Alef Logo
يوميات
              

كورونا فوبيا

نزار غالب فليحان

خاص ألف

2020-04-11

الوباء
الوباء يحوم حولنا كأسراب من الغرابين تدق مناقيرها أبوابنا ، يؤرق نعيبها سكينتنا ، قرأتها ، ثم ركنتها رفقة أخواتها ، صارت رواية "الطاعون" أول ما تقع عليه عيناي تطل عليَّ كل صباح من على الرف الثاني في مكتبتي ، لم تكن "وهران" موبوءة ، لكنها كانت الفضاء الذي بث فيه "ألبير كامو" حواره حول البقاء على قيد الحياة ، و جدل الإيمان من عدمه ، الآن مَسَّ الوباء كل مكان ، اتسع الفضاء لحوار يُلِحُّ كجرح يَنُزُ و لا يندمل ، لم يعد السؤال كيف نبقى ؟ صار السؤال متى نموت ؟

اللقاء
لم تكن المسافات يوماً في حسبان اللقاء ، لم تكن محلَّ انتباهنا ، و لم تكن محكومة ببروتوكولات لا يمكن المساس بها ، كانت تتلاشى ذات مصافحة ، و قد تنعدم حدَّ العناق ، و كان الاحتضان دواء المحبطين ، صارت المسافات تحسب بدقة بالغة ، و العناق سبباً آخَراً للموت ، ربما نابت الابتسامة عن الكفوف "حَيَّاني بابتسامة عميقة" ، و ربما قامت العيون مقام الصدور "احتضنني بنظرة دافئة" ، لكن السؤال الذي قد يخطر في البال ، هل سيرسخ هذا الطارئ عادة و أسلوب حياة ؟ هل سنبقي على ذات المسافات ؟ و هل ستختفي مفردات مثل : عناق ، مصافحة ، و تختفي عبارات مثل : أذابني دفؤ صد رها ، غفوت كيمامة خائفة حين توسدت ذراعه ؟

العطر
رسائل يحملها الأثير ، تلتفت الأوراح لعبقها ، تقرأها بعناية ، تتخيل الطقس الذي ساقها إليك ، ترى عنقاً غَضّاً على صفحة مرآة يُنَدِّيهِ رذاذٌ ناعمٌ ، ترى الرسغين الرشيقين يجفلان أنفاً متلهفاً للأريج ، تدرك معنى أن يسبح الجمال في غيمة ستمطرك عطراً .
فجأة تبدل المزاج ، طغت على الأمكنة روائح لا تنتمي لهذا الجمال ، لم تعد ترصد الياسمين و لا الجوري و لا الأوركيد و لا اللافندر أو الفانيليا ، سرق الكلور اللحظة و هيمن الديتول على تفاصيل يومنا ، و وسم الكحول المشهد برائحته ، حُسِمَتْ معركة الوجود لصالح المادة و خسر المعنى مجازاته التي عَوَّلَ عليها إلى حين ، فهل يطول أمد القبح ؟

المقهى
ذراعان تتباعدان ترحيباً بوافد جديد ثم تطبقان كأنهما تعانقانه ، باب المقهى لا يتذمر و لا يشكو تعباً ، الطاولة كموقد ذات شتاء يتحلق حوله الساهرون ، صخب الكؤوس و الفناجين ، موسيقا الجاز ، ضحكات بمختلف المقامات ، سجالات و مناكفات و مزاح ، التفاتات و نظرات و همسات ، يتوقف نبض عالم المقهى الآسر الحافل بالحياة ، يقف على الحياد كشجرة يابسة على رصيف مهجور ، تلوذ الطالات في ركن صامت ، و يعتري البرد المقاعد ، حياة يؤجلها المرض ، و ربما يهددها موت محتمل .
تعليق



Yousrf Al

2020-04-10

رائع يبين تناقضات الحياة الدقيقة الناعمة بشكل صارخ. حين يعادل القبح الجمال وقد يتغلب عليه ولا نرجو ذلك . تحياتي للأستاذ نزار سلمت يراعك

EmadAlyaseen

2020-04-11

قريبا يأتي الصباح لنبتسم انه لم يتعد كونه كابوساتحياتي استاذ نزار

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

نصوص

06-آذار-2021

أغنيات فيروز بين قراءتها في سياقِها المسرحي وتحليقها في مخيلة المستمع ...

13-شباط-2021

"سلوى النعيمي" ذاتَ بَوْحٍ في "كتاب الأسرار" ...

06-شباط-2021

زاد الخير ... الحلم إذا استبد

29-آب-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow