Alef Logo
ابداعات
              

موسم الهجرة إلى أسفل

محمد إبراهيم قشقوش

2008-06-18



• مرحلة ما قبل الهجرة :

بدايةً لم يكن هناك مكان لقدم زائدة.. القاهرة كساندويتش لحم مفري يمتلئ عن آخره، الكل يلهث بين ضفتيه، في الأتوبيس قد أحرك قدمي لكنني لا أضمن ألا أدهس قدم أخرى لا تخصني، قد يضطرني ذلك المأزق أن أعود لمكاني، لكنني للأسف قد أجده شُغل. الأشخاص التسعة الذين اتحدت رؤوسهم برأسي صرنا نشترك معًا في شيء واحد؛ أننا كائن أسطوري لم يولد من قبل يملك عشرين رِجلاً وعشرين يدًا وعشرة رؤوس أنثوية وذكورية بعشرين عين وأنف واحدة تسحب نفسًا واحدًا كبيرًا. رغم أننا نملك عشرة رؤوس إلا أن تفكيرنا واحد، الكل ينصب حول فكرة واحدة؛ عدم الحركة.. الكل يخشى أن يفقد موقعه.
من نافذة الأتوبيس.. الآخرون الأثرياء يقفون بسياراتهم اللامعة، أحدهم يستطيع أن يتحرك؛ فهناك مساحة براح بين سيارته والأخرى أمامه، غير أنه قد يصطدم بها، حين يفكر في الرجوع لن يجد ذلك البراح الذي كان قد تركه خلفه.. عندئذ سيدرك أن تلك السيارات التي تحوطه من الجهات الأربع قد تحولت لمتاريس تعوقه عن الحركة.. ووقتها فقط سيصبح واحدًا منا، وسيشاركنا تفكيرنا.
• مرحلة الهجرة إلى أسفل :

في السنة الأولى من الهجرة اتجهت الآراء والأفكار نحو التوسع الرأسي لكسر العقدة المرورية.. بداية تم حفر أنفاق مترو وأخرى للسيارات وعبور المشاة وترع تمرّ من تحت قاع الترع. على جوانب الأنفاق السفلية قامت أكشاك صغيرة متنوعة لبيع الكتب والجرائد، وأخرى للتصوير الفوتوغرافي وسنترالات صغيرة.. تطور الحال عندما تمّ تحويل تلك الأكشاك لمقاهي ومطاعم تحت أرضية لخدمة عابري الأنفاق المرورية.
• السنة العاشرة :
الشلل العلوي والتلوث والصهد النهاري المزعج، يعادله الجو المكيف السفلي؛ دفع كثيرين للنزوح إلى أسفل. أعقب ذلك تحرك حكومي للقضاء على التعديات. ولأن التعديات كانت كثيرة فقد كان التباطؤ أكثر.
في مرة لاحقة تم اكتشاف بيوت وورش ومصانع صغيرة مقامة على جانبي بعض الأنفاق، وكان ذلك أكبر تعدٍّ.
• السنة الخامسة عشر :
في خلال تلك السنة تم حفر أنفاق خاصة لبناء وحدات سكنية تحت أرضية وأخرى للمصانع والورش، كان ذلك للحدّ من التعديات على الأنفاق المرورية. الغزو السفلي جعل قاع القاهرة كقطعة من الجبن الذي تخلله الدود. أكبر تعدٍّ حدث عندما اكتشفت الشرطة حقل قمح صغير بإحدى الأنفاق غير الملحوظة، تُسرق مياهه من واحدة من الترع النفقية.
مع استمرار النزوح إلى أسفل لم يتبقَّ بأعلى غير قوات الشرطة وقوة الجيش، وقتها فقط أدركت أنه لا داعي أو فائدة من بقائها بأعلى. كان هذا عندما بدأ نزوح قوات الشرطة والجيش إلى الأنفاق الأرضية.
بعد مرور عشرات السنوات كان هناك من يسخر ويضحك غير مصدق، عندما يتحدث أحد عن أشخاص آدميين يعيشون فوق الأرض....
كان الرد دائمًا ساخرًا..
(أشخاص يعيشون بأعلى.. يا له من شيء خيالي!!).
من المجموعة القصصية "الديوك الرومية لا تطير"





تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow