في ذاك المنتزه الجميل, أصوات ضحكاتنا حملت الفرح لكل الناس الموجودين والعابرين, أحاديث متنوعة , في الحب والسياسة والصداقة, وفي كل شيء ,لم نترك حالة إلا وأخضعناها لتقييمنا, لرؤيانا الخاصة وتعليلنا وتحليلنا, مر الوقت كحلم . وأعلن الفجر بداية صباح جديد, وكأنه يقول لنا هلموا انصرفوا كل إلى عمله, سؤال أخير ظل معلقاً بهامة الفجر, كيف الوضع في مكان خدمتك الإلزامية, آه تأخرت إلى اللقاء, نتكلم في إجازتي القادمة أراكم بخير. وهمسها بأذني أراك بخير حبيبتي ومضى, زرع برعماً للفرح بقلبي ومضى. بت أشعر أن هذا البرعم ولدي, أحبه وأعتني به على أمل اللقاء في الإجازة القادمة, كل صباح أصحو على نغمة رسالة تقول سنلتقي حبيبتي, كل شيء كان مفاجئاً, هذا الصديق الذي يعرفني منذ زمن ولم يبح لي مرة بالحب ,أعرف باللحظات الأخيرة من ساعة فرح أنني حبيبته , وأنني العطر الذي يعشقه, وأنني سيدة قلبه ونبضه, صباحك حبيبتي, اليوم عملنا خطر قليلاً, زوديني بعبق صلواتك, علني أعود سالماً, أمضيت يومي كاملاً وروحي معه تواجه الخطر والنار والقذائف, تنتقل معه من مقر إلى مقر, ومن لحظة خطرة إلى لحظات أشد خطورة, رسالة تقول الحمد لله حبيبتي مر كل شيء بسلام, رباه ,همسة فعلت كل هذا بي, أم أني حقاً أحبه, قبل تلك الهمسة بعمر, عمر قادر على أن يتغلب على الحرب وقذائفها, يقولون الوضع في الشام خطر جداً: خبرني أحد الأصدقاء , ارتعاشات باليدين ونبضات قلب مجنونة باتت تقارب أضعاف نبضات القلب الطبيعي, خوف تملكني كبلني .ماعدت أستطيع الاتصال, أي عجز يعتريني, يدي لاتستطيع أن تمسك جيداً بهاتفي الجوال ولاأتمكن من الاتصال, أمواج من الخوف تأخذني وتعيدني , أبصر بالمخيلة أشلاء وأطراف مبتورة وجثث, لالن أتصل سأنتظره فلربما يكون اتصالي سبباً بكشف موقعه, والتسبب بإيذائه, سأنتظر اتصاله, لاأعرف كم رسالة من الأصدقاء تخبرني فشل محاولة الاتصال به, والمعلومة الوحيدة فقط أن الشام تنزف كثيراً اليوم, وأخيراً اتصال خامس من ذات الصديق المشترك, أهلاً طمني, كان صمته لثوان كاف لأعرف أن برعمي مات, برعمي الغالي مات بالشام, آآآآآه ياشام البراعم.