مرايا الحقيقة
خاص ألف
2014-03-01
صدفة أمسك ذاك الوليد مرآة. دهش من منظر الجناحين الأبيضين, وفكر بتحريكهما والتحليق عالياً, ضحك كثيراً, وحاول أن يلعب بجناحيه, رغم فشله بالتحليق إلا أنه كان سعيداً, سقطت المرآة من يده. عند دخول أخته الصغيرة لغرفته, أمسكت تلك المرآة, واستغربت أنها رأت نفسها طفلاً صغيراً جداً بعمر أخيها تماماً, لكن استغرابها لم يفسد عليها سعادتها المشتهاة, هاهي الآن طفلة صغيرة جداً, ستعامل بذات الطريقة التي يعامل بها أخيها الصغير, لم تبصر الفتاة جناحين لها مثل جناحي أخيها, حزنت قليلاً. لكن حاولت دائماً أن تفكر بأن المرآة تعاني مشكلة.
كأنها مرآة قديمة, هكذا كانت تواسي نفسها, تتعب المرايا كثيراً في عكس حقائقنا, فإذا كان الأمر بهذه البساطة مع الأطفال, فإن مهمتها تغدو أكثر تعقيداً مع بعض الناس , هكذا كانت المرآة تحدث نفسها عندما أمسك بها شاب في مرحلة المراهقة, تذبذبت الصورة مابين طفل ورجل. فأظهرت له المرآة شكل الغيمة, يالك من مرآة حدثها المراهق, قائلاً لالست كذلك إنني رجل كبير,
هاأنا عاشق, والكبار يعشقون. جسدي مكتمل البنية, وأنجز كل ماتحتاجه الفتيات, وتعتمد أمي علي في غياب والدي بقضاء كل متطلبات البيت, هاأنا مثل والدي تماماً, لاتقولي أني ألعب أحياناً بالألعاب, فهذا يفعله معظم أصدقائي, أصرت المرآة على شكل الغيمة, ضحك المراهق قائلاً الغيمة حاملة للخير, تعبيراً عن رضا محدود, وليس كلياً بما ترآه تلك الزجاجة السحرية. كم من المرايا تتعبنا ومرايا تخفف جراحنا, ومرايا تبث الأمل بأرواحنا, أبصر بمرآة العاشقة زهوراً وفلاً متناثراً وياسمين. أكثر ماأدهشني أن مرآتي كانت قادرة على دمج كل تفاصيلي لتظهر خفايا كنت أخاف الاعتراف بها. حاولت بتجربة بسيطة, أتعكس المرآة حقائق الصور, وضعت مرآتي أمام صورة جندي في صحيفة, فراح يحدثها عن الانكسارات, ظهر هذا الجندي مفرط التعب والإرهاق. وكل تفاصيله أكبر من عمره بعشرات السنين, وعلى صورة إعلامية كبيرة, وأديبة في بداية مسيرتها, ورب أسرة فقيرة جداً. كلما كررت التجربة كانت تدهشني تلك المرآة بقدرتها, فأسأل نفسي عن سحر مادتها, أحلل بسري المرآة من زجاج, والزجاج من رمل وبعض المكونات, فما سر هذه الخلطة أم أنها لاتنجز عملها انطلاقاً من خلطتها السحرية. بل انطلاقاً من نفوسنا التي خبرتها بالتجربة مع السنين. عدت لمرآتي أحدثها وتعكس حقيقتي. فمااستغربت مناداتي الدائمة للمرايا, بمرايا الحقيقة. وخطرت لي فكرة لاتبعدواالمرآة ظناً منكم أن إبعادها يصلح الحقيقة, دائماً أحبوا حقائقكم وهذبوها بحضور المرآة لابالخوف منها والهرب لمرايا الآخرين. سأدعكم مع مراياكم وأغني لمرآتي.
ماهر قطريب
2014-03-06
نص موغل بالجمال .. المفردة المطواعة تنساب بعفوية دون تكلف من القاصة بجمل سلسة وتراكيب محكمة الربط .. هي المرايا التي لاتعرف المراوغة وتظهر الحقائق على الدوام فالطفلة رأت حقيقتها بالرغم من نكرانها لمارأته والطفل والشاب والخ .. نص جميل وعميق .. شكرا للكاتبة
08-أيار-2021
21-تموز-2018 | |
21-نيسان-2018 | |
01-تموز-2017 | |
17-حزيران-2017 | |
13-أيار-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |