Alef Logo
يوميات
              

ذاكرة

ناديا خلوف

خاص ألف

2014-05-05

في رحلتهم إلى الماضي استطاعوا تغيير ذاكرتهم، رفعوا من ذواتهم، وأضافوا لها من خيالهم أشياء برّاقة لم تكن موجودة، كنت معهم في نفس المرحلة، وطالما كتبت لهم وظائفهم، واستدانوا مني ثمن قلمي ولم يعيدوا المبلغ لي.

حياتهم ورديّة فيها المطر، والياسمين، والعشق. ينحني الكثير أمامهم، وحياتي مع المهمّشين أكاد لا أذكر منها سوى بعض الشّوك والصّبار والعوسج، هم على صواب، لا يعترفون أننّي كنت معهم في تاريخ ذكرياتهم، ولو أرسلوا لي تحيّة ، لشكرت الله على فوزي برضاهم، وتحدثت عن صداقتي معهم للآخرين كي أتشرف بهم.

قاومت مشاعري لفترة،لأنّهم ليس مثالاً أحبّ الاحتذاء به، بعدها استسلمت، اعترفت بتفوّقهم، وأغلقت أمام نفسي باب الاجتهاد متقبلّة نصيبي من الحياة فهذا هو القدر الموعود.بدأت أبحث عن ذكريات حقيقيّة، أقحمت عقلي الباطن في البحث عن خطيئة ما ارتكبها شخص مقّرب مني، تمكنت من التقاط واحدة وتكبيرها، أصبحت هاجساً ثم قلقاً، تمكن المعالجون الذين يتنافسون على تقديم وجهات نظرهم الروحانية، والعلاجية المتأرجحة -بين لطش أفكار من برامج فضائية، وبناء قصّة عليها- من زرع ذكريات كاذبة لي بموافقتي، فليس أسهل من لصق كل أمراضي النفسية بالآخر، من أسهل الأمور أن تزرع في نفسك شيئاً غير حقيقيّ يمنحك الذّريعة للتتمتّع بالقلق، والحزن العميق،ثمّ تندب حظّك أمام الآخرين.

القرار الصّعب: أن أفقد ذاكرتي الحقيقية والمزيّفة دفعة واحدة، تمّ ذلك، نسيت الماضي، عادت لي بعض الابتسامات، وبعض أجزاء جسدي المفقود، استغرقت عمليّة التّنظيف زمناً.نظرت إلى المرآة، سرّني حالي، تركته على هواه، تألّقت دون أن أستعمل الآقنعة أو المكياج، وصنعت لي تاجاً من الصّوان كي أتميّز به عنهم.

لم تمض فترة حتى رأيت نفس التّاج يملآ الأسواق،لم أكن أعرف أنّني كنت أبتكر موديلاً حتى رأيت التيجان المقلّدة لتاجي على الأرصفة، تبع ذلك عودة أصدقائي إلي. وصفني بعضهم بالفريدة زمانها، والبعض بالرّائعة، أجلسوني على رأس الطاولة، فرشوا لي السّجادة الحمراء، وبينما كنت أسير مزهوة بنفسي، سحبوا السّجادة، تعثّرت.

مالفائدة من جلد الذّات، هذه أنا، أصدّق الكلام، لو عادوا إليّ لوقعت في حيلهم ثانيّة وثالثة،ولو لم يعودوا لأتى غيرهم، وجردني من ثيابي ومشى، لذا بدأت أسير "عاريّة من كلّ أثوابي"








تعليق



فتحى احمد

2015-07-08

دائما تعجبنى كتاباتك

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow