كان يوما ضبابي اللحظة ...
قصدت المقهى فيما اتجه صديقي إلى البيت ..
في المقهى أخذ مشهدي بعدا روتينيا .. الأركيلة و الشاي و سكان المقهى الأصليين و المارة .. كلهم عبروا مشهدي كأنهم سكائري المتتالية في مقبرة المنفضة و مع كل نفس أشعر بهم يتغيرون .
في مقهى في دمشق كان الإختلاف كبيرا حيث يأخذ محمد عبد الوهاب حيزا كبيرا في مشهدي .
أنا الآن هنا .. ربما لا أصغي إلى عالم قريب مني .. لكني أعيش ضجته و يقيني بهدوئي .
أرسلت عدة زفرات ضاعت في هواء حياتي و قررت الخروج و التسكع على الأرصفة مكان الإقامة الوحيد لكتابنا .
فنجان قهوة الرصيف يحفز حكواتي الذاكرة في رأسي ..
كنا نركض فوق جبل قاسيون حين أوهمونا أننا جند ندافع عن الوطن و كنا نركض و كانوا يركضون لاقتناص المشاهد الإباحية في سيارات ذلك الجبل المهان .
حشد كبير من الأوقية الذكرية كانت تسكن المكان .. مشهد لسعهم و استعملوا سلطتهم لإهانة من يرتدون الأوقية أمام إناثهم و غادرنا و عادت سيارات الجبل إلى هزاتها الغريزية .. استهلكنا كثيرا في عملية الإعداد للوطن ..
في مقهى في دمشق كنت ترى نفسك عاريا أمام يقين مدينة تهضم عريك .. بثيابك تشرب الأركيلة .. بثيابك تحتسي قهوتك .. و ترغمك ثيابك على خوض مغامرة مع أنثى عابرة خيل لك أنها رأتك أو ربما لم تتعمد ذلك .
قاسيون كان عذابنا .. حين أسمع باسمه يخدر جسمي و أصاب برعشة الخيبة .
رعشة أدمنها وطننا أربعين عاما و لما يزل تحكمه سياسة الأوقية الذكرية