Alef Logo
كشاف الوراقين
              

كتاب الاعتبار / أسامة بن منقذ ج5

ألف

خاص ألف

2014-08-16

حضور الذهن

قلت كان عمي عزالدين رحمه الله يتفقد مني حضور فكري في القتال ويمنحني بالمسألة، فنحن يوماًفي بعض الحرب التي كانت بيننا وبين صاحب حماة وقد حشد وجمع ووقف على ضيعة من ضياع شيزر يحرق وينهب.فجرد عمي من العسكر نحواً من ستين سبعين فارساً وقال لي خذهم وسر إليهم فمضينا نتراكض والتقينا بوادر خيلهم فكسرناهم وطعنا فيهم وقلعناهم من موضعهم الذي كانوا عليه.ونفذت فارساً من أصحابي إلى عمي وأبي رحمهما الله وهما واقفان ومعهما باقي العسكر وراجل كثير أقول لهماسيرا بالرجالة فقد كسرتهم.فسارا إلى فلما قربا حملنا عليهم كسرناهم، ورموا خيلهم في الشاروف وعبروه سباحة وهو زائد، ومضوا وعدنا بالنصر.فقال لي عميأي شيء نفذت تقول لي؟قلتمع رجب العبد.قالصدقت، ما أراك كنت إلا حاضر القلب، ما ادهشك القتال. ومرة أخرى اقتتلنا نحن وعسكر حماة، وكان محمود بن قراجا قد استعانا على قتلنا بعسكر أخيه خير خان بن قراجا صاحب حمص، وكان قد ظهر لهم في ذلك الزمان حمل الرماح المؤلفة بوصل الرمح إلى بعض رمح آخر بحيث يصير طوله عشرين ذراعاً أو ثمانية عشر ذراعاً.فوقف مقابلي موكب منهم وأنا في سربة نحو من خمس عشر فارساً فحمل علينا منهم علوان العراقي وهو من فرسانهم وشجعانهم.فلما دنا منا ما تزعزعنا رجع ورد رمحه إلى خلفه، فرأيته كالحبل مطروحاً على الأرض لا يقدر يرفعه، فأطلقت حصاني عليه فطعنته وقد وصل إلى أصحابه، وعدت وراياتهم على رأسي، فلقيهم أصحابي وفيهم أخي بهاء الدولة منقذ رحمه الله فردهم وقد انقطع نصف يرقي في كزاغندة علوان ونحن بالقرب من عمي وهو يراني.فلما انفصل القتال قال لي عميأين طعنت علوان العراقي قلتأردت ظهره، فمال الهواء بالبيرق فوقع الرمح في جانبه.قالصدقت.ما كنت إلا حاضر القلب ذلك الوقت.

مكافحة الأسود وسائر الضواري

حياة أسامة البينية

وما ريأت الوالد رحمه الله نهاني عن قتال ولا راكبو خطر مما كان يرى في وأري من اشفاقه وايثاره لي، ولقد رأيته يوماً وكان عندنا بشيزر رهائن عن بغدوين ملك الإفرنج على قطيعه قطعها لحسام الدين تمرتاش بن إيغازي رحمه الله فرسان إفرنج وأرمن.فلما وفوا ما عليهم وأردوا الرجوع إلى بلادهم نفذ خيرخان صاحب حمص خيلاً كمنوا لهم في ظاهر شيزر.فلما توجه الرهائن خرجوا عليهم أخذوهم ووقع الصائح، فركب عمي وأبي رحمهما الله ووقفا وكل من يصل إليهما قد سيراه من خلفهم.واستخلصوا رهائنكم.فتبعتهم وأدركتهم بعد ركض اكثر من النهار واستخلصت من كان معهم وأخذتهم بعض خيل حمص.وعجبت من قولهارموا نفوسكم عليهم.ومرة كنت معه رحمه الله وهو واقف في قاعة داره وإذا حية عظيمة قد أخرجت رأسها على إفريز رواق القناطر التي في الدار فوقف يبصرها، فحملت سلماً كان في جانب الدار أسندته تحت الحية وصعدت إليها، وهو يراني فلا ينهاني، وأخرجت سكيناً صغيرة من وسطي وطرحتها على رقبة الحية وهي نائمة وبين وجهي وبينها دون ذراع وجعلت أخرز رأسها - وخرجت التفت على يدي - إلى ان قطعت رأسها وألقيتها إلى الدار وهي ميتة.بل رأيته رحمه الله وقد خرجنا يوماً لقتال أسد ظهر على الجسر.فلما وصلناه حمل علينا من أجمة كان فيها، فحمل على الخيل ثم وقف وأنا وأخي بهاء الدولة منقذ رحمه الله بين الأسد وبين موكب فيه أبي وعمي رحمهما الله ومعهما جماعة من الجند، والأسد قد ربض على حرف النهر يتضرب بصدره على الأرض ويهدر فحملت عليه، فصاح علي أبي رحمه الله لا تستقبله يا مجنون فيأخذك!فطعنته، فلا والله ما تحرك من مكانه، فمات موضعه.فما رأيته ينهاني عن قتال منذ ذلك اليوم.

جرح سطحي

خلق الله عز وجل خلقه اطواراً مختلفين الخلق والطبائعالأبيض والأسود والجميل والقبيح، والطويل والقصير، والقوي والضعيف، والشجاع والجبان، بمقتضى حكمته وعموم قدرته.رأيت بعض أولاد الأمراء التركمان الذين كانوا في خدمت ملك الأمراء أتابك زنكي رحمه الله أصابته نشابة ما دخلت في جلده مقدار شعيرة فاسترخا وانحلت أعضائه وانقطع كلامه وغاب ذهنه وهو رجل مثل الأسد، أجسم ما يكون من الرجال، فاحضروا له الطبيب والجرائحي.فقال الطبيبما به بأس.بل متى جرح ثانية مات، فهدأ وركب وتصرف كما كان، ثم أصابته نشابة أخرى بعد مدة أحقر من الأولة وأقل نكاية، فمات.

طحان يموت من لسعة زنبور

ورأيت ما يقرب ذلك أيضاً كان عندنا بشيزر أخوان يقال لها بنو ماجوج لواحد اسمه أبو المجد ولآخر محاسن وهمت ضمان رحاة الجسر بثمان مائة دينار.وعند الرحا مذبح فيه جزاروا البلد ويجتنع الزنابير على أثار الدم.فاجتاز محاسن بن مجادو يوماً إلى الرحا فلسعه زنبور فانفلج وانقطع كلامه وأشرف على الموت، وبقي كذلك مدة، ثم أفاق وانقطع عن الرجا مدة فعاتبه أخوه أبو المجد وقال لهيا أخي معنا هذه الرحى بثمان مائة دينار ولا تشرف عليها ولاتبصرها؟وغداً ينكسر علينا ضمانها ونموت في الحبس.فقال له محاسنأنت مقصودك ان يلسعني زنبور آخر فيقتلني.واصبح جاء إلى الرحا فلسعه زنبور فمات.فأيسر الأشياء يقتل إذا فرغ الأجل، والفأل موكل بالمنطق.

حوادث الأسود

فمن ذلك انه ظهر عندنا بأرض شيزر سبع، فركبنا إليه فوجدنا غلاماً للأمير سابق بن وثاب بن محمود بن صالح في ذلك المكان يرعى فرسه اسمه شماس فقال له عميأين الأسد؟قالفي تلك الغلفاء.قالسر قدماي إليها.قالأنت مقصودك ان يخرج الأسد يأخذني.ومشى قدامه.فخرج الأسد كأنه مرسل إلى شماس فأخذه فقتله دون الناس وقتل الأسد.وشاهدت من الأسد مالم أكن لأظنه، ولا اعتقد ان الأسد كالناس فيها الشجاع وفيها الجبان.وذلك ان جوبان الخيل جاءنا يوماً كان يركض وقالفي أجمة تل التلول ثلاثة سباع.فركبنا فخرجنا إليها، وإذا لبوءة خلفها أسدان، فدرنا في تلك الأجمة، فخرجت علينا اللبوءة خلفها أسدان، فدرنا في تلك الأجمة، فخرجت علينا اللبوءة فحملت على الناس ووقفت فحمل عليها أخي بهاء الدولة أبو المغيث منقذ رحمه الله طعنها قتلها وتكسر رمحه فيها .ورجعنا إلى الأجمة فخرج علينا أحد السبعين فطرد الخيل، ووقفت أنا وأخي بهاء الدولة في طريقه عند عودته من طرد الخيل.فإن الأسد إذا خرج من موضع لابد له من الرجوع إليه شبهة، وجعلنا إعجاز خيلنا إليه، ورددنا رماحنا نحوه ونحن نعتقد انه يقصدنا فننشب الرماح فيه فنقتله، فما راعنا إلى وهو عابر علينا كالريح إلى رجل من أصحابنا يقال له سعد الله الشيباني فضرب فرسه فرماها فطعنته وسطت القنطارية فيه فمات مكانه. ورجعنا إلى الأسد الآخر ومعنا نحو من عشرين راجلاً من الأرمن الأجياد رماة.فخرج السبع الأخر وهو أعظمها خلقة يمشي وعارضه الأرمن بالنشاب، وأنا معارض الأرمن انتظره يحمل عليهم يأخذ واحداً منهم فطعنه وهو يمشي.وكلما وقعت به نشابة قد هدر ولوح بذنبه فأقول الساعة يحمل ثم يعود يمشي.فما زال كذلك حتى وقع ميتاً، فرأيت من ذلك الأسد شيئاً ما ظننته.ثم شاهدت من الأسد أعجب من ذلك .كان بمدينة دمشق جرو أسد قد رباه سباع معه حتى كبر وصار يطلب الخيل وتأذى الناس به فقيل للأمير معين الدين رحمه الله وأنا عندههذا السبع قد آذا الناس والخيل تنفر منه وهو في الطريق.وكان على مصطبة بالقرب من دار معين الدين رحمه الله في النهار والليل.فقالقولوا للسباع يجيء به.فقال للخوان سلاراخرج من ذبائح المطبخ خاروفاً إلى قاعة الدار حتى نبصر كيف يكسره السبع.فاخرج خاروفاً إلى قاعة الدار، ودخل السباع ومعه السبع.فساعة رآه الخروف، وقد أرسله السباع من السله التي في رقبته حمل عليه فنطحه فانهزم السبع وأخذ يدور حول البركة والخاروف خلفه يطرده وينطحه، ونحن قد غلبنا الضحك عليه.فقال الأمير معين الدين رحمه الله ذا السبع منحوس!أخرجوه اذبحوه واسلخوه وهاتوا جلده.فذبحوه وسلخوه وأعتق ذلك الخروف من الذبح.

ومن عجيب أمور السباع ان أسداً ظهر عندنا في أرض شيزر، فخرجنا إليه ومعنا رجالة من أهل شيزر فيهم غلاماً للمعبد الذي كان يطيعه أهل الجبل ويكاد يعبد.ومع ذلك الغلام كلب له.فخرج الأسد على الخيل فجلت قدماه جافلة ودخل في الرجالة، فأخذ ذلك الغلام وبرك عليه، فوثب الكلب على ظهر الأسد فنفر عن الرجل وعاد إلى الأجمة.وخرج الرجل بين يدي والدي رحمه الله يضحك وقاليا مولاي ما جرحني ولا أذاني وقتلوا الأسد ودخل الرجل فمات تلك الليلة من غير جرح أصابه إلا انقطع قلبه.فكنت أعجب من إقدام ذلك الكلب على الأسد وكل حيوان ينفر من الأسد ويتجنبه.ولقد رأيت رأس الأسد يحمل إلى بعض دورنا فترى السنانير تهرب من تلك الدار وترمي نفوسها من السطوحات، وما رأت الأسد قط، وكنا نسلخ الأسد ونرميه من الحصن إلى سفح الباشورة فلا يقربه الكلاب ولاشيء من الطير.وإذا رأت القيقان اللحم نزلت إليه ثم دنت منه صاحت وطارت.وما أشبه هيبت الأسد على الحيوان بهيبة العقاب قط فيصبح وينهزم، هيبة ألقها الله تعالى في قلوب الحيوان لهذين الحيوانين.وعلى ذكر السباع كان عندنا أخوان من أصحابنا يقال لهما بنو الرعام رجال يترادون من شيزر إلى الاذقية والاذقية لعمي عز الدولة أبى المرهف نصر، وفيها أخوه عز الدين أبو العساكر سلطان رحمهما الله.بالكتب بينهما قالاخرجنا مت الاذقية فأشرفنا من عقبة المنة وهي عقبه عالية تشرف على ما تحتها من الوطا، فرأينا السبع وهو رابط على النهر تحت العقبة، فوقفنا مكاننا ما نجسر على النزول من خوف الأسد، فرأينا رجلاً قد أقبل فصحنا إليه ولوحنا بثيابنا إليه نحذره من الأسد فما سمعنا، وأوتر قوسه وطرح فيه نشابة ومشى، فرآه الأسد فوثب إليه فضربهما أخطاء قلبه فقتله، ومشى إليه فتمم قتله، وأخذ نشابته وجاء إلى ذلك النهر ونزع زربوله وقلع ثيابه ونزل اغتسل في الماء، ثم طلع لبس ثيابه ونحن نراه، وجعل ينفض شعره لينشفه من الماء، ثم لبس فردة زربوله واتكى على جنبه وطول في الاتكاء، فقلنا والله ما قصر، ولكن على من يتيه؟ونزلنا إليه وهو على حاله فوجدناه ميتاً ما ندري ما أصابه، فنزعنا فردة الزربول من رجله وإذا فيه عقرب صغير قد لسعته في إبهامه فمات لوقته، فعجبنا من ذلك الجبار الذي قتل الأسد وقتلته عقرب مثل الإصبع، فسبحان الله القادر النافذ المشيئة في الخلق.
قلتقاتلت السباع في عدة مواقف لا احصيها، وقتلت عدة منها ما شاركني في قتلها أحد سوى ما شاركني فيه غيري.فمن ذلك أن الأسد مثل سواه من البهائم يخاف ابن أدم ويهرب منه وفيه غفلة وبله ما لم يجرح فحينئذ هو الأسد، وذلك الوقت يخاف منه وإذا خرج من غاب أو جمة وحمل على الخيل فلا بدله من الرجوع إلى الأجمة التي خرج منها، ولو أن النيران في طريقه.وكنت أنا قد عرفت هذا بالتجربة، فمتى حمل على الخيل وقفت في طريق رجوعه قبل أن يجرح، فإذا رجع تركته إلى أن يتجاوزني وطعنته قتلته.

حوادث النمور

أما النمور فقتالها أصعب من قتال الأسد لخفتها وبعد ثباتها، وهي تدخل في الغارات والمحاجر كما تدخل الضباع، والأسد ما تكون إلى في الغابات والآجام وقد كان ظهر عندنا نمر في قرية يقال لها معرزوف من أعمال شيزر.فركب إليه عمي عز الدين رحمه الله وأرسل إلي فارساً وأنا راكب في شغل لي يقولألحقني إلى معرزوف، فلحقته وجئنا إلى الموضع الذي زعموا أن النمر فيه، فما رأينه وكان هنا جب، فنزلت عن حصاني ومعي قنطارية وجلست على فم الجب، وهو قصير نحو القامة وفي جانبه خرق كل حجر، فحركت القنطارية في ذلك في ذلك الخرق الذي في الجب فخرج النمر برأسه من ذلك الخرق ليأخذ القنطارية فلما علمنا انه في ذلك الموضع نزل معي بعض أصحابنا، وصار بعضنا يحرك ذلك الموضع بالرمح حتى قتلناه، وكان خلقة عظيمة، إلا أنه كان أكل من دواب القرية حتى عجز عن نفسه، وهو دون سائر الحيوان يقفز إلى فوق أربعين ذراعاً.

وقد كان في كنيسة حناك طاقة في ارتفاع أربعين ذراعاً، فكان يأتيها نمر في الهاجرة يثب إليها ينام فيها إلى أخر النهار ويثب منها ينزل ويمضي ومقطع حناك ذلك الوقت فارس إفرنجي يقال له سير أدم من شياطين الإفرنج فأخبروه خبر النمري فقال إذا رأيتموه أعلموني.فجاء النمر كعادته وثب على تلك الطاقة.فجاء بعض الفلاحين أخبر السير أدم، فلبس درعه وركب حصانه، وأخذ ترسه ورمحه وجاء إلى الكنيسة وهي خراب، وإنما هي حائط قائم فيه تلك الطاقة.فلما رآه النمر وثب من الطاقة عليه وهو فوق حصانه، فكسر ظهره وقتله ومضى.فكان فلاحو حناك يسمونه النمر المجاهد.
ومن خواص النمر انه إذا جرح إنسان وبالت عليه فأر مات.ولا تردت الفأرة عن جريح النمر، حتى انه يعمل له سرير يجلس في الماء ويربط حوله السنانير خوفاً عليه من الفأر.والنمر لا يكاد يألف بالناس ولا يستأنس بهم.وقد كنت مرة مجتازاً بمدينة حيفا من الساحل وهي للإفرنج.فقال لي إفرنجي منهمتشتري مني فهداً جيداً؟قلت نعم.فجاءني بنمر قد رباه حتى صار قد الكلب.قلت لا ما يصلح لي، هذا نمر ما هو فهد، فعجبت من أنسه وتصرفه مع الإفرنجي.والفرق بين النمر والفهد ان وجه النمر طويل مثل وجه الكلب وعيناه زرق والفهد وجهه مدور وعيناه سود.وقد كان بعض الحلبيين أخذ نمراً وجاء به في عدل إلى صاحب القدموس وهو لبعض بني محرز وهو يشرب، ففتح العدل فخرج النمر على من في المجلس.فأما الأمير فكان عند طاقة في البرج قد دخل منها وغلق عليه الباب.وجال النمر في البيت قتل بعضهم وجرح بعضهم إلى أن قتلوه.وسمعت وما رأيت في السباع الببر وما كنت أصدق ذلك.فحدثني الشيخ الإمام حجة الدين أبو هاشم محمد بن محمد بن ظافر رحمه الله قالسافرت من المغرب ومعي غلام شيخ كان لوالدي سافر وجرب الأمور، ففرغ الماء الذي كان معنا وعطشنا وليس معنا ثالث، إنما نحن أنا وهو على نجيبين، فصدنا ماء في طريقنا فوجدنا عليه ببر وهو نائم فاعتزلنا عنه.ونزل صاحبي عن جمله وأعطاني زمامه وأخذ سيفه وترسه وقربه معنا وقال لياحتفظ برأس النجيب ومشي إلى الماء.فلما رآه الببر قام ووثب مستقبله حتى تجاوزه، ثم صاح فثارت إليه مجريات له عدواً لحقوه.وما عارضنا ولا آذانا، فشربنا واسقينا ثم مضينا.هكذا حدثني رحمه الله وكان من خيار المسلمين في دينه وعلمه.

اختبارات حربية

ضرب شيزر بالمنجنيق

ومن عجيب الآجال لما نزل الروم إلى شيزر سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة نصبوا عليها مجانيق هائلة جاءت معهم من بلادهم ترمي الثقل، وتبلغ حجرها ما لا تبلغه النشابة، وترمي الحجر عشرين وخمسة وعشرين رطلاً ولقد رموا مرة دار صاحب لي يقال له يوسف بن أبي الغريب رحمه الله بقلب فوق فهدمت علوها وسفلها بحجر واحد.وكان على برج في دار الأمير قنطارية فيها راية منصوبة، وطريق الناس في الحصن من تحتها، فضرب القنطارية حجر المنجنيق كسرها من نصفها، وانقلب كسرها الذي فيه السنان تنكس ووقع في الطريق، ورجل من أصحابنا عابر، فوقع السنان من تلك العلو وكان فيه نصف القنطارية في تروقته خرج إلى الأرض وقتله.وحدثني خطلخ مملوك لوالدي رحمه الله قالكنا في حصار الروم جلوساً في دهليز الحصن بعددنا وسيفنا فجاءنا شيخ يعدوا وقاليا مسلمون الحريم، دخل الروم معنا، فأخذنا سيوفنا وخرجنا وجدناهم قد طلعوا من ثغرة في السور ثغرتها المجانيق فضربناهم بالسيوف حتى أخرجناهم، وخرجنا خلفهم حتى أوصلناهم إلى أصحابهم وعدنا فتفرقنا، وبقيت أنا وذلك الشيخ الذي إستفزعنا فوقف وأدار وجهه إلى الحائط يريق الماء فأعرضت عنه فسمعت وجبة فالتفت وإذا الشيخ قد ضربت رأسه حجر المنجنيق كسرته وألصقته بالحائط ومخه قد سال على الحائط فحملته وصلينا عليه ودفناه في مكانه رحمه الله.وضربت حجر المنجنيق رجلاً من أصحابنا رجله فحملوه بين يدي عمي وهو جالس في دهليز الحصن، فقالهاتوا المجبر وكان بشيزر رجل صانع يقال له يحيى صانع في التجبير، فحضر وجلس يجبر رجله وهو في سترة خارج باب الحصن، فضربت الرجل المكسور حجر في رأسه طيرته، فدخل المجبر إلى الدهليز فقال عميما أسرع ما جبرته!قاليا مولاي جاءته حجر ثانية اغنته عن التجبير.

قصد الفرنج دمشق

ومن نفاذ المشيئة في الآجال والأعمار ان الإفرنج خذلهم الله، اجمع رأيهم على ان يقصدوا دمشق ويأخذوها، فاجتمع منهم خلق كثير وسار إليهم صاحب الرها وتل باشر وصاحب إنطاكية، فنزل صاحب إنطاكية على شيزر في طريقه إلى دمشق، وقد تبايعوا بينهم دور دمشق وحماماتها وقياسيرها واشتراها البرجاسية ووزنوا لهم أثمانها، وما عندهم شك في فتحها وملكها.وكفر طاب إذ ذاك لصاحب إنطاكية، فجرد من عسكره مائة فارس انتخبهم وأمره بالمقام بكفر طاب مقابلنا ومقابل حماة فلما سار إلى دمشق اجتمع من بالشام من المسلمين لقصد كفرطاب وانفذوا رجلاً من أصحابنا يقال له قنيب بن مالك فجس لهم كفرطاب في الليل فوصلوها دارها وعاد وقالابشروا بالغنيمة والسلامة.فسار المسلمون عليهم فالتقوا على مثكير، فنصر الله سبحانه الإسلام وقتلوا الإفرنج جميعهم.وكان قنيب الذي جس لهم كفرطاب قد رأى في خندقها دواب كثيرة.فلما ظفروا في الإفرنج وقتلوهم طمع في أخذ تلك الدواب التي في الخندق ورجا ان يأخذ الغنيمة وحده، فمضى يركض إلى الخندق فرمى عليه رجل من الإفرنج حجراً فقتله.وكانت له عندنا والدة عجوز كبيرة تندب في مأتمنا ثم تندب ولدها.فكانت إذا ندبت على ابنها قنيب تتدفق ثدياها بالبن حتى تغرق ثيابها، وإذا فرغت من الندب عليه وسكنت لوعتها عادات ثديها كالجلدتين ما فيهما قطرة لبن، من أشرب القلوب الحنة على الأولاد.ولما قيل لصاحب إنطاكية وهو على دمشققد قتل المسلمون أصحابك قالما هو صحيح، قد تركت بكفرطاب مائة فارس تلتقي المسلمين كلهم.وقضى الله سبحانه ان المسلمين بدمشق نصروا على الإفرنج وقتلوا منهم مقتله عظيمة وأخذوا جميع دوابهم فرحلوا عن دمشق أسوأ رحيل وأذله - والحمد لله رب العالمين.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كردي يتأبط رأس أخيه

ومن عجائب ما جرى في تلك الواقعة بالإفرنج انه كان في عسكر حماة أخوان كرديان اسم الواحد بدر وأسم الأخر عناز.وكان هذا عناز ضعيف النظر.فلما كسر الإفرنج قطعوا رأسهم وشدوهم في سموط خيلهم، وقطع عناز رأساً في سموطه، فرآه قوم من عسكر حماة فقالوا لهيا عناز أي شيء هذا الرأس معك؟قال سبحان الله لما يجري بيني وبينه حتى قتلته.قالوا له يا رجل هذا رأس أخيك بدر؟ فنظر وتأمله، فإذا هو رأس أخيه فأستحيى من الناس وخرج من حماة، فما ندري اين قصد ولا عدنا نسمع له خبراً وكان أخوه قتل في تلك المعركة قتله الإفرنج، خذلهم الله تعالى.
؟؟

ضربة سيف تشق رأس إسماعيلي

اذكرني ضربة حجر المنجنيق رأس ذلك الشيخ رحمه الله ضرب السيف الماضية.فمن ذلك ان رجلاً من أصحابنا يقال له همام الحاج التقى هو ورجل من الإسماعيلية، لما عملوا على حصن شيزر بالرواق في دار عمي رحمه الله، في يد الإسماعيلي سكين والحاج في يده سيف، فهجم عليه الباطني بالسكين فضربه همام بالسيف فقطع قحف مخه على الأرض فأنبسط عليها وتطاير، فوضع همام السيف من يده وتقيأ ما في بطنه لما لحقه من نظر ذلك المخ من الغثيان، ولقيني في ذلك اليوم واحد منهم في يده سيخ وفي يدي سيف لي، فهجم علي بالسيخ فضربته في وسط ساعده والسيخ بيده قبضته ونصله لاسق بساعده فقطع قدر أربع أصابع من نصل السيخ وقطع الساعد من نصفه فأبانه، وبقي أثر فم السيخ في حد السيف، فرآه صانع عندنا فقالأنا أخرج هذا الثلم منه.قلتدعه كما هو فهو أحسن ما فيه، وهو إلى الآن إذا رآه إنسان علم انه أثر سكين. ولهذا السيف خبر أنا ذاكره.
تقطع وأخرى نعلاً ومرفقاً
كان للوالد ركابي يقال له جامع فأغار الفرنج علينا، فلبس الوالد كزاغنده وخرج من داره ليركب، فما وجد حصانه فوقف ساعة ينتظره، فوصل جامع الكابي بالحصان وقد أبطأ، فضربه الوالد بهذا السيف وهو في غمده متقلد به، فقطع الجهاز والنعل الفضة وبشتا كان على الركابي وصوفية وعظم مرفقه فرميت يده، فكان رحمه الله يقوم به بأولاده بعد تلك الضربة، وكان السيف يسمى الجامعي بأسم الركابي.
؟

ضربتان تقتل رجلين

ومن ضربتا السيف المذكورة ان أربعة اخوة من أنساب الأمير افتخار الدولة أبي الفتوح بن عمرون صاحب حصن أبو قبيس صعدوا إليه إلى الحصن وهو نائم وأوثقوه بالجراح، وما معه بالحصن غير ابنه، ثم خرجوا وهم يظنون أنهم قتلوه يريدون ابنه، وكان هذا افتخار أعطاه الله من القوة أمراً عظيماً، فقام من فراشه عرياناً وسيفه معلق في بيته معه فأخذه وخرج إليهم فلقيه واحد منهم وهو مقدمهم وشجاعهم، فضربه افتخار الدولة في السيف وقفز من مقابله خوفاً من أن يصله بسكين كانت في يده، ثم التفت إليه فوجده ملقى فقد قتله بتلك الضربه، وصار إلى الأخر ضربه قتله، وانهزم الاثنين الباقيان فرميا أنفسهما من الحصن فمات أحدهما ونجا الأخر.
واتانا الخبر إلى شيزر فأنفذنا من هنأه بالسلامة، وطلعنا بعد ثلاثة أيا إلى حصن أبو قبيس لعيادته، فإن أخته كانت عند عمي عز الدين وله منها أولاد.فحدثنا حديثه وكيف كان أمره.ُم قال متن كتفي يحكني وما أصل إليه.ودعا غلاماً له ليبصر ذلك الموضع أي شيء قرصه فيه.فنظر فإذا هو جرح وفيه رأس دشن قد انكسر بظهره، وما معه به علم ولا أحس به، فلما قاح أحكه.وكان من قوة هذا الرجل انه كان يمسك رسغ رجل البغل ويضرب البغل فلا يقدر يخلص رجله من يده، ويأخذ مسمار البيطاري بين أصابعه وينفذ في دق خشب البلوط، وكان أكله مثل قوته بل أعظم.

بطولة النساء

قد ذكرت شيئاً من أفعل الرجال وسأذكر شيئاً من أفعال النساء بعد بساط اقدامه .

بالدون يعقب روجر في إنطاكية

وذلك أن إنطاكية كانت لشيطان من الإفرنج يقال له روجار، فمضى يحج إلى بيت المقدس، وصاحب البيت المقدس بغدوين البرونس وهو رجل شيخ، وروجار شاب فقال لبغدوينإجعل بيني وبينك شرطاً إن مت قبلك كانت إنطاكية لك وإن مت قبلي كان بيت المقدس لي.فتاعقدا وتواثقا على ذلك.وقدر الله تعالى أن نجم الدين إيلغازي بن أرتق رحمه الله، لقي روجار بدانيث يوم الخميس الخامس من جمادى الأولى سنة ثلاثة عشر وخمسمائة فقتله وقتل جميع عسكره، ولم يدخل إنطاكية منهم دون العشرين رجلاً وسار بغدوين إلى إنطاكية فتسلمها.وضرب مع نجم الدين مصافاً بعد أربعين يوماً.وكان إلغازي إذا شرب النبيذ يخمر عشرين يوماً، فشرب بعد كسر الفرنج وقتلهم دخل في الخمار فما أفاق حتى وصل الملك بغدوين البرنس إلى إنطاكية بعسكره.

طغدكين يقطع رأس روبرت

فكان المصاف الثاني بينهما على السواءكسر بعض الفرنج بعض المسلمين وكسر بعض المسلمين بعض الفرنج، وقتل من هؤلاء وهؤلاء جماعة.واسر المسلمين روبرت صاحب صهيون وبلاطنس وتلك الناحية، وكان صديقاً لأتابك طغدكين صاحب دمشق ذلك الوقت، وكان مع نجم الدين إيلغازي لما أجتمع بالإفرنج في افاميا عندما وصل عساكر الشرق مع برسق بن برسق فقال هذا روبرت الأبرص لأتابك طغدكينما أدري بأي شيء أضيفك، ولكن قد أبحتك بلادي، أنفذ خيلك تغير عليها وتأخذ كلما وجدوه، بلى لا يسبوا ولا يقتلوا، الدواب والمال والغة لهم يأخذون ذلك مباحاً لهم.فلما أسر روبرت وأتابك طغدكين حاضر المصاف في معونة إيلغازي، قطع روبرت على نفسه عشرة آلاف دينار، فقال إيلغازيأمضوا به إلى أتابك لعله يفزعه فيزيدنا بالقطيعة.فمضوا به وأتابك في خيمته يشرب.فلما رآه مقابلاً قام شمر أذبال قبائه في البند وأخذ سيفه وخرج إليه وضرب رقبته، فنفذ إليه إيلغازي يعتب عليه وقالنحن محتاجون لدينار واحد للتركمان، وهذا كان قد قطع على نفسه عشرة آلاف دينار نفذته إليك تفزعه لعله يزيدنا في القطيعة قتلته!قالأنا ما أحسن افزع إلا كذا.

بالدون يسامح عم أسامة بقطيعة

ثم ملك بغدوين البرونس إنطاكية، وكان لأبي وعمي رحمهما الله، جميل كبير حيث كان أسره نور الدولة بلك رحمه الله، وصار بعد قتل بلك إلى حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي فحمله إلينا إلى شيزر ليتوسط أبي وعمي رحمهما الله بيعه فاحسنا إليه.فلما ملك كانت لصاحب إنطاكية علينا قطيعة سامحنا بها صار أمرنا في إنطاكية نافذاً

ويتنازل عن إنطاكية لأبن ميمون

فهو فيما فيه وعنده رسول من أصحابنا إذ وصل مركب إلى السويدية فيه صبي عليه أخلاق، فحضر عنده وعرفه ابن ميمون فسلم إنطاكية إليه وخرج إليها وضرب خيمة في ظهرها، فحلف لنا رسولنا الذي كان عنده انه يعني الملك بغدوين أشترى عليق خيله تلك الليلة من السوق، واهراء إنطاكية ملآى من الغلة، ورجع بغدوين إلى القدس.

ابن ميمون يهاجم شيزر

وخرج من ذلك الشيطان ابن ميمون بلية عظيمة فنزل علينا يوماً من الأيام بعسكره فضرب خيامه، ونحن قد ركبنا مقابلهم، فما خرج منهم أحد ونزلوا في خيامهم، ونحن ركاب على شرف نبصرهم، وبيننا وبينهم العاصي فنزل من بيننا إبن عمي ليث الدولة يحيى بن مالك بن حميد رحمه الله يسير إلى العاصي ظنناه يسقي فرسه، فخاض الماء وعبر وسار نحو موكب الإفرنج واقف بالقرب من خيامهم.فلما دنى منهم نزل إليه فارس واحد، فحمل كل واحد منهما على صاحبه، وراغ كل واحد منهما عن طعنه الأخر فتسرعت أنا وأمثالي من الشباب في ذلك الوقت إليهم، ونزل ذلك الموكب وركب ابن ميمون وعسكره وجائوا كالسيل وصاحبنا قد طعنت فرسه، فالتقت أوائل خيلنا وأوائل خيلهم، وفي أجنادنا رجل كردي يقال له ميكائيل وقد جاء في أوائل خيلهم منهزماً وخلفه فارس إفرنجي قد لزه.وللكردي بين يديه ضجيج وصياح عال فلقيته، فمال عن ذلك الكردي وزل عن طريقي وقصد خيل لنا في جماعة على الماء واقفين مما يلينا، وأنا خلفه أجهد أن يلحقه حصاني فأطعنه فلا يلحقه، ولا الإفرنجي يلتفت إلي إلا يريد تلك الخيل المجتمعة إلى أن وصل إلى خيلنا وأنا تابعه، فطعن أصحابي حصانه طعنة أوثقته وأصحابه في أثره في جمع ما لنا بهم قوة.فرجع الفارس وحصانه في أخر رمقه فردهم جميعهم وعاد وهم معه.وكان الفارس ابن ميمون صاحب إنطاكية وهو صبي قد امتلأ قلبه من الرعب، ولو ترك أصحابه هزمونا إلى أن يدخلونا المدينة.

قصة بريكة

كل ذلك وأمة عجوز يقال لها بريكة مملوكة لرجل كردي من أصحابنا يقال له علي بن محبوب واقفه بين الخيل على شط النهر وفي يدها شربة تسقي بها وتسقي الناس، وأكثر أصحابنا الذين كانوا على الشرف لما رأوا الإفرنج مقبلين في ذلك الجمع إندفعوا نحو المدينة وتلك الشيطانه واقفة لا يروعها ذلك الأمر العظيم.وأنا ذاكر شيئاً من أمر هذه بريكة، وإن لم يكن موضعه، لكن الحديث شجون.كان مولاها علي يثدين ولا يشرب الخمر.فقال لوالدي يوماًوالله يا أمير لا أستحل ما آكل من الديوان وما آكل من كسب بريكة، وهو الجاهل يظن ان ذلك السحت الحرام أحل من الديوان الذي هو مستأجر به.وكانت هذه الأمه لها ولد أسمه نصر رجل كبير وكيلاً في ضيعة للوالد رحمه الله وهو رجل يقال له بقية بن الأصيفر.حدثني قالدخلت في الليل البلد أريد الدخول إلى داري في شغل لي.فلما دنوت من البلد بين المقابر في ضوء القمر شخصاً ما هو آدمي ولا هو وحش فوقفت عليه وتهيبته.ثم قلت في نفسيما أنا بقية!ما هذا الخوف من واحد؟فوضعت سيفي ودروقتي والحربة التي معي ومشيت قليلاً قليلاً وأنا أسمع لذلك الشخص زجلاً وصوتاً فلما قربت منه وثبت عليه وفي يدي دشني فقبضته، وإذا بها بريكة مكشوفة الرأسي وقد نفشت شعرها وهي راكبة قصبة تصهل بين المقابر وتجول.قلتويحكي أي شيء تعملين في هذا الوقت ها هنا؟قالتأسحر قلتقبحك الله وقبح سحرك وصنعتك من بين الصنائع!

امرأة تقاتل في شيزر

اذكرني قوة نفس هذه الكلبة بأمور جرت للنساء في الواقعة التي كانت بيننا وبين الأسماعليية، وإن لم تكن سواء.لقي في ذلك اليوم مقدم القوم علوان ابن حرار ابن عمي سنان الدولة شبيب ابن حامد بن حميد رحمه الله في الحصن وهو تربى فيه.ولدت أنا وهو في يوم واحد السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمانية وثمانين وأربع مائة إلا انه ما باشر الحرب ذلك اليوم وأنا كنت قطبها.فأراد علوان اصطناعها.فقال لهارجع إلى بيتك احمل منه ما تقدر عليه ورح لا تقتل، فالحصن قد ملكناه.فرجع إلى الدار وقالمن كان له شيئاً يعطيني إياه يقول ذلك لعمته ونساء عمه، فكل منهم أعطاه شيئاً، فهو في ذلك إذاً إنسان وقد دخل الدار عليه زردية وخوذة ومعه سيف وترس.فلما رآه ايقن بالموت، فوضع الخوذة وإذا هي ابن عمه ليث الدولة يحيى رحمه الله.فقالتأي شيئاً تريد تعمل ؟قالآخذ ما قدرت عليه، وانزل من الحصن بحبل وأعيش بالدنيا.قالتبئس ما تفعل، تخلي بنات عمك وأهلك للحلاجين وتروح؟أي عيش يكون عيشك إذا افتضحت في أهلك انهزمت عنهم؟أخرج قاتل عن أهلك حتى تقتل بينهم، فعل الله بك وفعل.ونعته رحمها الله من الهرب، وكان من الفرسان المعدودين بعد ذلك .

والدة أسامة في القتال

وفي ذلك اليوم فرقت والدتي رحمها الله سيوفي وكزاغنداتي، وجاءت إلى أخت لي كبيرة في السن وقالتألبسي خلفك وإزارك.فلبست وأخذتها إلى روشن في داري يشرف على الوادي من الشرق أجلستها عليه وجلست إلى باب الروشن، ونصرنا الله سبحانه عليهم.وجأت إلى داري أطلب شيئاً من سلاحي ما وجدت إلى جهازات السيوف وعيب الكزاغندات.قلتيا أمي أين سلاحي؟قالتيا بني أعطيت السلاح لمن يقاتل عن، وما ظننتك سالماً قلتوأختي أي شيء تعمل هاهنا؟قالتيا بني أجلستها على الروشن وجلست براً منها.إذا رأيت الباطنية وصلوا إلينا دفعتها رميتها إلى الوادي فأراها قد ماتت ولا أراها مع الفلاحين والحلاجين مأسورة.فشكرتها على ذلك وشكرتها الأخت وجزتها خيراً، فهذه النخوة أشد من نخوات الرجال.

عجوز تضرب بالسيف

وتلثمت في ذلك اليوم عجوز من جواري جدي الأمير أبي الحسن علي رحمه الله يقال لها فنون فأخذت سيفاً وخرجت إلى القتال وما زالت كذلك حتى صعدنا وتكاثرنا عليهم.
وما ينكر للنساء الكرام الأنفة والنخوة والإصابة في الرأي .

جدة أسامة تنصحه

ولقد خرجت يوماً من الأيام مع الوالد رحمه الله إلى الصيد، وكان مشغوفاً بالصيد عنده من البزاة والشواهين والصقور والفهود والكلاب الزغارية ما لا يكاد يجتمع عند غيره، ويركب في أربعين فارساً من أولاده ومماليكه كل منهم خبير بالصيد عارف بالقنص، وله بشيزر مصيدانيوماً يركب إلى غربي البلد إلى أزوار وأنهار فيتصيد الدراج والطير الماء والأرنب والغزلان ويقتل الخنازير، ويماً يركب إلى الجبل قبلي البلد يتصيد الحجل والأرانب.فنحن في الجبل يوماً وقد حانت صلاة العصر فنزل ونزلنا نصلي فرادى، وإذا غلام قد جاء يركض قالهذا الأسد!فسلمت قبل الوالد رحمه الله لكيلا يمنعني من قتال الأسد وركبت ومعي رمحي فحملت عليه فأستقبلني وهدر، فحاص بي الحصان ووقع الرمح من يدي لثقله وطردني شوطاً جيداً، ثم رجع إلى سفح الجبل ووقف عليه وهو من أعظم السباع كأنه قنطرة جائع وكلما دنون منه نزل من الجبل، طرد الخيل وعاد إلى مكانه، وما ينزل نزلة إلا يؤثر في أصحابنا.

ولقد رأيته راكباً مع رجل من غلامان عمي يقال له بستكين غرزة على وركي حصانه وخرق بمخالبه ثيابه ورانته وعاد إلى الجبل، فما كان لي فيه حيلة إلا أن صعدت فوقه في سفح الجبل.ثم حدرت حصاني عليه فطعنته فنفذت الرمح فيه وتركته في جانبه، فتقلب إلى أسفل الجبل والرمح فيه، فمات الأسد وانكسر الرمح، والوالد رحمه الله واقف يرانا معه أولاد أخيه عز الدين يبصرون ما يجري وهم صبيان.وحملنا الأسد ودخلنا البلد العشاء، وإذا جدتي لأبي رحمها الله جاءتني في الليل وفي يدها شمعة - وهي عجوز كبيرة قاربت من العمر مائة سنة.فما شككت أنها قد جاءت تهنئني بالسلامة وتعرفني مسرتها بما فعلت.فلقيتها وقبلت يدها فقالتلي بغيظ وغضبيا بني أيش يحملك على هذه المصائب التي تخاطر فيها بنفسك وحصانك وتكسر سلاحك ويزداد قلب عمك منك وحشة ونفوراً.؟قلتيا ستي أنما أخاطر بنفسي في هذا ومثله لأتقرب إلى قلب عمي.قالتلا والله ما يقربك هذا منه وانه يزيدك منه بعداً ويزيده منك وحشاً ونفوراً.فعلمت أنها نصحتني في قولها وصدقتني، ولعمري إنهن أمهات رجال.
ولقد كانت هذه العجوز رحمها الله من صالحي المسلمين من الدين والدقة والصوم والصلاة على أجمل طريقة، ولقد حضرتها ليلة النصف من شعبان وهي تصلي عند والدي، وكان رحمه الله من أحسن من يتلو كتاب الله تعالى، ووالدته تصلي بصلاته، فأشفق عليها فقاليا أمي لو جلست صليت من قعودة.قالتيا بني بقي لي من العمر ما أعيش إلى ليلة مثل هذه الليلة ؟لا ولله ما أجلس، وكان الوالد قد بلغ السبعين سنة وهي قد شارفت المائة سنة رحمها الله.

مسلمة تقتل زوجها

وشاهدت من نخوات النساء عجباً.وهو أن رجلاً من أصحاب خلف بن ملاعب يقال له علي عبد بن أبي الريداء كان قدر رزقه الله تعالى من النظر ما رزق زرقاء اليمامة، فكان ينهض مع ابن ملاعب يبصر القوافل على المسيرة يوم كامل.ولقد حدثني رجل من رفاقه يقال له سالم العجازي انتقل إلى خدمة والدي بعد ما قتل خلف بن ملاعب قالنهضنا يوماً وأرسلنا علياً عبد ابن أبى الريداء بكرة يديب لنا، فجاءنا وقالابشروا بالغنيمة!هذه قافلة كثيرة مقبلة.فنظرنا ما رأينا شيئاً، فقلناما نرى قافلة ولا غيرها.قالوالله، إني لأرى قافلة وقدامها فرسان معينان ينفضان معارفهما.فأقمن في الكمين إلى العصر فوصلتنا القافلة والفرسان المعينان قدامها فخرجنا أخذنا القافلة.وحدثني سالم العجازي فقالنهضنا يوماً وصعد علي عبد ابن أبي الريداء يديب لنا، فنام وما درى إلا وقد أخذه تركي من سربة أتراك ناهضة وقالواأي شيء أنت؟قال أنا رجل صعلوك قد أركيت جملي لرجل من التجار في القافلة، أعطني يدك أنك تعطيني جملي حتى أدلك على القافلة.فأعطاه مقدمة يده، فمشى بين أيديهم إلى أن أوصلهم إلينا إلى الكمين، فخرجنا عليهم أخذناهم، وتعلق هو في الذي كان بين يديه أخذ فرسه وعدته، وغنمنا منهم غنيماً حسنة.فلما قتل ابن ملاعب انتقل علي ابن أبي الريداء إلى خدمت توفيل الإفرنجي صاحب كفرطاب، فكان ينهض بالإفرنج إلى المسلمين يغنمهم ويبالغ في أذى المسلمين وأخذ مالهم وسفك دمهم حتى قطع سبل المسافرين، وله امرأة معه في كفر طاب تحت يدي الإفرنج تنكر عليه فعله وتنهاه فلا ينتهي.فنفذت أحضرت نسيب لها من بعض الضياع وأظنه أخاها، وأخفته في البيت إلى الليل.واجتمعت هي وهو على زوجها علي ابن أبى الريداء قتلاه واحتملاه يجمع مالها.وأصبحت عنا في شيزر وقالتغضبت للمسلمين مما كان يفعل بهم هذا الكافر.فأرحت الناس من هذا الشيطان، ورعينا لها ما فعلت وكانت عندنا في الكرامة والاحترام.

إفرنجية تجرح مسلما


وكان في أمراء مصر رجل يقال له ندى الصليحي في وجهه ضربتان الواحة من حاجبه الأيمن إلى حد شعر رأسه والأخرى من حاجبه الأيسر إلى حد شعر رأسه.فسألته عنهما فقالكنت انهض وأنا شاب من عسقلان وأنا راجل، فنهضت يوماً في طريق بيت المقدس أريد حجاج الإفرنج، فصادفنا قوماً منهم فلقيت رجلاً معه قنطارية وخلفه امرأته معها كوز خشب فيه ماء.فطعنني الرجل هذه الطعنة الواحدة وضربته قتلته، فمشت إلي امرأته وضربتني بالكوز الخشب في وجهي، جرحتني هذا الجرح الأخر فوسما وجهي .

شيزرية تأسر ثلاثة إفرنج

ومن إقدام النساء ان جماعة من الإفرنج الحجاج حجوا وعادوا إلى رفنية، وكانت ذلك الوقت لهم، وخرجوا منها يريدون أفامية، فتاهوا في الليل وجائوا شيزر وهي إذ ذك بغير سور، ودخلوا المدينة وهم في نحو سبع مائة ثمان مائة من رجال ونساء وصبيان.وكان عسكر شيزر قد خرجوا مع عمي عز الدين أبي العساكر سلطان وفخر الدين أبى كامل شافع رحمهما الله ليلقيا عروسين قد تزوجاهما من بني الصوفي الحلبيين أختين.ووالدي رحمه الله في الحصن.فخرج رجل من المدينة في شغل له في الليل فرأى إفرنجياً، وعاد أخذ سيفه وخرج قتله، ووقع الصياح في البلد، وخرج الناس فقتلوهم وغنموا ما كان معهم من النساء والصبيان والفضة والبهائم.وفي شيزر امرأة من نساء أصحابنا يقال لها نصرة بنت بوز رماط خرجت مع الناس أخذت إفرنجي أدخلته بيتها، وخرجت أخذت آخر أدخلته بيتها، وعادت خرجت أخذت أخر.فاجتمع عندها ثلاثة من الإفرنج، فأخذت ما كان معهم وما صلح لها من سلبهم وخرجت، دعت قوماً من جيرانها قتلوهم.ووصل عمي والعسكر في الليل، وقد كان انهزم من الإفرنج ناس وتبعهم رجال من شيزر فقتلوهم في ظاهر البلد.فصارت الخيل تعثر في الليل في القتلى، ولا يدرون بماذا تعثر، حتى ترجل بعضهم وابصر القتلى في الظلام، فهالهم واعتقدوا ان البلد قد كبس .

إفرنجية تؤثر أن تكون زوجة اسكاف

كانت غنيمة ساقها الله عز وجل إلى الناس، فصار إلى دار والدي رحمه الله عدة من جواري سيبهم لعنهم الله، جنس ملعون لا يألفون لغير جنسهم فرأى منهم جارية مليحة شابة فقال لقهرمانة دارهادخلي هذه الحمام وأصلحي كسوتها واعملي شغلها للسفر.ففعلت وسلمها إلى بعض خدامه وسيرها إلى الأمير شهاب الدين مالك بن سالم بن مالك صاحب قلعة جعبر وكان صديقه، وكتب إليه يقولغنمنا من الإفرنجي غنيمة قد نفذت لك سهماً منها.فوافقته وأعجبته فتخذها لنفسه، فولدت له ولداً سماه بدران الولد والرعية وأمه الآمرة الناهية.فواعدت قوماً وتدلت من القلعة بحبل ومضى بها أولئك إلى سروج، وهي إذ ذاك للإفرنج فتزوجت بإفرنجي اسكاف وابنها صاحب قلة جعبر.

إفرنجي يتنصر بعد إسلامه

وكان في أولئك الذين صاروا إلى دار والدي امرأة عجوز ومعها بنت لها امرأة شابة حسنة الخلقة وابن مشتد، فأسلم الابن وحسن إسلامه فيما يرى من صلاته وصومه، وتعلم الترخيم من مرخم كان يرخم دار والدي.فلما طال مقامه زوجه الوالد امرأة من قوماً صالحين وقام له بكل ما احتاجه لعرسه وبيته فرزق منها ولدين وكبا وصار لكل واحد منهما خمس ست سنين، والغلام راؤول أبوهما مسرور بهما، فأخذهما وأمهما، وما في بيته واصبح في افامية عند الإفرنج وتنصر هو وأولاده بعد الإسلام والصلاة والدين.فالله تعالى يطهر الدنيا منهم .

