أعدت فنجانين من قهوة الصباح , باقة ورد صغيرة مرافقة للقهوة, أنغام فيروزية ساحرة, وصباح جد مشرق, تناولت قهوتها, وأعادت الفنجان الآخر لركوة القهوة, لابأس قالت: عادي أن أرتشف قهوتي بمفردي, تأملت الورد وأطربت على الأنغام الرائعة. حضرت فطوراً شهياً لبنة وقشطة, ومالذ وطاب من مواد الفطور, تناولت فطورها وأعادت كل شيء لمكانه, عادي أن أتناول الفطور بمفردي, واست نفسها بتلك العبارة, ارتدت ثياب العمل , قميص ناصع البياض وتنورة سوداء قصيرة, لاأحد بعد اليوم سيقول لها أنيقة أنت بهذا اللباس, عادي .عادي عادي.عند الظهيرة قيلولة مفردة, وأنغام كلاسيكية جد هادئة , آه أشعر ببعض الحرارة, كأنني سأمرض , إعياء وتعب وصمت محيط يضاعف التعب, غداء مفرد وصمت رغم الموسيقى الصادحة في أرجاء البيت. من سيطلب الطبيب ويجلب الدواء, من سيتحسس حرارة جبينها, أو يحضر لها شراباً دافئاً ,لاأحد وعادي, عبارات باتت تكرهها جداً, اتصال قطع عليها تشاؤمها, لاعليك كل هذا بسبب الإرهاق والتعب, عليك ببعض المقويات والفيتامين, وذهب الطبيب. تحسن معقول عند المساء , ويخطر ببالها مشوار في شوارع المدينة, تدهشها الأضواء وحركة الناس, تفكر بدعوة ما لعشاء في أحد مطاعم المدينة. تفكر بالموسيقا الرومانسية, وبباقة ورد تقدم لها مساء على نية الرغبة بقضاء ليلة مدهشة. لاأحد وعادي. هكذا تفقد كل الأشياء محتواها عندما تتبعها تلك الكلمتين, حيث تنحصر البهجة بزنزانة مفردة هي اللاأحد والعادي. عودة للبيت ليلاً. تفتح خزانتها , تتأمل ألوان ملابسها, أحمر وزهري , سماوي كان يعشقه, وأخضر بلون عينيها . كل الأشياء هنا تبعت سابقاتها إلى زنزانتهم المفردة , تختار بيجامة ذات أكمام طويلة , وتستلقي على سريرها, سرير من فراغ, ووسادة من فراغ, وغطاء من فراغ, وانتظار لصباح هو فاتحة فراغ جديد, يمر عبر حلم واحد هو أن الغد رغم ملامحه الفارغة قد يحمل يوماً ما أملاً جديداً, نوم عميق ببرزخ من فراغ قد يحمل روحين يوماً ما للتلاقي في ملكوت أجمل, ذاك كله جزء من مذكرات عاشقة , داهمها الفراغ على حين غرة.