هكذا كانت أمي تدعو لي في صغري, يارب يابنتي يرزقك الله حبيباً من ذهب, أضحك في سري وأقول , حبيب ومن ذهب, الله على دعوات الأمهات, وماتحمله من خيال, لكن دعواتها لم تك يوماً تفارق ذاكرتي, وأفكر بكل خطوة من خطواتي بدعاء أمي الغالية. تمضي الأيام والصدفة تحمل لقاء غريباً من نوعه, أول ماقيل فيه, رائعة ابتسامتك, ومضى , زرع بذرة في الروح , وبهدوء تركها تنمو, ثم عاصفة جاءت كل التفاصيل, عانقت قلبه , وبرحلة سحرية عرفت كيف يكون المرء من ذهب, بات قلبه وطني , أحضن عينيه عند المساء عل بعض السلام بهما يطغى ليعم الكون في زمن الحرب والجنون, ولأني أغار عليه لن أمعن في التفاصيل, كتبت لابنتي في دفتر خاص بها, أيابنتي لطالما تساءلت كيف يكون المرء من ذهب, وضحكت كثيراً على دعوات أمي الغريبة, وقابلت أشخاصاً كثيرين كان هدفي أن أبصر الذهب فيهم, بعضهم أدركت بعضه, وبعضهم مااستطعت معرفة شيء من معدنهم , إلى أن أحببت هذا الرجل , ولامست روحي روحه الصافية , أدركت ياابنتي أن الذهب مسكنه الروح, فإما أن تكون من ذهب أولاتكون , أعرف ياابنتي أن زمن الخراب ماترك للذهب مساحة كبيرة, وأن زمن انعدام الروادع أو انحسارها طغى, وماترك مساحات كبيرة للنفائس , وأن زمن القهر هذا يأخذ من أرواحنا الكثير, لكنني أم والأمهات لايرجون لأولادهن إلا ماهو ذهب خالص. عند الصباح شربت مع ابنتي فنجان قهوة , وقلت لها يارب ياابنتي يرزقك الله حبيباً من ذهب, ضحكت كضحكتي تلك , وقالت حبيب ومن ذهب, الله على دعوات الأمهات وماتحمله من خيال, أمسكت جهاز التحكم عن بعد وشغلت التلفاز على محطة لأغنيات فيروز وعندما أطلقت أغنيتها :

غالي الدهب غالي

وضحكت عناقيدو

وعالي الورد عالي

وشوطالع بإيدو

غالي الدهب غالي

وعالي الورد عالي

ياحبيبي ياحبيبي

ياذهبي الغالي

ضحكات عالية طويلة ملأت المنزل بهجة وفرح, ابنتي فرحة للموقف الصدفة , وقلبي فرح لأنه التقى حبيبه الغالي, حبيب من ذهب.