Alef Logo
يوميات
              

رجل من الزمن الحاضر الجزء الأخير

ناديا خلوف

خاص ألف

2015-06-22

6

في العصر الحالي تغيّر كلّ شيء ، العالم يحثّ خطاه باتجاه تمزيق المقدّسات كي ينفذ إلى الجهة الأخرى.

ما الذي يجري يا شلاش. لا أرى غيرك بين المقدّسات. جرى هذا دون علمي.

تعبدّت في محرابك كي تنقذني برؤيا منك. لم تزر المحراب مع أنّ صورتك وسطه نركع أمامها.

يمكن إعادة الأمور إلى سابقتها.

التّجربة تأخذني إلى العلن، أفاوض على وجودي.

وأحتمي منه به، أصبح مثل رباب ربّة البيت، أقتني خمس دجاجات.

الحمد لك يا رب. خمس دجاجات تكفينا.

لو أطعمت خمس دجاجات، وجلبت لهم ديك حسن الصّوت ، لأصبح إنتاجنا بعد عدة أشهر يكفينا.

لا فائدة من الكسل، سأذهب لأجمع للدّجاجات الحبّ من حول البساتين القريبة.

.. .


لو طنت أملك قطعة أرض صغيرة، وثلاثة أغنام ، وبئر ماء ، لكنت زرعت الرّيحان هنا وهناك خضار الصيف، وتخلّصت من هذا الصّمت

أقتني كلباً وحصاناً.

ليته لا يكون حلماً!

لو لم أستيقظ لكانت أموري بخير

الفارق بين هنا وهناك عدّة أسفار من الرّحيل، تغير نبض قلبي، طريقة حبيّ ، أصبحت أنظر للأمور بمنظار النّضج، وأصبح الصفر أكبر علامة إيجابية أسعى إليها.

وضعت عدّة أصفار في علم الحساب، لم أكن أعرف أنّ النتيجة نفسها.

كتلة من الأصفار تساوي صفراً في الجمع، والضرب، والتّقسيم.

شلاش هو من عالمي اليوم. ابني غادرني إلى مكان بعيد، حلّ محلّه زوجي.

يوحي لي أنّه عاجز عن الإلمام ، أرى نفسي مولعة بالتّطوع لتلبية رغباته في ملئ معدته. أفكر أحياناً أن أجعله يموت من الجوع.

الصفر يقفز محرّضاً لي على الصّعود.

أربط شالي على خصري. أرقص على موسيقى الوجود.

ابتسم للنّهار، تثور البراكين، أسمع حفيف أوراق الشّجر.

لم أكن أعرف أنّ المكان مناسب، أختبئ في ليل فصير.

تصرخ في داخلي ابنة العشرين: أنا الدنيا.

أنطلق مع الطّيور. أسابقها.

أتعب من الدّوران حول نفسي، يسقط شالي من على خصري.

أتكوّم وحيدة بين الزّهور

حيارى نقيم على مفترق طرق

نقبل ، ونقبل إلى أن تصيبنا التّخمة .

اليوم هو البارحة بتوقيع جديد، قلوبنا تركض قبل أن تسقط، نركض خلفها.

. . .

نحن في عصر الغيت فيه حدود العالم -أعني الحدود الجمركية-

في عصر المعلومة. نعم لدي جهاز تلفزيون أسود وأبيض يتابع زوجي من خلاله أخبار العالم، ينهض ويجلس، يشتم الرؤساء، والأشخاص ثم يطلب مني كأس شاي ليكمل السّهرة على الجدل البيزنطي.

نحن في عصر السّرعة، ويومنا طويل يحلّ الليل والنهار عدة مرّات به.


عندما ينتهي حبيبي من مشاهدة البرامج الحواريّة السّياسيّة، يفتح على قناة العلاج بالسّحر، أستيقظ بعد منتصف الليل، أكون قد أخذت قسطي من النوم، أرغب أن أسمع بعض الأغاني، أراه يشخر على الأريكة والتلفاز يصدح بتأوّهات ، لم أر تلك المناظر في حياتي. أصبحت أراها في أحلامي.

. . .

أعتقد أنّك نبيه جدّاً تحاول أن تسيطر على عقلي من جديد، ترغب أن أصرف كل وقتي لإرضائك كما كنت أفعل في الماضي. ألا تدري أنّك عبء عليّ.

عندما يحين وقت الطّعام تتأهب كمن يتأهب لحرب، تنسى مرضك الموهوم، ولا تسأل من أين أتيت به. ألا يخامرك الشّك؟

لا أعرف لماذا لم أتخلّ عنه.

ترك نوافذي مفتوحة ، رجفت خوفاً من صرير الريح.

هل لو عاد الزمن إلى الوراء لفعلت ما أفعل؟

الفراغ يقيم مع وحدتي، يعطيها جرعات من الوقت.

النّهار يعانق الليل، أنظر كأبله لما يجري مع الزمن

أعود إلى تلك الزاوية الأزليّة حيث يتكوّم النور، والظلمة في أكداس قربي.

السرير عالم بحد ذاته ، يه تصارع الخير والشّر، لا أعر من انتصر.

شلاش ليس غبياً، هو يمتّص ضوء النهار ، يحجبه عنّي، أستجيب لجميع حركاته المدروسة كي أتفرّغ منه للحياة، أراني محاصرة بالوقت، كأنّ عشرة أطفال في عالمي.

لم يعد يعنيني أمره، أصبح على هامش حياتي، كلّ ما في الأمر أن مملكتي هنا

الغيوم التي تجلب المطر إلى بحري تتعب نفسها.

جرى حديث بيننا:

لا أحتاج بعد اليوم لصوت البرق والرّعد

تنازلت عن عرشي.

لا أرغب أن أكون آلهة الخصب، ولا المطر.

توقف أيّها الزّمن!

أقف دقيقة أمام نفسي، أنحني أمامها احتراماً لي

أحدّثها عن بدء جديد، العيش لدقيقة حياة طبيعيّة.

اليوم اختليت بذكائي.

عاتبته : لماذا جعلت الغباء ينتصر، بلدت إحساسي؟

كنت أيّتها المرأة مسؤولة عمّا جرى لك.

لماذا سمحت لشخص ما أن يجعل حياتك تحت مرآته.

هذه خلاصة عملي .

لم أصنع مملكتي، ولم أحفر قبري .

. . .

كلما تحدّث لي شلاش عن عظيم سمع عنه، أشعر بالمغص

في المدرسة الابتدائية كنت أغشّ في درس التّاريخ، لم أستطيع أن أحفظ أسماء جميع الأبطال .

لا تحتفظ ذاكرتي بالزّيف، تحوّل المعاني.

تسمي الانتصار انكساراً، والصدق كذباً، وحلف اليمين زوراً وبهتاناً. والخليفة العادل هو الخليفة الظالم، والعقيدة السّمحة هي القاتلة ، أهرب منها كي لا يزلّ لساني بكلمة حقّ، تجعلني أندم .

تباً لذاكرتي أفقدتني طعم أيام لا تنسى.

لا أعرفها. هم يسمونها هكذا، لم يعلق في ذهني يوماً منها.

أصبحت شريرة، كلما قام شلاش بحركة أخرج إلى أمام منزلنا كي أضحك

أشعر تجاهه بعاطفة الأمومة، وأتمنى أن أربّيه، أعني أن أعيد تربيته.

أستطيع المغادرة وضميري مرتاح.

لازلت قادرة على إيجاد شلاش الثاني.

فضلت ان يكون الأول هو رباط وهمي مسجّل في الدوائر الرّسمية.

قد نصل إلى يوم يوسم فيه الرّجل بوشم، وهكذا لا نعرفه. اسم شلاش مناسب.

يمكن للوشم أن يكون شلاش واحد، اثنان، مئة ألف كلّهم شلاش.

تباً لذهني كم هو شريّر. أضحك مع نفسي عندما أفكر بهذا، أخشى أن يتّهمني أحد بالجنون .

. . .

الحياة محطّة انتظار. ننتظر الليل كي نحلم، نكمل الحلم في النّهار.

منامات تشبه كوابيس مستمّرة، نسميها أحلاماً.

نتابعها، نفقد الأمل فيها، نهرب إليها نعانقها، تصبح عالماً كاملاً.

في تلك الأحلام التي تراودني في عزّ الظهيرة شخص من تطبيقي.

إنه الحاج خرفان. صورته لا تفارقني.

قال أنّني لا أعرف قيمة نفسي، كمن ينتحر عمداً.

لماذا يا خرفان؟

ومن ماذا يشكو شلاش؟

يشكو من كلّ العلل، صبيّة جميلة مثلك تستحق أن ينحني لها.

كأنني سمعت هذا الكلام من قبل وتعلّقت به. لا أعرف ممن سمعته، لكنه كلام يروق لي، أقنعت نفسي أنّني لا أعرف ممّن سمعته. سمعته من شلاش في بدء مشوار حبّه.

أسندت رأسي إلى كتفه، كما أسندت رأسي إلى كتف شلاش سابقاً، كان يمرّر أصابعه بين خصلاته. نمتُ على وقع الحب.

تعوّدت على خرفان. نطق بالحقيقة. لماذا أدفن حاجاتي، ورغباتي ألست بشراً.

أحضن وسادتي في كل يوم أرحل مع خرفان.

إلى أن أتى ذلك اليوم. اكتشفت أن خرفان متزوج من أخرى. صنعت له حفرة في حديقتي، بكيت عليه ، دفنته، لم أعد أره. انتهى الحلم. أنا وشلاش قدر ومكتوب.

لو استطعت أن أكون حقيقيّة.

. . .

أحتاج فقط لمساحة صغيرة. قطعة أرض في مكان ما من العالم. كوخ يحمي من تقلبات العمر، وبضع حيوانات من بينها كلب أبيض صغير.

لو امتلكت مساحة صغيرة من العمر، ومن الوقت، لعملت على مدار اليوم، ووضعت صورتك في صدر المنزل. وعندما يصبح شعري أبيض. تغني أمام جمهور ينظر إلينا. تنظر إليّ: تعني الكثير لي. هذه المرأة أحبها!

نستطيع فعل ذلك. نحتاج لمن يسحبنا من هذا الزّيف الكبير.

لو استطعت أن أعود من عالم الزّيف، لصنعت لأولادي ملعباً يحملهم متعبين إلى النوم، وعلى شفاههم ابتسامة الرّضا.

لا يحتاج الأمر للكثير. سهل، ومستحيل.




































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow