Alef Logo
دراسات
              

التناص بين التوراة والقرآن دراسة مقارنة / 5 موسى

فراس الســواح

خاص ألف

2019-07-20

- موسى

أعطى القرآن الكريم لأخبار موسى وقومه حيزاً في الكتاب لم يعطه لأي شخصية دينية أخرى من الماضي، ولسوف نتابع خيوط قصة موسى كما وردت في كلا النصين، مبتدئين بميلاد موسى:

1- الميلاد والطفولة:

الرواية التوراتية: «ومات يوسف وكل إخوته وجميع ذلك الجيل، وأما بنو إسرائيل فأثمروا وتوالدوا وكثرواً جداً. ثم قام ملك لم يكن يعرف يوسف، فقال لشعبه: هلم نحتال لهم لئلا ينمو، فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض. فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم. فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف... ونما الشعب وكثر جداً... ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلاً: كل ابن يولد للعبرانيين تطرحونه في النهر، لكن كل بنت تستحيونها.

«وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي، فحبلت المرأة وولدت ابناً. ولما رأت أنه حسن خبأته ثلاثة أشهر. ولما لم يمكنها أن تخبئه بعدُ، أخذت سفطاً من البردي وطلته بالحُمر والزفت، ووضعت الولد فيه ووضعته بين (نبات) الحلفاء على حافة النهر، ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يُفعل به. فنزلت ابنة فرعون إلى النهر لتغتسل، وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر. فرأت السفط بين الحلفاء فأرسلت أَمتها وأخذته. ولما فتحت السفط رأت الولد وإذا هو صبي يبكي، فرقّت له وقالت: هذا من أولاد العبرانيين. فقالت أخته لابنة فرعون: هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد؟ فقال لها ابنة فرعون: اذهبي. فذهبت الفتاة ودعت أم الولد. فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي بهذا الولد وأرضعيه وأنا أعطيك أجرتك. فأخذت المرأة الولد وأرضعته. ولما كبر جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابناً ودعت اسمه موسى». (الخروج 1: 6-22 و 2: 1-10).

الرواية القرآنية: «طسم# تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ# نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ# إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ([1]) يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ([2]) إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ# وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ#‏ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ# وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ# فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ([3]) وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ# وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ([4]) لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ# وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً([5]) إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاَ أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا([6]) لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ# وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ([7]) فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ# وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ# فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ#‏ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ#» (28 القصص: 1-14)

2- الهروب إلى مديان:

الرواية التوراتية: «وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم. فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من إخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد، فقتل المصري وطمره في الرمل، ثم خرج في اليوم الثاني وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان؛ فقال للمذنب: لماذا تضرب صاحبك؟ فقال: من جعلك علينا رئيساً وقاضياً؟ أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟ فخاف موسى وقال حقاً قد عُرف الأمر. فسمع فرعون هذا الأمر فطلب أن يقتل موسى، فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في أرض مديان([8]) وجلس عند البئر.

«وكان لكاهن مديان سبع بنات. فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن، فأتى الرعاة وطردوهن. فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن. فلما أتين إلى رعوئيل أبيهن قال: ما بالكن أسرعتن في المجيء اليوم؟ قلن: رجل مصري أنقذنا من أيدي الرعاة، وإنه استقى لنا أيضاً وسقى الغنم. فقال لبناته: وأين هو؟ لماذا تركتن الرجل؟ ادعونه ليأكل طعاماً. فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل، فأعطى موسى ابنته صفورة فولدت له ابناً فدعا اسمه جرشوم... وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات». (الخروج 2: 1-23).

الرواية القرآنية: «وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ# قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ# ....# فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ([9]) # فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ# وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ# فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ#‏ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ# وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء([10]) وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ# فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ# فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ# قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ# قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ([11]) فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ# قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ#» (28 القصص: 15-28).

نلاحظ هنا أن الرواية القرآنية جعلت عدد بنات كاهن مدين اثنتين، بينما جعلتهن الرواية التوراتية سبعة. كما نلاحظ أن موسى قد تزوج من إحدى هاتين البنتين لقاء عمله في خدمة أبيها ثمان سنين، وهذان العنصران غائبان عن رواية سفر الخروج ولكنهما موجودان في رواية سفر التكوين عن ترك يعقوب وذهابه إلى بلاد فدان آرام في الشمال السوري، وهي موطن خاله المدعو لابان، وهناك تزوج من إحدى ابنتيه لقاء خدمته مدة سبع سنين، وهذه هي القصة:

«فدعا إسحاق يعقوب وباركه وأوصاه وقال: لا تأخذ زوجة من بنات كنعان. قم اذهب إلى فدان آرام، وخذ لنفسك زوجة من بنات لابان أخي أمك (التكوين 28: 1-2).. ثم رفع يعقوب رجليه وذهب إلى أرض بني المشرق. ونظر وإذا في الحقل بئر، وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها، والحجر على فم البئر كان كبيراً. فقال لهم يعقوب: يا أخوتي من أين أنتم؟ فقالوا: نحن من حاران. فقال لهم: هل تعرفون لابان ابن ناحور؟ فقالوا: نعرفه، وهو ذا راحيل ابنته آتية مع الغنم. وإذ هو بعد يتكلم معهم أتت راحيل مع غنم أبينها لأنها كانت ترعى. فكان لما أبصر يعقوب راحيل، أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى غنم لابان خاله. وقبّل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكى، وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها([12]) وأنه ابن رفقة. فركضت وأخبرت أباها. فكان حين سمع لابان خبر يعقوب ابن أخته أنه ركض للقائه وعانقه وقبله وأتى به إلى بيته. فأقام عنده شهراً من الزمان. ثم قال لابان ليعقوب: ألأنك أخي تخدمني مجاناً؟ أخبرني ما أجرتك؟ وكان للابان بنتان اسم الكبرى ليئة واسم الصغرى راحيل. وأحب يعقوب راحيل فقال: أخدمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى. فقال لابان: أعطيك إياها أحسن من أن أعطيها لرجل آخر. أقم عندي. فخدم يعقوب براحيل سبع سنين (التكوين 29: 1-20).

3- التجلي في الوادي المقدس:

الرواية التوراتية: «وأما موسى فكان يرعى غنم حميه يثرون([13]) كاهن مديان. فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء على حوريب جبل الله. وظهر له ملاك الرب([14]) بلهيب نار من وسط عليقة([15]). فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق. فقال موسى: أميل الآن وأنظر هذا المنظر العظيم، لماذا لا تحترق العليقة. فلما رأى الرب أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى، موسى. فقال: هأنذا. فقال: لا تقترب إلى ها هنا. اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. ثم قال: أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله. فقال الرب: إني رأيت مذلة شعبي الذي في مصر، فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين، وأُصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة...

«وقال الله أيضاً لموسى: ...اذهب واجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم: الرب إله آبائكم ظهر لي قائلاً: إني افتقدتكم وما صُنع بكم في مصر، فقلت أُصعدكم من مذلة مصر إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً... فإذا سمعوا لقولك تدخل أنت وشيوخ إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: الرب إله العبرانيين التقانا؛ فالآن نمضي سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا...

«فأجاب موسى وقال: ولكن ها هم لا يصدقونني ولا يسمعون لقولي، بل يقولون لم يظهر لك الرب. فقال الرب: ما هذه في يدك؟ فقال: عصا. فقال اطرحها إلى الأرض. فطرحها إلى الأرض فصارت حية، فهرب منها موسى. ثم قال الرب لموسى: مُدَّ يدك وأمسك بذيلها. فمد موسى يده وأمسك به فصارت عصا في يده، لكي يصدقوا أنه قد ظهر له الرب إله آبائهم. ثم قال له الرب أيضاً: أَدخل يدك في عُبك. فأدخل يده في عبه ثم أخرجها، فإذا هي برصاء مثل الثلج. ثم قال له: رُدَّ يدك إلى عبك، فرد يده إلى عبه ثم أخرجها وإذا هي عادت مثل جسده. فيكون إذا لم يصدقوك ولم يسمعوا لصوت الآية الأولى أنهم يصدقون صوت الآية الثانية». (الخروج: 3: 1-9 و 4: 1-8).

الرواية القرآنية: «فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ([16]) وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ([17]) نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ# فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ#» (28 القصص: 29-30).

«وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى# إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى# فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى# إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى([18]) #‏ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى# إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي# إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى# فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى# وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى# قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى# قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى# فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى# قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى# وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ([19]) تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى# لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى#» (20 طه: 9-23)

4- هارون، والدخول على فرعون:

الرواية التوراتية: فقال موسى للرب: لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول أمس، بل أنا ثقيل الفم واللسان... فقال: أليس هرون أخاك؟ أنا أعلم أنه هو يتكلم، وأيضاً هو خارج لاستقبالك، فحينما يراك يفرح قلبه فتكلمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأعلّمكما ماذا تصنعان، وهو يكلم الشعب عنك. بعد ذلك أخذ موسى أهله وودع حماه يثرون ورجع إلى إخوته في مصر، فخرج هرون لاستقباله فأخبره موسى بكل كلام الرب. ثم إن هرون كلم الشعب بجميع الكلام الذي قاله الرب لموسى فآمنوا وسجدوا (الخروج 4: 10-31).

الرواية القرآنية: «....فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ([20]) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ# قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ# وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً([21]) يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ# قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا....#» (القصص: 32-35).

الرواية التوراتية: «بعد ذلك دخل موسى وهرون على فرعون تلبية لأمر الرب وقالا له: هكذا يقول الرب إله إسرائيل: أَطلق شعبي ليعبدوا لي في البرية. فقال فرعون: من هو الرب حتى أسمع قوله فأُطلق بني إسرائيل؟ لا أعرف الرب وإسرائيل لا أُطلقه» (الخروج 5: 1-2).

الرواية القرآنية: «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى# فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى# قَالاَ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا([22]) أَوْ أَن يَطْغَى# قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى# فَأْتِيَاهُ فَقُولاَ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى# ....# قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى# قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى#» (20 طه: 43-50)

الرواية التوراتية: «وعوضاً عن أن يطلق فرعون بني إسرائيل فقد زاد من أعباء السخرة عليهم. فتذمر رؤساء فرق السخرة الإسرائيليون على هرون وموسى ووضعوا اللوم عليهما فيما حصل للشعب من تعب ونكد (الخروج 5: 4-22)

الرواية القرآنية: «وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ# قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ# قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا([23]) قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ#» (7 الأعراف: 127-129).

الرواية التوراتية: فقال الرب لموسى: اُنظر، أنا جعلتك إلهاً لفرعون وهرون أخوك يكون نبيك. أنت تتكلم بكل ما آمرك وهرون يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه. فإذا كلمكما قائلاً هاتيا عجيبة، تقول لهرون خذ عصاك واطرحها أمام فرعون فتصير ثعباناً. فدخل موسى وهرون إلى فرعون وفعلاً هكذا كما أمر الرب. طرح هرون عصاه فصارت ثعباناً. فدعا فرعون أيضاً الحكماء والسحرة ففعل عرّافو مصر بسحرهم كذلك، طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين ولكن عصا هرون ابتلعت عصيهم. ومع ذلك فقد اشتد قلب فرعون ولم يسمح بإطلاق بني إسرائيل (الخروج 7: 1-13).

الرواية القرآنية: «قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ# فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاَ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ# أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ# .... # قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ# قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ# ....# قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ# قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ# قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ# فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ# وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ# قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ# يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ# قَالُوا أَرْجِهِ([24]) وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ([25]) # يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ# فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ# وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ#‏ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ# ....# قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ# فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ# فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ# فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ# قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ#» (26 الشعراء: 15-47).

«قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى# فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى([26]) # قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى# فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى# قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ([27]) بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى# ....# ....# فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى#‏ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى# قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى# فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى# قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى# وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ([28]) مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى# فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى#» (20 طه: 57-70).

الرواية التوراتية: بعد ذلك يتكرر دخول موسى وهارون على فرعون. وفي كل مرة يرفض فرعون إطلاق بني إسرائيل كان الرب يُرسل عليه وعلى شعبه كارثة شاملة، فيطلب فرعون من موسى أن يلتمس وجه ربه لكي يوقف الكارثة، حتى إذا كفَّ الرب غضبه عاد فرعون سيرته الأولى. وقد بلغ عدد الكوارث عشراً، منها تحويل ماء النيل والينابيع إلى دم، والضفادع التي تنتشر في كل مكان وتغطي الأرض، والبعوض، وأخيراً ضرب الرب كل بكر في أرض مصر من ابن الجارية إلى ابن الملك الجالس على العرش وكل بكر بهيمة. فقام فرعون ليلاً ودعا هرون وموسى وقال: قوموا اخرجوا من بين شعبي أنتما وجميع بني إسرائيل، واذهبوا واعبدوا الرب كما تكلمتم، وخذوا معكم أيضاً غنمكم وبقركم. (الخروج: 7-12).

الرواية القرآنية: «وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ([29]) وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ#‏ فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى([30]) وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ([31]) وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ# وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ# فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ# وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ([32]) قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ# فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ#» (7 الأعراف: 127 130-135).

5- الخروج وعبور البحر:

قصة الخروج من مصر واجتياز سيناء والوصول إلى أطراف بلاد كنعان، وما تلا ذلك من الإقامة في الصحراء مدة أربعين سنة، هي قصة طويلة في التوراة، وتستغرق بقية أحداث سفر الخروج إضافة إلى سفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية. وقد سلط القرآن الكريم ضوءاً على المفاصل الرئيسة لهذه القصة وتفادى الخوض في التفاصيل. ولذلك سوف نبدأ منذ الآن بإيراد القصة القرآنية أولاً، ثم ما يقابلها في القصة التوراتية.

الرواية القرآنية: «وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً([33]) وَلاَ تَخْشَى# فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ# وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى#» (20 طه: 77-79).

«فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ([34]) # فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ# قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ# فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ# وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ# وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ# ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ# إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ#» (26 الشعراء: 60-67).

«وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ# آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ# فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ#» (10 يونس: 90-92)

الرواية التوراتية: «وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينين([35]) مع أنها قريبة، لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حرباً ويرجعوا إلى مصر. فأدار الله الشعب في طريق برية بحرسوف([36])». (الخروج 13: 17-18). فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم وهم نازلون عند البحر. فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم وإذا المصريون راحلون وراءهم، ففزعوا جداً... فقال الرب لموسى: ارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشُقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة. وها أنا أُشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم... ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء. فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم، وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم... فقال الرب لموسى: مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين وعلى مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر فرجع عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة وغطى جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر، لم يبق منهم ولا واحد. (الخروج 14).

6- المن والسلوى:

الرواية القرآنية: «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى# كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى#» (20 طه: 80-81).

«وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ....» (2 البقرة 61).

الرواية التوراتية: «وأتى كل جماعة بني إسرائيل إلى برية سين التي بين إيليم وسيناء. فتذمر كل جماعة بني إسرائيل في البرية على موسى وهرون، وقال لهما بنو إسرائيل: ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً للشبع. فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا هذا الجمهور بالجوع. فقال الرب لموسى: ها أنا أُمطر لكم خبزاً من السماء، فيخرج الشعب ويتلقطون حاجة اليوم بيومها... سمعتُ تذمر بني إسرائيل. كلمهم قائلاً: في العشية تأكلون لحماً وفي الصباح تشبعون خبزاً، وتعلمون أني أنا الرب إلهكم. فكان في المساء أن السلوى([37]) صعدت وغطت المحلة. وفي الصباح كان سقيط الندى حول المحلة، ولما ارتفع سقيط الندى إذا على وجه البرية شيء دقيق مثل قشور كالجليد على الأرض. فقال لهم موسى: هو الخبز الذي أعطاكم الرب لتأكلوا.... وأكل بنو إسرائيل المنّ([38]) أربعين سنة حتى جاؤوا إلى أرض عامرة، حتى جاؤوا إلى أرض كنعان». (الخروج: 16).

وبما أن طيور السلوى المهاجرة لا تظهر إلا في مواسم معينة، فقد انقطع ظهورها، وكان على بني إسرائيل أن يأكلوا من طعام واحد هو المن فقط. فعادوا للتذمر على موسى:

«فعاد بنو إسرائيل أيضاً وبكوا وقالوا: من يطعمنا لحماً؟ تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجاناً، والقثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم. والآن قد يبست نفوسنا. ليس شيء غير أن أعيننا إلى هذا المن... فلما سمع موسى الشعب يبكون، وحمي غضب الرب جداً، ساء ذلك في عيني موسى فقال للرب: ... من أين لي لحم حتى أعطي جميع هذا الشعب؟ ... فقال الرب لموسى... للشعب تقول: تقدسوا للغد فتأكلوا لحماً لأنكم بكيتم في أذني الرب قائلين من يطعمنا لحماً إنه كان لنا خير في مصر، فيعطيكم الرب لحماً فتأكلون، تأكلون لا يوماً واحداً ولا يومين ولا خمسة أيام ولا عشرة أيام ولا عشرين يوماً، بل شهراً من الزمان حتى يخرج من مناخركم ويصير لكم كراهة لأنكم رفضتم الرب الذي في وسطكم وبكيتم أمامه قائلين لماذا خرجنا من مصر... فخرجت ريح من قِبل الرب وساقت سلوى من البحر وألقتها على المحلة نحو مسيرة يوم من هنا ومسيرة يوم من هناك». (سفر العدد 11).

7- تفجير الماء من الصخرة:

الرواية القرآنية: «وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ.» (2 البقرة: 60).

الرواية التوراتية: «ثم جاؤوا إلى إيليم، وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة. فنزلوا هناك عند الماء». (الخروج 15: 27).

«ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين ونزلوا في رفيديم. ولم يكن ماء ليشرب الشعب. فخاصم الشعب موسى وقالوا: أعطنا ماءً لنشرب. فقال لهم موسى: لماذا تخاصمونني؟ لماذا تجربون الرب؟ وعطش هناك الشعب إلى الماء، وتذمر الشعب على موسى وقالوا: لماذا أصعدتنا من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش. فصرخ موسى إلى الرب قائلاً: ماذا أفعل بهذا الشعب؟ بعد قليل برجمونني. فقال الرب لموسى: مُرَّ قدام الشعب وخذ معك من شيوخ إسرائيل، وعصاك التي ضربت النهر خذها في يدك واذهب، ها أنا أقف أمامك هناك على الصخرة في حوريب فتضرب الصخرة فيخرج منها ماء ليشرب الشعب. ففعل موسى هكذا أمام عيون شيوخ إسرائيل». (الخروج 17: 1-6)

8- التجلي على الجبل:

الرواية القرآنية: «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ# وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ([39]) فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ#» (7 الأعراف: 142-143).

الرواية التوراتية: في الرواية القرآنية عن التجلي لدينا عنصران: العنصر الأول هو طلب موسى رؤية الرب، والعنصر الثاني هو تجلي الرب على الجبل ليجعله دكاً. وهذان العنصران موجودان في الرواية التورتية في موضعين منفصلين:

أ) طلب الرؤية: «فقال موسى: أرني مجدك. فقال: أجيز كل جودتي قدامك، وأنادي باسم الرب قدامك، وأتراءف على من أتراءف، وأرحم من أرحم. وقال: لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة واسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي وأما وجهي فلا يُرى». (الخروج 33: 18-23).

ب) التجلي على الجبل: «وفي الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر، في ذلك اليوم جاؤوا إلى برية سيناء مقابل الجبل». (الخروج 19: 1-2). «وقال الرب لموسى: اصعد إلى الجبل وكن هناك فأعطيك لوحي الحجارة([40]) والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. فقام موسى ويشوع خادمه، وصعد موسى إلى جبل الله. وأما الشيوخ فقال لهم: اجلسوا لنا هنا حتى نرجع إليكم، وهو ذا هرون وحور معكم، فمن كان صاحب دعوى فليتقدم إليهما. فصعد موسى إلى الجبل وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه بالسحاب مدة سبعة أيام. وفي اليوم السابع دُعي موسى من وسط السحاب. وكان منظر مجد الرب كنار آكلة أمام عيون جميع بني إسرائيل. ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة». (الخروج 24: 12-18). «وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار، وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جداً. فكان البوق يزداد اشتداداً وموسى يتكلم والله يجيبه». (الخروج 19: 8-19).

9- الرسالة:

الرواية القرآنية: «قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ# وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ([41]) # سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ....#» (7 الأعراف: 144-146).

الرواية التوراتية: على قمة جبل سيناء الذي كان يدخن ويرتجف لأن الله نزل عليه بالنار (الخروج 19). يتلقى موسى من ربه الوصايا العشر: لا تكن لك آلهة أخرى أمامي، أكرم أباك وأمك، لا تقتل، لا تسرق ...إلخ (الخروج 20). وبعد ذلك يأخذ الرب بتفصيل الأحكام الشرعية (الخروج: 21-31). وفي النهاية يعطي الرب موسى لوحين من حجر نُقشت عليهما وصيته وشريعته: «ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة، وهما لوحان من حجر مكتوبان بإصبع الله». (الخروج 31: 18).

10- العجل:

الرواية القرآنية: عندما صعد موسى لميقات ربه أربعين يوماً وتأخر في النزول من الجبل، صنع قومه لأنفسهم من حليِّهم الذهبية صورة للإله على هيئة عجل وتعبدوا له. ويبدو أنه كان مجوفاً، فإذا عبرته الربح صدر عنه ما يشبه الخوار:

«وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ# وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ#‏ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ([42]) ابْنَ أُمَّ([43]) إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ# قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ# ....# ....# وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ#» (7 الأعراف:

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

دراسات في علم الأديان المقارن: تاريخ المصحف الشريف

22-أيار-2021

هل كان موسى مصرياً

08-أيار-2021

هل كان موسى مصرياً

01-أيار-2021

الديانة الزرادشتية وميلاد الشيطان

24-نيسان-2021

في رمزية حجر الكعبة الأسود

13-شباط-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow