نغمات مهاجرة
خاص ألف
2014-01-11
عبثاً تحاول السلالم الموسيقية, أن توهم الكون أنها محافظة على نغماتها, وأن هذه المسافة مابين سطر وآخر, مساحة كافية لتشعر كل النغمات بذات الأمن والأمان, وأن فصول سنواتها متناسبة مع هذه المساحة, فربيعها وخريفها وصيفها والشتاء, فصول تسكن مابين خمسة أسطر, وحدث في قصص السابقين, رحيل لنغمات كثيرة من مختلف المقامات, وبالرغم من إنكار النوتة للخبر, إلا أنه تم رصد نغمات تغرد خارج السرب, مصدرة ألحاناً مفردة, تنوع مستوى إبداعها ما بين نغمة وأخرى, عبثاً تحاول النوتة الموسيقية اخفاء فشلها باستيعاب هذاالكم من النغمات, بستار من الألفاظ الكبرى كالتقاسيم والتوليفات, وإذا ماأطلقت لفظ سيمفونية, فرضت شروطها على الأرض, واعترف الكل بسلطانها, فسيدة السيمفونيات محكمة سيطرتها على كل بقاع السلم الموسيقي, صعوداً وهبوطاً من مفتاح الصول إلى أعلى العلامات مقاماً.
وقصص النغمات المسافرة, فيها من الحزن الكثير ومن الإبداع ومن الغربة الشيء الكثير الكثير, ذات يوم كنت رفيقة نغمات مسافرات, كن يتحدثن لي عن قصصهن, عن عذاباتهن مابين خطوط النوتة الملتهبة, وعن قسوة اغترابهن, أولهن سردت لي قصة عشق مجنون أطاحت الحرب بها, فالحبيب قضى بفعل الحرب, وماعادت المساحة تكفيها لترقص, لتتدلل, لتنعم ببهائها الموسيقي, الحبيب مات وضاقت المساحات ذرعاً بها, فاختارت الرحيل, ستغرد خارج الخطوط الخمس وقوانينها.
الثانية أخذت الحرب منها فرحتها بوليدها, يوم تركته أمامها عاجزاً لا يقوى على الحركة, فسكن الحزن قلبها وهامت في بقاع الأرض تسأل الطب والأطباء عن جديد اكتشافاتهم في مجال علاج الإعاقات, اتراها تفرح يوماً بعودة القدرة لوليدها العاجز, ونغمة حدثتني عن قصة اختطافها من معزوفة لتعاني القهر والتعذيب, والتشرد لفترة طويلة هائمة لاتعرف لها مستقراً, تألم قلبي لقصص النغمات المسافرة, التفت خلفاً بحركة عفوية, فأبصرت نغمة كبيرة شاردة بعالم غير عالمنا, فضول ما جعلني أطلب منها أن تلقي لي بآلامها, فأنا شريكتها بالألم, عرفت أنها فقدت القدرة على الكلام, فولديها فلذة كبدها قتلهما تفجير فظيع, لربما تتكلم بسرها, تعاتب الإله أنه اصطفاها لألم كهذا, وتطلب شفاعة من قديسين لاتعرفهم, ربما تجدي شفاعتهم شيئاً.
أواه أي ألم تحمله النغمات المسافرات, وأي نار تسكن مابين الأسطر الخمسة, فتحيلها منطقة غير صالحة للسكن, نغمة فتية غضة حدثتني عن قصة رحيلها, فهي نغمة طموحها كبير يتعدى الخطوط الخمس الحمراء, نغمة تود أن تبدع ألحاناً مااستطاعت غيرها من النغمات بلوغه, لربما تعود إلى ديارها يوماً وقد أنجزت شيئاً جديداً, لربما تعود بمقام مختلف مع قائد أوركسترا مختلف, فهي جد طموحة أن تنجز الأكثر والأصعب, وصلت النغمات إلى مستقرها, وتشتت بالبلاد كل واحدة بمقام جديد مختلف.
في طريق عودتي, سمعت أحاديث عن نغمات أبدعت في غربتها, ونغمات عادت لديارها, نغمات أرهقتها الغربة ومازالت تتعذب وتكتوي بنارها, والنوتة مازالت تنكر خبر الرحيل, والخطوط الخمس تفرض سيطرتها بالرفق حيناً والقسوة حيناً, وحيناً بالمصطلحات الرنانة, أكملت السيمفونية اطلاق نغماتها, لتؤكد السيطرة, وتابعت بعض النغمات رحيلها بحثاً عن الأفضل. فكرت بكل المثقفين خارج البلاد, بل كل الناس المغتربين, بكل أسباب اغترابهم وصليت لعودتهم, كل سوري غادر البلاد نغمة مسافرة, يارب تعود لترقص مابين فصول البلاد, فصول النوتة السورية, السيمفونية السورية.
فائق موسى
2014-01-11
عزف على وتر الجراح ... تراتيل قلب سكنه الحزن فأورق حنينا وشجونا تنطلق من ناي قصب..
08-أيار-2021
21-تموز-2018 | |
21-نيسان-2018 | |
01-تموز-2017 | |
17-حزيران-2017 | |
13-أيار-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |