Alef Logo
نص الأمس
              

المحب والمحبوب و المشموم و المشروب ج 3/ السري الرفاء

ألف

خاص ألف

2013-12-11

الباب الثالث عشر

رقة البشرة

ابن أبي البغل:
أقْبلَ يَعدو داميَ الخَدِّ ... مُنْعَفِراً يَعْثُرُ في الشَدِّ
يقولُ أدْمانيَ هذا الفَتى ... بِطاقةٍ من وَرقِ الوَرْدِ
وإنَّ من تَجْرَحُهُ وردةٌ ... لغايةٌ في رِقَّةِ الجِلْدِ
النظام:
فيكَ لي فِتْنتانِ لفظٌ ولحظٌ ... وعظاتٌ لو كان يَنفعُ وعْظُ
لكَ جسمٌ أرقُّ من قَطرةِ الماءِ ... وقلبٌ كأنهُ الصَخرُ فَظُّ
أنتَ حظي فما يَضُرُّكَ لو كا ... نَ لِمنْ أنتَ حظُّه منكَ حظُّ
الحسين بن الضحاك:
بديعُ الحُسنِ ليس له كِفاءُ ... عليلُ اللحظِ لم يُرْملْهُ داءُ
جَنتْ عينايَ من خدَّيْه ورداً ... أنيقَ الصَبْغِ أنبتَهُ الحَياءُ
يُورِّدُ خَدَّهُ إضمارُ وَهْمٍ ... فَإنْ لاحَظْتَهُ جَرَتِ الدماءُ
عبد الرحمن بن حسان:
لو يَدبُّ الحوليُّ من وَلَد الذَ ... رِّ عليها لأنْدَبَتْها الكُلومُ
لم تَفُقْها شمسُ النهارِ بشيءٍ ... غيرَ أنَّ الشبابَ ليس يدومُ
النظام:
عجباً أًعْوَزَكَ الما ... ءُ واطرافُكَ ماءُ
كيفَ لا يَخْطَفُكَ الظِلُّ ويحويكَ الهواءُ
وخَفِيُّ اللَّحْظِ يُدميك وإنْ شطَّ اللقاءُ
يا بديعاً كُلُّهُ غَنْجٌ وشكلٌ وبَهاءُ
آخر:
تَغَيَّرَ عن مَوَدتهِ وحالا ... وكانَ مُواصلاً فَطوى الوِصالا
وعَلَّمَهُ التَدلُّلُ كيفَ هَجرْي ... فليتَ الوصلَ كان له دَلالا
تَرى من فوقِ حِقْوَيْهِ قضيباً ... إذا ما حَرَّكَتْهُ خُطاهُ مالا
فإنْ كلَّمتَه أثَّرتَ فيهِ ... وإنْ حَرَّكَتْهُ كالخمرِ سالا
وسمع أبو الهذيل قول النظام:
رَقَّ فلو بُزَّتَ سَرابيلهُ ... عُلِّقهُ الجوُّ من اللُّطفِ
يَجرحُه اللحظُ بَتكرارِهِ ... ويَشتكي الإيماءَ بالكَفِّ
فقال: هذا يناك بأير من خاطر. وهذا خارج من عرف الشعراء وإلف المعاني - وخير المعاني ما وجد كائنا وقوعه ومعهودا حدوثه. ألا ترى كيف يفضل قول ابن ابي عيينة على قول كل المحدثين في الذم:
هل أنتَ إلاّ كلجمِ مَيْتِ ... دعا إلى أكلهِ اضْطِرارُ
ابن المعتز:
نَضَتْ عنها القميصَ لصبِّ ماءٍ ... فورَّدَ خدَّها فَرطُ الحياءِ
وقابَلتِ الهواءَ وقد تعرَّتْ ... بِمعْتدلِ أرقَّ من الهواءِ
ومدَّتْ راحةً كالماءِ منها ... إلى ماءٍ عَتيدٍ في إناءِ
فلما أن قَضَتْ وَطراً وهمَّتْ ... على عجلٍ لأخْذٍ للرِّداءِ
رأتْ شخصَ الرقيبِ على تَدانٍ ... فأسْبلتِ الظلامَ على الضياءِ
فغابَ الصُبحُ منها تحت ليلٍ ... وظَلَّ الماءُ يَقطُرُ فوق ماءِ
النمري:
قُلْ للمليحةِ مَوضعِ العِقْدِ ... ولَطيفةِ الأحشاءِ والقدِّ
هلاَّ وقفتِ على مَدامعِهِ ... فنظرتِ ما يَصْنَعْنَ بالخدِّ
لولا التَّنَطُّقُ والسِوارُ معاً ... والحِجْلُ والدُمْلُوجُ في العَضْدِ
لتزايَلَتْ في كلِّ ناحِيةٍ ... لكنْ جُعِلْنَ لها على عَمْدِ
إبراهيم بن العباس:
دُرَّةٌ كيفما أُديرتْ أضاءتْ ... ومَشَمٌّ من حَيثما شُمَّ فاحا
ومزاجٌ قال الإلهُ لها كو ... ني فكانتْ رُوحاً ورَوْحاً وراحا
ابن الرومي:
بيضُ الوجوهِ عقائِلٌ ... لم يُصْبِهِنَّ سِوايَ زيرُ
أبشارُهُنَّ وما ادَّرَعْ ... نَ من الحريرِ معاً حريرُ
الخيزرزي:
دُرِّيَّةُ اللونِ فيه مُشربةٌ ... حُمْرَةَ خمرٍ تُمازِجُ اللَّبَنا
كاللُؤلؤِ الرْطبِ لونُ ظاهِرِه ... وفيه ماءُ العَقيقِ قد بَطَنا
بشار:
وما ظَفِرتْ عَيْني غَداةَ لقيتُها ... بِشيءٍ سِوى أطرافِها والمَحَاجِرِ

بحْوراءَ من حُورِ الجِنانِ غريرةٍ ... يرى وَجْهَهُ في وَجهها كلُّ ناظِرِ
ومنه أخذ أبو نواس قوله:
نَظَرُت إلى وَجههِ نَظرةً ... فأبْصرتُ وجهيَ في وجههِ
آخر:
بَهجةٌ فوقَ نِعمةٍ فهو بالنُو ... رِ مُحلًّى وبالنعيم مُرَدَّى
لو تَبَدَّى في ظُلمةٍ لاستَنارَتْ ... أو تمشَّى على الصَّفا لتَنَدَّى
النوفلي:
خَرَجْنَ إلينا على رِقْبَةٍ ... خُروجَ النصارى لإفْطارها
ثِقالَ الرَوادفِ قُبَّ البُطو ... نِ خُطاها على قَدْرِ أفْتارِها
يكادُ إذا دامَ لحظُ البَصيرِ يَكلمُ رِقَّةَ أَبشارِها
أبو دهبل الجمحي:
وَلِتِلْكَ اغتربْتُ بالشامِ حتى ... ظَنَّ أهلي مُرَجَّماتِ الظُنونِ
هي زَهراءُ مثلُ لؤلؤةِ الغوَّ ... اصِ ميزتْ من جَوْهَرٍ مًكنونِ
وإذا ما نَسبْتَها لم تجِدْها ... في سَناءٍ من المَكارِمِ دونِ
تجعلُ المسكَ واليلنجوجَ والندَّ ... صِلاءً لها على الكانونِ
ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَض ... راءِ تمشي في مَرْمَرٍ مَسونِ
ذو الرمة:
لها بَشَرٌ مثلُ الحريرِ ومنطقٌ ... رَخيمُ الحَواشي لا هُرَاءٌ ولا نَزْرُ
تَبَسَّمُ لَمْحَ البَرقِ عن مُتَوَضِّحِ ... كلونِ الأقاحي شافَ ألوانَها القَطْرُ
أعرابي:
لها قِسمةٌ من خُوطِ بانٍ ومن نَقاً ... ومن رَشَأ الأقوازِ جيدٌ ومَذْرِفُ
يكادُ كليلُ اللحظِ يكْلُمُ خدَّها ... إذا ما بدتْ من خِدْرِها حين تطرفِ

الباب الرابع عشر

الوجه والسواد والصفرة

الوجيهي:
مُستَقْبَلٌ بالذي يَهوى وإن كثُرتْ ... منه الإساءَةُ مَعذورٌ بما صَنَعا
في وجهِه شافِعٌ يَمحو إساءَتَه ... من القلوبِ وجِيهٌ حيثما شَفَعا
آخر:
أُقسمٌ بالله وآياتِه ... ما نَظرتْ عيني إلى مِثْلِهِ
ولا بَدا لي وجهُهُ طالِعاً ... إلاّ سَألتُ اللهَ مِن فَضْلِهِ
الحماني:
وَهيفاءُ تلحظُ عن شادنٍ ... وتُسفرُ عن قَمرٍ إِضْحِيانْ
وتَبْسِمُ عن نَفَس الياسَمينِ ... وتضحكُ عن زَهَر الأُقحوانْ
ترى الشمسَ والبدرَ مَعناهما ... بها واحداً وهما مَعْنيانْ
إذا أَطْلعتْ وجهَها أَشرقا ... بطَلعتها وهما آفِلانْ
إسحاق بن الصباح:
يا مَن بَدائعُ حسنِ صورتهِ ... تَثْني إليهِ أعِنَّة الحدَقِ
لي مِنكَ ما للناسِ كُلِّهِمُ ... نَظرٌ وتسليمٌ على الطُرُقِ
لكنّهم سَعِدوا بأمْنهِمُ ... وشَقِيت حين أراك بالفرقِ
عبد الله بن أبي الشيص:
تَعْتَلُّ مِن غيرِ عِلَّهْ ... بالحُسْنِ أضحتْ مُدِلَّهْ
كأنها حينَ تَبْدو ... شمسٌ عليها مظلهْ
وإنْ أضاءَتْ بليْلٍ ... تفوقُ نورَ الأهِلَّهْ
الأقرع بن معاذ:
فما الشمسُ وافتْ يومَ دَجنٍ فأشرقَتْ ... ولا البدرُ مَسْعوداً بدا ليلةَ البَدْرِ
بِأحْسنَ منها أو تَزيدُ مَلاحةً ... على ذاكَ، أو رأيُ المُحِبِّ، فلا أدريِ
وحذا حذوه على طريق التورية الحكم فقال:
تَساهَمَ ثوْباها ففي الدِّرع رَأْدَةٌ ... وفي المِرْطِ لَفَّاوانِ رِدْفُهما عَبْلُ
فواللهِ ما أدري أزيدَتْ مَلاحَةً ... وحُسناً على النِسْوانِ أمْ ليسَ لي عَقْلُ
وقال المسيب بن علس:
تامَتْ فؤادَك إذ عرَضْتَ لها ... حَسَنٌ بِرَأيِ الحُبِّ ما تَمِقُ
آخر:
فواللهِ ما أدرِي أزيدَتْ مَلاحةً ... أمِ الحبُّ أعمى مِثلَما قِيل في الحُبِّ
ابن كيغلغ:
أنِيري مكانَ البدرِ إن أفِلَ البدرُ ... وقُومي مقامَ الشمسِ مااستأْخَرَ الفجرُ
ففيكِ من الشمسِ المُنيرةِ لونُها ... وليسَ لها مِنكِ التَبَسُّمُ والثغرُ
ابن الرومي:
مَرادُ عَيْنيْكِ منهُ بين شَمسِ ضُحىً ... وناعمِ من غصونِ البانِ رَيَّانِ
خَفَّتْ أعاليهِ وارتَجَّتْ أسافِلُهُ ... كأنما صاغَ نِصْفَيهِ لنا بَانِ
عمر بن أبي ربيعة:
وَفتاةٍ إنْ تَغِبْ شمسُ الضُحى ... فَلنا من وَجْهِها عنها خَلَفْ

أجمعَ الناسُ على تفضِيلها ... وهواهُمْ في سِواها مُخْتَلفْ
وأخذ أبو تمام هذا المعنى وطرده إلى المدح فقال:
لو أنَّ إجماعَنا في فَضلِ سُؤْدُدِهِ ... في الدِّينِ لم يَخْتِلفْ في الأُمَّة اثنانِ
آخر:
يا مُفرداً بالحُسن والشَكلِ ... مَن دَلَّ عينَيْكَ على قتلي
البَدرُ من شمسِ الضُحى نُورُهُ ... والشمسُ من نورك تَسْتَمْليِ
يوسف الجوهري:
وإذا الغزالةُ في السماءِ تَعَرَّضَتْ ... وبَدا النهارُ لِوقْتِه يَتَرَجَّلُ
أبدتْ لِعين الشمسِ عيناً مِثلها ... تَلْقى السماءَ بمثل ما تَسْتَقْبِلُ
ليس يُبالي مَن أنت حاضِرُهُ ... ما غابَ من شَمْسهِ ومن قَمَرهْ
أنت عليهِ، وإن عَنُفْتَ بهِ، ... أعَزُّ من سَمْعِهِ ومن بصرِهْ
بشار وأحسن في تشبيهه:
قامتْ تبَدَّى إذ رأتْني وَحدي ... كالشمس بين الزِّبرِج المُنْقدِّ
ضَنَّت بِخدٍّ وَجلتْ عن خدِّ ... ثم انْثنتْ كالنَفَسِ المرتَدِّ
أخذه من قول بن الخطيم:
تَبَدَّتْ لنا كالشمس تحتَ غَمامةٍ ... بدا حاجِبٌ منها وضَنَّتْ بِحاجبِ
الصولي، وليس في شعره سوى هذه القطعة وأخرى دالية:
يا شَيبةَ البدرِ لولا ... كلَفُ البدْرِ ونَقصُهْ
وقريباً حاضرَ الذكرِ ولو غُيِّبَ شخصُهْ
بَدَنٌ يُعقدُ ليناً ... ناعِمُ المَلْمِس رَخْصُهْ
خَصَّني بالهجْر مِنهُ ... إذ رَأى وَصْفي يخُصُّهْ
كم أسمّي غيرَه في الشِعر والوصفُ يُخصُّهْ
وقال ديك الجن:
وإنَّ الذي أزْرى بشمسِ سَمائِهِ ... فأبداهُ نُوراً والخلائقُ طينُ
تأنَّقَ فيه كيفَ شاءَ وإنما ... مقالتُهُ للشيءِ كُنْ فيكُونُ
آخر:
وفي أرْبَعٍ مني حَلَتْ منكِ أربعٌ ... فما أنا أدْري أيّها هاجَ لي كَرْبِي
أوَجْهُك في عَيْنيِ، أمِ الريقُ في فَمي، ... أمِ النُطقُ في سمعي، أمِ الحُبُّ في قلبي
وسمعه يعقوب بن إسحاق الكندي فقال: هذا تقسيم فلسفي؛ وجعله العلوي خمسة فقال:
وفي خمسةٍ مني حَلَتْ منكِ خمسةٌ ... فريقُكِ منها في فمي طَيِّبُ الرشْفِ
ووجْهُكِ في عَينِي ولَمْسُك في يَدي ... ونُطْقُكِ في سمعي وعَرْفُكِ في أذني
وأما قول أبي تمام:
يَقولُ فيُسْمِعُ ويَمشي فيُسْرِعُ ... ويَضربُ في ذاتِ الإلهِ فيوجِعُ
فقد صرع في غير موضعه، ونظم اللفظ من قول من قال: كان عمر، رضي الله عنه، إذا قال أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع.
وأكثر ما جاء من شعر العرب، في التقسيم ثلاثة. كقول طرفة:
فلولا ثلاثٌ هُنَّ من لَذَّة الفتى ... وَجَدِّكَ لم أحفِلْ متى قامَ عُوَّدي
وسمعه عمر رضي الله عنه فقال: لكني، والله، لولا الضرب بالسيف في سبيل الله، والتهجد بالليل لوجه الله، ومجالسة أقوام أنتقي حديثهم كما تنتقى أطايب التمر، ما باليت أي وقت حانت منيتي.
وقال ابن الطثرية:
فلولا ثلاثٌ هنَّ من لَذَّةِ الفتى ... وَجَدِّكَ لم أحْفَلْ متَى قامَ رامِسي
وقال الأسدي:
ثلاثَةُ أحبابٍ: فحبٌّ عَلاقَةٌ ... وحُبٌّ تِمِلاَّقٌ وحُبٌّ هو القَتْلُ
وقال جرير:
صارت حَنِيفةُ أَثلاثاً: فَثُلْثُهُمُ ... من العبيدِ، وثُلْثٌ من مواليها
ومما يجري مجرى الملح ما أنشده الخليل في كتاب العين:
إنَّ في دارِنا ثَلاثَ حُبالى ... قد وَدِدْنا أنْ لو وَضَعْنَ جَميعا
جارَتي، ثم هِرَّتي، ثم شاتي ... فإذا ما وَلَدْنَ كُنَّ رَبيعا
جارَتي للرَضاعِ، والهرُّ للفأرِ، وشاتي ... إذا اشْتهيتُ مَجِيعا
وكذلك المرصع الوارد عنهم، كقول امرئ القيس، وهو أبدعه:
فالعينُ قادحةٌ واليدُّ سابحَةٌ ... والرجلُ ضارِحةٌ والمتنُ مَلْحوبُ
والماءُ مُنحَدرٌ والشَّدُّ مُنْهَمِرٌ ... والقصبُ مُضْطَمِرٌ واللونُ غِرْبيبُ
أنشد منهمر.
وتبعته الخنساء فقالت ترثي صخراً.
حامي الحقيقةِ مِعتاقُ الوَسيقةِ نَسّالُ الوَديقَةِ جَلْدٌ غيرُ ثِنْيانِ
آبي الهضيمةِ وهّابُ الكريمةِ حمّالُ العَظيمةِ سَرحانٌ لِفتيانِ
قال الشيخ: البيتان لأبي المثلم الهذلي.

ثم توزعه الشعراء إلى أن قال البحتري:
وفي الأكِلَّةِ من تحت الأجلَّةِ أمثالُ الأهِلَّةِ بين السِّجْفِ والكِلَلِ
بِيضٌ أوانِسُ كالأُدْمِ الكوانِسِ أو ... دُمى الكَنائسِ غيدٌ لسنَ بالعُطُلِ
وقال ابن الرومي:
في خِصْبِ أوْديةٍ أو رحبِ أنديةٍ ... أوْ طِيبِ أرْديةٍ أولينِ أكنافِ
المخزومي:
رَأيتكِ في الشمس المنيرةِ غُدوَةً ... فكنتِ على عيْنَيَّ أبهى مِن الشمسِ
لأنَّكِ تزدادِينَ بالليل بَهْجَةً ... وشمسُ الضُحى ليستْ تُضيءُ إذا تُمسي
سلم الخاسر:
ولقد رأيتُ الشمسَ طالعةً ... تَختالُ بين كواعبٍ خَمسِ
أقبلْنَ في رأدِ الضُحاءِ بها ... فَسترْنَ عينَ الشمسِ بالشمسِ
معقل بن عيسى:
أبرَزوها مثلَ المهاةِ تهادى ... بين عَشرٍ كواعبٍ أترابِ
ثم قالوا: تُحبُّها قلتُ: بهراً ... عَددَ الرملِ والحصى والتُرابِ
ابن حبيبات:
لقد فتنتْ سُعدى وَسَلاّمةُ القَسّا ... فلم تَتْركا للقَسِّ عقلاً ولا نَفْسا
فتاتانِ: أمّا منهما فَشَبيهةٌ ... هلالاً، وأمَّا أُختُها تُشبِه الشمسا
فتاتان بالسَّعدِ السُعود وُلدْتِما ... فلم تَريا يوماً هواناً ولا نحسا
تُكِنّان أبشاراً رِقاقاً وأوجهاً ... حِساناً وأطرافاً مُخضَّبةً مُلْسا
آخر:
نُزهةٌ للعينِ مَنظرُهُ ... وسُرورُ القَلبِ مَخْبَرُهُ
هو يُحْيني ويَقْتُلُنيِ ... فكَما أرجوهُ أحذرُهُ
فسلوهُ عند غَيْبَتِهِ ... في فؤادي من يُصَوِّرُهُ
ابن حازم:
بَانَ عن الأشكالِ في حُسنِهِ ... فلَمْ تقعْ عينٌ على شِبْهِهِ
يُغْنيكَ عن بَدرِ الدُّجى نورُهُ ... والبدرُ لايُغنيكَ عن وجههِ
كَمْ قد تَلَّهى بهوى غَيرهِ ... قلبي، فأغراه فلم يُلْهِهِ
آخر:
رَأيتُ الهلالَ على وجههِ ... فلم أدْرِ أيُّهما أنْوَرُ
سِوى أنَّ ذاكَ قريبُ المزارِ ... وهذا بعيدٌ لِمَنْ يَنظُرُ
وذاكَ يغيبُ وذا حاضِرٌ ... فما مَنْ يغيبُ كمن يَحضُرُ
ونفعُ الهلالِ كثيرٌ لنا ... ونفعُ الحبيبِ لنا أكثَرُ
ابن لنكك:
البدْرُ والشمسُ المُني ... رةُ والدُّمى والكَوْكبُ
أَضحتْ ضَرائِرَ وَجههِ ... مِنْ حيثُ يَطلعُ تَغْرُبُ
وكأنَّ جَمرَ جوانِحي ... في خَدِّه يَتلهَّبُ
وكأَنَّ غُصنَ قَوامِهِ ... من ماءِ دَمعِي يَشرَبُ
وصَوالجٌ مِن شَعرِهِ ... بِسوادِ قَلبي تَلْعَبُ
خالد:
يا بَديعاً لا تَحتويهِ النعوتُ ... لكَ وجهٌ تُحيي بهِ وتُميتُ
لو رآكَ القَضيبُ تخطُرُ يوماً ... ظَلَّ من حُسنِ ما يرى مَبْهوت
أو سَكْنَت الجِنانَ ترتَعُ فيها ... لأَضامِن جمالِك الملكوتُ
أَنتَ قُوتي فَما يَضُرُّكَ لو كا ... نَ لِمَن أَنت قوتُهُ منكَ قُوتُ
أحمد بن أبي فنن:
ومَجدولةٍ جَدْلَ العِنان كأَنها ... إِذا أَقبلتْ بدرٌ يَميسُ على الأَرضِ
كَليلةُ أَرجاءِ العيونِ ولحظُها ... يقومُ بإِبرامِ المنيَّةِ والنَقْضِ
تُرى فَتُرى منها مَحاسِنُ كُلُّها ... سَواءٌ، فلا بعضٌ يزيدُ على بعضِ
وَتْسَتوقِفُ الركبَ العِجالَ إِذا بدتْ ... فلا أحدٌ يمضي من القوم أَوْ تَمضي
أخذ البيت الثالث من ابن هرمة:
أَإِني غَرِضْتُ إلى تناصُفِ وجهِها ... غَرَضْ َالمُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائبِ
ابن المعذل:
نظرتُ إلى من زَيَّنَ اللهُ وجهَهُ ... فيا نظرةً كادت على عاشق تَقْضي
فَكَبَّرتُ عَشْراً ثم قلتُ لصاحبي ... متى نَزَلَ البدرُ المنيرُ إلى الأَرضِ
تُبَيِّنُ عينِي أَنّ قلبي يُحبُّه ... وفي العينِ تِبْيانٌ من الحٌبِ والبُغْضِ
وما هو إلا خَلقُ رَبّي مُصورٌ ... ولكنَّ بَعْضَ الناسِ أَملحُ من بعضِ
ديك الجن:
يا مَن حَلا ثم طابَ رِيحاً ... ففيهِ شُهدٌ وفيهِ وَردُ
لو لم تكنْ للسماءِ شمسٌ ... لَكُنْتَ تَبْدو من حيثُ تَبْدو
ما إِنْ أَظنُّ الهِلالَ إِلاَّ ... من نورِ خدَّيكَ يَستَمِدُّ

ناجيتُ فيكَ الصفاتِ حتى ... ناجيْتَني ما لذاكَ نِدُّ
المفجع:
وَيلي على رَشَأٍ كالبدرِ قَتَّلَني ... بحاجِبَيْهِ وأَضناني بِمُقلتِهِ
إذا نظرتُ إِليهِ ذابَ من خجل ... وكادَ يجري دماً من فَرطِ رِقَّتِهِ
كأنما الصبحُ من لألاء غُرَّتِهِ ... وصِبغةُ الليلِ من حُلْكوُكِ طُرَّتِهِ
كأنما الفضَّةُ البيضاءُ قد نُصِبتْ ... ورُكِّبَتْ فوقَ لِيَتْيهِ ولَبَّتِهِ
كأنما حُسنُ أَهلِ الأرضِ قاطبةً ... إِليهِ قد سلَّمَ الباري بِقُدرتهِ
العلوي الحماني:
واهاً لأيَّامي وأَيامِ النَقِيَّاتِ السوالفْ
اللاَّبِساتِ البدرَ ما ... بينَ الحواجبِ والمَرَاشِفْ
والغارِساتِ البانَ قُضباناً على كُثُبِ الروادِفْ
وقفَ النعيمُ على الصَّبا ... وزَلَلْتُ عن تلكَ المواقِفْ
آخر:
ليسَ فيها ما يُقالُ لها ... كَمَلَتْ لو أَنَّ ذا كَمَلا
كلُّ جزءٍ من مَحاسِنِها ... صائِرٌ من حُسنها مَثَلا
آخر:
كلُّ جُزءٍ من مَحاسِنهِ ... فيهِ أَجزاءٌ من الفِتَنِ
وقال ذو الرمة:
مِن البيض مِبْهاجٌ عليها مَلاحةٌ ... نُضارٌ، ورَوْعاتُ الحسانِ الروائِعِ
هي الشمسُ إشراقاً إِذا ما تَزَيَّنَتْ ... وشِبهُ المَها مُغتّرةً في المَوادعِ
أحمد بن هشام:
أَلا مُعدٍ على سَكَنِ ... أَحلَّ الروحَ في بَدني
أَما ودَلالِكَ الحَسَنِ ... وطَرفِكَ جالِبِ الفتَنِ
لقد أَسْكنْتَ في قَلبي ... هوىً يَبْقى على الزمَنِ
بِنَفسي أنتَ مِن قمرٍ ... ومِن دِعصٍ ومِن غُصُنِ
دُنُوُّكَ مُنتهى فَرحي ... وبُعدُكَ مُنتهى شَجَني
وأنتَ مَلَكْتَني وهوا ... كَ أبكاني وأَضحكَني
العلوي البصري:
يا صَنَما أُفْرِغَ من فِضَّهْ ... وخَدُّه تُفاحةٌ غَضَّهْ
يَهتزُّ أَعلاه إِذا ما مَشى ... وكُلُّه مِن لينِه قَبْضَهْ
ارْحَمْ فتى لمّا تَملَّكْتَهُ ... آمَنَ بالذُلِّ ولم تَرْضَهْ
قال الأصمعي: ما قيل في نعت أحسن من قول المخبل:
وتُريكَ وجهاً كالوَذِيلةِ لا ... ظَمْآنُ مُخْتَلِجٌ ولا جَهْمُ
وتُضِلُّ مِدارها المواشِطُ في ... جَعْدٍ أَغَمَّ كأنهُ كَرْمُ
وقال أبو هفان:
فَدَيْتُكَ من مُقبِلٍ مُعرِضٍ ... بِليلٍ بَهيمٍ وصَبحٍ مُضِي
بوجهٍ لهُ الحسنُ مُستحسِنٌ ... يُرِيكَ المُورَّدَ في الأبيضِ
ولي فيكَ يا سيَّدي حَسرةٌ ... سَتفْنى الحياةُ ولا تَنْقضي
سُروري رِضاكَ فجُدْ لي بهِ ... ولا تُرضِ بالهجر من قد رَضي
طفيل الغنوي:
عَروُبٌ كأن الشمسَ تحت نِقابِها ... إِذا ابتسمتْ أَو سافراً لم تَبَسَّمِ
وهذا أخذه من قول طرفة:
وَوَجهٍ كأنّ الشمسَ حَلَّتْ رِداءَها ... عليهِ نَقيِّ اللّونِ لم يَتَخَدَّدِ
وقال الأعشى:
فتىً لو يُناغي الشمسَ أَلقتْ قِناعَها ... أَوِ القمرَ السارِي لأَلْقى المَقالِدا
وأما أبو بكر بن النطاح:
بيضاءُ آنسةُ الحديثِ كأَنّها ... قمرٌ توسَّطَ جُنْحَ ليلٍ مُبردِ
فأخذه من قول أبي زبيد الطائي:
مُستَنيرٌ تَسمو العيونُ إليهِ ... أَصْلَتِيٌّ كالبدرِ عامَ العُهودِ
خالد:
يا مُشرِفاً ملأَ العيو ... نَ فلحظُها ما يَسْتَقِلُّ
أَوْفى على شمس الضُحى ... حتى كأنَّ الشَمْسَ ظِلُّ
آخر:
لَمْ يُسْلِني النيَّرانِ الشمسُ والقمرُ ... مُذ فاتَني المُسْلِيانِ الأُنسُ والنَظرُ
والقلبُ مُسْتَوقَدٌ أضلاعُه حَطبٌ ... أَشواقُه لَهبٌ أنفاسُه شَررُ
آخر:
لَعمرُكِ ما عيشةٌ غَضّةٌ ... لَديَّ إذا غِبتِ بالراضِيَهْ
وإِني إلى وجهكِ المُسْتنير في ظُلمةِ الليلةِ الداجِيَهْ
لأَشْوَقُ من مُدنَفٍ خائفٍ ... لِقاءَ الحِمام إلى العافِيَهْ
وقد أحسن أبو تمام ما شاء في قوله:
هي الشمسُ يُغنيها تودُّدُ وجهِها ... إلى كلِّ من لاقتْ وإن لم تَوَدَّدِ
وكذلك قوله:
بَيَّنَ البينُ فَقدَها قَلَّما تَعرِفُ فَقداً للشمسِ حتى تَغيبا

وأما صفة الوجه بالطلاقة والبهجة للسؤال، فالمتقدمون ما تركوا فيه لقائل مقالاً، ولا لخاطر مجالاً. وأحسنه قول أبي الطمحان:
أضاءَت لهم أَحسابُهم ووجوهُهُم ... دُجى الليلِ حتى نَظَّمَ الجَزْعَ ثاقِبُهْ
وقد فَصَّل هذا المعنى تفصيلاً حسناً وبسطه وضاح اليمن فقال:
وقائلةٍ والليلُ قد صَبَغَ الرُبا ... بصبغ يُغشّي كلَّ حَزْنٍ وفَدْفَدِ
أَرى بارقاً يبدو من الجَوْسَقِ الذي ... به حلَّ مِيراثُ النبيِّ محمدِ
أضاءَتْ له الآفاقُ حتى كأنما ... رأينا بِنِصْفِ الليلِ نورَ ضُحى الغَدِ
وظلَّ عَذارى الحيِّ يَنْظمْنَ حولَه ... ظَفارِيَّةَ الجَزْعِ الذي لم يُسَرَّدِ
فقلتُ هو البدرُ الذي تعرفِينَه ... وإِلاَّ يكنْ فالنورُ من وجه أحمدِ
وقال بشر:
يكادُ الغمامُ الغُرُّ يَرْعدُ أَن رَأَى ... وُجوهَ بني لأْمٍ وَينْهَلُّ بارِقُهْ
الأسدي:
وُجوهٌ لو أنَّ المُعْتَشِين اعتَشَوْا بها ... صَدَعْن الدُجى حتى يُرى الليلُ ينجلي
آخر:
كأنَّ تَلأْلُؤَ المَعْروفِ فيهِ ... شُعاعُ الشمسِ في السيفِ الصَقِيلِ
آخر:
عصْيتُ به أَمري فكنتُ كَمُعْتشٍ ... أَرادَ دَليلَ النورِ والبدرُ زاهرُ
النظام:
أَنتَ والبدرُ شَقيقا ... نِ ولكنَّكَ أَعظمْ
وعنِ الشمسِ تَجالَلْت بفضلِ اللَّحْم والدمْ
وإذا قُدِّرْتَ في النعْتِ لكيما تُتَفهمْ
قِيلَ نورٌ يَتَلالا ... فيهِ روحٌ يَتكلمْ
آخر:
رأيتُ الهِلالَ ووجهَ الحبيبِ ... فكانا هِلالَيْنِ عندَ النظرْ
فلم أَدْرِ من حَيْرتي فيهما ... هِلالَ الدُجى من هِلالِ البشرْ
فلولا التورُّدُ في الوجْنتينِ ... وما راعَني من سَوادِ الشَعَرْ
لكنتُ أظنُّ الهِلالَ الحبيبَ ... وكنتُ أَظنُّ الحبيبَ القَمرْ
أبو الشيص:
تَخشَعُ شمسُ النهارِ طالعةً ... حينَ تراهُ ويَخْشعُ القمرُ
تَعْرِفُهُ أَنهُ يفوقُهُما ... بالحُسْنِ في عينِ من لهُ بَصرُ
آخر:
جاءَ بوجهٍ كالبدرِ يَحْمِلُه ... قضيبُ بانٍ مَنَعَّمٌ خَضِدُ
رَقَّ فماءُ النَعيمِ مُطرَّدٌ ... فيهِ ونارُ الجَمالِ تَتَّقِدُ
ابن المعتز:
يا هِلالاً يَدورُ في فلك النَّا ... وَرْدِ، رِفقاً بأعيُن النَظَّارَهْ
قِفْ لنا في الطَريقِ إِن لم تزُرْنا ... وقفةٌ في الطريقِ نِصْفُ الزِيارَهْ
الأشجع:
نَفَر الشبابُ بِربَّةِ البُرْدِ ... ومَضتْ مُخالِفةً عن القصدِ
سلَّمْتُ فالتفتَ الصُدودُ بها ... ما كانَ يَنْقُصُها مِن الرَدِّ
فإذا وَصَلْتُ لها مُواصَلتي ... فَزِعَتْ حداثَتُها إلى الصَدِّ
وَلئِنْ مَحاسِنُ وجهِها نَطَقَتْ ... أَثْنى لها خدٌ على خدِّ
محمد بن وهيب:
نَمْ فقد وَكَّلْتَ بي الأَرقا، ... لاهياً، بُعْداً لمن عَشِقا
إِنما أَبقيتَ من جَسدي ... شَبَحاً غيرَ الذي خُلِقا
ما لِمَنْ تمَّتْ مَحاسِنُهُ ... أَنْ يُعادي طَرْفَ من رَمَقا
لكَ أَن تُبْدي لنا حَسَناً ... ولنا أَنْ نُعْمِلَ الحَدَقا
سمع الفضل بن يحيى هذا البيت فقال: هذا أعدل بيت قيل في معناه وألم به ابن المعذل فقال:
لِعُتْبَةَ صَفحتا قَمرٍ ... يفوقُ سناهُما القَمرا
يَزِيدُكَ وَجهُها حُسناً ... إذا ما زِدْتَهُ نَظرا
علي بن الجهم:
يا بَدْرُ كيفَ صَنَعْتَ بالبَدْرِ ... وفَضَحْتَهُ من حَيثُ لا يَدْري
الدهرَ أَنتَ بأَسْرِهِ قمرٌ ... ولِذاكَ ليلَتُهُ من الشَهِر
الخليع:
وصفَ البدرُ حُسنَ وجهِكَ حتى ... خِلْتُ أَني، وما أراكَ، أَراكا
وإِذا ما تَنَفَّسَ النَرجِسُ الغَضُّ توهَّمتُه نَسيمَ نَشاكا
خُدعٌ لِلمنى تُعلِّلُني فيكَ بإِشراقِ ذا وبَهجةِ ذاكا
لأُقِيمَنَّ، ما حَييتُ، على الشُكرِ لهذا وذاكَ إِذْ حَكَياكا
العطوي:
ياقمراً وافَقَ التَماما ... اقْرأْ على شِبهِكَ السَلاما
نأيتَ عني وبانَ مني ... كِلاكُما عزَّ أن يُراما
أعرابي:

وإِذا الدرُّ زانَ حُسنَ وجوهٍ ... كان للدُرِّ حُسنُ وجهِكِ زَيْنا
وتَزِيدينَ أَطيبَ الطيبِ طيباً ... إِن تَمَسّيهِ، أَينَ مِثلُكِ أَينا
الباهلي:
إِنْسِيّةٌ في مِثال الجِنِّ تحسَبُها ... شمساً بدتْ بين تَشْرِيقٍ وتَغْييِمِ
شقَّتْ لها الشمسُ ثوباً من مَحاسنها ... فالوجهُ للشمسِ والعينانِ للريمِ
آخر:
يا شمسُ يا بدرُ يا نهارُ ... يا وردُ يا آسُ يا بَهارُ
تَجَنُّبُ الإِثمِ فيكِ إِثمٌ ... وخَشْيةُ العارِ فيكَ عارُ
ابن الرومي:
هَلِ المَلالَةُ إلاّ مُنْقَضى وَطَرٍ ... من لَذَّةٍ يُطبّى من غيرِها وَطَرُ
لا شيءَ إلا وفيها منهُ أحسَنُهُ ... فأينَ يُصرفُ عنها السمْعُ والبَصَرُ
يا مَنْ له صَفَواتُ الحُسْنِ أجْمعُها ... ومَن تَصاغَرُ عنهُ الشمسُ والقمرُ
أَحُسْنُ وجهِكَ ينمي لا انتهاءَ له ... أم قد تَعاقَبُهُ في ساعةٍ صُوَرُ
أعرابي:
تَعَلَّقتْهُا بِكراً وعُلِّقْتُ حُبَّها ... فقلبيَ عن كلِّ الهوى فارغٌ بِكرُ
إذا احتجَبتْ لم يَكْفِكَ البدرُ وجهَها ... وتَكفِيكَ فقدَ البدرِ إنْ فُقِدَ البدرُ
وحسْبُكَ من خمرٍ مُدامةُ ريقِها ... وواللهِ ما مِن ريقِها حَسْبُكَ الخمرُ
وعُذركَ أن تَضْنى بها إن رأيتَها ... ومالكَ إِنْ لم تَضْنَ من حُبِها عُذرُ

ما قيل في السواد

أبو حفص الشطرنجي مولى المهدي، وهو أول من أبدعه:
أَشْبَهكِ المِسكُ وأَشبَهْتِهِ ... قائمةً في لونِها قاعِدهْ
لا شكَّ إِذ لونُكُما واحدٌ ... أنكما من طينَةٍ واحدهْ
ابن الرومي، والبيت الأول من بديعه:
أَكسبَها الحُبَّ أَنها صُبِغَتْ ... صِبْغَةَ حَبِّ القُلوبِ والحَدَقِ
فأقبلتْ نحوَها الضَمائِرُ والأَ ... بصار يَعْنَقْنَ أيَّما عَنَقِ
لها هَنٌ تستعيرُ وَقْدَتَه ... من قلبِ صَبٍّ وصدرِ ذي حَنَقِ
يزدادُ ضيقاً على المِراسِ كما ... تزدادُ ضيقاً انشوطَةُ الوَهَقِ
كأنما حَرُّه لخابِرِهِ ... ما التَهَبَتْ في حَشاهُ من حُرَقِ
الصنوبري:
حُبّيكِ من قلبي مكانَ الذي ... أَشْبَهتِهِ من حبَّةِ القلبِ
يا غُصُناً مِن سَبَجٍ رَطبِ ... أَصبحَ منكِ الدُرُّ في كَرْبِ
آخر:
سَوادُ المَوْكِبِ السُلطا ... نُ والعِزّةُ والمُلْكُ
ولولا الحَجرُ الأَسودُ ما تمَّ لنا نُسْكُ
ومَنْ يَعرِضُ لِلكافو ... رِ إِن أَمْكنَهُ المِسْكُ
آخر:
فَجِئْني بمثلِ المِسْكِ أَطيبَ نَكْهَةً ... وجِئْني بِمثلِ اللَّيْلِ أَطيبَ مَرْقَدا
آخر:
أَهوى الشّبابَ لأَنّ رأسي أَشيَبٌ ... يُدْني الفَنا وأُحِبُّ لونَ شَبابي
لولا سَوادُ البدرِ لم يَكُ مُحْسِناً ... ودَعوا لِمن يُطريهِ بالكَذّابِ
وبهِ تُكَحَّلُ عينُ كلِّ خَريدةٍ ... وبهِ تَتِمُّ فَضيلةُ الكُتَّابِ
وكذلكَ الكافورُ بردٌ طيّبٌ ... والمِسكُ أَزكى طَيِّبِ الأَطيابِ

وما قيل في الصفرة

النابغة الذبياني:
صَفراءُ كالسِّيَراءِ أُكْمِلَ خَلْقُها ... كالغُصنِ من قِنْوانِهِ المُتَأَوِّدِ
قامت تَراءَى بينَ سِجْفيْ قُبّةٍ ... كالشمسِ يومَ طُلوعِها بالأَسْعدِ
ذو الرمة:
لَمياءُ في شَفتيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وفي اللِّثاتِ وفي أَنيابِها شَنَبُ
كحْلاءُ في بَرَجٍ صَفراءُ في دَعَجٍ ... كأنها فِضةٌ قدْ مَسَّها ذَهبُ
بشار:
أَصفراءُ لا أَنسى هواكِ ولا وُدِّي ... ولا ما مَضى بيني وبينَكِ من عهدِ
لقد كان ما بيْني، زماناً، وبينها ... كما كان بين المِسْكِ والعَنْبَرِ الوَرْدِ
الأعشى:
ومهاً تَرفُّ غُرُوبُها ... يَشفي المَتَيَّمَ ذا الحرارهْ
بيضاءُ ضَحْوَتَها وصفراءُ العشيَّةَ كالعَرارَهْ
وقال بشار بن برد:
أصفراءُ رِقيِّ على عاشِقٍ ... به لَمَمٌ منكِ أَوْ كاللَّمَمْ
صَبَبْتِ هواكِ على قلبِهِ ... فضاقَ وأَعلَنَ ما قد كَتَمْ

أصفراءُ ليس الفتى صخرةً ... ولكنّهُ نُصْبُ حُزْنٍ وهَمْ
أنشد الجاحظ لسلم الخاسر:
تبدَّتْ فقلتُ: الشمسُ عند طلوعِها ... بوجهٍ غَنيِّ اللّونِ عن أَثَر الوَرْسِ
فقلتُ لأَصحابي، وبي مثلُ ما بهم: ... على مِرْيةٍ، ما هاهنا مطلعُ الشمسِ
آخر:
أصفْراءُ كانَ الهَجرُ منكِ مُزاحا ... ليالِيَ كانَ الوُدُّ منكِ مُباحا
وكُنَّ نِساء الحيِّ ما دُمْتِ فيهِمُ ... قِباحاً، فلما غِبْتِ صِرْنَ مِلاحا
وليس يريدون صفرة العلة. وقد بين ذلك أبو تمام:
صفراءُ صُفرةَ صِحَّة قد رَكَّبَت ... جُثمانَها في ثوبِ سُقْمٍ أصفرِ
وقال، وهو من أبيات معانيه:
أَبْقَتْ بني الأَصفرِ المِمْراضِ كأسِهم ... صُفْرَ الوجُوهِ وجَلَّتْ أَوجُهُ العربِ
ولأصحاب المعاني كلام في المقدم ذكره من ذكر الصفرة.
قال أبو عمرو الشيباني في قول الأعشى:
تلكَ خَيْلي منهُ وتِلكَ رِكابي ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلادُها كالزَبيبِ
إن الصفر جمع أصفر وهو الأسود. وأما صفرة العلة فالشعر المتضمنها يدل عليها كقول أبي عبادة:
بَدتْ صُفرةٌ في وجهِهِ إِنَّ حَمدَهم ... مِن الدُرِّ ما اصفرَّتْ نواحيهِ في العِقْدِ
وكقول ابن المعذل:
عِلَّةٌ زَعفرتْ مُعَصْفَرَ خدٍّ ... كانَ من رَيِّهِ يكادُ يَفيضُ
وكقول الآخر:
لم تَشِنْ وجهَهُ المليحَ ولكنْ ... جَعلتْ وَردَ وجنَتَيْه بَهارا

الباب الخامس عشر

التجدير

محمد بن عبد الرحمن الكوفي:
ومجْدُورٍ سأُسرِفُ في ... هَواهُ أَيَّما سَرَفِ
حَكى الجُدَرِيُّ في خَدَّيْهِ نَقْطَ الحِبْرِ في الصُحُفِ
كأنَّ تَعطُّفَ الزُنّا ... رِ من لينٍ ومن ترَفِ
على حِقْوَيْه فوقَ الخَصرِ مَعقودٌ على أَلِفِ
ابن المعتز:
ما عابَهُ تَجْديرُهُ ... ولا سَلَتْهُ سالِيَهْ
بَلْ نَقَّطَ الحُسنُ سطو ... رَ وجههِ بالغالِيَهْ
الناجم:
يا قمراً جُدِّرَ لمّا اسْتوى ... واكتسبَ المِلحَ بتلكَ الكُلومْ
أظُنُه غنَّى لشمسِ الضُحى ... فنقَّطَتْهُ طَرَباً بالنُجومْ
وهذا المعنى ذكره ابن الرومي في صفة قينة فأبدع فيه:
بِدْعَةُ عِندي كاسْمِها بِدْعهْ ... لا شكَّ في ذاكَ ولا خُدعهْ
كأنّما غَنَّتْ لشمسِ الضُحى ... فأَلْبَسَتْها حُسنَها خِلْعَهْ
آخر:
أَيُّها العائِبونَ وَجْهاً مليحاً ... نثرَ الحُسنُ فيهِ نَبْذَ خُموشِ
أَيُّ أُفْقٍ بَها بِغيرِ نُجومٍ ... أَيُّ ثَوبٍ زَها بغيرِ نُقُوشِ
آخر:
أُعيذُكَ من مُقاساةِ الهُمومِ ... ومن شَكْوايَ في الليلِ البَهيمِ
بِنفسي لحظُ عينكَ حينَ تَرْنو ... بسُقْمٍ فيهِ إِبْرِاءُ السقيمِ
وقالوا: شانَهُ الجُدَريُّ فانظرْ ... إلى وجهٍ بهِ أَثرُ الكُلومِ
فقلتُ: مَلاحَةٌ نُثَرِتَ ْعليه ... وما حُسنُ السماءِ بِلا نُجومِ
الخبزرزي:
جُدَرِيٌّ أَضَرَّ بالوجناتِ ... زادَ حُسَ الوجوهِ حُسنَ الصِفاتِ
نَمْنَمَ الوَشْيُ فوقَ يباجِ وجهٍ ... بِنُقوشٍ في شَكْلهِ شَكِلاتِ
آخر:
وَوَجهٍ فيهِ للجُدَرِيِّ نَثْرٌ ... كما نُثِرَ الحريرُ بِزَعْفرانِ
أُنَزِّهُ مُقلتي في عارِضْيهِ ... فأغْنى بالجِنانِ عن الجَنانِ
التنوخي:
عَبَثَتْ بهِ الحُمىَّ فورَّدَ جسمَهُ ... وَعَكُ الحِمى وتَلَهُّبُ المَحرورِ
وبَدا بِهِ الجُدَرِيُّ فهو كَلُؤلؤٍ ... فوقَ العَقيقِ مُنَضَّدٍ مَسطورِ
وأتاهُ يَنْثُرُهُ فَحاكى عُصْفُراً ... قدْ رُشَّ رَشاً في بياضِ حريرِ
ألآن حاكى البدرَ إذ حاكى لنا ... نَمَشَ البُدورِ مَواقِعُ التجديرِ
فكأنَّهُ ورقُ المَصاحِفِ زانَهُ ... نَقْطٌ وشَكْلٌ في خِلالِ عُشُورِ


نهاية الجزء الثالث

ألف / خاص ألف /

يتبع ...























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow