Alef Logo
يوميات
              

حِلّوا عن سمانا ونحن بألف خير

معتصم دالاتي

2018-12-15

من زجاج النافذة كنت أتابع طيرا فارداً جناحيه ، يسرح ويمرح في فضاءٍ مرتفع وهو مطمئن إلى أن بمقدوره عبور الحدود الأقليمية لأي دولة دون أن يتعرض لمن يطلب منه هويته الشخصية او جواز السفر وتأشيرة الدخول والانتظار ريثما يضرب اسمه على الكومبيوتر المركزي ليتم التحقق من انتمائه السياسي والأحزاب والنوادي والجمعيات التي انتسب إليها، أو إذا كان هو أو أحد أقربائه قد دخل السجن بسبب معتقد فكري أو إيديولوجي او تنظيمي ، ولن يضطر هذا الطائر الامتثال للتحقيق معه وانتزاع أقواله بوسائل الإقناع الحديثة جداً مما قد يضطره الإنصياع للحجز الاحترازي ليصار إلى تسليمه أصولا إلى بلده بموجب معاهدة جنيف التي وقعت عليها سائر الدول المتحضرة وبعض الدول التي تسعى للتحضر .

بالتأكيد هذا الطائر ليس لديه اية مخاوف من هذا الموضوع .

نظرة إلى هذا الطائر توحي انه لا يشكو من اي مرض نفسي كالعصاب أو الفصام او البرانويا او الاكتئاب ، وليس مصاباً بالإيدز ولا يعاني من ارتفاع السكر أو الضغط او الشحوم الثلاثية او الأوريك أسيد او الكوليسترول ، ولا تبدو عليه بوادر الجلطة الدماغية او السكتة القلبية ، وما من مشاكل لديه في شريانه الأبهر او عضلة القلب .

بالمختصر هو لا يشكو من اي مرض يصيب الإنسان المعاصر المتحضر . ولكونه لا يدخن السيجارة ولا الأركيلة او الغليون ، ولا يشرب الخمر ، ولا يتعاطى المخدرات او حبوب الهلوسة والانشراح ، ولا يعاني من أيٍّ من العقد النفسية التي قد تصيب البشر بسبب الإحباطات ، كونه لايدوس على رقبة أحد من أبناء جلدته كيما يصل إلى المناصب والامتيازات والثروة والجاه ، فليس هو مضطراً للرياء والنفاق والتزلف لمن هو أعلى منه او الكتابة بحق زملائه ورؤسائه لتحقيق ما يصبو إليه .

كنت أتساءل عما يجول في رأس هذا الطائر وهو في عليائه ؟ غير انه من المؤكد بأنه لم يكن يفكر بالسياسة الأمريكية ولا الحروب المحلية ولا يَكِنٌّ اية مشاعر ضد الاستعمار والامبريالة ولا اي تعاطف مع العمال والفلاحين او صغار الكسبة والطبقات البروليتارية ، لأنه ليس مشغولاً بالماركسية ولا المالتوسية او الميكيافيلية ولا بالصراع الطبقي ولا بالبورصة وسوق العملات العالمية وتبييض الأموال . ولا هو مهموم بموازنة الدخل مع المصروف ، ولا بأزمة السكن ومستقبل الأطفال . كما أنه غير محاصر بالتابوات الثلاثة . الدين والسياسة والجنس . ولا هو مكَبَّلٌ بالموروث والتقاليد ، ولا هو أسير التعنت القومي أو التزمت الديني والتعصب الطائفي او المذهبي . فكل ما يشغل بالنا بالنسبة له ليست أكثر من ترهات تجعله يقلب على قفاه من شدة الضحك .

لعل هذا الطائر لو سمع بجمعيات الرفق بالحيوان لزقزق فينا بأعلى صوته : يا بني البشر .. التهوا بمشاكلكم ، وحِلّوا عن سمانا ونحن بألف خير .








تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ثم وحدي سكرت

29-شباط-2020

ثم وحدي سكرت

01-شباط-2020

الحب هو سيد الموت

14-كانون الأول-2019

السارق المسكين

27-نيسان-2019

حوار مع النفري

23-آذار-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow