Alef Logo
يوميات
              

النشيد الوطني

باسم سليمان

2008-06-15


رغم, معرفتي بمن ألّف ولحّن النشيد الوطني , لكنني أتغافل عن ذلك ,وأميل لأنسبه لوجدان شعبي, ككثير من التراثيات التي ضاع أسم مؤلفها وأصبحت تنسب لمنطقة في هذا الوطن أو تنسب له بكليته. فما إن يرفرف العلم وينداح النشيد تراه يصبح الجامع المانع لطيف الاتفاقات والاختلافات ؛إنه كحضن الأم يجد فيه صغارها دوما متسعا لهم.
الوطن, هذه البقعة الجغرافية من هذا الكوكب الأخضر, لها شخصيتها الاعتبارية, من جسد, يتمثل في أقاليمه الثلاث: الجوي ,البحري والبري, وشعب, كالدم يجري بالعروق ,وسلطة, كالعقل في الإنسان ,له هويته التي تظهر أكثر ما تظهر في علَمِه ونشيده الوطني .
وأنا ,هذا الشبيه بالوطن, المؤلف من أقانيم ثلاث : جسد وروح وعقل. ما هو علَمِي ؟
وبالأحرى ما هو نشيدي الوطني ؟. الحقيقية لم يتبادر لذهني السؤال إلا تداعيا من البحث في النشيد الوطني؟! . أرقني السؤال كثيرا؛ حتى انتبهت لأغنية ادندنها في معظم حالاتي ,كلازمة موسيقية, يعود إليها العازف بين فينة وأخرى .
" أنا عندي حنين وما بعرف لمين" حاولت أن أتذكر متى أصبحت الخلفية التي تغطي لساني, وتشد كلماتي وتفكيري إلى الذات الصادرة عنها؟!. لم ينفعني البحث التاريخي , لشعور ؛أنها أقدم وأحدث من لحظة تأليفها وتلحينها . بل بقيت أسئلة تحديدها: هي الأجوبة عن الزمن الذي اعتمدتها كنشيد وطني لي؛ في طفولتي تختلط مع صوت أمي, في مراهقتي مع من لونت قلبي بالأحمر, حاليا ترتبط باللحظة الآتية الذاهبة مع كل التفاصيل التي يضج بها يومي مع الخيبات ,النجاحات, الأمل ,القنوط ؛أنها شيطاني الذي يسكن في التفاصيل وأكثر من ذلك .
أتغافل عن واقعيتها, وأنها أغنية ليست ملكي بل لمن يسمعها, وهي محفوظة الحقوق للسيدة فيروز والأخوين الرحباني, وأشعر بنوع من الغيظ عندما أجد أحدا ما في صباح يترنم بها وأسعد لما استمع لها وحدي بمصادفة تقودها إذاعة ما, فأزهو بهذا الوطن الحر المستقل الذي هو ذاتي وتأخذني أحلامي إلى أن هذه الإذاعة: هي إذاعتي الوطنية ,تفتتح بثها اليومي بالنشيد الوطني,. معلنة يوما جديدا ينضم لتاريخي.
ولكن لمن هذا الحنين؟! فهو بقدر ما تعجبني شموليته وعدم تخصصه بآخر قد يكون جحيمي ,يترك الجهات مفتوحة على رياحها تعصف بكياني فأجد نفسي , أسأل قلقي ,أليس من الطبيعي أن يجد هذا الحنين مستقرا له ؟.
عدتُ إلى مواطن حنين كثيرة لي وجدتها منطوية فيه لا تبرحه ولا يغادرها ولكنها لا تشغل سوى حيز صغير فيه والباقي مفتوحا على أفق التوقع والاحتمال . أخافني ذلك؛ ألست أعرف نفسي؟! وأنا من جلتها من مطلع الشمس لغروبها وراقبت امتطاء النجوم صهوة السماء وسقوطها في أول الفجر بعد أن أنهكها ترويض الليل .
ماذا يعني هذا؟ أ بعد هذا العمر والخبرة, أقف أمام نفسي كالغريب, أتأمل وجهي في المرأة؟! وأساءل هل هذا أنا أم هو ضمير الغائب الآتي لحاضري؟! . هالني عدم درايتي بنفسي وأني كالغريب عنها بل أني كالسائح الذي استأجر غرفة في العقد الثالث منها, يدفع أجرته عند تمام كل قمر أو يُرمى هو وحقائبه في المحاق .
أي غربة قادني إليها السؤال؟ أي صورة تتشكل في ظلام غرفة تحميض الصور؟ . هل سأقف أمام المصور انتظره ليقدم لي صوري بعد مقارنتها بي؟ , فأنا لا أجرؤ أن أمد يدي إلى مجموعة الصور التي أمامه, لدي شعور بأنها سوف تتساقط من يدي أو لن أتعرف على نفسي, ولربما اختار صورة شخص آخر!! .
ما هذا الضياع الذي يجتاحني في وقفتي باستعداد؟! بينما السلام الوطني لذاتي يعزف وموج القلق يضرب صدر سفينتي .الأغنية تكاد تنتهي, صوت فيروز يتلبس الصدى ,أغنية أخرى تذاع , أستريح, بلور الشباك يعكس ملامح وجهي , أتبين لون عيني وابتسامة ماكرة تخطها شفتي وأخرج .
الريح تخفق بشعري, وبعض قطرات المطر تنقر على وجهي, صوت من داخلي يصيح: أدخل, الباب مفتوح.
تتسع المسافة ورائي , فيما البناء الشاهق يأخذ شكله وعلى قنطرة بوابته في المنتصف, مخطوط بأحرف تتغير كل ثانية, قرأتُ بعربية واضحة : أعرف نفسك, فرحت أدنن" أنا عندي حنين وما بعرف لمين" .
باسم سليمان
[email protected]


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في بحثكَ عن ظلّ؛ تفوتك ألف شمسٍ

29-كانون الأول-2018

الصارية

02-حزيران-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

17-آذار-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

23-كانون الأول-2014

الخط الأحمر في طور المراهقة الحوارية*

04-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow