أي ذاكرة يحملها هذا المفرق, عن كل قصص العاشقين, يوم التقوا ويوم تفرقوا, يوم كتبوا على جذع هذه الشجرة حروف أسمائهم, أملاً بقدر جميل يختتم حكاياتهم, لربما يذكر هذا المفرق قصة عاشقة التقت مرات ومرات مع حبيبها هنا, وخططوا للآتي, للبيت والأولاد والمستقبل, وربما يبكي لو فكرت هذه الصبية بزيارة هذا المفرق لتخبره أن حبيبها مات في الحرب, أو أنه غدا عاجزا"بفعل تفجير أو شظايا, وقد يبكي لومر طفل صغير يقص عليه قصة والديه الشهيدين بفعل عبوة ناسفة أو سقوط قذيفة طائشة.

رغم كل القصص الحزينة أو المفرحة, إلا أن هنالك مفارق لها دوماً لون العطر, تقسو الحياة عليك حيناً تفقدك توازنك أحيانا" كثيرة, وعند مفرق بلون العطر, يمسك أحد ما يدك, ويقول انتظرتك طويلا", كنت أعرف أنك ستتعب هنا, وبرفق يساعدك على عبور أزمة ما, أو حالة ضياع عابرة, برفق يخبرك أنه معك ومازال وسيظل, تفرح أن المفارق ما تزال تحافظ على إنسانية رسالتها, على مفرق هنا بكيت مرارا", وعلى مفرق آخر ضحكت ضحكات صبية عاشقة, وأي قصة مدهشة هي قصة المفارق, كتبت على شجرة مفرق حروف اسمي متقاطعة مع حروف اسم حبيبي, وانتظرت كثيرا"ساعة عودته من السفر, كان المفرق ظلا" يحميني, ورفيقا"مؤنسا"ساعة الوحشة, أحدثه عن همومي وعن اشتياقي ولهفتي, فيصغي ويتفاعل مع كلماتي, إن بكيت يوماً تتعاطف معي تلك الشجرة, وأقرأ من شكل الحصى, أي أزمات مرت على هذا المفرق, أعرف من لون حصاه وشكلها, إن مر عليه طغاة وجبابرة, أو خضع لفعل إعصار أو طوفان عظيم. أو أنه كان خلال الفترات السابقة ظلاً للعاشقين, أعرف من أوراق الشجرة, ومن تحركات أغصانها أي مآسي أو أفراح مرت من هنا, وأقرأ من حفيف أوراق الشجرة, إن كان هذا المفرق وحيداً لوقت طويل, هل توقف عن أداء رسالته الرقيقة للعاشقين, اليوم هناك الكثير الكثير من الأماكن التي تبهر العشاق بأضوائها, وموسيقاها, وأجوائها, إلا أن من خبر المفرق ودفئه, يعرف أنه سيد الأماكن, سيد القصور والمسارح, على مفرق رقيق عرفتكم, وأحببتكم, فكيف لايدهشني المفرق بسحره وسحركم.

وعلى مفارق أخرى بلون العطر, ولون الفرح, أتوق ألقاكم, لنقص حكايات المفارق, على الآتين من بعدنا, اليوم أحد ما أمسك يدي وقال انتظرتك طويلا", كنت أعرف أنك ستتعبين هنا. انتظرتك ومازلت وسأظل صديق المفارق بلون ونكهة العطر.