ليس لي مكان في النّهار، أسير وسط عتمة الليل متخفياً تحت ظلال الأشجار السّود. من أنا؟ تغيّرتَ كثيراً يافتى، كنت تخاف ظلال الأشجار في الظّهيرة عندما يختبئ النّاس في بيوتهم هرباً من حرّ الصيف، لم تكن الشّوارع الفارغة تعني لكَ إلا الوحدة، تغيّرت كثيراً. كثيرا

تلك الصخرة البعيدة التي لا أراها، أعرف المسافة التي توصلني إليها، قراءة الفاتحة عشر مرّات بخوف كانت توصلني إليها في الماضي ، يختفي بعدها الجنّ الذين يكبرون خلفي، وأرى ظلالهم تخيّم فوقي.

قرأت اليوم الفاتحة ألف مرّة، لم أصل الصّخرة، ولم يختفِ الجنّ

أنا خائف، أرتجف خوفاً أو برداً

اختفوا الآن

عظيم. سأعيد قراءة الفاتحة

يبدو أنّهم عادوا، فقدت ذاكرتي حتى البسملة لا أستطيع نطقها

لمن ذلك الخيال المحتمي بين الظّلال؟

لابأس أن تكون جنيّة. أفضل من السير وحيداً

هل تحدّثني ياهذا؟

أسمعُ صوتَكَ من الماضي

عرفتكّ حبيبي، متى قمت من موتك؟

وأنتِ ما الذي أتى بك إلى مملكتي؟

ولماذا تنبطحين على الآرض؟

أحتمي بها، وأقيس ظلّي مع ظلّ الشّجرة. . .

خائفة من الموت، انبطحت بين ظلال الأشجار السّود كي لا يراني أحدهم. هسّ أخفض صوتك، انبطح قربي.

أرغب أن نتحدّث عن الأمل.

جنيّةُ، وتخافين؟

أنا ميّت منذ دهر، كان لديّ الكثير من الأمل، ولم أحصل عليه. هاتي ماعندك

أبدو لك جنيّة، لاترغب في معرفتي. لا بأس. حكايتي تشبه حكايتك

متّ عدّة مرات، أراني حيّة، وأراك معي نختبئ هنا.قد أكون قدرك الذي تهرب منه.

هل تسمع صوت خشيش العشب اليابس، أخشى أن يظهر أحدهم ويكتشف مكاني.

يظهرون فجأة

أحببت السّير قرب النّهر

والركض مع الكلاب الشّاردة

أحببت بعض نسمات الصباح

رائحة الثّلج

استوطنوا في تلك الآماكن

اختبأت هنا. هل سيعثرون علي ثانية؟ سيعثرون عليّ أليس كذلك؟

منذ موتك، وهم يطاردونني.

الوداع أيّتها الجنيّة

خفت منكِ على مدار حياتي، والآن أراك ترتجفين خوفاً. لم تخافين؟

حديثكِ ليس له نكهة، كنت ستحدثينني عن الأمل،أخفتيني. .

كنت أبحث عنك، كي نكتب قصّة حبّ جديدة

عرفتكِ من خيالك

أحضرت معي بضع كلمات غزل لك

أحببت أن نعيد بعض لحظات الماضي

أصابني الاحباط

الماضي تعيس، الحاضر أتعس

وداعاً

قف. لاتتركني هنا

سأحدّثكَ في الحال عن ذلك البائس الذي يسمونه أملاً.

هو غذاء البؤس، وحلم الحريّة

الأمل هو أن نعود معاً إلى الحياة. نحرّر النهر، والكلاب، وعصافير الصّباح.

أصبحتُ لا أفهمكِ. أنت كما أنتِ. تتحدثين بكلماتٍ مبهمة، عن رعب مكبوت فيك.

دعيني أرحل. لا أحبّ هذه الأشياء، عشت عمراً وأنا أعوّل على هذا الكلام، لا أريد أن أتبناه وأنا قيد الموت. أريد أن أتحرّر منه.

أشعر بالرّضى كوني لا أعاشر معشركم .تسببتم لي بالتّشتّت

لا ترحل. توقف. سأرافقك، أصبحت الظلال أكبر مني. الجنّ هنا حقيقة، من صنف الغيلان. خذني معك إلى الموت حبيبي، نتعانق، وننسى هذا الرعب المزروع فينا.

هل أحلم؟

حلمت بها تحدّثني من بوابة الحياة، كان حلم ميّت يرى حبيبته، يبدو أن قبري أوسع من أمكنتها، لذا رأيتها تستغيث بي.

سأغفو ثانيّة، وأقبض على حصان أبيض، أطارد الرّيح، أخطفها عليه.

أعود إلى قبري على أمل أن أحلم ثانيّة بالحياة