Alef Logo
المرصد الصحفي
              

حنا مينه.. «الرحيل عند الغروب»

ألف

2018-08-01

كتب: رحاب الدين الهواري

عزيزى الراحل حنا مينه.. هل كنتَ تعتقد أن بمقدورنا التقيد بما أوصيتَ به قبل عشر سنوات، فلا نذيع- تنفيذاً لرغبتكم- خبر رحيلكم؟..

«لا حزن، لا بكاء، لا لباس أسود، لا للتعزيات بأى شكل ومن أى نوع، فى البيت أو خارجه، ثم، وهذا هو الأهم، وأشدد، لا حفلة تأبين، فالذى سيُقال بعد موتى سمعته فى حياتى، وكلمات هذا التأبين، كما جرت العادات، مُنكَرة، مُنفِّرة، مُسيئة إلىَّ، أستغيث بكم جميعاً أن تريحوا عظامى منها».

تُرى.. هل كان بوسعنا ألا نحزن ولا نقول فيكم ما يليق بجلال الموت وعظمة الحياة، تلك الحياة التى بدأتَها أنت بعد الأربعين، لتؤدى واجبك تجاه وطنك وشعبك، مُكرِّساً كل كلماتك لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمُعذَّبين فى الأرض، شارعاً قلمك لأجل الهدف ذاته ولمّا تزل حتى بعد الرحيل.

تُرى ماذا نقول بعد الموت، وهل نقبل أن نرهق عظامك كما أرهقتها الحياة، وهل يروق لنا أن يستغيث مثلكم بمثلنا، نحن العادين إلى زوال؟.

عزيزى حنا مينة.. هل تعتقد أنك- حقاً- رحلت، كيف ومنذ أبصرت عيناك النور وأنت منذور للشقاء، وفى قلب الشقاء حاربتَ الشقاء، وانتصرتَ عليه، وهذه نعمة الله، مكافأة السماء، و«إنك لمن الشاكرين».. تراك متَّ حقاً؟..ألستَ القائل: «عُمِّرتُ طويلاً حتى صرتُ أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقينى أن لكل أجل كتاباً»؟.

لن أخفيك قولاً يا سيدى.. لم تمت بعد ولن تموت، الأقرباء والأصدقاء والرفاق والقراء لن يدَعوا نعشك محمولاً من بيتك إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاص مأجورين من دائرة دفن الموتى، «كما أوصيتَ»، سنحمل عرسك على أكتاف الملايين من عشاقك، من مُحبيك ومُريديك، والمتعلقين بطرف جناحك.. أعدك سيدى، وأنا أحد هؤلاء المتعلقين بثوبك، لن نُهيل التراب عليكم ولن ننفض أيدينا منكم ونعود لبيوتنا نتحسر على الفراق حتى «لو انتهى الحفل وأُغلقت الدائرة».

هكذا وبعد رحلة كفاح وابداع رحل حنا مينة أول ايام عيد الأضحى تاركاً وراءه ميراثاً ضخماً من الأعمال التى قرر مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط- فى دورته الـ34 التى تُقام خلال الفترة من 3 إلى 8 أكتوبر المقبل الاحتفاء بها وباسم الاديب الراحل الذى يعد أيقونة الأدب والسينما السورية، الأديب الراحل حنا مينة، الذى وافته المنية أول أيام عيد الأضحى.

ويعرض خلال الاحتفالية الفيلم الوثائقى «الريس»، وهو أحدث فيلم أنتجته المؤسسة السورية العامة للسينما قبل أشهر قليلة من رحيله، ومن إخراج نضال قوشحة.

ويعقد المهرجان ندوة حول أثر الأديب الراحل فى الثقافة السورية ودوره فى نقل الأدب المكتوب إلى شاشة السينما، كما يشارك فى الندوة مراد شاهين، مدير عام المؤسسة السورية العامة للسينما، والفنان دريد لحام والفنانة سلمى المصرى والمخرج باسل الخطيب ومخرج الفيلم نضال قوشحة.

ورحل حنا مينة، صاحب المكانة الأدبية الكبيرة، بعد حياة حافلة بالكد والشقاء والعمل والشهرة، حيث مارس العديد من المهن قبل أن يكون كاتباً، فعمل أجيراً فى محل حلاقة، ثم كاتب عرائض، ثم بحاراً، إلى أن نشر روايته الأولى «المصابيح الزرق».

ونقلت السينما 5 روايات له، كلها من إنتاج المؤسسة العامة للسينما: «اليازرلى» من إخراج قيس الزبيدى، و«بقايا صور» لنبيل المالح، ثم «الشمس فى يوم غائم»، و«آه يا بحر»، المأخوذة عن رواية الدقل، وهما من إخراج محمد شاهين، وأخيراً «الشراع والعاصفة» للمخرج غسان شميط.

كما قدمت الدراما التليفزيونية من أعماله 3 روايات، هى: «نهاية رجل شجاع»، الذى يُعتبر عملاً مفصلياً فى تاريخ الدراما العربية، وكذلك «بقايا صور»، وهما من إخراج نجدة آنزور، ثم رواية «المصابيح الزرق» للمخرج فهد ميرى.

ونالت رواياته العديد من الجوائز الأدبية المهمة فى سوريا والعالم، منها جائزة الأدب فى إيطاليا، وجائزة اتحاد الكُتاب العرب فى مصر، وكذلك وسام الاستحقاق السورى من الدرجة الممتازة.

كما تُرجمت رواياته إلى 19 لغة عالمية، منها الإنجليزية والفرنسية واليونانية والإيطالية والنرويجية والروسية.

وكان مثقفون سوريون وعرب، تداولوا منذ وفاته، وصيّة سابقة له، كان قد كتبها عام 2008، لزوجته وعائلته، يطلب فيها عدم إذاعة خبر رحيله فى أية وسيلةٍ إعلامية، مؤكدًا «ليس لى أهلٌ، لأن أهلى، جميعًا، لم يعرفوا من أنا فى حياتى، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف فى شىء، أن يتحسروا علىّ عندما يعرفوننى، بعد مغادرة هذه الفانية».

وأضاف مينه: «لا عتبٌ ولا عتابٌ، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمرى كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدى وحدها، وبمفردها، صفّقت، وإنى لأشكر هذه اليد، ففى الشكر تدوم النِعم».

وعن أملاكه: «كلُّ ما أملك، فى دمشق واللاذقية، يتصرف به من يدّعون أنهم أهلى، ولهم الحرية فى توزيع بعضه، على الفقراء، الأحباء الذين كنت منهم، وكانوا منى، وكنا على نسب هو الأغلى، الأثمن، الأكرم عندى».

وانتهى إلى القول: «زوجتى العزيزة مريم دميان سمعان، وصيتى عند من يصلّون لراحة نفسى، لها الحق، لو كانت لديها إمكانية دعى هذا الحق، أن تتصرف بكلّ إرثى، أما بيتى فى اللاذقية، وكل ما فيه، فهو لها ومطوّب باسمها، فلا يباع إلا بعد عودتها إلى العدم الذى خرجت هى، وخرجت أنا، منه، ثم عدنا إليه».
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow