Alef Logo
كشاف الوراقين
              

الديارات المؤلف : أبو الفرج الأصبهاني / ج2

ألف

خاص ألف

2015-01-19

دير الجماجم

دير الجماجم بالكوفة قال أبو الفرج: هو دير بظاهر الكوفة، على طريق البر الذي يسلك إلى البصرة، وفيه كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف، وبين عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. وذلك أن ابن الأشعث لما رأى كثرة من معه من الجيش بالبصرة، وقد نازله الحجاج بها، خرج يريد الكوفة، ورأى أن أهلها أطوع له من أهل البصرة، لبغضهم الحجاج، ولأنه يجد بها من عشائره ومواليه أنصاراً كثيرة. فسار إليها، وسايره الحجاج، فنزل ابن الأشعث دير الجماجم، ونزل الحجاج بإزائه بدير قُرّة، ووقعت الحرب بينهما، ثّم انهزم ابن الأشعث، فعاد إلى البصرة.
وقد ذكرت الشعراء دير الجماجم كثيراً.
قال جرير يهجو الفرزدق:
ألم تشهد الجونين والشِّعب والصفا ... وكراتِ قيس يوم دَيرِ الجماجمِ
تحرّضُ يا بنَ القين قيساً ليجعلوا ... لقومك يوماً مثل يوم الأراقمِ
بسيف أبي رغوان سيف مجاشعٍ ... ضربتَ ولم تضرب بسيف ابن ظالمِ
ضربت به عند الإمام فأُرعشتْ ... يداك وقالوا مُحدثٌ غيرُ صارمِ
وفي هذا الدير يقول الضحاك اليربوعي:
وإن يهلك الحجاج فالمصر مصرنا ... وإلا فمثوانا بدير الجماجمِ
وإن تخرجوا سفيان تخرج إليكم ... أبا حازم في الخيل شعث المقادمِ
وإن تبرزوا للحرب تبرز سراتنا ... مصاليت شوساً بالسيف الصوارمِ

سفيان هذا: هو ابن الأبرد الكلبي، وكان من فرسان الحجاج.

دير حزقيال

دير حِزقيال قال أبو الفرج: حدثني جعفر بن قدامة قال: قال شريح الخزاعي قال: اجتزت بدير حِزقيال، فبينما أنا أدور به، إذا بكتابة على إسطوانة فقرأتها، فإذا هي:
ربَّ ليلٍ أمدّ نَفَس العا ... شق طولاً قطعتُه بانتحابِ
ونعيمٍ كوصل من كنت أهوا ... تبدّلته ببؤس العِتابِ
نسبوني إلى الجنون ليُخفوا ... ما بقلبي من صَبْوة واكتئابِ
ليت بي ما ادّعوه من فقد عقلي ... فهو خيرٌ من طول هذا العذابِ
وتحته مكتوب " هويتُ فمنعتُ، وطردتُ وشرِّدت، وفُرِّق بيني وبين الوطن، وحُجبتُ عن الإِلف والسَّكَن، وحُبِستُ في هذا الدَّير ظلماً وعدواناً، وصُفِّدت في الحديد أزماناً:
وإني على ما نابني وأصابني ... لذو مرة باق على الحَدَثان
فإن تُعقبِ الأيامُ أظفرْ ببغيتي ... وإن أبقَ مَرميّاً بي الرَّجوانِ
فكم ميّتٍ همّاً بغيظٍ وحسرةٍ ... صبورٌ لما يأتي به المَـــــلَوانِ
قال: فكتبت ما وجدت، وسألت عن صاحبه، فقالوا: رجل هوى ابنة عمٍّ له، فحبسه عمّه في هذا الدير، خوفاً أن يفتضح في ابنته، فتجمع أهله، فجاءوا، فأخرجوه، وزوجوه بها كرهاً.

دير حنة - الأكيراح

دير حنة: بالاكيراح، بناحية البليخ.
وقد ذكر دير حنة أبو الفرج الأصفهاني وقال: ذكره أبو نواس في شعره، يعني في قوله:
يا دير حنَّة من ذات الاكيراحِ ... من يصحُ عنك فإني لستُ بالصاحي
يعتادُه كل مجفوٍّ مفارقه ... من الدِّهان عليه سَحْق أمساحِ
في فِتيةٍ لم يَدَعْ منهم تخوّفهمْ ... وقوعَ ما حذِروهُ غيرَ أشباحِ
لا يَدلُفون إلى ماء بآنيةٍ ... إلا إغترافاً من الغُدْران بالراحِ
قال: والاكيراح: بلد نزِه كثير البساتين والرياض والمياه.
قال: وبالحيرة أيضاً موضع يقال له الاكيراح فيه دير. والاكيراح قباب صغار يسكنها الرهبان. يقال للواحد منها: الكيرح.
وقد ذكر بكر بن خارجة هذا الدير أيضاً. فقال:
دع البساتين من آسٍ وتفّاحِ ... واقصد إلى الروض من ذاتَ الاكيراحِ
إلى الدساكر، فالدير المقابلها ... لدى الاكيراح من دير ابن وضاحِ
منازلاً لم أزلْ حيناً ألازمُها ... لزومَ غادٍ إلى اللذات روّاحِ
وبالحِيرة أيضاً موضع يقال له الاكيراح، وفيه دير بناه عبد بن حنيف من بني لحيان، الذين كانوا مع لخم، وملك الحيرة منهم ملكان، وأظنه الذي عناه بكر بن خارجة، لأنه كوفي في الشعر المتقدم إنشاده.
وفي هذه الاكيراح، يقول علي بن محمد العلوي، الحماني:
كم وقفةٍ لك بالخَوَر ... نق ما تُوازي بالمواقفْ
بين الغَدير إلى السدير ... إلى ديارات الأساقفْ
فمواقف الرّهبان في ... أطمارِ خائفةٍ وخائفْ
دِمَنٌ كأن رياضَها ... يُكسَين أعلامَ المطارفْ
وكأنما غُدرانُها ... فيها عُشُورٌ في المصاحفْ
تلقى أوائلها أوا ... خرها بألوان الرفارفْ
بحرية شتواتها ... بريّة فيها المصايف
درّية الحصباء كا ... فوريّة منها المشارف
باتت سواريها تمخض ... في رواعدها القواصف
وكأنَّ لمع بروقها ... في الجو أسياف المثاقف
ثم انبرت سحاً كبا ... كيةٍ بأربعةٍ ذَوارف
فكأنما أنوارُها ... تهتَزُ في الدرج العواصف
طُرَرُ الوصائف يلتفتن ... بها إلى طُرَر الوصائفْ
دافعتها عن دجنها ... بالقلّب البيض، الغطارفْ
يعبق يوم اليأ ... س شراً بين في يوم المتارفْ
سمح بحرّ المال وقّا ... فون في يوم المتالفْ
واهاً لأيام الشبا ... ب وما لبسن من الزخارفْ
وزوالهن بما عرفت ... من المناكر والمعارفْ
أيام ذكرك في دوا ... وين الصبا صَدر الصحائفْ
واهاً لأيامي وأيَّا ... م النقياتِ المراشفْ
والغارسات ألبان قُض ... باناً على كُثُبِ الرّوادفْ
والجاعلاتِ البدرَ ما ... بين الحواجبِ والسوالفْ
أيامَ يُظهرنَ الخلا ... ف بغير نيّات المخالفْ

وقف النعيم على الصِّبا ... وزللت عن تِلكَ المواقفْ
وقال أبو نواس:
دع البساتينَ من وردٍ وتفّاحِ ... واعدِلْ هُديتَ إلى دير الاكيراحِ
اعدِل إلى نَفَرٍ، دقّت شُخوصُهم ... من العبادة، إلا نِضوَ أشباحِ
يكرِّرون نواقيساً مرجَّعةً ... إلى الزَّبور بإمساءٍ، وإصباح
فعدّ سمعَك عن صَوتٍ تكرَّهه ... فلستُ تسمعُ فيه صوتَ فلّاحِ
إلا الدراسةَ للانجيلِ من كَثَبٍ ... ذِكرَ المسيح بابلاغٍ وإفصاحِ
يا طيبةً، وعتيقُ الراحِ تحفتُهم ... بكل نوعٍ من الطاسات رَحراحِ
يسقيكَها مُدمجُ الخصْرين، ذو هيَفٍ ... أخو مدارع صُوفٍ فوق أمساحِ
حكى أحمد بن عمر الكوفي، قال: كان بالكوفة رجل أديب ضعيف الحال يقبل مهما وقع في يده من شيء، أتي به دير حنَّة فيشرب فيه حتى يسكر، ثم ينصرف إلى أهله، ويقول: يعجبني من الغراب بكوره في طلب الرزق. وربما بات به، ويقول:
تطاولَ ليلُك بالزاويه ... وكان المبيتُ بها عافيهْ
ومن تحت رأسِك آجرةٌ ... وجنبك مُلقىً على باريهْ
وذلك خيرٌ من الانصراف ... فتحكُم فيك بنُو الزانيهْ
وتصبح إما رهين السُّجون ... وإما قتيلاً على ساقيهْ
قال: فوجد - والله - بعد أيام قتيلاً على ساقية! وهو القائل:
ما لَذةُ العيش عندي غيرُ واحدةٍ ... هي البكورُ إلى بعض المواخيرِ
لخامل الذكر مأمونٍ بوائقهُ ... سهلِ القياد من الفُره المدابيرِ
حتى يحلَّ على دير ابن كافرةٍ ... من النصارى يبيع الخمر مشهورِ
كأنما عَقَد الزُنّار فوق نَقا ... واعتمّ فوق دُجى الظَّلماء بالنورِ
وفيه قال الثروانيّ:
يومي بهيكل دير حنّة لم يزلْ ... غرُّ السَّحاب تجود فيه وتمرعُ
متجوشنٌ طوراً وطوراً شاهراً ... بيض السيوف وتارةً يتدّرعُ
وكذلك قال فيه بكر بن خارجة الكوفي:
ألا سُقي الخورنق من محلٍّ ... ظريفِ الروض مَعشوقٍ أنيقِ!
أقمتُ بدير حنَّتهِ زماناً ... بسُكرٍ في الصَّبوح وفي الغُبُوقِ
ومنّا لابسٌ إكليل زهرٍ ... ومختضبُ السوالف بالخَلُوقِ
كأن رياضَه حُسناً ونَوراً ... سحائب ذُهّبت بسنا البروقِ
كأن تقاطر الأشجار فيه ... إذا غِسَق الظلامُ، قِطارُ نُوقِ
وماذا شِئتَ من دُرّ الأقاحي ... هناك ومن يَواقيتِ الشَّقيقِ

دير حنة بالحيرة

دير حنة: في الحيرة قال أبو الفرج: هو دير قديم بناه حي من تنوخ، يقال لهم بنو ساطع، تحاذيه منارة عالية كالمرقب، تسمى القائم، لبني أوس بن عمرو، ثم لبطن منهم يقال لهم، بنو مبرق.
وكان فتيان الحيرة يألفونه ويشربون فيه، وإياه عنى الثرواني بقوله:
يا دير حنة عند القائم الساقي ... إلى الخورنق من دير ابن براقِ
ليس السلّو )وإن أصبحتُ ممتنعاً ... من بغيتي فيك( من شكلي وأخلاقي
سقياً لعافيك من عافٍ معالمه ... قفر وباقيك مثل الوشي من باقي
دير حنة: ذكره أبو نواس:
يا دير حنة من ذات الاكيراح ... من يصحُ عنك فإني لست بالصاحي
وذكر أبو الفرج بن الأصفهاني في كتاب " الديارات " : حنَّة، وأنه غير الذي ذكره أبو نواس، وذكر أن الثرواني قال فيه:
يا دير حنّة عند القائم الساقي ... إلى الخورنق من دير ابن برّاق

دير حنظلة الطائي

دير حنظلة الطائي: بالجزيرة قال أبو الفرج: حدثني هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعي قال حدثني الرياشي: حدثني أبو المحلّم: دير حنظلة بالجزيرة.
نُسب إلى رجل من طيء يقال له حنظلة بن أبي عفراء بن النعمان ابن حية بن سعنة بن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هني بن عمرو بن الغوث بن طيء.
وحنظلة هو عم إياس بن قبيصة بن أبي عفراء الذي كان ملك الحيرة ومن رهطه أبو زبيد الطائي الشاعر، وكان من شعراء الجاهلية، وكان قد نسك في الجاهلية وتنصر وبنى هذا الدير فعرف به إلى الآن.
وحنظلة هذا هو القائل:
ومهما يكن ريبُ الزمان فإنني ... أرى قمرَ الليل المغرّب كالفتى
يهلُّ صغيراً ثم يعظم ضؤوه ... وصورتُه، حتى إذا ما هو استوى

وقرّب يخبو ضوءه وشعاعه ... ويمصحُ حتى يستسرّ فلا يُرى
كذلك زيدُ الأمر ثم انتقاصُه ... وتكرارُه: في دهره بعدما مضى
تُصبّح أهل الدار ... والدارُ زينةٌ وتأتي الجبالَ من شماريخها العُلى
فلا ذا غِنى يرجئن عن فضل ماله ... وإن قال أخّرني وخذ رِشوةً أبى
ولا عن فقير يأتخرن لفقره ... فتنفعه الشكوى إليهنّ إن شكى
حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه حدثني أبو نجاح قال: كنت مع عبد الله بن محمد الأمين وقد خرج إلى نواحي الجزيرة. وكانت له هناك ضياع كثيرة حسنة، فاجتزنا بدير حنظلة هذا، وكانت أيام الربيع، وكانت حوله من الرياض ما ينسي حلل الوشي، وبسط خضرة وزهر، فنزلنا فيه وبعث إلى خمار بالقرب من الفرات، فشربنا وكان عبد الله حسن الصوت، حاذقاً بالغناء والطرب، ظريفاً كاملاً فقال:
ألا يا ديرَ حنظلة المفدّى ... لقد أودعتني تعباً وكدّا
أزفّ من العقار إليك زقّاً ... وأجعل فوقه الورق المندّى
وابدأ بالصّبوح أمام صحبي ... ومن ينشط لها فهو المفدّى
ألا يا دير جادتك الغوادي ... سحاباً حمّلت برقاً ورعداً
يزيد بناءك النامي نماءً ... ويكسو الروض حُسناً مستجدّاً
فاصطبحنا فيه عشرة أيام، وعبد الله ومن معنا من المغنين يغنّوننا. ولعبد الله في هذا الشعر لحن من خفيف الرمل، مليح.
وفي هذا الدير يقول الشاعر:
طرقتك سُعدى بين شطيّ بارقِ ... نفسي الفداءُ لطيفها من طارق
يا دير حنظلة المهيّج لي الهوى ... هل تستطيع دواء عشقِ العاشقِ

دير حنظلة اللخمي

دير حنظلة اللخمي: في الحيرة قال أبو الفرج: ومن ديارات بني علقمة بالحيرة، دير حنظلة بن عبد المسيح بن علقمة بن مالك بن ربّى بن نمارة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرة بن أدد.
وُجد في صدر الدير مكتوب بالرصاص في ساجٍ محفور: " بنى هذا الهيكل المقدس، محبة لولاية الحق والأمانة، حنظلة بن عبد المسيح، يكون مع بقاء الدنيا تقديسه، وكما يذكر أولياؤه بالعصمة، يكون ذِكر الخاطئ حنظلة " .
وفيه يقول بعض الشعراء:
بساحة الحيرة دير حنظلةْ ... عليه أذيالُ السرور مُسْبَلَهْ
أحييتُ فيه ليلةً مُقْتَبله ... وكأسُنا بين النَّدامى مُعْملهْ
والراحُ فيها مثلُ نارٍ مُشْعَلهْ ... وكُلنا مُستنفِدٌ ما خُوِّلهْ
فيها يلذُّ عاصياً مَن عذَلَه ... مُبادراً قبل يُلاقي أجلَه.



نهاية الجزء الثاني

ألف / خاص ألف/

يتبع ...



















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow