Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

قصة / ذلك الشيء الفظيع ــ للأمريكي وارن أدلر ـ ت

خالد الجبيلي

2008-03-01

"لا تتحدث في السياسة، أرجوك "، قالت إرما.
"هذه ليست سياسة. إنه المنطق السليم للأمور"، أجابها بوب.
"إذن أرجو ألا تتحدث في المنطق السليم للأمور. إني جادة في ما أقول. لن أسامحك أبداً".
كان يساعدها في طي المناديل الكتّانية وجعلها في شكل طيور تحلّق. كانت قد أخبرته بأنها دعت ستة أشخاص لزيارتهما، وكانت تمعن التفكير في الأماكن التي سيجلس فيها كل منهم في غرفة طعام شقتهما في منهاتن. كانوا ضيوفها هي، شركاءها في مكتب المحاماة الذي تعمل فيه، مع أزواجهم. أما هو فكان يعمل في قسم المبيعات في شركة تصنع ثياباً داخلية نسائية.
بعد مضي خمس سنوات على زواجهما، كانت إرما لا تزال تولي أهمية كبيرة لحفلات العشاء الصغيرة هذه لكي توطد علاقتها مع شركائها خارج المكتب وأزواجهم، أو مع أشخاص آخرين
مهمين بالنسبة لها. كان بوب يعرف أن لهذه الحفلة أهمية خاصة بالنسبة لها، لذلك حذرته بأن يتحكم في تصرفاته. كان يعترف في قرارة نفسه بأنه يصبح أحياناً عدائياً بعض الشيء، وخاصة عندما يتحول موضوع المناقشة إلى موضوع قد يسيء فهمه الآخرون ويفسرونه بأنه سياسي، لكنه لم يكن يرى الأمر بهذا الشكل.
"قبل كل شيء، يجب ألا تريهم ذلك الشيء الفظيع".
"كما تشائين"، وعدها.
كان جالساً في مكتبه في الطابق الثاني والعشرين من مبنى مجاور يحضّر طلبية كبيرة لشركة ميد ويست في 11 أيلول/سبتمبر 2001، عندما رأى ذلك الشيء الفظيع. في طريقه إلى عمله، كان قد توقّف عند محل الفيديو ليأخذ كاميرا الفيديو التي كان قد أودعها لإصلاحها. كان مستلقياً فوق كرسي جلدي في مكتبه عندما سمع صوت ضوضاء غريبة.
من نافذة مكتبه كان يستطيع أن يرى البرجين. وعندما صرخ أحدهم في المكتب، التفت ورأى المكان الذي اخترقت منه الطائرة الأولى البرج الشمالي. كان حادثاً غريباً، وخيّل إليه في البداية أنه مجرد حادث اصطدام وقع بالصدفة. لكن سرعان ما اخترقت طائرة ثانية البرج الآخر.
لم يكن محترفاً في استخدام كاميرا الفيديو، بل كان يحب أن يلتقط بعض الصور أثناء النزهات وفي بعض المناسبات الأخرى، لكنه لم يكن يمتلك ذلك الفضول البصري الذي يمتاز به مصور محترف. إلا أن وجود كاميرا الفيديو والظروف المتاحة كانت حافزاً كافياً، وهكذا وجد نفسه يقف أمام النافذة مصوباً الكاميرا نحو ذلك الشيء الذي سرعان ما أصبح كارثة كبيرة.
استغرق دقيقة أو دقيقتين لكي يركّز عدسته على ذلك الشيء اللعين، لكن ما إن بدأت الكاميرا تصدر أزيزاً حتى رأى أخيراً من خلال العدسة المشهد الذي لا يصدق، وهو رؤية أشخاص يقفزون من النوافذ مثل دمى متحركة صغيرة قُطعت خيوطها. لم يكن هناك وقت طويل للتفكير، ولم يكن يخيّل له أنه سيتمكن من تسجيل هذا الرعب ويصبح حقيقة واقعة. كان وكأنه يشاهد فيلماً ذا خدع سينمائية.
في لحظة ما، جعلت حقيقة الحادث وبدء انهيار الأبنية الجميع يركضون هرباً من مكاتبهم. كان في ذلك الوقت، قد تمكن من تصوير ما لا يقل عن عشرين دقيقة من هذه الحادثة.
ومع أن ضرراً لم يلحق بالمبنى الذي يوجد فيه مكتبه، كانت عملية الإخلاء منظّمة. فقد هبط هو والآخرون الطوابق الاثنين والعشرين إلى الشارع مثل إنسان آلي، ثم أخذوا يجرون عبر هذه الفوضى بأسرع ما يمكنهم.
كان ما التقطه بكاميرا الفيديو تلك، حتى الآن، شيئاً فظيعاً، غريباً جداً، مرعباً جداً، أصبح خلال تلك السنوات أحد تلك الأعمال الوحشية البصرية التي تضاهي الصورة الأصلية نفسها. لقد رآها، لكن كان يصعب عليه أن يصدقها وهي تحدث أمام عينيه. لقد شاهدها مرات ومرات ليؤكد لنفسه أنها صورة حقيقية عن شيء حدث لأناس حقيقيين في زمن حقيقي في مدينته، وأنها لم تكن إحدى الخدع البصرية البارعة بالكاميرا.
إن رؤية أناس يتساقطون كالأحجار من نوافذ عالية، وتتطاير حولهم مواد أخرى في الهواء، كالأحذية والأوراق ومختلف أنواع الحطام، وهم يقفزون إلى حتفهم الأكيد، ليتحطموا ويتفجروا مثل قطع بطيخ ناضجة فوق إسفلت الشارع، لم يكن شأناً عائلياً على الإطلاق.
لكنه في الأيام الأولى تلك، كان يعرضه على الآخرين بناء على طلبهم. وفي أحيان أخرى، كان يشاهده وحده. ومع مرور الوقت، أصبح يشاهده غالباً في السر، وكأنه يريد أن يتأكد من حقيقته مرة تلو الأخرى، ليؤكد لنفسه أن الذكرى يجب أن تبقى وألا تختفي تماماً من الوعي العام.
في الأيام الأولى تلك، كان عرض الفيديو شيئاً أساسياً في أي لقاء اجتماعي، وخاصة إذا كان في شقتهم، لكن مع مرور الزمن، أصبح، كما بدأت إرما تصفه نوعاً من الأفلام الإباحية. وبعد عرضه مرات كثيرة، بدأ تأثيره يتلاشى. وبدأت تسميه "ذلك الشيء الفظيع".
"لن أشاهده مرة أخرى"، قالت إرما أخيراً محتجة. كانا لا يزالان يُعتبران آنذاك عريسين جديدين، وبعد أن كانت تستسلم لإصراره على مشاهدة الفيلم وعرضه على أصدقائهما ومعارفهما، بدأت تراه مقيتاً، بغيضاً، مثيراً للأعصاب، وفي النهاية، مملاً.
استمر قرع الطبول الإعلامية بشأن البرجين الساقطين وفقدان الآلاف أشهراً عديدة. وأصبحت المنطقة آنذاك محجاً يؤمه الجميع. وامتلأ باب الكنيسة المجاورة بالصور والمصنوعات اليدوية. ولم يتوقف الناس عن البحث بيأس عن أقاربهم المفقودين. وكانت فرق التنظيف لا تزال تعمل ليلاً نهاراً لإزالة الأنقاض. بالطبع كان هذا أسوأ شيء يحدث في مدينة نيويورك خلال حياته.
كان قد اشترى منذ بضعة أشهر جهاز تلفزيون ذي شاشة مسطحة عملاقة احتلت جداراً كاملاً في شقتهما الصغيرة. قال لإرما إنه اشتراه ليشاهد مباريات الرياضة، لكنه كان يعرف تماماً أنه اشتراه ليشاهد الفيلم الذي صوّره وفيه أشخاص يقفزون من النوافذ.
"ألا تستطيع أن تتوقف عن مشاهدة هذا الشيء الفظيع؟" كانت تسأله في أحيان كثيرة.
"إني بحاجة إليه ليذكرني".
"أفضّل أن تحاول وتنساه. إنه شيء مثير للأعصاب".
فيرّد عليها: "يجب ألا يُنسى أبداً". وكان قد بدأ يلاحظ في حياته اليومية أن حديث الناس عما حدث قد بدأ يخفّ شيئاً فشيئاً، وبدأ يتلاشى من ذاكرتهم.
"كلنا نعرف أنها حقيقة تاريخية. لكن التركيز عليها باستمرار شيء يدعو للغثيان".
فأجابها: "يبدو أن الخطر يزداد. انظري ماذا يحدث في العالم، عمليات تفجير انتحارية، والمسلمون يحتجّون في كل مكان. انظري إلى اللافتات التي يلوّحون بها: 'الموت لأمريكا'، ' اقتلوا المسيحيين واليهود'، 'اقطعوا رؤوس الكفّار'، 'بوش قاتل وإرهابي'، 'اليهود نازيون'، ماذا يعني ذلك؟"
"وماذا في ذلك، إن العالم يمر في حالة من الفوضى. إن بعض المسلمين يكرهوننا. ما الجديد في هذا؟"
"إنهم يريدون أن يقتلونا، جميعنا. من السذاجة أن نظن أننا نعيش الآن في أمان. إن مستقبلنا غير واضح المعالم. إن الذين لا يخافون من الموت هم الذين سيفوزون".
"وكيف ستحلّ المشكلة برؤيتك أولئك الذين يقفزون من النوافذ؟"
"إنها ستذكّرنا"، قال بإصرار.
"إنك ستصاب بالجنون يا بوب".
بعد فترة وجيزة، وجد نفسه يشاهد الشريط سراً عندما تكون إرما خارج البيت، أو عندما تأوي إلى الفراش. كان وكأنه يشاهد مشهداً تخيلياً عن ممارسة العادة السرية، يرتكب شيئاً سرياً قذراً.
كانت هناك أشياء عديدة تذكّر بذلك اليوم الفظيع، لكن لم يكن ثمة شيء، لم يكن هناك شيء يوازي الشريط في حدّته. فقد قرر أقرباء الضحايا ألا ينسى الناس ما حدث لأحبائهم. وكما هو شأن كلّ شيء يحدث في مدينة نيويورك، فإن المصالح المتضاربة تؤجج العواطف، واستمرت المعركة التي حلت محل البرجين سنوات عديدة.
لقد جعلته الصور التي كان قد التقطها وشاهدها مئات المرات وعلى نحو متزايد مهووساً بفكرة أن شيئاً مماثلاً وأكثر فظاعة سيحدث ثانية، وأخذ يتحدث علناً عن هذا الأمر إلى درجة الجنون والهوس. وعندما كان آخرون يتهمون الحكومة والرئيس بأنهما يتبعان أساليب بث الرعب في نفوس الناس، فقد كان ذلك أشبه بإلقاء عود ثقاب فوق قش جاف.
وبعد الكثير من المناقشات الصاخبة والأحاديث العصبية المتكررة، أدرك أن الناس بدأوا يتحاشون إبداء أيّ ملاحظة قد تثيره. "ها هو بوب يعود إلى الموضوع ثانية"، كان يتخيّل الناس يقولون لأنفسهم. لكنه لم يكترث بذلك. كان يعرف أنه على حق، شخص يوجد في داخله نظام إنذار مبكّر.
أصبحت أفكاره مرفوضة ومعزولة تماماً لدى معارفهما، لأن معظم أصدقائهما ومعارفهما يتمسكون بآرائهم السياسية ويصرون عليها، ويؤمنون بأن الرئيس وحزبه يستخدمان أساليب وتكتيكات لبث الذعر في نفوس الشعب لتحقيق مكاسب سياسية. وأدت حرب العراق والصعوبات التي اكتنفتها إلى تفاقم الأوضاع. كانت تمر لحظات، كما ذكرت له إرما، يصبح فيها عدوانياً ووقحاً.
كان يعرف كذلك أنه أصبح أيضاً أسطوانة مشروخة تردد موضوعاً واحداً. ولم يكن بوب مناصراً ملتزماً لأي من الحزبين، الجمهوري أو الديموقراطي، مع أن معظم الأشخاص في دائرته كانوا من الديمقراطيين الأحرار. وبما أنه كان يدافع عن الحرب على الإرهاب، كان الناس يظنون أنه عضو في الحزب الجمهوري. حاول أن يوضح لهم تلك الحقيقة، لكن لم يصدقه أحد. وكان معظم معارفهما من كبار المثقفين، متحدثين لبقين، متمسكين بآرائهم، ومتحمسين. ومع أنهم كانوا يقولون إنهم عقلانيون ومستعدون لتقبل الآراء المخالفة، لم تكن وجهة نظرهم الرئيسية عن العالم قابلة للتغيير. ومع مرور الوقت، أصبحت آراؤهم متصلبة وتحولت إلى كراهية الرئيس نفسه، وعندما كان يتصدى لوجهة نظرهم هذه، بأنه يوجد تهديد إرهابي ماثل، كانوا يهاجمونه إلى أن تحوّل الأمر إلى مسألة شخصية.
وكان يصرّ على ترديد: "سيسقط الحذاء الآخر"، التي أصبحت عبارته المعهودة، "إن هؤلاء الناس يريدون أن يقتلونا. إنهم لا يكترثون إن ماتوا هم، ما دمنا سنموت".
"لقد أصبت بالهستريا"، قال له أحد أصدقائه. كانت أحاديثهم متوقّعة، وتثير غضبه. لقد كذب علينا الرئيس. لقد هاجم الناس الخطأ. لم يكن صدام مشاركاً في أعمال الإرهاب. الأمر كله يتعلق بالنفط والشركات الكبرى. إن جنودنا يموتون بدون أي داع. يجب مقاضاة هذا الرئيس المجنون. القاعدة مجموعة هامشية. والمسلمون ككل أناس طيبون. هكذا كان يدور الحديث بلا كلل.
لماذا لم يتذكّر؟ كان بإمكانه أن يذكي ذاكرته بإعادة مشاهدة فيلم الفيديو. وكانت إرما تزداد غضباً عندما تراه وهو يشاهده. في بعض الأحيان، كانت تحاول أن تتفاهم معه، وتشير إلى الأخطار التي قد تنجم عن هذا الهوس.
قالت له: "إن إدمانك هذا سيستهلك طاقتك". أحياناً كان يوافق على منطق تفكيرها. إنها على حق. وأي جلبة تحدث في منتصف الليل، أو صوت محركات طائرة تحلق على ارتفاع منخفض، أو حتى عندما يسير في محطة غراند سنترال، أو وهو يركب حافلة أو المترو، كانت تجعل جسده يرتعش من الخوف. كان أمراً لا يمكن تجنبه. وكان غالباً ما يتساءل إن كانت تنتاب الآخرين مثل هذه الأحاسيس.
ربما كانت إرما على حق بشأن توجّسه الشديد، فهي في جميع الأحوال زوجته، وتضع مصلحته في قلبها. لذلك قرّر أن يتوقف عن مشاهدة الشريط وأن يكفّ عن الحصول على المعلومات من الإنترنت، وخاصة أن كلّ ما كان يقرأه ويشاهده يؤكد اعتقاده بأنه يجري التخطيط لعملية إرهابية، وأن تنفيذها أمر محتم.
كان يتمكن أحياناً، وبمحض إرادته، من أن يتحكم بنفسه ولا ينصت إلى الأخبار أو يقرأها، ويتجنب جميع المعلومات التي تتناول الأحداث الجارية على الإنترنت والتلفزيون. وتوقّف عن قراءة صفحة الأخبار في صحيفة نيويورك تايمز. وعندما يكون في رفقة أشخاص يعربون عن آرائهم في هذا الموضوع، كان يُرغم نفسه على ألا يستمع، رغم صعوبة الأمر، ويحاول ألا يردّ على تعليقاتهم.
لكنه لم يتمكن من الامتناع عن مشاهدة الفيلم. فكلما كان يبتعد عن المعلومات المتعلقة بانتشار الإرهاب، كانت تعود إليه بسرعة أكبر عندما ينفتح عليها ثانية. كانت مثل التهاب لا يمكن الشفاء منه.
في الآونة الأخيرة، أصبح نزقاً، عصبياً، كثير الصراخ، وبدأ يشكّ بأن إرما تنبّه أصدقاءهما سلفاً بأن لا يثيروا هذا الموضوع أمامه. وكانت تستخدم عبارة "سياسة" كمظلة للدلالة على هذا المعنى. وخلال تحضيرها لحفلة العشاء، راحت تحذره مراراً وتكرراً حتى تتأكد من أن هذه التحذيرات قد تغلغلت إلى عقله الباطن.
شعر بأنه ملتزم بأن يستجيب لطلبها وأن يتعاون معها. فقد كانت هذه الأمسية في غاية الأهمية بالنسبة لها ويجب ألا يسبب لها أي مشكلة، خاصة أنه يعرف أن إرما تخطط لتعزيز أواصر الشراكة بينها وبين شركائها وأن أي حركة غير مناسبة من زوجها قد تعرقل كل ما تطمح إليه. كان يعرف مدى أهمية ذلك بالنسبة لعملها. كان بوب وإرما يدعم أحدهما الآخر. فبعد مضي خمس سنوات على زواجهما، كان أحدهما يحب الآخر ويراعي مشاعره. كان يؤمن بأنهما كانا لا يزالا عاشقين، ولم يكن لديه سبب للتفكير بغير ذلك.
كانت إرما قد طلبت طعام العشاء من مطعم غالي الثمن وأرسل نادلين اثنين ليقوما بخدمة المدعوين، وكان بوب يشرف على تقديم المشروبات. كان المدعوون الثلاثة شركاء لإرما في شركة المحاماة، رجلان وامرأة. كانوا جميعهم على درجة عالية من الثقافة، ومتأنقين في ملبسهم. كانوا ضيوفاً جيدين، لذلك صمّم بوب على أن يكون مضيفاً جيداً ومتجاوباً.
لم يكن ثمة شيء يجمع بوب وإرما في عالميهما المهني، سوى زواجهما. فقد كان عالم زوجته يتركز غالباً حول قضايا شارع المال "وول ستريت" والأمن والأمور المتعلقة بالشركات، أما عمله فكان يتركز على تجارة الثياب الداخلية النسائية، وهي مسألة لا تهمهم كثيراً. ومع أنه كان واثقاً من أنه يستطيع أن يضاهي أياً منهم من حيث الدخل، كان يدرك جيداً الخطوط التي تفصل بينهم.
فقد كانوا أغلبهم وأزواجهم، بمن فيهم زوجته، نتاج إتحاد جامعات آيفي: هارفارد أو يل أو برينستون، وقد أحاطوا هذه الثلاثية بالارتقاء إلى الأعلى. فقد كانت إرما خريجة هارفارد، ثم كلية الحقوق في جامعة يل. وكان قد اعتاد على تعاليهم، إحساسهم المتفوّق بذاتهم، وحديثهم المتواصل عن علاقاتهم القديمة في الكلية، وزملائهم ولقاءاتهم بهم. كان يعرف تماماً أنهم لا يعتبرون أنفسهم متغطرسين، مع أنهم كانوا كذلك. ولم يكن ذلك يزعجه، ولم يكن ذلك يجعله يشعر بالغيرة على الإطلاق. كان سلوكهم أحياناً يدعو إلى الضحك.
أما هو، فكان خريج كلية التجارة في جامعة نيويورك وكان فخوراً بقدرته على كسب المال. وعرف أخيراً أن فن المبيعات هو مفتاحه إلى النجاح. لكن لم يكن ثمة شك بأنه غريب بين هذه المجموعة الصغيرة من المحامين خريجي اتحاد آيفي. كان يشعر بالمتعة وهو يرى إرما تناور في هذا العالم. كانت متأكدة من أنها ستصبح شريكاً معهم، وكان هو من أشد المشجعين لها.
بينما كانوا يحتسون مشروباتهم، وخاصة النبيذ الأبيض أو الفودكا، تركّز معظم حديثهم حول شركات المحاماة، ومواضيع اقتصادية مختلفة، وأحوال السوق. وكان من الواضح أن واحداً من أهم الشركاء، هاري ليلينثال، هو الذي كان يدير دفة الحديث. رجل في الستينات من عمره، وكان بوب قد التقى به في مناسبات أخرى. كان يضع ربطة عنق في شكل فراشة منقطة على قميص أزرق وبدلة غامقة مخطّطة ذات صدرية يتدلى منها مفتاح جمعية الخريجين الفخرية "في بيتا كابا". أما زوجته فكانت امرأة خجولة، صامتة في معظم الأحيان، وتشعر بالكآبة. فالعيش مع زوج متغطرس مثل ليلينثال، جعل بوب يفهم شخصيتها جيداً.
أما السيدة الشريكة فكانت تدعى شارون فوكر، وترتدي فستاناً أسود أنيقاً، ويزين رقبتها خيط رفيع من اللآلئ البيضاء الأصيلة. كانت إرما تقول عنها إنها ناشطة ملتزمة. وكان زوجها طبيباً نفسانياً ترمش عينه بعصبية، وتبدو شفتاه وكأنهما مثبتتان في ابتسامة دائمة مثل قطة تشاير، وكأنه يستطيع قراءة أفكار المدعوين الآخرين ويتسلى بها.
أما الشريك الثالث فلم يكن له لون محدد، ذو وجه ضيّق شاحب، اسمه ديفيد آرنولد. وكانت زوجته مرشدة اجتماعية تعمل في بلدية مدينة نيويورك؛ ذات شعر أشيب قصير، وتضع نظارة تساعد في تضخيم عينيها الحادتين، وكان سلوكها يبدو لبوب نموذج فاعلة الخير، من ذلك النوع الذي لا يساوره أي شك بصحة قضيته مهما كانت.
بعد أن انتهوا من شرب المشروبات وتناول المقبلات بالطقوس المعتادة لهذه المجموعة، انتقلوا إلى غرفة الطعام. كانت تتوسط المائدة مزهرية كبيرة، ووزعت عليها كؤوس وصحون تلمع نتيجة انعكاس الثريا البلّورية التي تخيم فوق المائدة.
ورغم جميع الاحتياطات التي حاولت إرما أن تتخذها، تحوّل الحديث إلى الأوضاع العالمية الراهنة المضطربة. ألقت إرما نظرة تحذيرية إلى بوب الذي أومأ لها بأنه فهم قصدها، بألا يخوض في السياسة، مهما كلف الأمر.
"إن هذا الرئيس يهدّم بلدنا"، قال هاري رداً على ملاحظة قالتها الزوجة فاعلة الخير، التي كانت تركز على مسائل الحقوق المدنية، وأضاف: "لقد بدأنا نفقد حرياتنا".
"لا شك أنهم يجردوننا من حقوقنا"، قالت المرشدة الاجتماعية، "إن قانون باتريوت مهزلة حقيقية. إنه بداية حملة يشنها هؤلاء المتعصّبون اليمينيون الذين يؤيد معظمهم أفكار الكنيسة الإنجيلية لكي يجعلونا عبيداً لأفكارهم ومعتقداتهم التي يعتبرونها صحيحة".
"لا يوجد أدنى شك بأن حقوقنا قد بدأت تتآكل"، قالت السيدة الشريكة موافقة على كلامهما، والتي أيدت رأيها الناشطة فأومأت برأسها تعبيراً عن موافقتها، "هذه أسوأ إدارة في الذاكرة الأمريكية".
"يجب أن يُقَّدم إلى المحاكمة"، قال الطبيب النفساني.
"طبعاً، فالحرب التي شنها ستحلّ المشاكل التي خلقها"، قال ليلينثال، " كان خطأً فاحشاً غبياً، وقد سلبنا خيرة شبابنا وكنزنا. إن الأمر سينتهي بكارثة".
"كانت حركة غبية"، قالت السيدة الشريكة، ولوت شفتيها بازدراء.
"فكّروا بتلك المليارات التي نهدرها والتي كان يمكن إنفاقها لمساعدة الطبقة الدنيا التي أخذت تتزايد"، قالت المرشدة الاجتماعية.
"الأغبياء الجهلة يسيطرون على البلد"، قالت السيدة الشريكة، "والرئيس هو الأحمق الكبير".
دار الحديث في هذا الاتجاه، فيما كانت إرما تلقي بنظراتها باتجاه بوب وتحاول جاهدة أن تغيّر دفة الحديث وتحولها إلى مواضيع أخرى. كان بوب ينصت وشعور بالمرارة يعتصره. فقد تعرض الرئيس ورامسفيلد ورايس وجميع من لهم علاقة بالإدارة الحالية إلى الانتقاد الحاد، وقد حظي ذلك بموافقة الجميع. وبالطبع لم تكن هناك معارضة، بل راح كل منهم يعبّر عن الرأي السائد في المجموعة وكأنهم لم يسمعوا، في عملهم ورحلاتهم، كلمة معارضة واحدة. وصمّم بوب على أن يفي بوعده لإرما، فلزم الصمت، مع أنه كان يجيبهم على انتقاداتهم في عقله.
حتى إرما، لكونها مضيفة جيدة، أبدت موافقتها على آرائهم حول الكارثة العامة التي حلت بالبلد. لكن ما أثار دهشة بوب أنها لم تكن تبدي هذه الآراء بهذه القناعة الراسخة عندما يكونان معاً. تبادلت النظرات مع بوب، وكأنها تريد أن تقول إنها تريد أن تكون دبلوماسية معهم. لكنه فوجئ بأنها كانت في الحقيقة مقتنعة بآرائهم، ولم تكن تجاريهم فقط.
بدا له أن موقفها يسمح له بأن يشارك في الحديث أخيراً، وكأنها انتهكت قاعدة غير مدونة. فلم يعد ثمة داع ليظل صامتاً، مع أنه وعدها بأن يكون حذراً.
"ماذا عن الإرهاب؟" قال بوب بلطف، وقد رأى جميع العيون تستدير نحوه، ورأى إرما تنظر إلى السقف، "إذ إننا لم نُهاجم منذ أكثر من أربع سنوات".
"إننا محظوظون"، قال هاري ليلينثال.
"الحمد لله"، قالت السيدة الشريكة.
"ربما كان التهديد مبالغاً به"، قال الطبيب النفساني، "إن بث الرعب في نفوس الشعب سياسة جيدة يتبعها المجانين الذين يديرون حكومتنا".
"لقد أدى ذلك إلى انتخاب ابن الكلبة"، قالت السيدة الشريكة.
"لا بد أن الإدارة تفعل شيئاً لكي تحمينا"، قال بوب بدون تهكم.
"إنهم يريدوننا أن نصدقهم"، قالت المرشدة الاجتماعية، "إن ذلك يعطيهم عذراً جيداً لكي يجعلوننا قريبين من الدكتاتورية".
"ألا تعتبرون أن ما تقولونه شيء قاس؟" قال بوب.
"الأمر واضح للغاية"، قالت السيدة الشريكة، "إن كلّ ذلك عبارة عن حيلة ماكرة".
"لقد قرّبنا الرئيس من كارثة محتملة. إننا ندفع ثمن غبائه"، قال ليلينثال، وقد تغيّر لون خديه، "إن الرجل كارثة، أحمق جاهل".
"إنه خريج جامعتي يل وهارفارد"، قال بوب الذي لم يعد قادراً على تمالك نفسه، ناكثاً بوعده، مع أنه أبدى تعليقه هذا كمزحة.
"لن يكون أول أحمق يتخرّج من هاتين الجامعتين"، قال ليلينثال، مجارياً النكتة.
"كان يجب ألا يذهب إلى العراق"، قال الطبيب النفساني الذي ترمش عيناه بشكل لا إرادي، "فلم يأت الإرهابيون من هناك".
"جميعهم متورطون"، قال بوب، "العرب جميعهم".
"هل تريد أن تقول إنه لا يوجد عرب جيدون؟" سألت المرشدة الاجتماعية، "أليس هذا تقييم متعصب وفيه شيء من التحامل؟"
"ليس العرب جميعهم إرهابيين"، قال بوب، "لكن جميع الإرهابيين من العرب".
"لكن تيموثي ماكفاي لم يكن عربياً"، ردّت السيدة الشريكة.
"نقطة جيدة"، قال بوب متراجعاً، "إذ يوجد لدينا فاشيون محليون. لا يمكنني أن أنكر ذلك".
"نعم، يوجد لدينا"، قالت السيدة الشريكة، وأضافت، "متعصّبون يمينيون".
لاذ بوب بالصمت للحظة طويلة، بينما أخذ جميع المدعوين يعبّرون عن أنفسهم بتعابير سياسية يعرف أنها مطبوعة في عقولهم. ومن نظرة سريعة ألقاها نحو إرما، عرف ما كان يدور في رأسها. كان يعرف أنه منعزل تماماً، بل وربما كان منبوذاً، لا مكان له بينهم، لا حول له ولا قوة، مجرد بائع ثياب داخلية.
"ألا يتذكر أحدكم ما حدث في 11 أيلول/ سبتمبر؟"
"طبعاً يتذكّرون"، قالت إرما، وبدا صوتها يشي بأنها على حافة الرعب.
"كان ذلك شيئاً سيئاً"، قال هاري ليلينثال، "من يستطيع أن ينسى؟"
"لقد هاجمنا أناس يريدون أن يقتلونا"، قال بوب، "إنهم لا يزالون يريدون أن يقتلونا. لقد ازداد التهديد، ولم ينقص. إني أستغرب كيف أن أحداً منكم لا يدرك ذلك".
"إننا ندرك ذلك"، قالت السيدة الشريكة، "إننا لسنا أغبياء. لكن الوسيلة التي يتبعها هذا الرئيس لمواجهة هذا التهديد تأتي بنتائج عكسية".
"إن الرئيس يبتع أساليب التخويف ليحدّ من حقوقنا المدنية، ليجعلنا خانعين لإرادته"، قالت المرشدة الاجتماعية.
"ألم نخض في السياسة كثيراً؟"، تدخّلت إرما بيأس واضح.
"أظن أنكم جميعكم نسيتم ما حدث"، قال بوب.
"هذا سخيف"، قالت السيدة الشريكة، "كيف يمكن للمرء أن ينسى؟"
"إني أختلف معك"، قال بوب، محاولاً أن يحتفظ بهدوئه المصطنع. فهو المضيف في جميع الأحوال.
"تقصد أنك توافق على ما يفعله ذلك الرجل"، قال هاري ليلينثال، بتحد واضح يصدر من محام.
"هل تريدون أن تقولوا إنكم لا تصدقون أننا نخوض حرباً من أجل البقاء، نحارب عدواً لا يكنّ احتراماً للحياة؟ عدواً يريدنا نحن الذين نعيش في الغرب أن نقتنع بوجهة نظره الفاسدة، خياله الفاشي الإسلامي؟ يريد أن يقتلنا إذا لم نتفق معه. لا توجد في قلبه رحمة، ولا شفقة إنسانية".
"أظن أنه توجد لدينا وجهة نظر مختلفة للأشياء"، قال الطبيب النفساني.
"إني أشعر بالحزن عليك"، قالت السيدة الشريكة، "إنك لا ترى المؤامرة التي يحيكونها".
"وأنتم جميعكم تعانون من مرض في ذاكرتكم".
هنا عرف أنه تجاوز جميع الخطوط، لكن الآوان قد فات الآن.
"أريد أن أريكم شيئاً"، قال بوب.
"لا يا بوب. أرجوك"، قالت إرما متوسلة.
"ماذا تريد أن ترينا؟" سألت السيدة الشريكة.
"لا أريد أن تفعل ذلك يا بوب".
"لكني أريد"، قال بوب. نهض، وتوجه إلى غرفة نومه، وأخرج شريط الفيديو من الدرج السفلي. كان يشعر أنهم يتحدّثون عنه.
"أرجو ألا تفعل ذلك"، قالت إرما بصوت متهدج، "ليس ذلك الشيء الفظيع".
"ما الذي تريد أن ترينا؟" سأل الطبيب النفساني.
"ليس ذلك ضرورياً يا بوب"، قالت إرما متوسلة.
"نعم، إنه ضروري. هيا. هذا مهم".
تبعوه إلى الوكر.
"ماذا سنشاهد؟" سأل هاري ليلينثال.
"سترون في الحال".
"أرجو ألا تفعل ذلك يا بوب"، توسلت إرما.
"إن هؤلاء الناس بحاجة إلى دورة لتنشيط ذاكرتهم"، قال بوب، "إنهم ينظرون من الجهة الخاطئة من المنظار".
"لن يستسلم"، صاحت إرما محبطة.
"ربما يجب أن تنصت إليها"، قال الطبيب النفساني.
ألقم بوب الشريط في جهاز الفيديو، وظهرت الصور على الشاشة الكبيرة.
"لقد صوّرت هذا الفيلم بنفسي"، قال بوب، "لعلكم لم تروا مثله مطلقاً".
"لا أستطيع أن أراه. ليس ثانية"، تنهدت إرما.
بدأت الصور المرعبة تظهر على الشاشة. التصقت عيون المدعوين بالصور وهم يشاهدون أناساً يقفزون من النوافذ، وأحذية تتطاير. كانوا مسمّرين في أماكنهم.
"هل صورت هذا أنت نفسك"، سألت السيدة الشريكة.
"كان ذلك بمحض الصدفة"، قال بوب، ولم يشرح لهم الظروف.
من زاوية عينه، رأى إرما تهمّ بمغادرة الغرفة.
"يا له من شيء فظيع"، قالت السيدة الشريكة، "لماذا تعين عليهم أن يقفزوا؟"
بدا من الواضح أن هذا يستحقّ رداً.
فجأة أدى شقّ حادّ في الشاشة إلى تشويه الصور التي استمرت تجري على الشاشة. فقد ألقت إرما تمثالاً صغيراً على جهاز التلفزيون، مما أحدث صدعاً في الشاشة كوميض البرق.
"لا أستطيع أن أتحمّل أكثر من ذلك"، صاحت، واندفعت خارج الغرفة.
"أفهم ما تعنيه"، قال ليلينثال، "إنه شيء فظيع".
"لم أر شيئاً كهذا في حياتي"، قالت المرشدة الاجتماعية، "إنه شيء لا يصدّق".
استمرت الصور تتحرك على الشاشة المتشققة.
"يا إلهي"، قالت السيدة الشريكة، "إن اليأس يجعل الناس يتصرفون بدون منطق".
"كيف كان من الممكن أن تتصرفي في هذه الحالة؟"، سأل بوب.
تابع الجميع مشاهدة الفيلم، غير قادرين على إبعاد عيونهم عن الشاشة، رغم الصدع فيها.
"أظن أنك شاهدت هذا الفيلم كثيراً"، قالت المرشدة الاجتماعية، "إن رؤيته أمر فظيع وقاس".
"نعم"، قالت زوجة ليلينثال موافقة، بعد أن خرجت عن صمتها، وأشاحت بعينيها بعيداً عن الشاشة.
"يمكنني أن أفهم سبب شعور إرما بالتوتر الشديد"، قال الطبيب النفساني، "كان عليك أن تجنبها ذلك".
"كان عليّ أن أذكّركم".
"وهل تظن أننا بحاجة لمن يذكّرنا؟" سألت السيدة الشريكة.
"نعم"، قال بوب، "‘إنكم أناس خطيرون. إنكم تنظرون من الجهة الخاطئة من المنظار. أظن...".
"أظن أنه من الأفضل أن نغادر الآن"، قاطعه هاري ليلينثال، وهو ينظر إلى بوب.
"لم تفهموا قصدي"، قال بوب متنهداً، "إن عقولكم مغلقة".
"إني أشفق عليك"، قالت السيدة الشريكة.
"ألا تصدقون الدليل القاطع أمام أعينكم؟" سأل بوب.
"أظن أنه من الأفضل لك أن تذهب وتهدئ من حدة غضب زوجتك"، قال الطبيب النفساني، "من الأفضل أن نغادر الآن".
بدأوا يخرجون من الشقّة، ينتابهم شعور بعدم الارتياح والحرج. كانت صحون الحلوى قد حلت محل صحون الطبق الرئيسي. أحس بوب أن النادلين شعرا بالإحراج.
"حسناً"، قال عندما ذهب المدعوون، "نظفا المكان وسأكتب لكما الشيك"، قال مستهجناً، "خراء".
في غرفة النوم، استلقت إرما على السرير، رأسها مدفون في الوسادة. كانت تنشج، لكن ما إن دخل إلى الغرفة، حتى رفعت رأسها وقالت بصوت أجش: "لقد خرّبت كلّ شيء".
"يجب أن يتذكروا"، قال، غير شاعر بالندم.
"لقد خرّبت كلّ شيء"، كرّرت.
كانت محقة طبعاً.
عندئذ عرف أن كل شيء قد انتهى بينهما. قال لنفسه لقد حقق الإرهابيون نصراً آخر، إنهم يفوزون.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الموت أقوى من الحبّ-غابريل غارسيا ماركيز-ترجمة

14-كانون الأول-2019

لموت أقوى من الحبّ-غابريل غارسيا

05-آب-2017

مقتطف من رواية "حبّ في جدة" / ترجمة

09-آذار-2011

حفلة شاي / هارولد بينتر ترجمة:

03-أيار-2009

مذكرات أناييس نين / المجلد الأول / ترجمة:

10-شباط-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow