Alef Logo
الغرفة 13
              

لقاء مع السيد فراس طلاس أجرته قناة روسيا اليوم

ألف

خاص ألف

2019-07-27

سلام مسافر:


طابت أوقاتكم

هل يمكن البدء بإعادة إعمار سوريا والحرب لا تزال قائمة؟

أو أنه يمكن القول أن سوريا قد بدأت تخرج من أزمتها وأنها تقترب حثيثاً من حياة سلمية أخرى؟

من سيساهم في إعادة إعمار سوريا المهدمة؟

هل هي البرجوازية الوطنية التي لم تتمكن على مدى سنوات طويلة من حكم القيادة السورية الحالية أن تجد نفسها قوة مؤثرة في صناعة القرار السياسي؟ وإن كانت مؤثرة في اختيار السياسات التي توصف بأنها كانت على الدوام سياسات قمعية.

هل يمكن القول أن الحل السياسي في سوريا يمكن أن يساهم فيه رجال الأعمال السوريون الذين يتمتعون بالذكاء والحرفية العالية والعلاقات الدولية؟

ويا ترى كم ساعد رجال الأعمال المقربون من النظام في تثبيت أركانه؟ وخاصةً مع دول العالم والغرب تحديداً؟

للحديث عن هذه الملفات وعن آفاق الحل السياسي في سوريا نتحدث مع الأستاذ فراس طلاس وهو رجل أعمال وسياسي سوري ومن الأسرة المعروفة في الشام.

مرحباً بكم أستاذ فراس.


فراس طلاس:

أهلاً بك.... يا هلا


سلام مسافر:


لماذا نسأل هل يمكن أن نبدأ بعملية البناء والحرب لم تنته بعد؟ لأن المراد من هذا السؤال: هل يمكن أن تشاركوا أنتم رجال الأعمال بغض النظر عن الموقف من الحدث ومن النظام في إعادة إعمار سوريا؟


فراس طلاس:


قبل كل شيء أنا أفضل استبدال مصطلح "إعادة الإعمار" بمصطلح "بناء سوريا من جديد" فهذا ما تحتاجه سوريا في المستقبل القريب بعد انتهاء الحدث أو الحرب أو الانفجار العظيم على الأرض السورية.

إذاً يجب البدء ببناء سوريا من جديد، لكن هل هذا الشيء متاح الآن؟

من وجهة نظري: لا، هذا غير متاح نهائياً، فالأمر يتطلب أولاً الوصول إلى حل سياسي حقيقي، ويتطلب برنامجاً كاملاً بغض النظر عمن هو الحاكم في سوريا، هذا الحاكم يجب أن يكون لديه برنامج كامل ليتصالح مع الشعب بكامله وليبني حياة سياسية واجتماعية ومن ثم حياة عمرانية جديدة، وبرأيي فإن النظام الحالي غير مهيأ إطلاقاً للقيام بمثل هذه العملية أو حتى البدء بها.

من الممكن لروسيا طالما أنها تعرف سوريا بشكل جيد جداً أن تخلق ما هو بمثابة مجرى باتجاه تحقيق هذا الشيء...نعم.

أما النظام القائم في دمشق فهو غير قادر على القيام بهذا الشيء، وغير قادر لا على الإعمار ولا على إعادة الإعمار، وجميع المحاولات التي حاولوا البدء بها هي محاولات مشوهة.


سلام مسافر:


سيد طلاس، مفهوم النظام ما الذي تقصدون به تحديداً؟ هل رموز النظام بمعنى الشخصيات المكونة لهذا النظام أم....؟


فراس طلاس (مقاطعاً):


في سوريا النظام هو العائلة الحاكمة فقط، أما الباقي فموظفون.


سلام مسافر (مستوضحاً):


يعني الإشكال في العائلة الحاكمة فقط؟


فراس طلاس:


تماماً... تماماً... الباقي موظفون... من الممكن إذا تغيرت السياسات أن يتغيروا بموجبها خلال خمس دقائق!

في الحقيقة لا توجد اليوم مؤسسات سورية حقيقية ولذلك أقول دائماً أنها "نكتة" القول بالمحافظة على مؤسسات الدولة، حيث لا توجد في سوريا مؤسسات حقيقية، وليس الآن فقط بل عبر تاريخها، إذ إن سوريا هي عملياً بلد فتي جداً، لم تكد تبدأ محاولات بناء مؤسسات حقيقية فيها قبل أن تتحول إلى نظام عائلي بالكامل.

إذاً لا توجد مؤسسات، لكن يوجد بعض رجالات الدولة في بعض المواقع التنفيذية، وهؤلاء إذا طلبت منهم تغيير سياساتهم قاموا بذلك مباشرةً.

لذلك أقول أن المشكلة هي في العائلة الحاكمة من وجهة نظري ومن وجهة نظر المنطق أو على الأقل نصف السوريين الذين في الخارج.


سلام مسافر:


حسناً، لنفترض أنه حدث التغيير الذي تعتبرونه ضرورياً، كم تحتاج سوريا من استثمارات وما هو شكل الاستثمارات التي يمكن أن تعيد بناء البلد؟


فراس طلاس:


إذا حدث التغيير المقصود وهو تغيير العائلة الحاكمة، فإن المزاج العام سوف يتغير مباشرةً سواء المزاج العام الداخلي أو المزاج العام الدولي، وعندها تبدأ عملية وضع برامج حقيقية لبناء بلد حقيقي، ويكون ذلك عبر بناء مدن جديدة أو إعادة ترميم المدن القديمة التي هُدِّمَت بالكامل، بالإضافة إلى برامج التعليم وغير ذلك الكثير.

ليست المشكلة في مليار أو عشرة مليارات أو مئة مليار فهذه الأموال يمكن أن تأتي بسهولة، سواءً من السوريين في الداخل أو الخارج حتى لو كانوا مطحونين، لكنها ستأتي منهم لأن كل واحد فيهم سوف يريد أن يعيد بناء بيته أو مزرعته أو بستانه، وسوف يتشارك الناس في إنشاء تعاونيات جديدة، وإنشاء مصانع جديدة، وسيتم عمل سندات دولية سورية عندما تكون هناك حكومة حقيقية تحكم... سندات أهلية... سندات دولية... مساعدات... كل هذه البرامج متوفرة ومتاحة عندما يكون هناك تغيير حقيقي وعندما يكون السوريون في كل أرجاء العالم جاهزين للانخراط في هذه البرامج، سواءً بمساعدات دولية أو من دونها (لكن بدونها تكون الفترة طبعاً أطول).

المهم هو التخطيط السليم والنية السليمة لبناء بلد حقيقي، ليست القصة فقط عمران واقتصاد.


سلام مسافر:


يعني أنتم شخصياً كنت حضرتك من أكبر الصناعيين السوريين قبل الأحداث ولديكم مشاريع وصفت في حينها أنها كبيرة وواعدة.

هل القوانين التي كنتم تعملون تحت ظلها تساعد على إنعاش الاقتصاد وتمنح القطاع الخاص مساحة كبيرة للتحرك أم أن القوانين الاشتراكية التي ترفعها القيادة السورية الحالية تعيق هذا التطور - الرأسمالي فلنقل -؟


فراس طلاس:


د.سلام، المشكلة في سوريا ليست في القوانين أو في القرارات التي تصدر، بل هي تكمن في آلية تنفيذها.

ونعم... بدءاً من سنة 2003 أو 2004 حابت الحكومة السورية الصناعيين والرأسماليين على حساب طبقة الشعب، وحابت التجار من خلال فتح باب الاستيراد بشكل كامل وأيضاً على حساب الشعب، وظهرت مشاريع أكبر مما كان سابقاً.

أي تحول النظام من نظام هو شكلاً اشتراكي لكنه فعلياً نظام يساري متعمق إلى نوع من النظام الاقتصادي المفتوح لكن بدون تخطيط حقيقي لهذا النظام المفتوح.

أعيد، المشكلة ليست في القوانين، بل كانت دائماً في تنفيذها وفي مزاج الموظفين المسؤولين عن هذا التنفيذ: هل هم يعتبرون أن الشعب في شراكة مع الصناعيين ورجال الأعمال والتجار؟ أم أن كلاً منهم فئة معادية للفئات الأخرى؟ هنا المشكلة.

النظام الحاكم في دمشق ولو أننا كنا جزءاً منه وحتى عندما كنا جزءاً منه اعتبر أن طبقة رجال الأعمال وطبقة التجار هم أعداء واعتبر أن الشعب فئة ثانية وعدو ثان رغم أنه يطلق شعارات أنه نظام اشتراكي معني بالفرد وتحسين مستوى الفرد.

لا... لم تكن سوريا تدار بموجب قوانين، إنما بموجب قرارات مزاجية يمكن تغييرها في أي يوم وفي أية لحظة.


سلام مسافر:


هل تعتقدون أن هذا التوصيف صحيح... وصف النظام على أنه كان يعادي طبقة رجال الأعمال في حين أنه محاط بمجموعة من الأوليغارشية السورية التي تسهل له مهماته سواءً في الماضي أو الآن؟

يعني استطاع خلال هذه السنوات - سنوات القتال - الصمود ربما بفضل أموال تلك المجموعة.


فراس طلاس:


دكتور سلام... عندما يقول محمد مخلوف - الذي أسميه "الرأس الحقيقي للنظام" - في سنة ٢٠٠٥ أمام مجموعة من الأشخاص أنه خلال عشر سنوات ستتحول سوريا بكاملها إما إلى شركاء صغار لابنه رامي أو إلى موظفين لدى رامي، يجب أن تدرك أنه لا يوجد في سوريا طبقة أوليغارشية.

حاول النظام خلق هذه الطبقة بعد العقوبات التي فُرِضت على رامي مخلوف وعلى عائلة مخلوف لتكون بمثابة أذرع جديدة، لكنها مجرد مافيات اقتصادية ولا ترقى إلى مسمى طبقة أوليغارشية.

إذاً هي مجرد مافيات اقتصادية تعمل وفق اقتصاد الحرب، وهؤلاء ستكون كارثة إذا أكملوا وفق نفس الطريقة، فالمال الذي يتم جنيه في فترة الحرب هو مال حرب لا يمكنك أن تكمل به بنفس الطريقة، فله غير أساليبه وغير ناسه وغير تجاره تماماً، وهو مال لا يمكن أن يبني اقتصاداً بل يمكن له فقط أن يعيِّش فئة ما، ولذلك تجد أن الوضع الاقتصادي والوضع المعاشي في سوريا مزري للغاية.


سلام مسافر:


حسناً... على الصعيد السياسي، لابد أنكم تملكون خيوطاً واتصالات مع الشخصيات المؤثرة فلنقل أو التي لديها مصادرها حول الوضع، ونسمع تقارير تتردد بأن هنالك حركة تذمر وإن كانت لا تنعكس بنشاطات واضحة بين صفوف العسكريين السوريين الذين أصبحوا يستاءون من التدخل الإيراني... فلنقل هكذا... هل هذا صحيح؟


فراس طلاس:


نعم هذا كلام صحيح ودقيق، وليس فقط عند العسكريين، بل هو تذمر شعبي عام، وتذمر عند الطائفة العلوية التي هي شكلاً الشريك الرئيسي للحكم.

لكن أيضاً إيران لا تشعر بالارتياح حيال الوضع السوري، ولذلك تعمل على إفراغ المدن.


سلام مسافر:


إفراغ المدن؟؟؟!!


فراس طلاس:


نعم... لأن نظرية التشيع هي نظرية غير صحيحة، إذ لم تنجح إيران في فرض التشيع، ولذلك عملت على فرض سيطرة ميليشياتها وعساكرها وميليشياتها المستوردة سواءً من لبنان أو العراق أو أفغانستان أو إيران نفسها حتى، وعلى تفريغ المدن السورية من سكانها عبر محاور متعددة، ولذلك فإن موضوع العودة غير مسموح نهائياً، أي أن موضوع إعادة اللاجئين الذي يتحدث عنه الرئيس بوتين دائماً تعيقه إيران بشكل غير طبيعي عبر أذرعها الموجودة في مؤسسة الأمن ومؤسسة الجيش وهي أذرع كثيرة.

سأعطيك مثالاً حقيقياً حول مدينة البوكمال، المدينة التي كان يقطنها 300 ألف إنسان، أما الآن ففيها ما لا يزيد عن 20 ألفاً فقط بالإضافة إلى حوالي ألف عنصر من الميليشيات الإيرانية.

العشرون ألفاً يمكن السيطرة عليهم وتسييرهم من خلال ألف، لكن هذا متعذر في حال عودة كل سكان المدينة إذ لن يكون ممكناً في حينها السيطرة عليهم بنفس الطريقة.

ولذلك خلقت إيران وهم التشيع، وهو وهم غير حقيقي باعتبار أن المجتمع السوري لا يتقبله، خاصةً وأن النَفَس الديني كله في طور التراجع في سوريا رغم أن الظاهر هو غير ذلك وأن المجتمع ذاهب أكثر نحو التدين ونحو تأجج الصراع السني-الشيعي، لكني أعتبره صراعاً. سياسياً أكثر مما هو صراع ديني.

إذاً، إيران غير قادرة على فرض التشيع على الشعب السوري، ولذلك ولكي تتمكن من السيطرة على المناطق التي تريدها ارتأت إفراغ هذه المدن من سكانها الأصليين واستبدالهم بآخرين تابعين وموالين لها، وهكذا تسيطر على المنطقة بأكملها، فعوضاً عن أن تكون المنطقة الممتدة من الحدود العراقية للحدود اللبنانية مأهولة بثلاثة أو أربعة ملايين إنسان تكون مأهولة بمائة ألف إنسان فقط.


سلام مسافر:


وهل هذا يجري بعيداً عن أعين القيادة السورية؟ فبلا شك هي غير معنية أن تكون هذه المدن هي عبارة عن مساحات شاسعة خالية من السكان... ومن سكانها الأصليين تحديداً!


فراس طلاس:


القيادة السورية لديها هم واحد فقط هو المحافظة على الكرسي في دمشق، ومن ثم وبحسب معرفتي بهم وكيف يفكرون - وأنا أعرفهم معرفة جيدة جداً - نتآمر مع الروس لإخراج الإيرانيين، ونتآمر مع الأمريكان لإخراج الروس، ونبقى نحن وحدنا لنحكم لخمسين سنة أخرى قادمة.

لكن يا ترى هل وضعت القيادة السورية الأفخاخ للجميع منذ البداية؟ أم أنها تواءمت مع هذه الأفخاخ لاحقاً؟ هذا سؤال مهم يجب أن نطرحه.

وبالعودة للسؤال الأساسي أؤكد مجدداً أن ما يحدث خارج محيط الدائرة الرئاسية والسيطرة الرئاسية لا يعنيها مباشرةً.

حتى وأنه وفي كثير من المناطق تقوم بوضع اللوم على الروس أو الإيرانيين أمام حاضنتها الشعبية لتبرئة نفسها: الروس لم يقفوا معنا كما يجب... الإيرانيون لم يقفوا معنا كما يجب... ولذلك خسرنا المنطقة الفلانية أو خسرنا عدداً كبيراً من الشهداء.

بالنسبة لي كل من يُقتَل على الأرض السورية هو شهيد من أي طرف كان.


سلام مسافر:


حسناً... هناك تقارير وخرائط متباينة حول حجم سيطرة الحكومة والسلطات السورية على مجمل الأراضي السورية.

حسب خريطتكم والمعلومات التي لديكم أين تكمن القوة الرئيسية والضاربة للحكومة السورية على الأرض وما هي المساحة الإجمالية التي يمكن أن نقول أنها نظيفة تماماً من المسلحين ومن المعارضة؟


فراس طلاس:


مع قاعدة حميميم، يمكن القول 55-60% من مجمل مساحة سوريا، أما إذا "شلنا" حميميم تعود سيطرة النظام بعد ثلاثة أشهر إلى ما لا يزيد عن 15-20% من سوريا.

فالسيطرة الجوية الروسية هي التي خلقت نوعاً من السيطرة على الأرض، وليس السيطرة المباشرة للنظام، وإذا ما تابعنا ما يحدث الآن في جنوب دمشق في درعا والسويداء من إعادة مسار الأحداث إلى المربع الأول بسرعة كبيرة، ربما هذا الأمر يدفع إليه النظام والإيرانيون لإحراج الروس، وربما هو أمر مفروض على الجميع يدفع إليه الأمريكان لإحراج الإيرانيين والروس.

لسنا بصدد الغوص عميقاً في هذا الموضوع، لكن ما أردت قوله أنه بدون التغطية الجوية للروس ستتراجع سيطرة النظام على الأرض على نحو دراماتيكي وبشكل سريع جداً، وذلك بسبب فشل المصالحات، وهو ما أعزوه إلى خدعة قام بها ضباط النظام تجاه مركز المصالحة في حميميم.


سلام مسافر:


وما هي مصلحة هؤلاء الضباط؟

هل هي تكمن في كونهم معنيين باستمرار الحرب لأنها تصنع منهم تجاراً كما تقول بعض التقارير والمعلومات؟


فراس طلاس:


هذا موضوع ثانوي.

القيادة الروسية كانت تريد استرجاع كل الشعب السوري إلا جزء بسيط منهم تعتبرهم إرهابيين، وفي الحقيقة فإن جزءاً منهم نعتبرهم نحن أيضاً إرهابيين مثل جبهة النصرة وداعش، لكن بالنسبة للقيادة الروسية فإن هامش الإرهاب أكبر قليلاً، لكن بالتأكيد ليس ذاته الموجود في عقل نظام الأسد.

فبالنسبة لنظام الأسد فإن كل من ثار عليه ولو بكلمة يجب أن يخسر ويعلن استسلامه.

إذاً روسيا تنظر للمصالحة على أنها مصالحة بين فئتين من الشعب، أما النظام فمفهوم المصالحة لديه هو استسلام فئة من الشعب له، وحتى هذا الاستسلام هو يرفضه ويعمل لاحقاً على سحق هذه الفئة التي استسلمت.

إذاً وجواباً على سؤالك هي ليست خديعة من الضباط، بل خديعة مبرمجة من النظام: نساير الروس في بادئ الأمر، ومن ثم ومتى ما بدأت المصالحات نبدأ بوضع البنود... فلان متورط بالدم... فلان عليه قضايا شخصية...إلخ

وبكل بساطة يوعز النظام لشخص ما أن يرفع قضية على هذا الضابط أو هذا الثائر أو هذا المسلح ولتعتقله المخابرات الجوية أو الأمن العسكري أو أمن الدولة، وإذا سأل الروس عن الأمر يجيب النظام أن هؤلاء عليهم قضايا شخصية لا نتدخل نحن بها.

لكن هذه التمثيلية يمكن أن تنجح مرة واحدة، أما عندما تتكرر مئات وآلاف المرات ندرك أنها نهج.

أرى أن الفرصة كانت عظيمة أمام الروس سنة 2017 لتصالح السوريين مصالحةً حقيقية وحتى لتتوسع بها لاحقاً نحو الشمال الشرقي والشمال الغربي في حال النجاح، لكن النظام نصب لروسيا فخاً كبيراً عندما قام بإفشال المصالحات.

هل كان هذا الفخ فخاً مقصوداً الغاية منه إفشال روسيا، أم أنه فقط يتلاءم مع نهج النظام لسحق الشعب بأكمله؟

هذا السؤال أتركه مفتوحاً أيضاً.


سلام مسافر:


حسناً، هل موضوع عودة اللاجئين والنازحين هو إذاً سراب ولا يمكن تخيل فترة زمنية محددة لعودتهم في ظل هذه الظروف والإشكاليات التي تتحدثون عنها الآن؟


فراس طلاس:


بلا شك سراب... بلا شك سراب...

لدينا اليوم في سوريا قرابة 8 ملايين لاجئ و5 ملايين نازح، لا أعتقد أن العدد الذي عاد منهم يتجاوز المائة ألف، في حين أنه ورغم الوضع الأمني السيء جداً في الشمال الغربي فإنه قد عاد من تركيا أكثر 300 ألف سوري إلى مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات، فالناس تشعر رغم الوضع الأمني السيء أنها تعود إلى مكانها وليس تعود لتُعتَقَل.


سلام مسافر:


حسناً، أنتم تقيمون في بلد عربي وتعرفون الخارطة السياسية العربية جيداً، هل تعتقدون أن عملية التطبيع بين بعض العواصم العربية وبين دمشق قد بدأت وأنها قضية زمن لا أكثر وتعود سوريا إلى جامعة الدول العربية، أم هو أيضاً ضرب من الخيال؟


فراس طلاس:


برأيي إذا لم يحدث تغيير حقيقي فهو ضرب من الخيال، وذلك بسبب أن الإدارة الأمريكية أبلغت الجميع أنه يجب أن يكون هناك تغيير حقيقي في سوريا لتعود العلاقات وليصبح هناك دعم مالي سواءً لإعادة الإعمار أو لممارسة الحياة بشكل فعال، وبالتاكيد القيادة الروسية تعرف هذا الشيء.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الإدارة الأمريكية تعرف النظام بشكل جيد جداً وأنه متشبث ضد التغيير ولذلك فليغرق الجميع في الثقب الأسود السوري؟

في الحقيقة قد تكون أمريكا مسرورة من هذا الشيء.


سلام مسافر:


حسناً، الآن وحسب هذه الصورة المأساوية جداً - للأسف الشديد - التي ترسمونها، من هو الضامن لوحدة الأراضي السورية؟

هل هي روسيا وهي لاعب رئيسي؟

أم إيران وهي أيضاً لاعب رئيسي في سوريا؟


فراس طلاس:


روسيا وفقط روسيا.

في الحقيقة لقد قلت في سنة 2017، بل إنني أكرر في عدة مناسبات حتى منذ سنة 2012 أن روسيا تريد وحدة سوريا، أما أمريكا فتريد تقسيم سوريا بل وتفتيت المنطقة بأكملها.

وقد يكون المشروع الأمريكي في النهاية مشروعاً جيداً إذا بنت ديموقراطيات حقيقية في المنطقة.

فأنا مثلاً كسوري وهناك الملايين مثلي يفضلون العيش في سوريا مقسمة وكل جزء منها يتمتع بالديموقراطية على العيش في سوريا موحدة يحكمها الأسد بالحديد والنار.

هنا تكمن المعادلة، وهنا يكمن السبب في أننا تأملنا في سنة ٢٠١٧ أن تتمكن روسيا من الحفاظ على سوريا موحدة وبدأ عهد جديد.

أعرف أن الديموقراطية طريقها طويل جداً جداً، لكن على الأقل البداية في هذا الطريق نحو المستقبل كان سيكون أمراً واضحاٌ لكل السوريين وكان المزاج العام بأكمله سيتغير، والدليل على صحة كلامي أن في عامي 2018-2019 تتابعت الهجرة من سوريا حتى من الموالين.

حلم ملايين السوريين اليوم بما فيهم الموالون مغادرة سوريا لأنهم فقدوا الأمل تماماً في أن تعود سوريا الحقيقية.


سلام مسافر:


وهل دوافع الهجرة اقتصادية بحتة أم سياسية أيضاً؟


فراس طلاس:


بالنسبة للموالين اقتصادية بحتة.

لنسمي الأمور بمسمياتها أخ سلام: في مناطق كثيرة من سوريا الحرب انتهت، بما في ذلك حمص وشمالها والجنوب وحلب، وعندما تنتهي الحرب فإن هنالك مسرى لشكل الحياة بعد الحرب غير الحياة خلال فترة الحرب.

ففي الحرب وحتى لو كانت موالاة الإنسان قليلة يقول سنصبر... مافي كهربا نحن بحرب... مافي مازوت نحن بحرب... فلان مستعجل أكيد رايح عالحرب...

لكن عندما يرى الناس أن الحرب انتهت وانقضى على ذلك سنة وسنتين حتى في بعض المناطق ولم يتغير شيء، فإنهم باتوا يشعرون أن القصة مستمرة وأن سوريا تحولت إلى دولة فاشلة للأسف.

لكنني أقول: بالنسبة لي سوريا لم تتحول إلى دولة فاشلة بعد، والسبب أنني أؤمن بالشعب السوري وأنه إن لم يبق في سوريا إلا الرماد سيحييها السوريون مجدداً... من في الداخل ومن في الخارج.


سلام مسافر:


حسناً.... في الدقيقتين الأخيرتين: كم يبلغ سعر سوريا إذا حسبنا ما تملكه من أراض ومبان وأنهار وأشجار وكل هذه الثروة التي يطلق عليها الثروة الوطنية السورية؟


فراس طلاس:


لا أعتقد أنه يوجد تقييم دقيق، لكن إذا قمنا بضرب الناتج القومي كما كان قبل سنة 2011 (حوالي 60 مليار دولار) بعشرين يكون الرقم حوالي 1,2 تريليون دولار يمكن أن تعتبرها هي القيمة الاقتصادية التي تسأل عنها، لكنني أعتبها قيمة دنيا جداً أمام المتاح، وذلك لأن سوريا بلد غني جداً لكن إمكانياته محبوسة، ليس فقط بسبب الفساد والسرقة بصراحة، بل وبسبب أن النظام لا يريد للناس أن تعمل وتغنى.

سوريا بلد إمكانياته الزراعية كبيرة وإمكانياته السياحية كبيرة وإمكانياته الصناعية كبيرة.


سلام مسافر:


نعم... إذاً في غلاء قيمة سوريا وهو ثمن لا يقدر بثمن طبعاً وتستحقه سوريا، كم تحتاج سوريا من رؤوس أموال لإعادة البناء في تقديراتكم كصناعي؟


فراس طلاس:


أنا أعتقد أن بناء خمس مدن جديدة كل منها تكلف حوالي 10-15 مليار دولار هي عملية ستعطي سوريا لوناً جديداً، وهي عملية قد تستغرق سنتين أو ثلاثة ولا تتطلب في مجملها أكثر من 60-75 مليار دولار، وسوف تضخ دماً جديداً في الاقتصاد.

فعوضاً عن أن يكون حجم الاقتصاد كما الآن حوالي 15 مليار دولار يصبح حجمه 50-70 مليار دولار، وبالتالي وخلال عشر سنوات تقوم سوريا بترميم نفسها بنفسها.

أي إنني في الحقيقة لا أميل إلى تقديرات البنك الدولي التي تقول ان سوريا بحاجة 280-400 مليار دولار لإعادة الإعمار بسبب أنه قد تخرّب فيها هذا الكم من الطرق والكهرباء...إلخ

في الواقع الشيء الأساسي الذي خُرِّب هو سبعة أعوام من عمر السوريين ومن عمر التعليم... هناك جيل بأكمله لم يتعلم ولذلك يجب أن تهتم بمدارسه وجامعاته وعملية بناء هيكلية كاملة للمجتمع السوري، وهذا الأمر لا يكون برأيي إلا عبر بناء مدن جديدة ينجذب إليها الناس ليقيموا بها ويبدؤوا حياة جديدة ومن ثم تبدأ عملية إعادة تخطيط المدن القديمة، وبذلك يصبح لدينا سوريا الجديدة وسوريا القديمة.


سلام مسافر:


شكراً جزيلاً لكم سيد فراس طلاس، وأنتم رجل أعمال وصناعي سوري وسياسي، على هذه الإضاءات ولكم أعزائي المشاهدين أطيب التحيات.























































































































































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow