Alef Logo
ضفـاف
              

ظلال محمود درويش

جبر شعث

خاص ألف

2014-03-25

في البدء لابد لي من الاعتراف ، بأنني ومنذ ما يزيد عن سنة ونصف لم أقرأ ديوان شعر حديث أو حداثي أو ما بعد حداثي أو ما بعد ما بعد حداثي ( مع تحفظنا الراسخ على هذه التسميات أو التوصيفات أو الصرعات ) . وكنت إذا اشتاقت ذائقتي إلى قراءة الشعر أوجهها نحو ينابيعه السرمدية ؛ الشعر " الجاهلي " ولا سيما معلقاته السبع أو العشر ، وإلى الصعاليك وشعراء القرامطة ( ابن لنكك و الخبز رزي ...) وإلى الحاذق الماكر( أبي تمام ) والحكيم الطامح ( المتنبي ) والفيلسوف السابق المتفرد ( المعري ) . وانشغلت ، شغل الملتزم المهموم ، في تلك البرهة الزمنية عن قراءة الشعر الراهن بقراءة أو إعادة قراءة ، كتب الفلسفة منذ هيروقلطس وحتى جورج باتاي ، وبكتب النقد والفكر منذ قدامة بن جعفر والجرجاني والآمدي وحتى أدونيس والغذامي والمغربي عبد الفتاح كيليطو و عز الدين المناصرة . ولكني قبل تلك الفترة التي ألزمت عقلي بها ، كنت أقرأ كل ما يقع في يدي أو ما أعثر عليه عبر (الشبكة العنكبوتية) من دواوين الشعر الراهنة ،قراءة نقدية تذوقية مجردة محايدة . والحق أنني في معظم تلك الدواوين الفلسطينية والعربية ، كنت أجد كثيراً من الزيت لأسرجتي ، وفيضاً من الماء العذب لذائقتي الصعبة المتطلبة . وقد خرجت من تلك القراءات باكتشافات مذهلة مرضية ، كان أكثرها إذهالاً وإرضاءً ذلك الشعر الجزائري الراهن المغيب عن المشهد الشعري العربي الراهن ، بفعل الجغرافيا أو بفعل عقدة المشرقي المتعالية ، أو ربما بفعل بعض الساسة في تلك الدولة العظيمة أرضاً وشعباً وتاريخاً ، الذين يجهدون ، بل ويتنافسون في حرف الفلك عن مداره الحيوي ، ليدور في مدار الثقافة الفرنكوفونية . ورغم أنني لا أحبذ ذكر الأسماء خشية النسيان ومنعاً للعتب واللوم ، إلا أنني أجد نفسي ملزماً بذكر من يحضرني منهم الآن : الطيب لسلوس ، ميلود خيزار ، بوزيد حرزالله ، خالد بن صالح ، حليمة قطاي ، لميس سعيدي ، سمية محنش ، محمد جلول وغيرهم .

وحتى لا يستغرقني الاستطراد والاستدراك عن موضوع هذه المقالة وهو " تظلل أولئك الشعراء بظلال ادونيس ودرويش وسعدي يوسف " ( وسأهمل هنا قصداً الظلال الغربية ، الفرنسية على وجه التحديد ، وإهمالها لا يعني إنكاري لوجودها في الشعر العربي الراهن ) . ففي كل ما قرأت وهو كثير جداً ، وجدت تلك الظلال الممتدة في مجاميع الشعراء

مع إقراري بأنها لم تكن ذات سطوة مانعة للتفرد ، أو استغراق مستلِبٍ للتجربة ، ولكنها كانت ضمن التأثر والإفادة والإعجاب البعيد عن التماثل والتقليد ، إلا فيما ندر . ولا أريد أن أتورط ، هنا ، بمبدأ المفاضلة " الذي أرفضه " بين الشعراء الكبار الثلاثة، كون كل منهم له تجربته الشعرية الفذة المتفردة ،ورؤياه الفلسفية التي تتقاطع بينهم ، غالباً ، وتفترق نادراً . ولكن لابد من طغيان شيء على شيء ، وسبق أثر لآخر ، وهذا طبيعي ولا تزيُّد فيه ولا هوى . وعلى هذا ، فقد وجدت خلال قراءاتي الشعرية للشعراء المنحازين لكتابة قصيدة النثر ، كخيار تعبيري وجمالي ورؤيوي لهم ، وللآخرين ، وهم قلة ، الذين مازالوا يتدفئون بعباءة شعر التفعيلة ، أن ظلال محمود درويش كانت الأكثر حضوراً وامتداداً . ولا عجب في ذلك ولا نقيصة، فدرويش بما يمثله من حالة شعرية إنسانية كونية ، لا يستطيع الشاعر الراهن أن ينأى عن ظلاله ،أو يفلت من سطوته الناعمة ، وإن حاول ، فدرويش نفسه لم يستطع النأي عن ظلال المتنبي أو يفلت من سطوة لوركا أو " نشيد الإنشاد " .


غزة 21مارس 2014







تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نبي آخر

08-كانون الثاني-2015

الشاعرة آمال العديني : فيض الشعر وطزاجته

20-تشرين الأول-2014

الكلب

11-تشرين الأول-2014

ثلاث قصائد

03-حزيران-2014

شِعْرُ غزَّةَ المهاجرُ

07-أيار-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow