بأم العين رأيته, كان يبادلها نظرات الدهشة, وتسرح عيناه بلون شعرها الذهبي, بعبق عطرها,بانسكاب الشهد من شفاهها, بأناقة حروفها,حقاً هي رائعة, أتراها أفضل مني, تهتز كتفاه من قهقهات كتمها, كانت تريد الصعود عالياً, بأم العين أبصرت مفرداته المنتقاة, وهو يبادلها حديث الأدب والرقة والحضور, وهي تعتني كثيراً بمفرداتها, تحدثه عن إنجازاتها, مآثرها, دواوينها رواياتها, وأنا متوارية في الخلف, ماكانت عيناه لتبصرني, أمام هالة روعتها تلك الأديبة المشهورة, ومن لايعرفها, وهي الغنية عن التعريف,فلمَ يقول يحبني, ولمَ يقول يشتاق لي , بكيت بصمت , غادرت المكان, وقلت في سري: لربما ذاكرتي بحاجة لإعادة تهيئة, لربما كل كلماته الراقية العذبة ليست لي حقاً, لبعض صفاتي, غيرة مجنونة اعترت الروح, فراحت تبكي بحرقة, لاهوليس لي, وكل اعترافاته هلوسات عاشق صغير, فماذا سأقول لشفاهي يوم تشتاقه, أأقول كذب عليك هو لايحبك, يحبها, يذوب بعسل شفاهها, أم أقول لها صبراً هذه غيرة لاأقل ولاأكثر, وهذه شفافية العاشقة, ماذا أقول لعطري , لكلماتي, لعيوني, أأقول بت سيدة المقاعد الأخيرة, وهو معها سادة المقدمات, أيبكي العاشق حبيبته, كرمى لعيون سيدة عابرة لامكانة حقيقية لها, كل التفاصيل باتت بطعم الخسارة , فآثرت الرحيل, هاتف في الليل يقول: حبيبتي أين أنت, أشتاقك, تسارع الشفاه لتقول :وأنا أشتاقك, يثنيها هذاالإحساس المجنون. فقلت ببالغ حزني. اليوم كنت سيدة النهايات. ينتهي الاتصال مثلما ابتدأ بحبيبتي. ويبتدأ الليل مثلما المساء بدموع غزيرة. علها تطفىء حريق الروح. هروب منه ثم هروب ثم هروب. وإلى متى الهروب. قلت له: أنت تهواها , وشت بك شفاهك التواقة لتقبيلها. نظراتك المدروسة , والمحملة باللهفة. بحق الله ألم تعرف نوع عطرها, كم مفردة قالت أثناء حديثكما, ألم تعرف كيف تمضي نهارها والمساء, وكم من قوافل العشاق الوهميين , انتظروا سنيناً أمام باب بيتها. ألم تعرف كم عدد الشباب الذين أزهقت أرواحهم كرمى لعينيها, فلم تقول تحبني, ولم تخبرني بأشواقك ولهفتك. ماكان سيد البدايات يجيب, أخذ يضحك بعمق على هواجسي الطفولية, وكعادته ترك لشفاهه حرية الإجابة عن كل أحزاني ومخاوفي, كما في كل مرة أعيش جنون غيرتي, يطلق شفاهه تنشد الغفران من شفاهي, غفران من وهم ما كنت أعيشه, أبكي بسببه, كعادته يثبت لي في كل مرة أن للشفاه كلام مختلف.