Alef Logo
دراسات
              

قراءة رواية «أقصى الأشياء» للكاتب الجزائري خليل حشلاف:

الخير شوار

2008-06-23


أزمة مفتعلة في «كون ورقي»

نفهم من هذه الرواية (والعهدة على راويها) أن الحياة مجرد قصة قصيرة على الشكل الموباساني- الإيدغاري فيها مقدمة منطقية وعقدة ولحظة انفراج، وفي أحسن حالاتها رواية متشابكة متعددة الفصول والشخوص وأن السارد يحدد مصير أبطاله سلفا رغم ما يدّعيه من «تنوير» وحياد فيعز من يشاء من الذين يسميهم تجاوزا في معظم الحالات «أبطال» ويذل من يشاء متخلصا منهم واحدا واحدا في الوقت المناسب، مع الاحتفاظ بمصير الشخصية الرئيسة أو الشخصيات الرئيسية إلى نهاية العمل السردي وإلا ما كانت الرواية رواية وتزعزع نظام الكائنات الورقية وطوي العمل كطي الورقة المهملة ورمي في أقرب بالوعة.
وعادة ما يكون الأبطال في حالة استسلام مطلق لمشيئة الراوي-السارد رغم ما يدّعيه البعض ممن تمرد وجودي ورفض لكل الأنظمة إلا ذلك النظام الروائي البطريركي «اللامفكر فيه» أو «المستحيل التفكير فيه» بالنسبة إليهم بالتعبير الأركوني الشهير.
لكن ماذا لو تمردت الكائنات الورقية على «خالقها»؟ هل سيختل نظام الكون الروائي؟ هذا ما يفترضه القاص خليل حشلاف في أولى رواياته تحت عنوان «أقصى الأشياء» بغلاف أسود قاتم وفيه مصابيح باهتة وشاحنة تبدو من النوع العتيق تحاول إنارة ذلك الطريق المعتم.
في تلك القتامة أطل ذلك الكائن الورقي في بداية هذا العمل الروائي إطلالته الأولى على المتلقي «على أمل أن يمسه شيء من الضوء»مثلما يقول السارد (أو نائبه)، ذلك الكائن الذي شيء له أن يتمرد على نظام القص ويخرج عن مشيئة «القاص» أو هكذا يحاول أن يقنعنا ذلك القاص المتخفي وراء الكلمات أن يفهمنا في مغالطة يبدأ بها روايته، لكي يشدنا إليه إلى النهاية وهو يملني علينا تلك «الحبكة» بعد أن مللنا تلك القصص المنمطة التي تدّعي الإضافة النوعية للمتن السردي دون أن تفعل ذلك وجل المتلقي من شدة ما تشابهت عليه البدايات يستنتج بالاستقراء المنطقي ما تحمله الصفحة الأخيرة حتى ولو أبدع «القاص» بعض المتاهات في وسط المتن يريد أن يذر بها الرماد في عيون المتلقي.
من هنا تسللت شخصية الرسام الذي سقط في واقع مبتذل جعله يتنازل كثيرا ويرسم بعض اللوحات الشعبية التي حققت له شيئا من الاعتراف «الشعبوي»، والأكثر من ذلك وجد نفسه أسير واقع دمي لا يرحم، هذه الشخصية التي بدت للمرة الأولى مشحونة وكثيفة كثافة نظرتها للفن الغامضة التي تقترب من السريالية، لكنها شيئا فشيئا «تشوعبت» وسقطت في الروتين اليومي حتى بدا السرد يقترب من اليومي المبتذل، لكن يعود فجأة للتكثيف من جديد، وكأن هذه الحيلة السردية لم تاتي على نفس واحد فبدا عليها نوع من «الحشو السردي».
وكأن هذه الشخصية الورقية المتمردة تنتبه إلى مأزقها وقد أصبحت شخصية من عوام الناس تاول أن تنتقم من مؤلفها الذي كان سببا في وجودها محملة إياه كل المصائب التي حلت بها من فشل فني واجتماعي عندما لم تتورع في شتمه علانية عندما قالت بصريح العبارة: «لم أقدسك أيها الكاتب الفاشل، ولكني اكتشفت أنك تشب عن الطوق، طفل كبير، تستعرض عضلاتك على أبطالك، لو يعرفك الناس على حقيقتك لن يحترموك».
وهذا تستمر تلك الشخصية في سمتها الوجودي إلى غاية نهاية هذه الرواية دون أن تعترف بشرعية المؤلف الأصلي، وهو ما يوحي بوجود أزمة شرعية كبيرة في العملية السردية، ولكن ما يدرينا أن ذلك الصراع ليس مفبركا؟، وذلك بوجود تواطؤ مسبق بين المؤلف القاص وأحد شخوصه الذي اختاره منذ البداية لينوب عنه ويدخلنا في عوالمه بدليل أن الرواية انتهت في الوقت المحدد لها وظهرت بنيتها السردية عادية في السياق العام .
إنها إحدى الحيل السردية التي لا يدعي المؤلف الأب (خليل حشلاف) بأنه مبتكرها الأول، لكنه نجح في إيهام القارئ لكثير من الوقت بأن ما قام به مجرد لعبة سردية ورقية أولا وأخيرا.

الخير شواركاتب من الجزائر


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

القاص اعلاّوة حاجي: راهنت على تقديم مادة قصيرة تتماشى والقراءة الالكترونية حاوره:

11-حزيران-2009

زهرة المسعدي ومدينة ياشار

04-حزيران-2009

تفاحة نيوتن وحمّام أرخميدس

23-أيار-2009

عيادة حتشبسوت

14-أيار-2009

الطارف••• العذراء التي اغتصبها موريس

08-أيار-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow