Alef Logo
ابداعات
              

قصة / تبادل المواعيد

غريب عسقلاني

2008-01-26

على المقهى في مدينة الحكايات,الوقت يقترب من تبدل المواعيد..والبحر تهيأ لطقس الاسترخاء ولملمة ضفيرة النهار الذاهب إلى موت جديد..والشمس في المدى تتربع على صدره تغفو على وسادة قلبه, تتوهج في لحظات الخجل اليومي وتلون الشفق بنعاس من حرير برتقالي..وفي موعد انبثق من قلب الصدفة,رجل وامرأة يقترفان الكتابة,يغزلان بيوت الحكايات حتى الضياع.
المرأة في بركان الثلاثين
والرجل وضع قدما على عتبة الستين والأخرى وجلة من العبور إلى ما بعد الرحلة..يتابعان البحر,ويشتاقان إلى عتمة ما بعد النهار لاختبار قناديل أخرى..
فجأة تسأله عن نساءه على الورق..
- على الورق أستدعي من استعصين عليَّ
- والراغبات؟
- لا يفجرن فيَّ شهوة الكتابة
ذهبت بعينيها إلى البحر..شفتيها تقرضان بعض كلام على ظل ابتسامة..تساءل "هل هي راغبة؟"
في المدى كانت الشمس قرصا برتقاليا, وفي المقهى صارت المرآة نبض شهوة داهمها:
- كيف تذهبين إلى الكتابة؟
- لحظة الانفجار أمتطي ظهر جنوني وأحرث الورق.
- ومتى يحدث الانفجار؟
- إذا عبرت غزالتي أرض الذاكرة.
- تعيشين في الماضي!!
دخلت في الصمت, امرأة من شوق وغيرة تتجاوز الوقت تعيش الماضي والآتي في اللحظة الحاضرة.. تمشي عارية تسير على بساط البحر ترقص على إيقاع رعشة دفء..هل تقمصت البحر أم هي والبحر والمدينة فصل في الحكاية..تساءل:
"هل تدفئ شمس آخر النهار جلد البحر؟.."
كانت الشمس تغرس ساقيها في الماء..صارت الشمس امرأة دخلت طقس الارتواء..أخذت الرجفة ريقه إلى بحة جافة فيما المرأة تنظر إليه تارة وإلى البحر تارة أخرى..قالت:
- أنت ممن ينشغلون بالواقع في القصص؟
همس حذرا:
- هل رأيتِ الشمس رجلا وأديم البحر جلد امرأة راغبة؟
انفجرت ضاحكة..الدهشة سكنتها حتى أطراف الأصابع..قالت:
- الشمس دفء, والبحر مدى, فلماذا نقلب المألوف!؟
- الواقع يضع من هم مثلنا في المفارقة..
واجمة راحت تطقطق أصابعها الطويلة المرنة..فردت كفها أمام وجهه باعدت أصابعها..دارت كفها عدة دورات..فركت الوسطى بالإبهام,أصدر الاحتكاك نقرات راقصة, صارت غزالة تخب على بلاط أملس, رشقته بنظرة,ابتسمت وصارت لحما من برتقال,شهقت نسيم البحر,وزفرت نساء تعرين إلا من الشهوات, حدث ذلك لحظة غطست الشمس في الماء تاركة الشفق مخمل رغبة, فيما سيجارته تلفظ آخر الموت في المنفضة..فجأة مات الإيقاع..غرست سبابتها بين عينية قالت:
- ماذا رأيت؟
- لم يصبح البحر امرأة, ولم تحمل الشمس فحولة الرجال..
- على الورق نروض من نريد, وفي الواقع لا نتوقف عن رد الصفعات..تلك معضلة!
- الكتابة يا سيدتي شهادة على العذاب
- شهادة لا يأخذ بها القضاة عند إصدار الأحكام
قال يحاول الخروج من دوائرها:
- إني قرأتك امرأة شموص, تعلنين الحرب على مدار الوقت, كمن يقاتل طواحين الهواء
أشعلت سيجارة وأخذت تمتصها بتأن فيه من التلذذ بقدر ما فيه من التأفف والضجر, متمرد شعرها, مكياجها صارخ متوحش, طلاء أظافرها شفاف مسكون بلمعة باردة..بات على يقين أنه أمام امرأة متجاوزة,ذات أصابع طويلة شهي تبحث عن اشتباك..تحسس رقبته هربت تفاحة آدم إلى دهاليز الحنجرة..كاد يسألها:"هل أخذت آدم إلى جب عميق"
بادرته:
- ماذا رأيت فيَّ؟
- امرأة تلتقي برجل بصدفة مقدرة, فيتبادلان الهذيان الجميل
أشار إلى النادل, طلب كوبين من الشاي بالنعناع, وطلبت ماءً مثلجاً وشريحة ليمون.
عادت تسأله:
- ماذا رأيت فيًّ..لا تهرب
- أنت تدركين أننا هنا نمارس الهروب
فجأة صارت أليفة تضج بالرغبات..امرأة في الثلاثين..أخذ كفها بين كفيه..فرك أصابعها..سحب محبس الزواج فانسل بسهولة, قرأ اسمها واسم رجل منقوشان بخط بديع عند تاريخ يعود لبضع سنين..نظر من خلال المحبس كانت الدائرة ضيقة مخنوقة..قال:
- كيف تسير الأمور معه؟
- أخونه ولا أنال من شرفه.
سقط المحبس,ارتطم بالأرض لم تصدر عنه رنة معدن..كاد يصرخ فيها "هل يموت المعدن أيضا"..تناولت المحبس وأعادته إلى اصبعها :
- في الحلم
- يقرأ ما تكتبين؟
- لو قرأ لأدرك وعرف الرجل الذي يسكنني.
- وإذا لم يفعل
قربت وجهها من وجهه, أخذته إلى عينيها, لم يرف لها رمش,ولم تطبق عليه جفن..فحت بثقة:
- من يدرك يملك
حرك المحبس حول أصبعها ضغط عليه لم ينغرس في جلدها لم يجرحها..سحبت يدها, ضمت أصابعها أصبحت يدها تشبه قبضة ملاكم..قال:
- ولماذا الاستمرار في لعبة خاسرة
خرج صوتها كسيرا على غير ما توقع:
- بيننا طفلين.
وتشاغلت باحتساء الشاي ومراقبة أضواء بعيدة تنبعث من قوارب الصيادين..كان الليل عباءة مطرزة بنجوم بعيدة, وجلد الماء يتموج برجفة شبق..وشفتاها تطبقان على الكوب بوله فيما قدمها تدق الأرض دقات ما قبل الرقص, شعرها مبعثر وصدرها مندفع, سألته:
- هل يسكنك نساء غيرها؟
- أكثر من امرأة
- كيف تعاشرهن؟
- بعذاب الحرمان منهن.
- ولماذا تحتفظ بهن!
- كي لا تنطفئ جذوة الرغبة
***
في اليوم التالي كان يشرب القهوة في ذات المقهى, يراقب قرص الشمس وهي تغطس في الماء بخجل امرأة راغبة..رن هاتفه النقال, هتفت من بعيد:
- أين أنتَ, وماذا تفعل ؟
- على المقهى أودع شمس النهار
- وحدكَ..
صوتها وشوشة محمولة على بحة راغبة,..أخبرته أنه كان معها في الفراش وهي تمارس الارتواء مع رجلها..
مات الهاتف..فيما أعلنت الشمس تبادل المواعيد

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

إطار لصورة رمادية

14-نيسان-2018

إطار لصورة رمادية

30-تموز-2015

مدونات دعبول السلام

13-تشرين الأول-2012

قصة قصيرة / غيمة الدموع

16-أيلول-2012

بلورة المرجان

18-نيسان-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow