Alef Logo
ابداعات
              

نص / ماذا لو كانت القصة هكذا؟!

حسين حبش

2006-04-09

تمرين
رأوه يحرك إبرة في يده كمن يخيِّط شيئاً ما. لمَّا سألوه: ماذا تفعل؟
قال: أمرِّن الإبرة على خياطة الهواء.
نفس الأباجور
صديقي الذي ألمَّت مصيبة بعينه. في طريقه إلى طبيب العيون، اصطدم بأباجور مفتوح في الطابق الأرضي في إحدى البنايات. راح صديقي يشتم ويلعن هؤلاء الناس الذين لا ذوق لهم ولا تقدير.
عند عودته، وبعد أن وضع الطبيب ضمَّادة على عينه. من نفس الطريق، وفي نفس المكان، ومن نفس تلك الجهة، ونفس الطابق الأرضي، اصطدم صديقي بنفس الأباجور وراح يشتم ويلعن وبنفس الوتيرة هؤلاء الناس الذين لا ذوق لهم ولا تقدير! لغات
دخل السكير إلى الحانة. رأى امرأة جميلة تجلس لوحدها وتبتسم. اقترب منها السكير، وسألها أتتكلمين الكردية أومأت رأسها بلا. العربية أومأت رأسها بلا. الألمانية أومأت رأسها بلا.
الـ الـ الـ.. لا لا لا
لكنها تغنجت وأشارت إلى منتصفها وقالت: أمَّا هذا فيعرف كل لغات العالم.
تأبطها السكير وخرجا معاً. تذكُّر
في المقهى المطل على نهر الراين، كان يشرب القهوة ويدخِّن بشراهة كبيرة. كلما مرَّت سفينة، كان يعضُّ إصبعا من أصابعه، ولمَّا لم يبق له أصابع يعضها، ولمَّا مرَّت سفينة أخرى. صرخ النادل بألم آخ خ خ إصبعي. نقد
من كثرة ما أمطروه بالنقد، صار جسده مثقوباً بالكامل. أفاعي
كان يبحث عن الأفاعي ليتسلى بها، وعندما كبر، صارت الأفاعي تبحث عنه لتتسلى به.
في الوطن، في المنفى
في وطنه كان يقول في سره وأحياناً بصوت عال وأحياناً كان يصرخ
"نحن في وطن أم في قبر؟"
في المنفى، في ألمانية يقول في سره وأحياناً بصوت عال وأحياناً يصرخ
"نحن في ألمانية أم في المَنِيَّة؟". تدخين
في اليوم الواحد كان يدخِّن علبتين من الدخان. ولما نصحه الطبيب بترك التدخين، لأن ذلك يسبب ضرراً جسيماً على جسده الناحل. أبرقت فكرة جهنمية في رأسه وراح يدخن في اليوم الواحد أربع علب دخان بناء على نصيحة تلك الفكرة الجهنمية التي أبرقت في رأسه. نمر
عندما كنتُ شاباً، كنت أودُّ أن أكون نمراً بمخلبين قويين، ينقض على كل من يعترض طريقه.
عندما كبرتُ، أردت أن أكون نمراً يجوب العالم من دون مخالب.
عندما صرتُ عجوزاً، أردت أن أكون نمراً.. نمراً فقط يملك بيتاً وسقفاً يحميه من مخالب النمور. تحب البحر
إنها لا تعرف السباحة، ولا تريد أن تلبس "المايوه" أمام عيون الناس، وتخاف من الأمواج وتدوخ من ركوب السفن.. ومع ذلك، إذا ذكر اسم البحر أمامها تغمض عينيها وتقول: آه ما أجمل البحر، متى سنسافر إلى البحر؟! شحَّاذ
في كل يوم، في نفس الوقت، ونفس المكان، عندما أعود من العمل إلى البيت، يمر الشحاذ ويطلب مني نصف يورو. أقول له مثلكَ، لا أملك شيئاً.
بالأمس حين مرَّ وقبل أن يمد يده إلي، وضعت فيها خمس يوروات كاملة، ابتسم الشحاذ وشكرني قائلاً:
أنت رجل نبيل، كنتَ تخيب ظني فيك كل مرة، أما اليوم فقد عوَّضتني عن كل الأيام السابقة التي كنت تماطل فيها إعطائي شيئاً! مقهى الشعراء
في مقهى الشعراء. كل الشعراء كانوا يجتمعون، كل واحد منهم على طاولته، ولا يهتم أحدهم بالآخر.
لكن كانت الجرائد تغطي وجوههم جميعاً، وهم يقرؤون بنهم...
الأول يقرأ صفحة الوفيات وتبدو على وجهه إمارات الحزن.
الثاني يحل الكلمات المتقاطعة ويبتسم.
الثالث يتأمل صورة ملكة الجمال على الصفحة الأخيرة ويبحلق.
الرابع يتصفح العناوين ويقطب حاجبيه.
الخامس يطالع سعر صرف العملات ويهمهم.
ولم يكن أحداً منهم يطالع صفحة الشعر.
أيا تُرى لا يقرؤون الشعر، لأنهم جميعاً شعراء ؟حنين
عندما يعود من العمل إلى البيت، يود أن يملك أقدام كثيرة، أجنحة كثيرة، قوية وكبيرة.. أو يود أن يكون برقاً أو ضوءاً أو ريحاً، ليصل بسرعة إلى طفليه وزوجته، ويطبع على جبين كل واحد منهم قبلة ويهمس لهم: أموت فيكم، تصبحون على خير.
ماذا لو كانت القصة هكذا؟
وضع سيامند رأسه المتعب في حضن خجه، وراحت خجه تمسد له شعره بأصابعها الحنونة، حتى غفا. جاء الوعل وبكل قوته وعنفوانه، سدد قرنيه إلى بطن سيامند، وقبل أن يغرزهما في، أمسك به سيامند ورماه بكل قوة من أعلى الجرف إلى أسفل الوادي. جاءت الغزالة، أهرقت دموعاً كثيرة بلا جدوى، دارت حول نفسها دورتين، ثم وبكل قوة رمت بنفسها إلى حضن وعلها الجريح في أسفل الوادي.
قَبَّلَ سيامند شفتي خجه الناريتين، ثم أمسك بيدها، وتابعا طريقهما عبر الغابة إلى البعيد، البعيد.
من ذلك اليوم، وفي أسفل الوادي، وفي مكان مصرع الوعل والغزالة، تنبت أربع قرون، وعلى كل قرن يحط بلبل، ومن حناجرها جميعاً تنطلق موسيقى حزينة، حزينة جداً.

شخير!
في طفولته، كان يكره جده كثيراً لشخيره المتواصل في الليل، ولم يكن في تلك الأيام يعرف من الأصوات المزعجة سوى شخير جده ذاك.
عندما كبر وتعرف على أصوات أخرى، من صياح وزعيق وهدير طائرات وأزيز رصاص وانفجار قنابل وأبواق، وكلما وضع رأسه على المخدة، وقبل أن يبدأ شخيره هو.. يتذكر تلك الأيام الجميلة، ويحن إلى جده اللذيذ وشخيره الألذ!































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

لم نكن بانتظار البرابرة وقصائد أخرى

03-آب-2019

رحيل ونصوص أخرى

03-آب-2019

بيضاء كالافتراس

13-تموز-2019

بيضاء كالافتراس

28-نيسان-2018

اكتشاف المغمى عليه في الجسد والعبارة

31-آذار-2018

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow