَسلِكَ يَا فِرَاق،
عَلَى رَسلِكَ يَا رَفيقُ التَّعَب، يا آخرَ الرِّفاقِ ويَا سِكَّةَ الغَائِبين، عَلَى رَسلِكَ يا رَسُولُ المنَافِي ويَا مَنبتَ الظَّلام..
عَلَى رَسلِكَ يَا آسِرَ النَّاسِ فِي المحطَّات، يَا نَديمَ القِطَارَاتِ ويا وَحشَةَ الْغائبينْ..

يا سيِّدَ الحقَائبِ في الأزَلْ..

على رَسلِكَ حتَّى نزيِّنَ البيوتَ للأَعيَادِ الجَدِيدَة، حتَّى يتفتَّقَ الحَنانُ عَن سُمرَةٍ وصِغَار، عَلَى رَسلِكَ حتَّى نَشربَ الشَّايَ في مغَارِبِ القُرَى، حتَّى نَنفِضَ الرُّوحَ مِن وَحشَةِ الغِيَاب..

انتظِرنَا يا رَفِيقُ الأبَدِيُّة،
انتَظِرنَا حتَّى يتفتَّقَ العُمرُ فِي زفَّةِ الخَريف،
حتَّى تَرجِعَ التَّلاويحُ إلى أغمَادِهَا في الوَدَاعات،
انتَظِرنَا حتَّى تعودَ الحَكَايَا للبيُوت، حتَّى تعود البيُوتُ إلى فَنَاجِينِها في الضُّحَى، حتَّى يعود المكانُ إلى أُلفَةِ المَكَانْ..

إنتظِرنا يا الفِراَقُ الأبديُّ، وقُل لَنَا:
إلى متَى وَأَنتَ كَامِنٌ للنَّاسِ في الأمَل..؟ إلى متَى وأنتَ في القَنص..؟ يَا سيِّدَ القِفَار ويا قَبضَةَ النِّصل، إلى متَى وأنتَ الوَحشَةُ في الحَنَان..؟ إلى متَى وأنتَ تُضلِّل الدُّرُوب في السَّفَر..؟

يَا نَظرةَ الغَريبِ ويَا رِفقَةَ الأَجنَبِي، يا إبنَ السَّرابِ ويَا سيَّدَ التَّلاويح، إلى متَى وأنتَ تأخُذُنَا للعَتَماتِ ذَاتهَا..؟
..
..

جَرِّب نَهَارَاتنا يَا فِرَاق..
جَرَّب قَهوَةِ فَجرَنا وسَيسبَانِ دُرُوبِنَا، جرِّب سِمسِمَ أيَّامنا ورَبابَاتِ وِحشَتِنا، جرَّب هُبُوبِ دُرُوبِنَا،
جرِّب حَنَانَ بُيُوتِنا، جرِّب يَا فِرَاق،
وكُن ألِيفَاً،
كُن ألِيفَاً كَمَا الأُغَنيات، كُن وارِفَاً كَمَا الأمَل، وَلا تَأخُذَ النَّاسَ بالوَقت، في وَسعكَ الإنتظَار، في وَسعنَا الوصُولُ إلى غِيابِنَا متأخِّرينْ، في وَسعنَا البقاءُ قليلاً لنسردَ أيَّامِنَا في العشِيَّات،

ما الضيرُ يا فِرَاق..؟

إنتظِر قَليلاً..
ريثَمَا اللَّيلُ يَنفَد، رَيثمَا نمنحَكَ جُلبَاباً أبيضَاً وَأسِرَّةً منزليَّةْ،
ريثَما نتفَقَّدَ أيَّامَنَا في الأَخِير..

ريثما نأخذُكَ إلى الشَّوارعِ ذَاتهَا، والبيوتِ ذَاتهَا، والأغنياتِ ذَاتهَا، والزَّوَايَا ذَاتهَا، والمقَاعِدِ ذَاتهَا، والمسطَبَاتِ ذَاتهَا، ، والمظنَّاتِ ذَاتهَا، والهنيهةِ ذَاتهَا، والينَابيعِ ذَاتهَا، والمسَافَةِ ذَاتهَا، والعَنَاوينِ ذَاتها..
والمحنَّةِ ذَاتَها،
فالمحنَّةِ أبدٌ يا فِرَاق..

وخُذنَا..
خُذنَا إلى أوَّلِ الأُغنَيَات، خُذنَا إلى رَعشَةِ الفَجرِ وأبيضِ الطفُولَة، خُذنَا إلى المحطَّاتِ غَربِ المدِينَة، خُذنَا إلى جَنَائنِ نَارِنجِهَا وصَبَاحَاتِ مدَارِسهَا، خُذنَا إلى حنَّاءِ مَسَاكِنِهَا ونَسمَةِ حِيشَانَها، خُذنَا إلى رملَ شَوَارِعِهَا وتَرَاتِيلِ أورَادِهَا..
خُذنا إلى أوَّلِ العُمرِ عِندَهَا، خُذنَا إلى أندَاءِ أُمسَيَاتِها ورَياحينِ صِبَاهَا، خُذنَا إلى نُّورِ مَشَارِقِهَا وحَنِينِ طرُقُاتِهَا..

واتركنَا هُنَاك..
..
..

هو السُّهدُ أبداً يَا فِرَاق،

سُهدُ الحَياةِ الوَفِير..


فَأتركنَا قَلِيلاً..


قَلِيلاً
ق
ل
ي
ل
اً هناكْ
...
..
..

أنـس مصطفــى
الخرطوم/السودان
مايو 2012
© 2013 Microsoft
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

شرود

17-تشرين الأول-2020

شُرُود

27-حزيران-2020

عشر سنوات عشناها بلا محمّد الماغوط

13-حزيران-2020

بَصيرَةْ

26-تشرين الأول-2019

الممرَّاتُ التي تعبرينَ منها

27-تشرين الأول-2018

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow