أفكّر أن أعيد صناعة تاريخي من جديد. أعود إلى ماقبل العام صفر. أتدرّج في الصّعود وأقف عند الصّفر. أتأمّل في اللوحات المحيطة بكلّ جوانبه:

هنا تقع كل نتائج غزواتنا التي أسميناها فتحاً مبيناً.

كلّ انتصاراتنا الوهمية على أعداء أمتنا الذين ابتكرنا لهم أسماء من ذاكرتنا.

كلّ أشعارنا عن البطولة التي تمجدّ السّادة، أو تمجدّ أشخاصنا، أو شخص أمير

وعلى مقربة من العام المذكور. صفوف من الكتّاب، والمدّاحين. بربطات عنق حمراء، وصوت رومانسي يصدر عنهم. يمجدون الماضي.

وأنا وأنتم نقف في دائرة. نزايد على بعضنا البعض في حب فيروز ومحمود درويش، وعبد النّاصر، وصدام، وبشار.وننسى أنّه قد ولد لهؤلاء أبناء علينا أن نصفق لهم على الرّيحة.

فروض الصّلاة نقيمها، بينما نحن مشغولون عن العبادة، ذهننا يرحل إلى ابتكار أساليب نتحايل بها على الله. ننصّب أنفسنا مستشارين له على الأرض، نحكم بالموت على كلّ من يخالفنا.

أمور كثيرة تتراكم كالمزبلة في هذا العام "صفر". كل حكاياتِ العرب، وتقدّم الغرب.كلّ قصائد الشّعراء، ورواد الفضائيات. المسوقون، المنتجون.

أفكّر لو أنّنا تمكّنا من الوصول إلى العام" واحد" ولو من ممرّ ضيّق قرب الزّمن

نتقابل وجهاً لوجه مع الرّب،يحملنا معه على أكفّ الحقيقة، ونبدأ في تسطير أوّل سطر يحمل في طيّاته مغزى.

أحلم بعام جديد يتجاوز أعوامنا التي مرت من قبل.

عام أكون به أنا نفسي التي أخفيتها عنكم ، وليس وفق ما قلته لأرضائكم.

كم تصعب علي نفسي!

كنتم تتنازعون حياتي يمنة ويسرة. أغيّر كلماتي. أوقات صلاتي وفق أهوائكم، وكلّما غيرت الأشياء لأرضيكم تغيّرتم وفق مصالحكم، وأهواءكم.

أرغب في الانتقال إلى عام جديد. يرافقني فيه مسيح يفديني.

أعيد صناعة تاريخي. أبني بيوتاً آمنة في دائرة الجمال، والحبّ والحقيقة

يفيض حبي. أغمر العالم

أذوب كقطعة ثلج. تتجاوز على تخاريف الماضي، تنتهي رحلة الصفر الباردة، يذوب كل الجليد الذي أخفى مروجنا الخضر.

غاضبة من الزّمن. من المكان. من كلّ الكتابات التي تحدّثت عن الوطن، وعن البيت العتيق.

غاضبة على الرّايات، الأعلام الثوريّة، وغير الثّورية.

غاضبة من نفسي لأنني ساذجة أصدّق الخطابات الثّوريّة

غاضبة منكم،لولا أكّفّكم التي التهبت بالتّصفيق لكلّ من هبّ ودبّ لكان العام صفر جميلاً.

سأكتب في رأس صفحة عامي هذا:

أنا لست أنتم. أحلامي نامت يوماً في بساتينكم. أنقلها الآن إلى دائرتي، أجمع من ورود الشّتاء باقة, أضعها على باب مغارتي. تبدأ الحياة من جديد، ويولد مسيح في كلّ عيد. يقع في حبّ مجدليّة.