Alef Logo
دراسات
              

مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي / إعداد : ليث زيدان

ألف

2017-09-23

المقدمة :

كنت في إحدى الليالي اتصفح كتيب صغير صادر عن برنامج الماجستير في الديمقراطية و حقوق الإنسان في جامعة بيرزيت ، و استوقفني سؤال تحدث عنه الدكتور نصير عاروري الذي قال بان الديمقراطية جاءت لتجيب على سؤال هو :- من الذي يجب أن يحكم ؟ فوقفت عن القراءة لفترة وجيزة قبل أن استشعر ما يحمله هذا السؤال من معنى و ما يحتويه من عناصر ، ففي هذا السؤال نستخلص عنصرين أساسيين هما الحاكم الذي سيحكم والمحكومين الذين سيخضعون للحكم ، وهذين العنصرين يشكلان بطبيعة الحال الشعب أو هيئة المواطنين ، فالحاكم بالتأكيد مواطن من هيئة المواطنين وسيخرج من بينهم ويحكم بناءاً على اختيارهم في ظل عملية ديمقراطية حقيقية ، وكنتيجة منطقية أستطيع القول بان عصب العملية الديمقراطية يتمثل بهيئة المواطنين ، فمن خلالهم تتم العملية الديمقراطية ، واليهم تصب هذه العملية ، وبدونهم لا معنى للديمقراطية ولا يمكن تحقيقها ، فمن خلال هيئة المواطنين يتم اختيار النظام الذي سيحكمهم و اختيار الشخص الذي سيحكمهم و يمثل مصالحهم و من خلالهم تتم المشاركة الفعالة في إدارة الحياة العامة واتخاذ القرارات التي تشكل بجملها المعنى الحقيقي للديمقراطية ، فبدون الاعتراف بهيئة المواطنين وبأهمية دورهم يكون الحديث عن الديمقراطية كما الحديث عن العنقاء ذلك الطير الخيالي و تكون نسيج من الأوهام وشعارات لا يراد بها سوى تحقيق مصالح الفئة الحاكمة و المستفيدة التي تسعى بالدرجة الأولى إلى أن تستمر في حكمها بدون منازع ، لذا فأنا اعتقد بان مفهوم المواطنة الذي تستمد منه هيئة المواطنين في أي مجتمع قوتها ووجودها هو الركيزة الأولى والمبدأ الأساسي لأي نظام يعتبر نفسه ديمقراطياً وبدونه لا تتحقق الديمقراطية بمفهومها الحقيقي .

** فرضية الدراسة :

من خلال ما تقدم أرى بان مفهوم المواطنة الذي يكون هيئة المواطنين هو أساس العملية و لبنتها الأساسية ، ولكن هل يولد الإنسان مواطناً ؟ ومتى يصير الفرد مواطناً مستنيراً ؟ فعلى الرغم من ان المواطنة لا تعتمد على مبادئ عامة و على الرغم من انها لا تحمل معناً واحداً ثابتاً متفقاً عليه ، إلا أنها تحتوي على مبدأ أساسي وعنصر حيوي هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون التربية المواطنية ، فهي ضرورية لتحقيق مفهوم ومعنى المواطنة الحقيقية وبدونها يبقى الفرد مواطناً تابعاً ليس اكثر ، فالمواطنة لا تعرف كجوهر بقدر ما تمارس على ارض الواقع فكيف لها أن تتحقق بدون فهم واضح لمعناها وما يترتب عليها ، وبالتالي كيف لها أن تتحقق بدون التربية المواطنية ! و هذا كله يجعلني اسأل سؤالي الأخير و هو عقدة الفرضية ، ما الذي يجعل التربية مهمة لتحقيق المواطنة ؟

أهمية الدراسة :

تنبع أهمية هذه الدراسة من الأهمية الخاصة التي يتمتع بها مفهوم المواطنة الذي يعتبر أساس الديمقراطية ، فطالما ان قلب الديمقراطية تكمن في مشاركة هيئة المواطنين في صنع القرارات الحكومية و طالما ان روح الديمقراطية تكمن في مقدرة المواطنين العاديين على محاسبة مسؤولي الحكومة على أعمالهم . فكيف يمكن حماية قلب الديمقراطية بدون تحقيق و فهم المواطنة داخل المجتمع بشكل حقيقي وفعال ؟

لذلك رأيت أن الحديث عن مفهوم المواطنة يجب أن يسبق الحديث عن الديمقراطية كمفهوم لان الديمقراطية لا يكمن زراعتها في مجتمع ما بدون فهم واضح وتطبيق عملي لمبدأ المواطنة داخل هذا المجتمع ، فكيف يمكن ان تكون هنالك ديمقراطية بدون مواطنين وبالتالي بدون مواطنة؟ فالديمقراطية تصبح حقاً مكتسباً فيما لو تحققت مبادئها داخل المجتمع ، وفي نفس الوقت كيف يمكن الحديث عن مواطنة داخل مجتمع معين بدون فهم حقيقي لما تحمله هذه الكلمة من معنى وما يترتب عليها من حقوق وواجبات وما ينتج عنها من تحقيق لمبادئ أخرى داعمة للديمقراطية مثل الحقوق والحريات المدنية ومبدأ المساواة وغيرها من المبادئ وهنا تبرز أهمية هذه الدراسة .

هدف الدراسة وأسلوبها :

تهدف هذه الدراسة إلى بيان المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة و التعرف على الاساس الذي يعتبر الفرد مواطناً في الدولة ، و الحقوق والواجبات المترتبة على المواطنة و العلاقة بين التربية والمواطنة بحيث يتم التوصل الى فهم واضح للمعنى الحقيقي للمواطنة وترسيخها بداخل النفس وهذا الفهم الواضح للمواطنة سيؤدي بالضرورة إلى أن يكون هنالك مصالحه مع الذات أولا ومصالحه مع الآخرين ثانياً وتحقيق الانتماء الوطني .

سأستخدم في دراستي هذه الأسلوب التحليلي المنطقي الذي آمل آن يؤدي إلى فهم واضح لهذه الدراسة .

- اود أن أشير أنني عندما اتحدث عن الدولة في هذه الدراسة ، انما اقصد بها دولة مستقلة السيادة ، حرة ، قرارها بيدها بدون تدخل اجنبي ولا باي شكل من الأشكال ، فأنا اتفق تماماً مع الدكتور محمد حسنين هيكل عندما قال بان " ليس هناك ديمقراطية في وطن اذا كان الوطن نفسه يفتقد حريته " (1)

مخطط الدراسة :

تتكون هذه الدراسة من فصلين ، يتحدث الفصل الأول عن مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي من خلال تعرضه للمحة تاريخية عن مفهوم المواطنة ، و الحديث عن مفهوم المواطنة من خلال تعريف المواطنة و معنى المواطنة وما يترتب عليها والأسس التي تقوم عليها المواطنة و الكيفية التي من خلالها تمنح المواطنة ، الحقوق الأساسية للمواطنة الديمقراطية ، والواجبات الأساسية المترتبة على المواطنة الديمقراطية ، ويتحدث الفصل الثاني عن التربية و علاقتها بتحقيق معنى المواطنة من خلال الحديث عن تعريف التربية المواطنية ، والذي يجعل التربية مهمة لتحقيق المواطنة وشروط التربية المواطنية . يتبع بعد ذلك خلاصة لهذه الدراسة وخاتمة

(1) اشكاليات تعثر التحول الديمقراطي في الوطن العربي / مؤسسة مواطن ص11

تعريف المصطلحات الواردة في الدراسة :

* الديمقراطية : نظرية سياسية تكون بموجبها الحكومة منتخبة من الشعب انتخاباً مباشراً او غير مباشر ، مع إجراء انتخابات حرة بصورة متواصلة ، وتكون الفرصة متاحة امام جميع المواطنين للمشاركة فيها (1)

والنظام الديمقراطي نظام سياسي تكون الفرصة فيه للمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية العامة متاحة أمام جميع المواطنين البالغين السن القانونية .

* الدستور : القانون الاسمي الذي يحدد المبادئ الأساسية العامة المتعلقة بالسلطة السياسية و نظام السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وحقوق الدولة والأفراد (2)

* الدولة :- تجمع بشري يقيم على وجه الدوام بنية الاستقرار فوق إقليم معين وتقوم بينهم سلطة سياسية تتولى تنظيم العلاقات داخل هذا المجتمع .كما تتولى تمثيله في مواجهة الآخرين (3)

* القانون :- مجموعة القواعد والأنظمة والتعليمات الصادرة عن الدولة او الهيئات الرسمية لتنظيم العيش ، وتحكم سلوك الأفراد في المجتمع الذين يتعين عليهم احترامها والالتزام بها و الخضوع لها (4)

* قانون الأرض :- وهو القانون الذي يعطي الفرد الحق في الحصول على جنسيته بموجب مكان ولادته بغض النظر عن الجنسية التي يحملها والداه (5)

* قانون الدم :- وهو القانون الذي يعطي الشخص الحق عند الولادة في الحصول على جنسية والده (6)

* التربية :- هي عملية ذات مضمون ومنهج . آما المضمون فهو" المعرفة " و " كل ما هو ذو قيمة " في حين أن المنهج يجب ان يتيح لمتعلم ان يدرك (يفهم ) ما يتعلمه . (7)

* المواطن :- هو الإنسان الذي يستقر بشكل ثابت بداخل الدولة أو يحمل جنسيتها ويكون مشاركاً في الحكم ويخضع للقوانين الصادرة عنها فيتمتع بشكل متساوي مع بقية المواطنين مجموعة من الحقوق ويلتزم بأداء مجموعة من الواجبات اتجاه الدولة .

_____________

(1) المدخل إلى النظام السياسي الأردني د. محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص441

(2) نفس المرجع السابق ص439

(3) التنظيم الدولي د. محمد سعيد الدقاق ص43

(4) ًالمدخل إلى النظام السياسي الأردني د.محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص 444

(5) السياسة نظريات ومفاهيم د. محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص 195

(6) نفس المرجع السابق ص195

(7) التربية و الديمقراطية د. رجا بهلول ص 27

الفصل الأول :- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي

اولاً :- لمحة تاريخية عن مفهوم المواطنة :-

يعتبر تاريخ مفهوم المواطنة قديماً يعود إلي زمن الديمقراطية المباشرة الإغريقية التي تعتبر أساس ديمقراطية عالم اليوم ، حيث يرجع أصل استعمال مفهوم المواطنة الى الحضارتين اليونانية والرومانية ، فقد استعملت الألفاظ civis ( المواطن ) civitas ( المواطنة ) في هاتين الحضارتين لتحديد الوضع القانوني والسياسي للفرد اليوناني والروماني .

كانت الديمقراطية اليونانية القديمة مبنية على أساس أن المدينة تحكم من اجل الأكثرية والحرية هي مبدأ الحياة العامة وكانت الحكومة اليونانية في طابعها دولة مدنية ، وكانت الروابط بين المواطنين فيها وثيقة بدرجة كبيرة بسب القرابة والصداقة والجيرة التي كانت تجمعهم ،واشتراكهم في الحياة العامة اليومية ، وكانت تجمعهم لغة واحدة ودين عام ، و كانت تجمعاتهم ومباحثاتهم تتم في ساحة السوق وبالتالي كان المواطنين يقضون معظم وقتهم في المدنية وهذا كله أدى إلى أن يكون ولاء المواطن اليوناني لدولة المدينة وليس لمجموعة معينة أو لعائلته أو لعشيرته أو لبلدته . كانت المواطنه اليونانية حقاً وراثياً محصوراً في أبناء أثينا من الرجال ولم تكن الإقامة مؤهلاً يعتد به لنيل حق المواطنة فقد استثني من حق المواطنة الغرباء المقيمين والأطفال والنساء والعبيد المحررين وغير المحررين فقد كانوا جميعاً محرومين من الحق في المواطنة لذلك كان عدد المواطنين من سكان اثينا الذين كانوا يبلغون ما بين 300 ألف _ 400 ألف رجل ، كان عدد المواطنين منهم يتراوح ما بين 20 ألف _ 40 ألف رجل فقط كانت المواطنة في الدولة الاثينية اكبر من مجرد حق في الاقتراع فقد كانت مسؤولية تتضمن حق المشاركة في حكم المدينة اليونانية بشكل فعلي ،أو على الأقل حضور الاجتماع الذي كان يعقد في المدينة للتباحث في شؤون الحياة العامة (1)

وبالنظر إلى طبيعة عمل الديمقراطية المباشرة التي كانت سائدة في المجتمع اليوناني القديم نجد ان المواطنين تمتعوا بحقوق عديدة بشكل متساوي ، فكان هنالك مساواة بين المواطنين جميعاً في الحق في المشاركة في عمليات الحكم و الحق في عضوية عدد من الهيئات الحاكمة في المدينة الاثينية وهي جمعية المواطنين و المجلس والمحاكم ، ففي جمعية المواطنين التي كانت تمثل السلطة العليا التي تمثل إرادة الشعب وتقوم ببحث مسائل السياسة الداخلية والخارجية واتخاذ القرارات والإشراف على الإدارة والقضاء ، وكان يحق لكل اثيني رجل تعدى الثلاثين من عمرة - وهو سن الأهلية في ذلك الوقت - أن يحضر الاجتماع وله حرية الكلام فيها والتعبير عما يجول في خاطرة والمناقشة في جدول الأعمال المطروح بكل حرية ، وكذلك في المجلس وهو القوة

(1) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص 32

التنفيذية أو اللجنة الموجهة ويضع لجمعية المواطنين جدول أعمالها وينظم عملها ويشرف على العمل الإداري وكان يتألف من خمسمائة عضو يختارهم المواطنون سنوياً بالقرعة من أقسام اثينا المختلفة بحسب حجمها ويجب أن يكون العضو اثيني رجل تعدى الثلاثين من عمره ولا يسمح بالخدمة لاكثر من سنتين وأما المحاكم ( هيئة المحلفين ) فقد كانت مؤلفة من ستة آلاف من المواطنين يختارون سنوياً بالقرعة ، هذا بالإضافة إلى عشرة جنرالات تنتخبهم هيئة المواطنين جمعياً لقيادة الجيش والأسطول والأشراف على الدفاع والسياسة الخارجية بصورة عامة ولا يحتلون مناصب مدنية (1 )

مما تقدم نلاحظ انه على الرغم من قصور مفهوم المواطنة على أبناء اثينا من الرجال واستثاء الفئات الأخرى التي تم ذكرها سابقاً وعلى الرغم من عدم تغطية مفهوم المواطنة لبعض الجوانب مثل المساواة الاجتماعية مثلاً ، على الرغم من ذلك كله فقد تحققت المساواة السياسية على قاعدة المواطنة بين من تم اعتبارهم مواطنين حسب مفهوم المواطنة الاثينية ، بمعنى أن المواطنين جميعاً كانت لهم الحقوق والواجبات السياسية نفسها ، والمساواة في تولي الوظائف العامة ، ولم تكن هذه الحقوق مجرد حقوقاً نظرية بل كانت مطبقة بالفعل على ارض الواقع ولم تكن الوظائف السياسية وقفاً على أصحاب الثروات ومالكين الأراضي ، واصحاب المكانه الاجتماعية ، فقد كانت حقاً لابسط مواطن اثيني وعلى الرغم من توفر المساواة السياسية إلا أن المساواة الاجتماعية لم تكن متوفرة بين جميع المواطنين في المجتمع الاثيني القديم ، فكانت هناك طبقات متفاوتة في المجتمع اليوناني هذا بالإضافة الى وجود طبقة العبيد على الرغم من أنه لم يكن هناك عزل اجتماعي بين الأحرار والعبيد .

تطور مفهوم المواطنه في ظل الإمبراطورية الرومانية بعد أن كان حقاً وراثياً لابناء روما وذلك بعد صدور مرسوم إمبراطوري باسم consitutio Antoniniana في سنة 212 ميلادية حيث توسع حق المواطنة بحيث شمل جميع أراضي الإمبراطورية الرومانية واقطارها وحصل سكانها من الذكور باستثناء العبيد على حق المواطنة الرومانية (2) وبعد ذلك تراجع مفهوم المواطنة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ، وفي فترة الإقطاع وحتى نهاية العصور الوسطى التي امتدت بين 300_ 1300 ميلادية ، كانت المواطنة في أوربا حقاً محصوراً لما لكي الاراضي وبحسب الوضع الاجتماعي والسياسي للفرد .

تطور مفهوم المواطنة بعد ذلك لتأثره بحدثين مهمين هما إعلان استقلال الولايات المتحدة في عام 1776 ، والمبادئ التي أتت بها الثورة الفرنسية في عام 1789 فكانا نقطة تحول تاريخية في

(1) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص 36

(2) ما هي المواطنة ، نبيل الصالح ص 17

مفهوم المواطنة من خلال ما جاء به إعلان الاستقلال من ان الناس جميعاً ولدوا متساوين وان لهم حقوقاً أصيلة فيهم منذ خلقهم وان الشعب هو صاحب السيادة وهو ما جاءت به مبادئ الثورة الفرنسية ، فاصبح أساس مفهوم المواطنة مبني على فكرة الشعب صاحب السيادة ، وفكرة وجود حقوق أساسية للفرد كأنسان أولا وكمواطن من أبناء الشعب ثانياً .

بقي مفهوم المواطنة في تطور مستمر خلال القرون السابقة منذ نهاية القرن الثامن عشر الى وقتنا الحاضر ، وكان تطوره متزايداً على اعتبار ان الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ووجود حقوق أساسية للإنسان فاصبح مفهوم المواطنة حقاً غير منازع فيه ، وامتد ليشمل فئات مواطنين لم تكن تتمتع بحق المواطنة مثل النساء ، فاصبحن يتمتعن بحق المشاركة السياسية في اتخاذ القرارات الجماعية إلا أن ذلك لم يكن إلا في القرن العشرين ففي بريطانيا لم تحصل النساء على حق الانتخاب إلا في عام 1929 وفي فرنسا في عام 1945 . وتعددت أبعاد مفهوم المواطنه فشملت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ولم تقتصر على الجوانب السياسية والقانونية (1).

ثانياً : مفهوم المواطنه :

لتحديد مفهوم المواطنه يجب ان اشير الى :

1- تعريف مفهوم المواطنة . 2. معنى المواطنة وما يترتب عليها .

3.الأسس التي تقوم عليه المواطنة . 4. في كيف تمنح المواطنة .

(1) تعريفات لمفهوم المواطنة :

المواطنة كلمة عربية استحدثت للتعبير بها عند تحديد الوضع الحقوقي والسياسي للفرد في المجتمع ، ففي اللغة المواطنة ( المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله ) حسب ابن منظور في لسان العرب (2) ، فالمواطن حسب هذا التعريف هو الإنسان الذي يستقر في بقعة ارض معينة وينتسب إليها ، أي مكان الإقامة أو الاستقرار أو الولادة أو التربية .

عرفت دائرة المعارف البريطانية المواطنة ( citizenship ) بأنها (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة ، والمواطنة تدل ضمناً على مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات ، وهي على وجه العموم تسبغ على المواطنة حقوقاً سياسيةً مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة) .

وعرفت موسوعة الكتاب الدولي المواطنه بانها ( عضوية كاملة في دولة او في بعض وحدات الحكم ، وان المواطنين لديهم بعض الحقوق ، مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة وكذلك عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن بلدهم )

وعرفت موسوعة كولير الأمريكية بأنها (اكثر أشكال العضوية في جماعة سياسية اكتمالاً ) (3)

(1) المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي ، د.علي الكواري ص 117 مجلة المستقبل العربي

(2) المواطنية في التاريخ العربي الإسلامي ، د. هيثم مناع ص 5

(3) المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي ، د. علي الكواري ص 118 مجلة المستقبل العربي

لم تُميز موسوعة الكتاب الدولي وموسوعة كولير الأمريكية بين مصطلح المواطنة ومصطلح الجنسية كما فعلت دائرة المعارف البريطانية ، فالجنسية وان كانت مرادفة للمواطنة فهي تعطي امتيازات خاصة مثل الحماية خارج الدولة وبطاقة لتعريف بشخصية الفرد وهوية رسمية له عندما يخرج من حدود بلده . استطيع القول انه من خلال هذه التعريفات اجد ان المواطنة رابطة قانونية قائمة بين الفرد ودولته التي يقيم فيها بشكل ثابت ويتمتع بجنسيتها على اساس جملة من الواجبات والحقوق فهي - أي المواطنه - مجموعة من العلاقات المتبادلة بين الفرد والدولة وبين الأفراد بعضهم ببعض قائمة على اساس ما يسمى بالحقوق والواجبات وهي التي يحددها القانون الأساسي ( الدستور ) وبالطبع في ظل نظام ديمقراطي حقيقي ، هيئة المواطنون أو الشعب هو الذي يقر الدستور باعتباره الوثيقة الأساسية التي بمقتضاها يتم الحكم.

2- في معنى المواطنه وما يترتب عليها : -

أنا اعلم انه لا يمكن الاعتماد على مبادئ عامة محددة لتحديد معنى المواطنه بشكل دقيق فهو مفهوم تاريخي شامل يختلف من زمان لاخر ومن مكان لمكان و يتاثر بالنضج السياسي والرُقي الحضاري للدولة ، فكما شاهدنا في اللمحة التاريخية لهذا المفهوم من انه تأثر عبر العصور السابقة بالتطورات السياسية والاجتماعية والعقائد المختلفة وبقيم الحضارات والأحداث العالمية الكبرى ، فنجد أن معنى المواطنه في العصر الاثيني يختلف عن معنى المواطنة في عصر الإقطاع واختلف كثيراً عبر العصور اللاحقة من حيث توسع نطاقه فاشتمل على فئات لم يكن يعترف بمواطنتها سابقاً ، كما تطورت أبعادها فأصبحت تضم أبعادا اجتماعية واقتصادية وبيئية بالإضافة إلى الأبعاد القانونية والسياسية ، وبالتالي قد تحمل المواطنه اكثر من معنى فقد تحمل معنى تاريخي ديني أو معنى عرقي أو على أساس الجغرافيا السياسية أو غيرها .

إلا أن ذلك كله لا يعني أبداً من انه لا يوجد محتوى اساسي لمعنى المواطنه فمهما اختلفت المعاني لمفهوم المواطنه يبقى هنالك مبدأ اساسي لمعنى المواطنة وهو الانتماء على الرغم من انه هو الآخر يختلف بمعناه من حيث الانتماء إلى الوطن أو الانتماء إلى الموطن الذي يستقر فيه الإنسان أو الانتماء إلى الأمة (1)

فلو رجعنا إلى تعريف كلمة المواطنه فسنجد أن أساسها الموطن وهي بذلك تختلف عن كلمة المواطنية التي اساسها الوطن ، فالموطن هو مكان الاقامة او الاستقرار او الولادة او التربية ، اما الوطن فهو المكان الذي ينتمي اليه الفرد من خلال انتمائه لجماعة هذا الوطن ، وعلى الرغم من أن الفرد في كلتا الحالتين يعتبر مواطناً ومشاركاً ومنتمياً من الناحية الاجتماعية والجغرافية إلا أن مشاركته وانتمائه في الوطن تكون من ناحية اجتماعية سياسية ، وبالتأكيد أن الانتماء للوطن اعمق

(1) نساء ديمقراطيات بدون ديمقراطية ، فادية الفقير ص29 مجلة المستقبل العربي

بكثير من المشاركة كمواطن في الموطن لانه يعتبر نفسه شريكاً وليس تابعاً كما هو الحال في الموطن (1) ، وهذا ما عبر عنه د. هيثم مناع من أن كلمة المواطنة قلما تستعمل " في الوعي أو اللاوعي الجماعي بالمعنى العميق لها . وغالباً ما انحسر معناها في ذهن القائل والسامع بأبناء هذا الوطن ، اتباع لقادة أو رعايا لسلطان او سفهاء لعمامة " (2)

ذهبت في إحدى الليالي لزيارة صديق لي قادم من الولايات المتحدة الأمريكية وهو بالطبع يحمل الجنسية الأمريكية ،، فاخبرني عن الأحداث التي حصلت في ولاية نيويورك و عملية التفجيرات بالطائرات التي استهدفت مركز التجارة العالمي بتارخ 11 سبتمبر 2001 وابلغني بانه وفي نفس اليوم واثناء تواجده في محله في نيويورك حضر لطرفه مواطن أمريكي وسأله عن سبب تواجده هنا، وان عليه مغادرة الولايات المتحدة الأمريكية ويعود إلى وطنه ، فقال له صديقي انه مواطن امريكي وان أمريكا هي بلده ويتمتع بجنسيتها ، فقال له أنت لست مواطناً أمريكياً ويجب أن تغادر إلى وطنك وقام بضربه ....، وهنا تدخلت أنا وسألته هل تشعر يا صديقي بالانتماء للولايات المتحدة الأمريكية التي تحمل جنسيتها وانك مواطن أمريكي ، فقال له بالحرف الواحد أنا احمل الجنسية الأمريكية ولكن أنا مواطن فلسطيني ولا اشعر بالانتماء لغير فلسطين .

ما أود توضيحه هنا أن عنصر الانتماء هو المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنه وبدونه لا قيمة للمواطنه التي تبقى مجرد جنسية تمنح حقوقاً وتفرض واجبات ولا تعبر إلا عن التابعية ووثيقة سفر لاجتياز الحدود .

على كل الأحوال إذا تحققت المواطنه بمعناها الحقيقي وتوفر عنصر الانتماء _وباعتقادي بأنه يتحقق من خلال التربية المواطنية وهذا ما سأشرحه لاحقاً _ سيترتب على ذلك تضامن اجتماعي بين هيئة مواطني الدولة لان الوضع القانوني للمواطنه سيكون عام ينتج عنه مساواة تامة في الحقوق الممنوحة للمواطنين قانوناً ودستورياً ومساواة في الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين ومساواة في الواجبات والالتزامات المفروضة على المواطنين مقابل الحقوق والخدمات المقدمة لهم ، والمساواة بين المواطنين أمام القانون ، فالشعور بهذه المساواة من قبل المواطنين يوحدهم ويزيد التضامن بينهم ويؤدي إلى الاحترام المتبادل بين المواطنين جميعاً والتحلي بالتسامح ، ويترتب على المواطنه أن تحافظ على حد أدنى من عدم تدخل الدولة في حياة المواطنين وان تسعى دائماً إلى حماية هذا الحد الأدنى من الانتهاك وتوسعه باستمرار أمام الدولة ، بالإضافة إلى ذلك كله سيترتب على تحقيق المواطنه السعي المشترك بين المواطنين نحو تحقيق المصلحة العليا والخير العام الذي يستهدف كافة المواطنين ، فطالما أن انتماء كل مواطن موجه نحو الدولة والمجتمع وليس نحو فئة

(1)في التربية والسياسة ، ناصيف نصار ص15

(2)المواطنه في التاريخ العربي والإسلامي ، د. هيثم مناع ص 6

معينة أو نحو عائلته و عشيرته أو نحو قريته أو بلدته أو غيرها فان ذلك سيؤدي بالضرورة إلى توجيه العمل بشكل جماعي نحو المصلحة المشتركة والخير العام ، بمعنى أن الانتماء والولاء للدولة والمجتمع وليس لغيرها سيؤدي بالضرورة إلى الايمان بالخير العام والمصلحة المشتركة للجميع .

فقديماً في زمن المدينة الاثينية كان ولاء المواطن الاثيني مقصوراً على دولة المدينة فلم تعرف ولاءات وانتماءات لغيرها ، ولا أحد ينكر على الإطلاق بان ديمقراطية اثينا هي الأساس الأصلي لمفهوم الديمقراطية في عالم اليوم .

3- الأسس التي تقوم عليها المواطنه :-

طالما ان مفهوم المواطنة ينطوي على جملة من الحقوق الممنوحة للأفراد وواجبات مفروضة عليهم وطالما أن المعنى الحقيقي للمواطنة يعتمد على انتماء الفرد وولائه لوطنه ، تكون المواطنه في مواجه تنظيم علاقة على مستويين ، المستوى الأول:- العلاقة القائمة بين الأفراد والدولة والمستوى الثاني :- العلاقة القائمة بين الأفراد بعضهم ببعض وهذا يحتم ان تكون المواطنه قائمة على أساسين جوهربين يتمثلان بما يلي :-

(أ) الأساس الأول :-المشاركة في الحكم

يجب ان تكون هذه المشاركة من خلال العملية الديمقراطية التي تقوم على جملة من المعايير تتمثل في المساهمة الفاعلة و التي تعطي الفرصة المناسبة لكل مواطن للتعبير والمشاركة عن رغباته وآماله وطرح الاسئلة على جدول الأعمال و التعبير عن الأسباب التي دفعته إلى إقرار نتيجة معينة ، والمساواة في الاقتراع في المرحلة الحاسمة و هي مرحلة اتخاذ القرارات وان يتوفر لكل مواطن الحق في اكتساب المعلومات بشكل يمكنه من فهم الأمور المراد اتخاذ القرار بشانها بحيث يتكون عنده الفهم المستنير ، وان يكون هنالك سيطرة نهائية من قبل المواطنين على جدول الاعمال بحيث تتوفر لهم الفرصة لاتخاذ القرار حول الكيفية التي يتم بموجبها وضع القضايا على جدول الاعمال التي يراد اصدار قرار بخصوصها عن طريق العملية الديمقراطية (1).

فهذه المعايير هي التي تشكل العملية الديمقراطية و التي من خلالها يستطيع المواطن المشاركة في الحكم وبدون هذه المشاركة تصبح المواطنه شكلية لا اساس لها وغير مطبقة على ارض الواقع بشكل فعلي .

(1) الديمقراطية وقادها ، روبرت دال ص 187

كنتيجة منطقية من ان المشاركة في الحكم يجب ان تكون من خلال العملية الديمقراطية تعني بالضرورة زوال حكم الفرد او القلة والاعتراف بهيئة المواطنين على اعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات وفق شرعية دستور ديمقراطي . ولكن ممن تتكون هيئة المواطنين التي يحق لها المشاركة في الحكم ؟ هل تشمل كل الشعب بما فيهم الاطفال والمقيمون بشكل مؤقت والمواطنين المصابين بإعاقات عقلية ؟ هل هنالك شروط معينة يجب ان تتوفر في المواطن المتمتع بجنسية الدولة ليستطيع الانضمام الى هيئة المواطنين التي تشارك في الحكم ؟.

بالتاكيد ان الاهلية القانونية والعقلية مطلوبة وضرورية وتعتبر شرط اساسي في المواطن المشارك في الحكم فالاطفال غير مؤهلين لحكم انفسهم او مجتعهم حتى يبلغوا السن القانوني الذي تقره الدولة – أي الاهلية القانونية – وهذا السن يختلف من دولة الى اخرى ومن مجتمع لآخر ومن زمن الى اخر فنجد قديماً في زمن اثينا ان السن المطلوب يجب أن يتعدى الثلاثين من العمر وفي دول نجد ان العمر المطلوب يجب ان يتعدى الثامنة عشر في حين في بعض الدول يجب ان يتعدى الحادية والعشرون ، وكذلك لا يعتبر المواطن الذي يثبت انه مصاب بتخلف عقلي من ضمن هيئة المواطنين التي تشارك في الحكم لانه غير مؤهل من الناحية العقلية والادراكية وبالتالي غير مؤهل لحكم نفسه او مجتمعه ، وكذلك المقيم المؤقت في الدولة مثل العامل والمسافر والسائح وغيره لا يعتبر عضواً في هيئة المواطنين فهو غير ملزم بجميع الواجبات المفروضة على المواطنين ولا يتمتع بكل الحقوق الممنوحة لهم وكما يقول روبرت دال : " لا بد لهيئات المواطنين (الديموس ) من ان تشمل كافة البالغين من اعضاء التجمع باستثناء العابرين ومن يثبت انهم متخلفون عقلياً "(1)

وبالتالي فان هيئة المواطنين التي يحق لها المشاركة في الحكم هي عبارة عن كل الافراد البالغين من اعضاء المجتمع باستثناء المقيمين بشكل مؤقت ومن يثبت انهم انهم متخلفون عقلياً .

(ب) المساواة بين جميع المواطنين :

فلا بد من الايمان بالمساواة بين جميع المواطنين واعتبار جميع السكان الذين يتمتعون بجنسية الدولة او الذين يقيمون بشكل دائم على ارض الدولة وليس لهم في الحقيقة وطن غيرها _ ولكنهم لا يتمتعون بجنسية الدولة _ مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، يتمتع كل فرد منهم بحقوق والتزامات مدنية وقانونية واجتماعية واقتصادية وبيئية متساوية ، بالاضافة الى المساواة بين المواطنين امام القانون كل ذلك بدون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي او المركز الاقتصادي او العقيدة السياسية او العرق او الدين او الجنس او غيرها من الاعتبارات (2)

(1) الديمقراطية ونقادها ، روبرت دال ص 222

(2) المدخل الى النظام السياسي الأردني ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ص 266

فتحقيق مفهوم المواطنة ومعناها مرتبط بشكل وثيق بالأساسين السابقين ، فبتحقيق هذين الأساسين يتحقق انتماء المواطن وولاؤه لوطنه وتفاعله الإيجابي مع مواطنيه ، نتيجة القدرة على المشاركة الفعلية والشعور بالإنصاف وارتفاع الروح الوطنية لديه عند أداء واجباته في الدفاع عن الوطن ودفع الضرائب واطاعة القوانين والأنظمة ، مما لا شك فيه انه من الضروري أن يكون هذين الأساسين منصوص عليهما بشكل واضح لا يحتمل التأويل في دستور ديمقراطي مرتكز على مبادئ ديمقراطية قائمة على أساس أن الشعب مصدر السلطات ، وسيطرة أحكام القانون والمساواة أمامه ، وعدم الجمع بين أي من السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية في يد شخص أو جهة واحدة ، وضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً وقانونياً ومجتمعياً من خلال تنمية قدرة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني على الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان ، وتداول السلطة بشكل سلمي ودوري وفق انتخابات عامة حرة نزيهة تحت إشراف قضائي مستقل .

4- في كيف تمنح المواطنة :

تختلف عملية منح المواطنة من دولة الى اخرى بحسب القوانين او الدستور المعمول بها او به بداخل الدولة ، فهنالك عدة اسس لمنح المواطنة اهمها ما يلي :

الاساس الاول : قرابة الدم او ما يسمىبقانون الدم وهو الذي يعطي حق المواطنة للفرد بناءاً على مواطنة والديه فهو حق وراثي .

الاساس الثاني : مكان الولادة أو ما يسمى بقانون الأرض وهو الذي يعطي حق المواطنة للفرد بحسب مكان ولادته بغض النظر عن مواطنة الوالدين . (1)

الاساس الثالث : اكتساب المواطنة بالهجرة او ما يسمى بقانون الهجرة والذي تعتمده العديد من الدول ، فيحصل الفرد على مواطنة هذه الدوله التي يهاجر اليها اذا توفرت فيه شروط الهجرة المطلوبة وتمت الموافقة عليه من قبل الدولة ، وفي بعض الدول التي تتعامل بقانون الهجرة تدخل فيه اعتبارات تاريخية دينية عنصرية مثل دولة اسرائيل ، فاليهودي يصبح مواطناً بالفعل بمجرد الهجرة الى دولة اسرائيل وتوقيع بعض الاوراق الرسمية بحسب قانون العودة الذي لا يسري الا على اليهود فقط ، فحق العودة حق ديني مصدره الانتماء الى الدين اليهودي ، وحق تاريخي مصدره الانتماء الى الشعب اليهودي ، في حين نجد ان الفلسطينيين ( عرب اسرائيل ) المقيمين بشكل ثابت ودائم وقديم في دولة اسرائيل لا يعتبرون مواطنين بالمعنى الدقيق للمواطنة . (2)

ثالثاً : الحقوق الاساسية للمواطنة الديمقراطية :

يترتب على المواطنة الديمقراطية ثلاثة انواع رئيسية من الحقوق والحريات التي يجب ان يتمتع

(1) السياسة نظريات ومفاهيم ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ص195.

(2) المواطنة الديمقراطية والعرب في اسرائيل ، د. سعيد زيداني ص46 ، مجلة الدراسات الفلسطينية.

بها جميع مواطني الدولة دونما تميز من اي نوع ولا سيما التميز بسبب العنصر او اللون او الجنس ، او اللغة ، او اي وضع آخر (1) ، وهذه الحقوق كما يلي :

1- الحقوق المدنية :

وهي مجموعة من الحقوق تتمثل في حق المواطن في الحياة وعدم اخضاعه للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او الحاطة بالكرامة وعدم اجراء اية تجربة طبية او علمية على اي مواطن دون رضاه ، وعدم استرقاق احد او اخضاعه للعبودية وعدم اكراه احد على السخرة أو العمل الإلزامي ، والاعتراف بحرية كل مواطن طالما لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية الآخرين ، وحق كل مواطن في الامان على شخصه وعدم اعتقاله او توقيفه تعسفاً ، وحق كل مواطن في الملكية الخاصة ، وحقه في حرية التنقل وحرية اختيار مكان اقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة اليها وحق كل مواطن في المساواة امام القانون ، وحقه في ان يعترف له بالشخصية القانونية وعدم التدخل في خصوصية المواطن او شؤون اسرته او بيته او مراسلاته ولا لاي حملات غير قانونية تمس شرفه او سمعته وحق كل مواطن في حماية القانون له ، وحق التعاقد لكل مواطن في الدولة ، وحقه في حرية الفكر ، والوجدان والدين واعتناق الآراء وحرية التعبير وفق النظام والقانون ، و حق كل طفل في اكتساب جنسيته .(2)

2- الحقوق السياسية :

وتتمثل هذه الحقوق بحق الانتخابات في السلطة التشريعية والسلطات المحلية والبلديات والترشيح ، وحق كل مواطن بالعضوية في الاحزاب وتنظيم حركات وجمعيات ومحاولة التأثير على القرار السياسي وشكل اتخاذه من خلال الحصول على المعلومات ضمن القانون والحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة والحق في التجمع السلمي . (3)

3- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :-

وتتمثل الحقوق الاقتصادية اساساً بحق كل مواطن في العمل و الحق في العمل في ظروف منصفه والحرية النقابية من حيث تكوين النقابات والانضمام إليها والحق في الإضراب ، وتتمثل الحقوق الاجتماعية بحق كل مواطن بحد أدنى من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية والحق في الرعاية الصحية والحق في الغذاء الكافي والحق في التامين الاجتماعي والحق في المسكن والحق في المساعدة والحق في التنمية والحق في بيئة نظيفه والحق في خدمات كافيه لكل مواطن ، وتتمثل الحقوق الثقافيه بحق كل مواطن بالتعليم والثقافة(4)

(1) الشرعة الدولية لحقوق الانسان /الاعلان العالمي لحقوق الانسان / جمعية القانون ص10 .

(2) نفس المرجع ص 19 .

(3) نفس المرجع ص 25 .

(4) نفس المرجع ص39 .

مما تقدم نلاحظ أن هناك جملة من الواجبات الملقاه على عائق الدولة تتمثل بحقوق المواطنين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمنح لهم من خلال مواطنتهم ولما يترتب على المواطنين من واجبات اتجاه دولتهم .

رابعاً:- الواجبات الأساسية للمواطنه الديمقراطية:-

تعتبر الواجبات المترتبة على المواطنه نتيجة منطقية وامراً مقبولاً في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يوفر الحقوق والحريات الأساسية المترتبة على المواطنه لجميع المواطنين و بشكل متساوي ، فمقابل هذه الحقوق تظهر هذه الواجبات التي يجب أن يؤديها المواطنين أيضا بشكل متساوي بين الجميع وبدون تمييز لأي سبب من الأسباب التي تم ذكرها سابقاً فهي علاقة تبادلية والهدف منها هو مصلحة الفرد والدولة وتحسين الأوضاع في المجتمع وتطويره نحو الأفضل وهذه الواجبات قد ينص عليها القانون وبالتالي تتحدد بشكل رسمي وقد تكون هذه الواجبات مفهومة ضمنياً للمواطن فيلتزم بها .

تتمثل هذه الواجبات بما يلي :-

1-واجب دفع الضرائب للدولة :- فالمواطن عندما يلتزم بهذا الواجب يكون بالضرورة مساهماً في اقتصاد الدولة ، وبالتأكيد ان هذا الدعم في النهاية يعود إليه على شكل خدمات وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية فالضمان الاجتماعي مثلا تستطيع الدولة توفيره من خلال هذه الضرائب التي تعد أحد الموارد الأساسية للدولة وبالتالي فهي ضرورية لاستمرارية الدولة والمجتمع.

2-واجب إطاعة القوانين :- فطالما أن القوانين تشرع عن طريق السلطة التي يقرها الشعب والمخولة بذلك قانوناً وطالما أن هذه القوانين ستطبق على الجميع بشكل متساوي بدون تمييز ، فالأمر الطبيعي أن يقوم المواطن باحترام هذه القوانين التي تحقق بدورها الأمن والنظام والحماية المطلوبة وستؤدي إطاعة القوانين إلى تحقيق المساواة والديمقراطية وتحقيق التكافل الاجتماعي بين جميع المواطنين في الدولة .

3-واجب الدفاع عن الدولة :-

وهو ما يسمى بواجب الخدمة العسكرية او خدمة العلم فهو واجب مطلوب من كل مواطن اذا طُلب منه التجنيد فهو بهذا الواجب يشارك بالدفاع عن وطنه و مواطنيه في حالات النزاع او الحرب وهو واجب منطقي لانه سيدافع عن دوله حققت له مواطنته ، من خلال ما وفرت له من حقوق وحريات وخدمات ، وسمحت له بالمشاركة في الحكم ، بالإضافة إلى الشعور بالأنصاف من خلال تحقيق مبدأ المساواة بين أفراد شعبه مما يشكل بداخله ما يسمى بالانتماء الوطني (1)

(1)ما هي المواطنة ، نبيل الصالح ص12

الفصل الثاني : التربية وعلاقتها بتحقيق معنى المواطنه :

اولاً : تعريف التربية المواطنية :-

أرى لزاماً علي قبل البدء بتعريف التربية المواطنية ، ان اعرف المواطن الذي ستدور التربية المواطنية حول مفهومه ، فالمواطن هو الانسان الذي يستقر بشكل ثابت في بقعة ارض معينة وينتسب وينتمي اليها .

اما التربية المواطنية فيعنيها ناصيف نصار في كتابه التربية والسياسة بانها : " تدل على مجموعة مواد ونشاطات من شانها ان تغذي الوعي الوطني والالتزام الوطني والعمل الوطني بطبيعة مضمونها وموضوعها و تشكيل المواطن وتنميته انطلاقاً من تصور فلسفي معين لماهية المواطن ومن واقع التجربة في حياة الجماعة الوطنية ووجودها السياسي (1)"

فالتربية المواطنية انطلاقاً من هذا التعريف مدارها المواطن واهتمامها الأساسي به فيريد ناصيف نصار من خلال
تعليق

الإسم

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow