Alef Logo
الآن هنا
              

إدلب نهاية بكائية أردوغان على السوريين

سميرة المسالمة

2019-12-28

يشكّل التصعيد في منطقة "خفض التصعيد" الرابعة -التي لم تّسلم بعد للنظام السوري كما سابقاتها- نهاية لمسلسل البكائيات على الشعب السوري، وانكشاف لعمق التخلّي الذي مارسته فصائل المسار الآستاني عن دورها كفصائل معارضة، مقابل الدور الوظيفي الذي أرادته، أو رسمته، لها القوة الإقليمية التي ساندت نشأتها وتحولاتها، وصولاً إلى التوافقات التي قيدتها في آستانة، التي نصّت، كما هو واضح، على تسليم مناطق "خفض التصعيد" بعد "معارك" يتم من خلالها تسويغ استسلامها ونجاة منتسبيها، على حساب موت وتشريد أهالي تلك المناطق التي انتكبت بهم، بعد نكبتها بحكم النظام الأمني لها، ولاحقاً بما طالها من قصف وحشي من النظام وداعمه الروسي.


لم تخف التفاهمات الدولية موقع إدلب الاستراتيجي في خارطة المساومات في سوريا وعليها، فحيث استوعبت أرضها جيوش المتصارعين المحليين والإقليميين والدوليين، فقد كانت أيضاً مركز تجميع بشري وفرز طائفي، كمقدمة طبيعية لما نتج عنه لاحقاً من توزيع جغرافي لمحوري الصراع في منطقة البحر المتوسط، (الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا) وكانت أحد الأسباب المباشرة في جلوسهما على طاولة واحدة في 9/9/2016 بما سمي اتفاق كيري -لافروف ومن ثم كانت الطريق إلى كشف الغطاء عن التحالفات الدولية ضمن ما سمي مسار آستانة في يناير 2017. ومن بعدها اتفاقات ثنائية وثلاثية تحت ما سمي لقاءات القمة التي أنتجت اتفاق سوتشي حول إدلب.


ويمثل الصمت التركي على المجازر الروسية في إدلب اليوم جوهر مضمون اتفاقات آستانة، ويقابلها بالمثل الصمت الروسي على العملية العسكرية التركية في الشمال ("نبع السلام")، وأهم ما نتج عنها الموافقة على أكبر عملية تغيير ديمغرافي حدثت في سوريا تحت مسمى "المنطقة الآمنة"، التي يراد لها أن تكون حزام بشري عربي يحقق لتركيا ما سعت له في إبعاد الكرد عن حدودها، وتشكيل كتلة بشرية موالية لها داخل حدود الدولة السورية، في غياب واضح لدور دولي أممي، في حماية حق السوريين في العودة إلى مناطقهم وأماكن سكنهم وخياراتهم الجغرافية داخل سوريا، رغم تصريحات بيدرسون الجمعة (20 كانون أول) أمام مجلس الأمن خلال إحاطته الأخيرة لهذا العام "عن العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين إلى مناطقهم الأصلية أو المناطق التي يختارونها"، ما يشير إلى أنه يعرف "نوايا" ما يسمى توطين اللاجئين في المنطقة الآمنة.


وكما حدث في أيلول من عام 2018 في استحضار نشاط جبهة النصرة على الساحة السورية لمنح روسيا رخصة القتال وفتح المعارك، وفق الاتفاقات في أستانة ضد ما تسميه المنظمات الإرهابية، وإغلاق أي منفذ للحل السياسي، تعيد روسيا اليوم تأزيم الموقف من خلال فتح معركتها الوحشية ضد أهالي منطقة معرة النعمان بهدف تغيير الخريطة الميدانية، والتعتيم على ممارسات النظام داخل أروقة الأمم المتحدة، بخاصة في إعاقة عمل اللجنة الدستورية تحت الغطاء الدولي، ومحاولة إلزام الأمم المتحدة التسليم بنقل أعمال اللجنة إلى أستانة لصالح الضامنين الثلاثة، روسيا، إيران، تركيا، لإبعاد شبح الهيمنة الأميركية عليها، والرد على العقوبات التي تطال روسيا من خلال قانون "قيصر" الذي أقرته الولايات المتحدة الأمريكية.


في المحصلة فإن كل التفاهمات والخصومات الدولية دفع ثمنها السوريون من أرواحهم، تارة بتجاهل جوهر ثورتهم وعدم مساندتها، بقضم حقهم في تنفيذ القرارات الدولية من بيان جنيف1 وحتى القرار2254، وتارة أخرى بالصمت إزاء تفاهمات الضامنين لآستانة، وتمرير مشاريعهم الخبيثة على حساب سلامة وحق السوريين في كل سوريتهم، ما يسقط بكائيات الرئيس التركي رجي طيب أردوغان عليهم ويحوله إلى مجرد شريك لما تفعله روسيا وإيران ولو بالصمت.


وضمن ذلك يمكن طرح مسألتين، الأولى، وهي أن السياسة التركية تجاه المسألة السورية تستحق النقد، ليس لأنها لا تراعي مصالح السوريين وحقوقهم فحسب، وإنما لأنها تزيد من إغراق تركيا في المسألة السورية، بما لا يخدمها ولا يخدم شعب سوريا، ولا العلاقات المشتركة. والثانية، أن المعارضة معنية بتوضيح موقفها بدل إبداء المزيد من الخضوع للموقف التركي بل والتماهي معه على حساب مصلحة الشعب السوري، إذ أن المنطق الاستقلالي هو الذي يجلب الاحترام، وهو الذي يمكن أن يدفع تركيا لمقاربة مصلحة الشعب السوري، وهو الذي يجعل تلك المعارضة المتصدرة تكسب احترام شعبها الذي فقدته، واحترام من تعتبره حليفها وهو تركيا.


كلمات مفتاحية: سورياتركياإدلبروسياالولايات المتحدةخفض التصعيدالمعارضة




إدلب نهاية بكائية أردوغان على السوريين
2019/12/20
يشكّل التصعيد في منطقة "خفض التصعيد" الرابعة -التي لم تّسلم بعد للنظام السوري كما سابقاتها- نهاية لمسلسل البكائيات على الشعب السوري، وانكشاف لعمق التخلّي الذي مارسته فصائل المسار الآستاني عن دورها كفصائل معارضة، مقابل الدور الوظيفي الذي أرادته، أو رسمته، لها القوة الإقليمية التي ساندت نشأتها وتحولاتها، وصولاً إلى التوافقات التي قيدتها في آستانة، التي نصّت، كما هو واضح، على تسليم مناطق "خفض التصعيد" بعد "معارك" يتم من خلالها تسويغ استسلامها ونجاة منتسبيها، على حساب موت وتشريد أهالي تلك المناطق التي انتكبت بهم، بعد نكبتها بحكم النظام الأمني لها، ولاحقاً بما طالها من قصف وحشي من النظام وداعمه الروسي.

لم تخف التفاهمات الدولية موقع إدلب الاستراتيجي في خارطة المساومات في سوريا وعليها، فحيث استوعبت أرضها جيوش المتصارعين المحليين والإقليميين والدوليين، فقد كانت أيضاً مركز تجميع بشري وفرز طائفي، كمقدمة طبيعية لما نتج عنه لاحقاً من توزيع جغرافي لمحوري الصراع في منطقة البحر المتوسط، (الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا) وكانت أحد الأسباب المباشرة في جلوسهما على طاولة واحدة في 9/9/2016 بما سمي اتفاق كيري -لافروف ومن ثم كانت الطريق إلى كشف الغطاء عن التحالفات الدولية ضمن ما سمي مسار آستانة في يناير 2017. ومن بعدها اتفاقات ثنائية وثلاثية تحت ما سمي لقاءات القمة التي أنتجت اتفاق سوتشي حول إدلب.

ويمثل الصمت التركي على المجازر الروسية في إدلب اليوم جوهر مضمون اتفاقات آستانة، ويقابلها بالمثل الصمت الروسي على العملية العسكرية التركية في الشمال ("نبع السلام")، وأهم ما نتج عنها الموافقة على أكبر عملية تغيير ديمغرافي حدثت في سوريا تحت مسمى "المنطقة الآمنة"، التي يراد لها أن تكون حزام بشري عربي يحقق لتركيا ما سعت له في إبعاد الكرد عن حدودها، وتشكيل كتلة بشرية موالية لها داخل حدود الدولة السورية، في غياب واضح لدور دولي أممي، في حماية حق السوريين في العودة إلى مناطقهم وأماكن سكنهم وخياراتهم الجغرافية داخل سوريا، رغم تصريحات بيدرسون الجمعة (20 كانون أول) أمام مجلس الأمن خلال إحاطته الأخيرة لهذا العام "عن العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين إلى مناطقهم الأصلية أو المناطق التي يختارونها"، ما يشير إلى أنه يعرف "نوايا" ما يسمى توطين اللاجئين في المنطقة الآمنة.

وكما حدث في أيلول من عام 2018 في استحضار نشاط جبهة النصرة على الساحة السورية لمنح روسيا رخصة القتال وفتح المعارك، وفق الاتفاقات في أستانة ضد ما تسميه المنظمات الإرهابية، وإغلاق أي منفذ للحل السياسي، تعيد روسيا اليوم تأزيم الموقف من خلال فتح معركتها الوحشية ضد أهالي منطقة معرة النعمان بهدف تغيير الخريطة الميدانية، والتعتيم على ممارسات النظام داخل أروقة الأمم المتحدة، بخاصة في إعاقة عمل اللجنة الدستورية تحت الغطاء الدولي، ومحاولة إلزام الأمم المتحدة التسليم بنقل أعمال اللجنة إلى أستانة لصالح الضامنين الثلاثة، روسيا، إيران، تركيا، لإبعاد شبح الهيمنة الأميركية عليها، والرد على العقوبات التي تطال روسيا من خلال قانون "قيصر" الذي أقرته الولايات المتحدة الأمريكية.

في المحصلة فإن كل التفاهمات والخصومات الدولية دفع ثمنها السوريون من أرواحهم، تارة بتجاهل جوهر ثورتهم وعدم مساندتها، بقضم حقهم في تنفيذ القرارات الدولية من بيان جنيف1 وحتى القرار2254، وتارة أخرى بالصمت إزاء تفاهمات الضامنين لآستانة، وتمرير مشاريعهم الخبيثة على حساب سلامة وحق السوريين في كل سوريتهم، ما يسقط بكائيات الرئيس التركي رجي طيب أردوغان عليهم ويحوله إلى مجرد شريك لما تفعله روسيا وإيران ولو بالصمت.

وضمن ذلك يمكن طرح مسألتين، الأولى، وهي أن السياسة التركية تجاه المسألة السورية تستحق النقد، ليس لأنها لا تراعي مصالح السوريين وحقوقهم فحسب، وإنما لأنها تزيد من إغراق تركيا في المسألة السورية، بما لا يخدمها ولا يخدم شعب سوريا، ولا العلاقات المشتركة. والثانية، أن المعارضة معنية بتوضيح موقفها بدل إبداء المزيد من الخضوع للموقف التركي بل والتماهي معه على حساب مصلحة الشعب السوري، إذ أن المنطق الاستقلالي هو الذي يجلب الاحترام، وهو الذي يمكن أن يدفع تركيا لمقاربة مصلحة الشعب السوري، وهو الذي يجعل تلك المعارضة المتصدرة تكسب احترام شعبها الذي فقدته، واحترام من تعتبره حليفها وهو تركيا.

كلمات مفتاحية: سورياتركياإدلبروسياالولايات المتحدةخفض التصعيدالمعارضة












تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

وديعة" ميشيل كيلو ووصيته

01-أيار-2021

عروض بوتين لبايدن في سورية

06-آذار-2021

بين جمال سليمان ومناف طلاس

20-شباط-2021

في شرعية انتخابات الأسد

06-شباط-2021

في رثاء منصور الأتاسي وفاضل السباعي ونحن

12-كانون الأول-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow