"أمل" طفلة سورية من "عامودة"في شمال شرقي سورية. كانت مملوءة بالأمل خلال الذهاب في رحلة الموت في المركب الذي غرق في البحر المتوسط على الشواطئ التركية،والذي كان يقلّ سوريين. غرق فيه عدد كبير من العائلات أكثرهم من عامودة، وتلك الطفلة ذات الضفائر الجميلة، والتي كانت تتدلى ضفائرها من بين يدي المنقذ. اختزلت المشهد.

هربوا في مركب للموت على أمل أن يصبح لهم وطناً ، وجواز سفر، وحياة جديدة، وقعوا في أيدي تجار الرقيق الأبيض، فقادوهم إلى الهلاك.

مذكّرات أمل

أصوات رصاص لأوّل مرّة في مدينتنا.

أخاف يا أمي من تلك الأصوات. ضميني إليك.

- لا تخافي يا أمل. غداً سنغادر هذا المكان للأبد. قتل أحبّتنا في أماكن متفرّقة من الوطن، وحطّمت نوافذنا، وربما تسقط في الغد قذيفة على منزلنا.

- ماذا يعني إلى الأبد يا أمي؟

هل سأترك رفاقي في الحيّ؟

مدرستي؟

حديقة منزلنا؟

لا أرغب بالذهاب، أخاف البحر والقوارب. دعينا نبقى هنا.

لا مستقبل لنا هنا ياحبيبتي!

-ماذا يعني مستفبل؟

-يعني : أن تصبحي طبيبة. أن تأكلي اللحوم وتشربي العصير. أن تلبسي أحذية دافئة.وأن يكون لك جواز سفر!

=أرغب أن أحمل حقيبة مدرستي معي. .

أحب السّفر في الحافلة، لكنني لا أحب السفر في المراكب البحرية

-أين نحن الأن؟

-في تركيا" ازمير" ننام الليلة في هذا المنزل.

حلّ الصّباح

-هيا. استيقظي. علينا أن نلبس ثياباً مناسبة.

أخجل من الثّياب القصيرة. لم ألبسها في حياتي. اغفر لي يارب!

أبو حمزة على الباب.

-المركب جاهز في انتظاركم

- وما هو المركب ياعم؟

-سترينه عندما تصلين الشاطئ

-لا تخافي يا أمل

هيا. اجلسي في حضن أمك يافتاة، وإيّاك والكلام، أو البكاء

-هل أنت سارق حتى تمنعنا من الكلام؟

المركب يمخر عباب البحر والأمواج تعلو.

الكابتن لايجيد القيادة. تدرّب ليوم واحد، كي يفوز برحلته مجاناً

تصاب أم أمل بدوار البحر.

-مابك يا أمي؟

أنا لست خائفة

لا تموتي. لن أخاف البحر. أمي. لا تموتي!

- لن أموت. بقي نصف ساعة، ونحقق كلّ أحلامنا.

- عندما نصل سأكتب مذكّراتي عن هذه الرّحلة المقيته. سأصمت الآن من أجل أمي.

في مذكرات طفلة اسمها أمل. سأقول للعالم: تباً لكم لماذا تركتمونا للموت، لن أنسى هذه الرحلة ماحييت.سأحاسب العالم. أنا أمل أرغب بالحياة.سأسمي رحلتنا هذه: رحلة الموت من أجل الحياة!

أصلي للربّ كي ينقذنا

قل لي كلمة واحدة يارب: هل سنصل إلى المستقبل؟

الموج يزداد، وأمي في غيبوبة. يارب نجّ أمّي.

القارب يغرق.

أم ي ي ي ي ي. لا تموتي.

هاتي يدك يا أمي. سنسبح معاً. لا تخافي

أمي تغرقّ

تباً لك أيها العالم!

لماذا لاتفتح أبواب النجاة لنا

سأكتب قصتك يا أمي، أبكي عليك ما حييت

إتّي أغرق

لست خائفة من الموت مادمت أمسك بيد أمّي!

سأدون مذكراتي في قعر البحر

وعندما تمر القوارب من هنا، وتقذف بالناس إلى القاع. سيقرؤونّ

قصتنا .

أتمسّك بحقيبتي كي أرسم على دفاتري ما يجري في القاع!

وصلنا القاع. لست خائفة.

وصلنا إلى الأمل. إلى المستقبل. وفي أيدينا جوازات سفر

نقيم بها هنا إلى الأبد