طبائع الإفرنج وأخلاقهم

سبحان الخالق البارئ إذا خبر الأنسان أمور الإفرنج سبح الله تعالى وقدسه ورأى بهائم فيهم فضيلة الشجاعة والقتال ولا غير، كما في البهائم فضيلة القوة والحمل.وسأذكر شيئاً من أمورهم وعجائب عقولهم. كان في العسكر الملك فلك بن فلك فارس محتشم إفرنجي قد وصل من بلادهم يحج ويعود، فأنس بي وصار ملازمني ويدعوني أخي وبيننا المودة والمعاشرة فلما عزم على التوجه في البحر إلى بلاده قال لييا أخي أني سائر إلى بلادي، وأريدك تنفذ معي أبنك وكان ابني معي وهو ابن أربعة عشر سنه إلى بلادي يبصر الفرسان ويتعلم العقل والفروسية.وإذا رجع كان مثل الرجل عاقل.فطرق سمعي كلام ما يخرج من رأس عاقل.فإن أسر ما بلغ به الأسر اكثر من رواحه إلى بلاد الإفرنج.فقلتوحياتك هذا الذي كان في نفسي.لكن منعني من ذلك ان جدته تحبه وما تركته يخرج معي حتى استحلفتني أن أرده إليها قالأمك تعيش؟قلتنعم.قاللا تخالفها.

ومن عجيب طبهم ان صاحب المنيطرة كتب إلى عمي يطلب منه إنقاذ طبيب يداوي مرضى من أصحابه، فأرسل إليه طبيباً نصرانياً يقال له ثابت، فما غاب عشرة أيام حتى عاد فقلنا لهما أسرع ما داويت المرضى!قال أحضروا عندي فارساً قد طلعت في رجله دملة وامرأة قد لحقها نشاف، فعملت للفارس لبخة ففتحت الدملة فصلحت، فحميت المرأة ورطبت مزاجها فجاءهم طبيب إفرنجي فقال لهمهذا ما يعرف شيئاً يداويهم.وقال للفارس ايما لك ان تعيش برجل واحدة أو تموت برجلين.قالأعيش برجل واحدة.قال أحضروا لي فارساً قوياً وفأساً قاطعاً.حضر الفارس والفأس وأنا حاضر، فحط ساقه على قرمة خشب وقالللفارس أضرب رجله بالفأس ضرباً واحداً واقطعها .فضربه وأنا أراه ضربة واحداً ما انقطعت، فضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق، ومات من ساعته.وأبصر المرأة فقالهذه المرأة في رأسها شيطان قد عشقها، احلقوا شعرها، فحلقوه وعادت تأكل من مأكلهم الثوم والخردل فزاد بها النشاف، فقال الشيطان قد دخل في رأسها .فأخذ الموس وشق الرأس صليب وسلخ وسطه حتى ظهر عظم الرأس وحكه بالملح، فماتت من وقتها.فقلت لهمبقي لكم إلي حاجة؟قالوا لا.فجئت وتعلمت من طبهم ما لم أكن أعرفه.وقد شاهدت من طبهم خلاف ذلك.كان للملك خازن من فرسانهم يقال له برناد لعنه الله، من ألعن الإفرنج وارجسهم فرحمه حصانه من ساقه فعملت عليه رجله وفتحت في أربعة عشر موضعاً والجراح كلما ختمت موضع فتح موضع وأنا أدعو بهلاكه.فجاء طبيب إفرنجي فأزال عنه تلك المراهم وجعل يغسلها بالخل الحاذق فختمت تلك الجراح وبرأ وقام مثل الشيطان.ومن عجيب طبهم انه كان عندنا بشيزر صانع يقال له أبو الفتوح له ولد قد طلع في رقبة خنازير، وكلما ختم موضع فتح موضع، فدخل إنطاكية في شغل له ومعه ابنه، فرآه راجل إفرنجي فسأله عنه فقالهو ولدي .قالتحلف لي بدينك إن وصفت لك دواء يبرئه لا تأخذ من أحد تداويه به أجرة حتى أصف لك دواء يبرئه؟فحلف.فقالتأخذ له أشنان غير مطحون تحرقه وتربيه بالزيت والخل الحاذق وتداويه به حتى يأكل الموضع، ثم خذ الرصاص المحرق وربه بالسمن، ثم داوه به فهو يبرئه.فداواه بذلك فبرأ، وختمت تلك الجراح، وعاد ما كان عليه من الصحة.وقد داويت بهذا الدواء من طلع فيه هذا الداء فنفعه وأزال ما كان يشكوه.فكل من هو قريب العهد بالبلاد الإفرنج اجفى أخلاقاً من الذين قد تبلدوا وعاشروا المسلمين.
فمن جفاء أخلاقهم قبحهم الله، أنني إذا زرت بيت المقدس دخلت إلى المسجد الأقصى، وفي جانبه مسجد صغير جعلوه الإفرنج كنيسة.فكنت إذا دخلت المسجد الأقصى وفيه الداوية وهم أصدقائي، يخلون لي ذلك المسجد الصغير اصلي فيه فدخلت يوماً كبرت ووقفت في الصلاة، فهجم علي واحداً من الإفرنج مسكني ورد وجهي إلى الشرق وقالكذا صلي فتبادر إليه قوم من الداوية أخذوه أخرجوه عني، وعدت أنا إلى الصلاة، فأغفلهم وعاد هجم علي ذلك بعينه ورد وجهي إلى الشرق وقالكذا صل!فعاد الداوية دخلوا إليه وأخرجوه واعتذروا إلي وقالواهذا غريب وصل من بلاد الإفرنج هذه الأيام، وما رأى من يصلي لغير الشرق.فقلت حسبي من الصلاة!فخرجت وكنت أعجب من ذلك الشيطان وتغير وجهه ورعدته وما لحقه من نظر الصلاة إلى القبلة.ورأيت واحداً منهم جاء إلى الأمير معين الدين رحمه الله وهو في الصخرة فقالتريد تبصر الله صغيراً؟قالنعم.فمشى بين أيدينا حتى أرانا صورت مريم والمسيح عليه الصلاة والسلام صغير في حجرها فقالهذا الله صغير - تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً.

ليس للإفرنج غيرة جنسية

وليس عندهم شيء من النخوة والغيرة، يكون الرجل منهم يمشي هو وامرأته يلقاه رجل أخر يأخذ المرأة ويعتزل بها ويتحدث معها، والزوج واقف ناحية ينتظر فراغها من الحديث، فإذا طولت عليه خلاها مع المتحدث ومضى.ومما شاهدت من ذلك أنى كنت إذا إلى نابلس أنزل في دار رجل يقال له معز داره عمارة المسلمين لها طاقات تفتح إلى الطريق، يقابلها من الجانب الطريق الأخر دار لرجل إفرنجي يبيع الخمر للتجار قد فتح بيته من هذا الخمر، من أراد منها شيئاً فهي من موضع كذا وكذا، واجرته عن ندائه النبيذ الذي في تلك القنينة فجاء يوماً ووجد رجل مع امرأته في الفراش فقال لهأي شيء أدخلك عند امرأتي؟قالوجدت فراشاً مفروشاً نمت فيه قالوالمرأة نائمة معك؟قال الفراش لها كنت أقدر أن أمنعها من فراشها؟قال وحق ديني إن عدت فعلتها تخاصمت أنا وأنت.فكان هذا نكيره ومبلغ غيرته.
ومن ذلك انه كان عندنا رجل حمامي يقال له سالم من أهل المعرة في حمام لو






























































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow