Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

كورونا وفكرة هزيمة الخوف من الموت

ألف

2021-03-06

لم نعد قانعين بقبول الموت كجزء لا يتجزأ من الحياة. فهل يمكنّنا فيروس كورونا من تكوين موقف أكثر واقعية إزاء فكرة الفناء؟

أدهشتني طريقة موتي بطرافتها. حدث ذلك وقت العطلة الصيفية في المدرسة الداخلية قرب إيبسويتش، إنكلترا، حيث أقوم بالتدريس منذ عامين. كان المكان مهجورًا سوى من بعض أعضاء هيئة التدريس، الذين لم يكن لديهم مكان أفضل يذهبون إليه. وكنتُ أقوم بنزهة قريبًا من السور البحري جنوب المدرسة، وهو حاجز ترابي طويل تم بناؤه لمنع فيضان المياه. مأخوذًا برغبة غير معهودة بالمغامرة، انحرفتُ يومها عن طريقي المعتاد، وانعطفتُ بدلًا من ذلك إلى طريق متعرّج في الرمل الرطب يمتد حتى مصب نهر ستور. عند خطوتي الثالثة، أو الرابعة، بدا كما لو أن الأرض انخسفت بي، وغارت رجلي حتى الركبة في كتلة مشبعة بالماء. غير أن ذلك لم يردعني، فأخذتُ خطوة أخرى. هذه المرة، غُمرت رجلي الأولى بالكامل، وبدأت الأخرى تغوص أيضًا. وقبل أن يمضي وقت طويل كنتُ عالقًا، غارقًا حتى خصري في ما يشبه المستنقع، كما لو أن الأرض كانت تحاول أن تبتلعني.
لا أعتقد أني بقيت هناك لأكثر من نصف ساعة، لكن بدا لي أن المد كان يقترب بسرعة كبيرة نسبيًا. وكنتُ أعرف أن الماء سيرتفع في آخر الأمر ليغمرني حتى رأسي. هكذا صرتُ مقتنعًا لبعض الوقت أنني كنت أعيش لحظاتي الأخيرة. كان احتمال أن يهيم شخص ينزّه كلبه حتى هذا المكان البعيد عن حرم المدرسة احتمالًا ضئيلًا، ولذلك لم أكلّف نفسي عناء الصراخ. ولسبب ما، كان حدسي يملي عليّ بأن أبتسم، بدلًا من أن أهلع. شعرتُ كذلك ببعض الراحة لعدم وجود أحد في الجوار ليشهد إذلالي هذا. كم هو عبثيّ، فكرت، أن أموت بهذه الطريقة التافهة للغاية قرب نهرٍ في إيبسويتش، مغروزًا حتى نصفي في الأرض، عاجزًا عن فعل شيء سوى انتظار الغرق بصبر.



"لا يمكن تصوّر عدد الذين يموتون كل سنة جرّاء حوادثَ يمكن تجنبها بسهولة؛ وإن كان بعضهم يضمن على الأقل درجة من الخلود عبر "جوائز داروين" السنوية التي تُمنح للذين أزالوا أنفسهم من تجمّع الجينات بفعل حماقتهم"





لم أهلك يومها. وبالنظر إلى كوني شخصًا ضعيفًا إلى حدّ يصعب تصديقه، فاجأتُ حتى نفسي حين تمكنتُ من سحب جسدي من الأرض عبر التشبث بصخرة قريبة. قد تقولون إن هذا بالكاد يُعتبر اشتباكًا مع الموت، وإنه ليس أكثر من حكاية سأنمّقها لاحقًا لأغراض كوميدية. غير أني، وعندما تسنت لي أخيرًا فرصة البحث عن الموضوع في الإنترنت، وجدتُ أن الموت بسبب المسطحات الطينية قرب السواحل العديدة في بريطانيا ليس أمرًا نادر الحدوث كما نعتقد. وأنه لا يمكن تصوّر عدد الذين يموتون كل سنة جرّاء حوادثَ يمكن تجنبها بسهولة؛ وإن كان بعضهم يضمن على الأقل درجة من الخلود عبر "جوائز داروين" السنوية التي تُمنح للذين أزالوا أنفسهم من تجمّع الجينات بفعل حماقتهم.
بغضّ النظر عمّا إذا كان ممكنًا أن أغرق يومها، بالفعل، أم لا، كانت تلك ربما المرة الأولى في حياتي التي أشعر فيها أن الموت كان قريبًا. أفترض أن وجازة حياة البشر تعني أننا قريبون دومًا من الموت، ولذلك لن يكون قليل من التأهب العقلي بالأمر السيئ. في عيد ميلادي لتلك السنة، قدم لي رئيس القسم الذي أعمل فيه بطاقة معايدة كتب فيها اقتباسًا عن صمويل بيكيت: "يلدن أطفالهن وأقدامهن مفتوحة على جانبي قبر، يومض الضوء للحظة، ثم يحلّ الظلام مرة أخرى". أحببتُ هذه الصورة الشعرية كثيرًا، لدرجة أنني صرتُ من يومها أنقش على بطاقات أعياد ميلاد الأصدقاء كلماتٍ تذكرّهم بأن باتوا أقرب إلى موتهم عامًا كاملًا. وأحيانًا كنت أرسم لهم جمجمة صغيرة في قبعة حفلات.

وباء كورونا

ربما تكون إمكانية تطوير موقفٍ أكثر واقعية إزاء الفناء البشري إحدى النتائج التي سيتركها وباء كورونا. فنظرتنا الحالية إلى الموت رهينة ثقافة مغلقة؛ لا ننكر أننا سنتوقف عن التنفس يومًا ما، لكننا لا نحب أن نفكر بذلك الأمر، أو أن يتم تذكيرنا بحتميته. هكذا نفضّل أن نُبقي حاصد الأرواح بعيدًا عنا، مثل عمٍّ مزعج في اجتماع عائلي؛ عمّ نعلم أنه لا بدّ أن نعود إليه في نهاية المطاف. حاولْ أن تنسى حاصد الأرواح، وذلك ممكن بالطبع، لكنه سيكون في الجوار على الدوام، شاحذًا منجله باستمرار.
من البديهي أن عنجهية العصر الحديث أنتجت عدم اقتناع بقبول الموت كجزء لا يتجزأ من الحياة. لا يترك البشر اليوم وسيلة إلا ويلجأون إليها كي يطيلوا حياتهم، أو يبعدوا علامات التقدم في السن، وينفق رجال الأعمال الأثرياء ملايين على البحوث في مجال "ما بعد الإنسانية"، وهو حقل دراسة جديد هدفه الأساسي إيجاد علاج للموت. لكني لا أزال غير مقتنع أن الخلود بالضرورة حالة يُحسد عليها. شاهدتُ فيلم "سيد الخواتم"، وبدا لي أولئك الأقزام بائسين على الدوام.
إضافة إلى ذلك، كيف ستكون الحياة من غير احتمال التوقف؟ كتب الروائي سول بيلو أن الموت هو "الخلفية القاتمة التي تلزم المرآة لكي نتمكن من الرؤية". يذكّرني هذا المفهوم بالمقابلة الأخيرة التي أجراها الكاتب المسرحي، دينيس بوتر، في آذار/ مارس 1994، قبل أقلّ من ثلاثة أشهر على استسلامه للسرطان الذي كان يفتك بجسده. في وصفه عملية الكتابة خلال تلك الأيام الأخيرة، يحكي بوتر للصحافي، ميلفين براغ، كيف كان ينظر عبر نافذة غرفة نومه إلى زهر شجرة البرقوق في الأسفل: "يبدو شبيهًا بزهر التفاح إلا أنه أبيض. وأثناء النظر إليه، وبدلًا من أن أقول: أوه، يا للزهر الجميل!... كنت أراه الزهر الأكثر بياضًا، الأكثر تفاهة، والأكثر تفتحًا، قط. وأستطيع أن أفهم الأمر. الأشياء، في الآن ذاته، أكثر تفاهة مما كانت عليه يومًا، وأكثر أهمية مما كانت عليه يومًا، والفارق بين التافه والهام لم يعد يبدو بذي أهمية".



"لم تعد علاقتنا مع الموت مباشرة إلى ذلك الحد. في عصر الابتكارات الطبية واللقاحات، التي يبدو كما لو أنها تُستحضَر بين ليلة وضحاها، لا عجب أن الموت بات يبدو لا واقعيًا"




ما دعاه بوتر "آنيّة كل شيء" ليس، وفق رأيه، كشْفًا يمكن للمرء أن يدركه من دون تجربة مباشرة. لكن، إن كان الاقتراب من الموت يعزّز قيمة الحياة، فيمكن لإدراكٍ صحيّ لضرورته أن يفعل ذلك أيضًا. منذ بضع سنوات، وقعتُ في متحف فكتوريا وألبرت في لندن على خاتم صغير مذهل يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر. كان الخاتم مطليًّا بالمينا، تتوسطه جمجمة، وعلى فصّه السداسي حُفرت أسطورة "انظر إلى النهاية"، مع نقش حول الحافة يقول: "موت أفضل من إخلاص زائف". كما يشير رباط الزوجية ونقش "العشاق الحقيقيين" إلى أن تذكار موري (تذكار الموت) هذا صُنِع للاحتفال بخطوبة، أو زفاف. لقد أراد هذان الزوجان، حتى في أسعد أيام حياتهما، أن يتم تذكيرهما بأن وقتهما على الأرض محدود.

اليوم، لم تعد علاقتنا مع الموت مباشرة إلى ذلك الحد. في عصر الابتكارات الطبية واللقاحات، التي يبدو كما لو أنها تُستحضَر بين ليلة وضحاها، لا عجب أن الموت بات يبدو لا واقعيًا. ولا يسعني إلا أن أفكر أن الرعب المتقطّع الذي يسببه فيروس كورونا؛ مرض ذو معدل وفيات منخفض نسبيًا، يعود جزئيًا إلى عدم رغبتنا بالتعامل مع واقع صعب. الموت الأسود (الطاعون)، الذي بلغ ذروته في أوروبا منتصف القرن الرابع عشر، وأخذ أكثر من نصف السكان، عنى أن على الناس أن تتعلم بسرعة كيف تعيش في حالة من الفقد المستمر. أصبح الموت حينها جزءًا من الثقافة بقدر ما أصبح جزءًا من النظرة الميتافيزيقية. وإلى تلك الفترة بالذات يعود تقليد رقصة الموت: حلقات تمثيلية نرى فيها الأحياء يرقصون، أو يسيرون في موكب باتجاه القبر، مصحوبين بهياكل عظمية. يصطف الأشخاص عادة في هذه الحلقات وفقًا للمنزلة الاجتماعية، بحيث تكون الشخصيات السياسية والكنسية في المقدمة. مادونا، حسبما أعتقد، هي من لاحظت، بكل حكمة، أن الموت (في هيئة فيروس كورونا) هو "المُساوي الأعظم". وقد كانت آنذاك، إن لم تخني الذاكرة، غاطسة في حوض استحمام رخاميّ تتناثر فيه بتلات الورود.
مثلما أدّى طاعون الدّبلي إلى تركيز جديد على الموت في الفن والأدب، أدّت أهوال الحرب العالمية الثانية إلى ظهور الفلسفة الوجودية. في مقالته "أسطورة سيزيف"، يناقش ألبير كامو فكرة أن الانتحار هو "المشكلة الفلسفية الوحيدة الجدية بحق". بكلمات أخرى، حقيقة أننا لم نقتل أنفسنا هو بمثابة إعلان لاستثمارنا في شرط الوجود. ثمة شيء من الكوميديا السوداء في وجهة النظر هذه، لكن ربما يكون هنالك بالفعل بعض العزاء في تأمل العبث المحض الذي ينطوي عليه البقاء على قيد الحياة.


الدعابة في الموت

أن نجد الدعابة في الموت لا يعني أن نحقّر قدسية الحياة البشرية، أو ننكرها، بل أن نتصالح مع طبيعتها المحدودة. نحن الكائنات الواعية الوحيدة التي تدرك أنها ستموت. لكننا، مع هذا، نتابع القيام بأعمالنا اليومية، ومشاحناتنا السخيفة، كما لو أن أيًّا منها يهم فعلًا. ليس من المفاجئ، إذًا، أن وجد تيري براتشيت تلك المنفعة الكوميدية في شخصية الموت لأجل سلسلة روايات الخيال العلمي التي ألّفها تحت عنوان "عالم القرص". وفق تأويل براتشيت، حاصد الأرواح شخصية ساخرة مولعة بالقطط، وبهار الكاري، ويحيّرها على الدوام الجنس البشري، وقدرة أبنائه على الاستمرار في حياتهم عديمة الجدوى. قرأتُ في مكان ما أن أوراق التاروت في العصور الوسطى كانت تصوّر الموت أحيانًا بالزي الملوّن لمهرج القصر. يبدو، إذًا، أن الموت هو من يضحك أخيرًا.
أجد من المطمئن كذلك أن يكون المشرفون على الموت قادرين على الاحتفاظ بروح الدعابة. بعد أن تم تشخيص إصابة الكاتب كريستوفر هيتشنز بسرطان مميت، تساءل بعض معارفه المتدينين إذا ما كان من الممكن لهذا الملحد، الأكثر مجاهرة بين الملحدين، أن يؤمن في آخر الأمر. فجاء رده بالغ الظرافة: "إذا غيّرتُ معتقدي، فسيكون ذلك لأن موتَ مؤمنٍ أفضل من موت ملحد".



"بعد أن تم تشخيص إصابة الكاتب كريستوفر هيتشنز بسرطان مميت، تساءل بعض معارفه المتدينين إذا ما كان من الممكن لهذا الملحد، الأكثر مجاهرة بين الملحدين، أن يؤمن في آخر الأمر"




يُقال إن كلمات أوسكار وايلد الأخيرة على فراش الموت كانت: "ورق الجدران وأنا نخوض نزالًا حتى الموت. إما أن يموت هو أو أموت أنا". ربما تكون هذه القصة أكثر غرابة من أن تُصدَّق. وبالطبع، حين يتعلق الأمر بتصريحات خفيفة الظل على فراش الموت، يكون من الصعب معرفة التوقيت المناسب لقولها. فحتى إن وجد المرء الطاقة ليصوغ قولًا متهكمًا بارعًا، أنّى له أن يعرف الوقت الأفضل لقوله؟ الكاتب والكوميديان، سبايك ميليغان، كان قد تحايل على هذه المشكلة بأن أوصى سلفًا على النقش الذي سيُكتب على قبره: "أخبرتكم أني مريض". يشكّل ذلك، بالطبع، تحويرًا مبتكرًا عن المحاولات المسرفة في العاطفية التي اخترتموها لشواهد قبوركم العادية.
يرى الوجوديون أننا يجب أن نجد معنى في الحياة لكي نكون قادرين على التعامل مع عبث الشرط البشري. على الرغم مما قد يبدو عليه هذا الرأي، إلا أنه يشكّل في جوهره رؤية تفاؤلية للحياة. إنه يدعونا إلى مقاومة إغراء الخمول، والاحتفاء بإمكانية الإبداع داخل كل منّا. كما أنه يعني أن ليس علينا بالضرورة أن ننشد العزاء في حياة بعد الموت. شكّك نيتشه في مثل تلك المعتقدات التي رأى فيها تجليًّا لما أسماه "إرادة التدمير". إذ اعتبر أن فكرة النعيم ليست أكثر من "توقٍ للفناء"، و"إيقافٍ لكل جهد". وكان كوينتن كريسب، أيضًا، معجبًا بهذه الفكرة: "العدم المطلق المتمثل بالموت هو بمثابة نعمة"، يقول كريسب. "شيءٌ نتطلّع إليه".
لا ريب أن خوفنا من الموت يبدو نتيجة طبيعية لثقافة فردية، ولتسليع الذات الذي تعكسه بقوة وسائل التواصل الاجتماعي. يرى الشخص الأناني الحياة على أنها منتج، والموت على أنه خلل، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن وجودنا لن يكون له قيمة إذا أقرّينا أن العالم بالكاد سيتغير حالما نغادره. تصبح الحياة بلا غاية إذا قضينا كثيرًا من وقتنا ونحن منشغلون بمحطتها الأخيرة؛ قد نخاطر حينها بأن ينتهي بنا الأمر مثل جاك غلاندي في رواية دون ديليلو "ضوضاء بيضاء" (1985)، الذي أصبح مهووسًا بعقار تجريبيّ من شأنه أن يعالج رعبه من الموت. كذلك، إن ثقافة ترى في الموت التابو الأعظم لن تكون بذات عون كبير لنا.
كانت لدى سقراط إجابة بسيطة في هذا الشأن. لقد أعلن، بعد أن أدانته المحكمة، أن ما من شيء مخيف في الموت، إذ لا يمكن أن تتبعه إلا واحدة من نتيجتين: الخلود، أو الاندثار. يفتتح ويليام هازلت مقالته "عن الخوف من الموت" بالنظر في إمكانية أننا سبق وكنا موتى. وكما تقول إضافات حديثة نسبيًا إلى تاريخ البشرية الطويل، فإن بعضنا مشوّش بسبب حالة عدم الوجود السابقة التي كنا فيها. "ليس عندي أي رغبة أن أكون قد عشت قبل مئة عام، أو في عهد الملكة آن"، يقول هازلت، "فلماذا أندم وأشغل تفكيري بأنني لن أكون حيًّا بعد مئة عام من الآن، في عهد لا أعرف من؟".
إذا كان من الممكن أساسًا هزيمة الخوف من الموت، فسيكون ذلك عبر عملية تأملٍ صادق بدلًا من استحواذ لا نهائي. يزعم كثيرون أن ذلك الخوف يتبدد مع التقدم في العمر، وأنهم يندمون على إضاعة كثير من شبابهم في القلق إزاء ما لا مفرّ منه. قالت لي صديقة مسنّة مثل هذا الكلام يومًا، وزعمت أنها راضية تمامًا بأن تموت، بالنظر إلى غنى تجاربها على مدى تسعة عقود. هازلت شعر بذلك أيضًا. كان الذعر أكثر حضورًا بكثير في أيام شبابه؛ عندما، كما يقول لنا: "بدت الفكرة وحدها قادرة على كبحِ ألف أمل آخذٍ بالتحليق، والإلقاء بثقلها على نبض القلب". أتذكر أنني كنت مرّة في طفولتي أبكي قرب أمي لأنني لا أريد أن أموت قط، وأذكر أنها واستني يومها بالقول إن الكبار وحدهم ـ أولئك الذين وضعوا في القبر قدمًا مترددة ـ هم من يجب أن تشغل تفكيرهم مثل تلك الأمور. أنا اليوم أكبر سنًّا مما كانت عليه أمي يومها، والمخاوف الطبيعية التي أشعر بها لم تعد لها تلك الحدّة. وربما أجد من المضحك، إذا صمدتُ لبضعة عقود أخرى، أن الموت أزعجني يومًا على الإطلاق. لا يمكن للمرء إلا أن يتمنى.
من الممكن ببساطة ألا تكون هنالك إمكانية واقعية للانتصار على رهاب الموت الفطري فينا. لكنْ طالما أن الهياكل العظمية المرحة في رقصة الموت تتقافز دومًا في إثرنا، فيمكن لنا أن نستمتع بأدائها قدر المستطاع. سيُدفن مصيرنا في ذاكرة الكائنات العابرة الأخرى التي قُدّر لها أيضًا أن تموت وتُنسى. وربما يكون ذلك هو ما يجعل كوميديا الحياة أكثر خصوصيّة.




*أندرو دويل (1978 ــ ...):

ولد في مدينة يري، إيرلندا الشمالية. صحافي، كاتب مسرحي، كوميديان، وساخر سياسي. نال شهادة الدكتوراة في مجال شعر بداية عصر النهضة. له عدة مسرحيات، وعروض كوميدية، منها: "شاملت" (2003)؛ نسخة هزلية عن هاملت الشكسبيري. اخترع شخصية خيالية على تويتر (Titania McGrath)؛ شاعرة تعتقد نفسها أفضل من شكسبير، وكتب عدة كتب باسمها. ورد عنه في صحيفة The Independent: "أندرو دويل واحد من أكثر الكوميديين طرافة، قساوة، وحدة ذكاء".


































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow