Alef Logo
كشاف الوراقين
              

طقوس الجنس المقدس عند السومريين إينانا ودوموزي - س. كريمر - ترجمة: نهاد خياطة

ألف

2006-04-25

الزواج المقدس أصله وتطوره
ظل يُقام الاحتفال بطقس الزواج المقدس وسط أجواء من الابتهاج والحبور في جميع أنحاء الشرق الأدنى القديم طوال ألفين من الأعوام تقريباً. ولا عجب(1)، فالفكرة الكامنة خلفه بسيطة وذات جاذبية ومقنعة جداً. فقد كان من واجبات الملك الباعثة على السرور أن يتزوج من إلهة الخصب والإنجاب، ذات الشهوة الطاغية والعواطف الهائجة، ألوهية الفتنة التي تتحكم بإنتاجية الأرض وخصوبة الرحم في الإنسان والحيوان، لكي يضمن لشعبه السعادة والرفاه والكثرة العددية (إذ لم يكن ثمة تخوف من «انفجار سكاني» في تلك الأيام الذهبية القديمة).
لكن القصائد البسيطة والجذابة والمقنعة لا تأتي جاهزة الصنع؛ وإنما هي نتاج أنتجه أناس وثقافات شعرت لسبب أو آخر بحاجة إلى اختراعها، ودافع إلى تطويرها، وقدرة على منحها صفة المؤسسة الدائمة. في حالة طقس الزواج المقدس، ليس يوجد غير قليل من الشك في أن المفكرين والكهان والشعراء السومريين، الذين عاشوا في أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد، بما توفر لديهم من إبداع وخيال ومنهجية، كانوا هم أول من تصوره وتخيله واعتبره عنصراً أساسياً في إيمانهم الديني وممارستهم الطقسية. فقد كان لديهم حاجة سيكولوجية ـ والثقافة السومرية تلبّي دافعاً شديداً إلى الثراء والتملك ـ منشؤها اعتماد الاقتصاد الرعوي والزراعي اعتماداً مطلقاً على خصوبة الأرض وكثرة عدد الحيوان.
يشيع في أدب السومريين، أساطيرهم وتراتيلهم، مراثيهم ومنازعاتهم، حب آسر للرفاه والترف، وللحقل الخصيب والرحم المنجبة. ففي أحد التآليف المعروف باسم «لعنة أجاد»، مثلاً، يروي لنا الشاعر كيف أن الإلهة إينانا لم تسمح لنفسها بالنوم لكي تسهر على أن تجعل من «أجاد» أعظم مدائن البلاد:
أن يُجمّع كلّ شيء في المخازن،
أن تكون مدينتهم موطناً راسخ الأركان،
أن يأكل أهلها «مأمون» الطعام،
أن يشرب أهلها «مأمون» الماء،
أن تُشيع «الرؤوس» المستحمة البهجة في الساحات،
أن يزين الناس مكان الأفراح..
في تلك الأيام امتلأت أجاد بالذهب،
بيوتها المضيئة المشعة امتلأت بالفضة،
إلى عنابرها جيء بالنحاس والصفيح وحجر اللازورد،
صوامعها انتفخت [؟] من كل جوانبها(2).
أو، لننظر إلى الجانب الآخر من الموضوع. هو ذا شاعر يصف وصفاً مؤلماً ما حلّ بسومر من خراب؛ إذ يجزم بأن ما حل بها قد جاء نتيجة لقرار عدائي اتخذه كبار الآلهة:
أن تُدمّر المدائن، وتدمر البيوت،
أن تدمر الاصطبلات، وتباد حظائر الغنم.
ألاّ تقف ثيرانها [سومر] بعد الآن في اصطبلاتها،
ألاّ ترتع أغنامها بعد الآن في حظائرها،
أن تجري أنهارها بماء مرّ،
أن تنبت حقولها المحروثة أعشاباً ضارة،
أن تنبت سهوبها نبات العويل،
ألا تُعني الأم بأولادها،
ألا يقول الأب «آه، يا زوجتي»،
ألا تبتهج الزوجة الشابة في حضن رجلها،
ألا يصبح الولد الصغير قوياً [على] ركبتيه،
ألا تشدو له المربية هديلته.
أن تنبت كل ضفاف دجلة والفرات نباتاً يورث المرض،
ألا يطأ أحد الطرقات، ولا يسعى أحد إلى الدروب،
أن تتحول مدائنها وقراها الوطيدة الأساس خراباً،
أن تسلم رؤوس أهلها إلى السلاح،
ألا تحرث حقولها، ولا تغرس بذرة في ثراها...
ألا تعطي حظائرها قشدة ولا جبناً، ولا تسمّد أرضها،
ألا يدور الراعي قصب «شوكور» في حظيرة الغنم المباركة.
ألا تدوي همهمة مخض اللبن في حظيرة الغنم،
أن يقل عدد الماشية الكبيرة والصغيرة في السهوب، وتأتي جميع المخلوقات الحية إلى نهايتها.
ألا تزرع المخلوقات من ذوات الأربع سماداً في تربة سوموجان..،
أن تنبت السباخ قصباً مريض الرأس، ويأتي إلى نهايته بالنتن،
ألا ينبت شيء في الكروم والبساتين، وأن تتلف جميعاً..،
هكذا قدّر آن وإنليل وننخر ساج(3).



وفي ترنيمة مرفوعة إلى انليل، كبير الآلهة السومرية، نجد هذا التسبيح المدوّي:
بدون إنليل، الجبل العظيم،
لا المدائن شيدت، ولا المقارّ أسست
لا الاصطبلات شيدت، ولا حظائر الغنم أقيمت،
ولا الأنهار مياهها العالية جلبت الفيض،
ولا البحر أعطانا مختاراً كنوره الوفيرة،
ولا سمك البحر وضع بيضه في الأحواض،
ولا طيور السماء نشرت أعشاشها على الأرض الرحيبة،
لا الغيوم المحملة الغيث في السماء فتحت أفواهها،
ولا الحقول والمروج امتلأت بالحبّ الكثير،
ولا الأعشاب والحشائش في السهوب نبتت،
ولا أشجار «الجبل» الكبيرة في البستان حملت ثمارها..،
ولا البقرة وضعت عجلها في الإصطبل،
ولا الغنمة ولدت حملها في الحظيرة،
ولا الجموع الغفيرة من بني البشر اضطجعت آمنة..،
ولا البهيمة من ذوات الأربع ولدتْ صغارها
ولا رغبت في التناسل.
وفيما يلي ما يقول الشاعر عن «كلمة» إنليل التي لا تتبدل:
تقارب السماء ـ فيكون الفيض،
من السماء ينزل الفيض إلى الأرض،
تُلامس الأرض ـ فتكون الوفرة،
من الأرض تصدر براعم الخصب،
حكمتك ـ هي الزرع، كلمتك هي الحبوب،
كلمتك ـ هي الماء الغامر، حياة جميع البلاد(4).
وعن إنكي، إله الماء والحكمة، الذي نظم العالم وفعاليته الثقافية، يروي أحد الشعراء:
عندما الأب إنكي جاس خلال الأرض المبذورة، طلع الزرع خصيباً،
عندما نوديمود قدم إلى نعجتي المنجبة، ولدت حملها،
عندما قدم إلى بقرتي «المبذورة»، وضعت عجلها المنتج،
عندما قدم إلى عنزتي المنجبة، وضعت جديها المنتج،
وأنت عندما تذهب إلى الحقل، إلى الحقل المحروث،
تكدّس أكواماً وتلألأ [من الحبوب] فوق السهوب العالية.
والإله نفسه يفتخر، على حد قول نفس الشاعر، بقوله:
«أنا الرب، مَن إذا أمر لا يسأل عن أمره، أنا الأول من بين جميع الأشياء،
بأمري، الاصطبلات شيدت، وحظائر الغنم سوّرت،
عندما قاربت الأرض، فاضت ينابيع،
وعندما قاربت مروجها الخضر،
تكدّست [الحبوب] أكواماً وتلالأ بكلمتي.
لكن إنكي لا يأتي بالمطر من السماء لإخصاب الأرض وحسب، وإنما هو يملأ الأنهار بالماء العذب الرقراق، بالمني من طاقته الجنسية، أو على نحو ما صاغه الشاعر بقوله:
عندما رفع الأب إنكي [عينه] على نهر الفرات،
وقف بخيلاء كالثور الهائج،
رفع قضيبه، وقذف المني،
فملأ دجلة بالماء الرقراق،
البقرة البرية تخور من أجل صغارها في المراعي، العقرب غزت الاصطبل،
استسلم له دجلة كما لثور هائج.
رفع قضيبه، ومعه هدية الزفاف،
جاء بالفرح إلى دجلة مثل ثور بري كبير عند الإخصاب.
الماء الذي جاء به ماء رقراق، «نبيذه» حلو المذاق،
الحبوب التي جاء بها، حبوبه الغنية، يأكلها الناس،
ملأ «إيكور»، بيت إنليل، بالمقتنيات،
بأنكي إنليل يبتهج، وتسرّ نيبور.
مع وفرة المياه، صار الآن بإمكان الحقول أن تعطي الجنى الوفير، وقطعان الماشية أن تنتج القشدة واللبن، وعلى هذا يمضي شاعرنا:
هو [إنكي] الذي يدير المحراث و«النير»،
الأمير الكبير إنكي يضع الثيران «القرناء» في الـ...،
يشق الأخاديد المباركة،
ينبت الحب في الحقل المحروث.
والشد

تعليق



Free Dating sites

2013-08-04

Hey, I enjoy your website if I am straightforward. Wherever did you receive it built?

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow