Alef Logo
ابداعات
              

أنا لم أقل

نزيه بريك

2020-06-20

أنا لم أقل – نزيه بريك
أنا لم أقُلْ

أنه كلما اتسعتْ عينُ السلطة ضاقتْ البسمةُ

وأن “الثقافة القومية” بنتُ حرام

و”النشيد الوطني” قوادُ الحاكم



لم أقُلْ أبداً

أن للقاتلِ شجرةَ عائلة

وأن الخرطوشَ لا يسقط بعيداً عن البارودةِ

وأن الجزمةَ فازت في مسابقة ملكة جمال الممانعة

وحذاءَ ساندريلا سقط بنيران المقاومة



لم أقلْ

أن القوانينَ نفايات عضوية،

تتحلل في جيوب السلطة

وأنها كُتِبتْ بقلم رصاص

والممحاة تآكلت…

وأن الكلامَ الذي خرج من المنصة

أصابه الهلع، وتبوَّلَ

في سرواله



أنا لم أقلْ

أننا ترعرعنا في الأواني الفارغة

وأن الكأسَ تبحث عن قطرة ندى تبلل ريقها

وأننا نشربُ السرابَ من أحواضِ السلطةِ

وأن مُعجّلَ الوطن دمعة والمؤجّل صرخة…

وأن أسئلةَ الغد تتقلب في الفراش، مصابة

بفقدان التوازن وجفاف الجواب



لم أقُلْ أبداً

أن كراسي المقاهي غادرت الأرصفة

تحت ثرثرة البنادق

وأن الأرضَ عاقرٌ، والنهر مخّصيٌ

وأن البحرَ يُتأتئ مرتجفاً كلما

سمِعَ اسم البلادِ



لم أقُلْ أبداً

أن الحياةَ مصابةٌ بالإسهال العسكري

أن السماءَ صارت سيئة السمعة،

تتلقى الرشوات من كل الجهات

وأن أحلامنا تتعثر بخيالها،

وعقاربها توقفت عن التحرش

بالوقت – حتى الضائع –

وأننا نبني وجه بيوتنا إلى الشمال، لئلا

الشمس تفضح وجوهنا…



لم أقُلْ

أن المدرسةَ فاشلةٌ من عصائها حتى يائها،

وأني تعلمتُ

رسمَ الدوائر من ثقوب ملابس الفقراء

وتعلمتُ رسمَ الزوايا الحادة من تقاطع

علامات الضرب على وجه الأحلام



لم أقُلْ

أن الحزنَ قاعدةٌ ثابتة، وكل الزوايا حادة المذاق

وأن البكاءَ أسرع من صوتنا

وأننا نشيخ بفيروس جغرافيا الفراغ…

وأن تاريخَ موتي ليس صدفة،

هو يوم مولدي



لم أقُلْ

أن هناك من سرق معالمي في ليالي الهزيمة

وأني لا أعرفني كلما سقط وجهي في المرآة، لولا

أمي التي تحفظني عن ظهر قلب

وأننا في الأعياد لا نجد سوى بنات العيون

لنحرِها أضحية تلجم

سادية الآلهة



لم أقُلْ

أن القصيدةَ تُكتبُ على بحر القهرِ

وأنها لم تتعافى من تفعيلة البكاءِ

وأن الشاعرَ الذي ينتظر على رصيف “نوبل” تواطأ

مع سيادة القاتل

وأن المسافةَ إلى الحقيقة لا تُجتاز بالأقدام



لم أقُلْ

أن الرصاصَ عقيدةٌ…، وأننا

جمعَ تكسير، وجماعات تكفير…

وأن الدميةَ ما زالت تبحث عن طفلها

بين الركام

وأن الهواءَ يعُضُّ، مسعوراً مثل كلاب السُلطة



لم أقُلْ

أن الأشجارَ الميتة لا تأبه بفلسفة الفصول

وأن الصفصافَ تنكر للماء، والماء

يشتُمُ بطن الغيمة…،

وأن الذي في عيون الورود دمعٌ،

وليس ندى

-كما تُشيْعُ نشرة الأخبار الحكومية-

وأن الحدائق استلمت شهادة الوفاة

من الطبيب الحزبي



لم أقُلْ

أن الحياةَ عادةٌ سريةٌ

وأننا بحاجة لوزارة تدير شؤون الموت

وأخرى تعالج مرضى القيمة الفائضة

وأن وزارةَ المغتربين انتقلت بمرسوم رئاسي

إلى رحمة المنفى



لم أقُلْ

أني أعرف الوطن من رأس المطرقة

من عشبِه اليابس

من انحناء ظهرهِ بالنياشين

من وجههِ الجاحظِ

من شوارعِ الفقراء الطويلة

من موتهِ السريري

ومن شاهدِ قبرهِ



لم أقُلْ…، حتى ما قلّ ودلّ

ومن أنا…!؟

فالموتى لا يتكلمون، ولا يحزنون

أهي ذاكرتي من تقف وراء هذا الكلام !؟

لم أكن أدري أن للموتى ذاكرة،

وأنهم يبتسمون أجمل

من الباقين والجالسين

على ضفة الخنجر

أنا لم أقُلّ …،

كان بودي القول أكثر، لكن

“الطفل سقط في البئر”

~*~



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

للقلق فوائد، فلا تقلقوا...

15-أيار-2021

أبوابٌ

27-آذار-2021

حين تأخذُ حِصَّتك من الشمس

06-شباط-2021

لا أُريدُ التَّدخُلَ

16-كانون الثاني-2021

النافذة...

02-كانون الثاني-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow