وزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا يستغرب قرار توقيف عرض مسرحية "جنون البشر"
استغرب الدكتور رياض نعسان آغا قرار وقف عرض مسرحية جنون البشر على خشبة المسرح القومي باللاذقية،وحسب تصريح خاص بـ (ألف) قال الدكتور آغا: لقد راجعت تقرير الرقابة ولم يعترض أحد على المسرحية وجميع القراء وافقوا عليها، فهل نشر تقرير صحفي في (السياسة الكويتية) يعني الأخذ به رغم أن الصحيفة المذكورة مشكوك بمهنيتها.
وكان الزميل جوان جان قد نشر موضوعا في أحد مواقع الانترنيت يحذر فيه من عرض هذه المسرحية (...هذه المسرحية في حال تم عرضها فستلحق الأذى الجسيم بالوطن وستكون سلاحاً بيد أعدائه الذين يتهمونه بقتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، ذلك أن المسرحية تسيء إلى هذا الرجل إساءة بالغة من خلال تصويرها إياه بحيوان يُقتل في قرية سورية ويجري التحقيق في مقتله، ولا تتوقف المسرحية في كافة مراحلها عن السخرية من هذا الحيوان الذي يتمثل بعنزة وتحقيره والحط من شأنه في الوقت الذي يعمل فيه بلدنا على نفي أية إساءة لحقت بهذا الرجل قبل رحيله وبعده.. والمشكلة الأساسية أن العرض سيُقدَّم باسم وزارة الثقافة، أي أن مقولة المسرحية ستُعتَبَر موقفاً رسمياً ونحن في هذه الظروف بغنى عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع موقف سورية السياسي، ولنا أن نتساءل هنا هل هذا هو الدور المأمول للمسرحيين في مواجهة الخطر الذي يحيق بالبلاد؟ هل أصبح دورهم أن يكونوا خنجراً يُغرَز في ظهر الوطن بدل أن يكونوا سيفاً مشرعاً في يده؟ وهل وصل الأمر ببعض المسرحيين الجاهلين والمستهترين إلى درجة التفكير بتقديم عمل مسرحي مسيء إلى الوطن وأبنائه؟ وهل من المعقول أن تقف وزارة الثقافة عاجزة عن وضع حد لمثل هذا التلاعب بقضية هامة وحساسة يترصدنا فيها أعداؤنا على كلمة واحدة قد تصدر من جاهل أو حاقد؟ إنني في هذه العجالة أدعو كافة الشرفاء في هذا الوطن وكافة الجهات من رسمية وأهلية للوقوف في وجه هذا الاستهتار بقيم الوطن ومصالح أبنائه وأستثني من هذه الدعوة وزارة الثقافة لأنها أثبتت في العديد من المناسبات السابقة أنها عاجزة عن الوقوف في وجه التجاوزات التي أدمنت إدارة المسرح القومي في اللاذقية على ارتكابها خلال السنوات الماضية، هذه التجاوزات التي كانت على مدى سنوات مادة دسمة في صحافتنا الرسمية قبل الخاصة وفي مواقع الانترنت دون أن يرف جفن لوزارة الثقافة).
بينما رد كاتب المسرحية الدكتور محمد إسماعيل بصل وفي عدة مواقع الكترونية بالقول (..بينما يحتاج المواطن في بلدنا إلى مزيد من الموضوعية والنزاهة والشفافية في علاقته مع المسؤول، وحينما تجتاح أقلام الحقد والكراهية استقرار وطننا، وتلسع ألسنة الغدر أسماعنا صباح مساء، وفي وقت لا يفوّت فيه أعداء سوريا منبراً للنيل من تاريخنا وحاضرنا، ويلهثون خلف الإسرائيلي والأمريكي والجني الأزرق ليرسموا لأطفالنا مستقبلاً جحيمياً.
في هذا الوقت بالتحديد تتماهى الحدود، وتتلاشى الملامح، وتحتضر الخصائص، وتتبعثر الألوان، فترتفع أصوات النفوس الميتة علّها تجد عبر هذه المساحات الرخوة منبراً لها.
ولما كانت هذه الحفنة من أصحاب النفوس الميتة بعيدة عن الموضوعية ولا تكترث لصوت العقل أو تتهيب من قوة الحق، فإنها تلجأ دائماً إلى النفاق وتعده منهجاً، وتستنصر بالوقاحة وتعتبرها مزية وتطلق سهامها على خصومها في العتمة لأنها كطيور الظلام تكره الصباح..
إن هذه الحفنة التي تبث سمومها عبر تقارير مكتوبة بأسماء مستعارة كـ (الشيخ الجليل راسبويتن وابن المكرم والعتيق...) لا تجد ساحة لجنونها سوى الخفايا والزوايا المظلمة حيث تستنسر بغاث الطيور وليس ثمة من رادع يوقف الشتائم والكلام الرخيص المبتذل، ولكن أن يصل الأمر إلى أن يستجيروا بأحمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة وينفخوا في بوقه من أجل أن يوقفوا عملاً مسرحياً في بلدهم بحجة غيرتهم على مصلحة الوطن، فإنّ هذه مكيدةٌ ليس على المسرحية وحسب، أو على المسرح القومي في اللاذقية، أو على وزارة الثقافة ليس إلا، إنها وشاية على الوطن بأسره.
إنّ المسرحية التي نشرت صحيفة "السياسة" خبراً عنها جاء فيه: "وعلى الرغم من الاعتراضات العديدة التي أبداها مثقفون وفنانون سوريون حول مضمون المسرحية وإساءتها إلى الرئيس الحريري إلاّ أن وزارة الثقافة السورية ماضية في تقديمها، ويسود اعتقاد في الأوساط الثقافية السورية أن تقديم هذه المسرحية سيشكل المسمار الأخير في نعش وزارة الثقافة التي تنتقل من ورطة إلى أخرى"
ويفند الدكتور بصل مزاعم الزميل جوان وكاتب التقرير الصحفي في (السياسة الكويتية) واصفا اياهم بالجلبيون (نسبة إلى أحمد الجلبي العراقي) بعدة أمور هي:
1- إن المسرحية لم تُنشر ولم تُقدم فمن أين للمثقفين والفنانين السوريين معرفة مضمونها ليعترضوا عليه.
2- وأين هي هذه الوثيقة التي تبرهن على موضوعية هذه المقولة. ولكن هيهات أن يقر سعيد الغبرا بالموضوعية وإلاّ ما احترق مسرح أبي خليل القباني في مطلع القرن المنصرم.
3- ليس في مضمون المسرحية أية إساءة إلى الرئيس الحريري ولكن قراءة المتربصين الحاقدين تجد في المضمون ما يسعف خستهم ودناءتهم ولماذا لم ينبر هؤلاء لصد الهجوم العدواني على سوريا من أولئك الذين يتاجرون بدم الحريري صباح مساء .
4- إن وزارة الثقافة ليست ماضية في تقديم المسرحية، بل على العكس تماماً إنها ماضية في إرجائها بل لقد أوقفتها نهائياً بعد الهجوم عليها من حيث أنها تضر بمصلحة الوطن.
وبدأت المزايدات، وتعالت أصوات المنافقين، واستفحل الدجل إلى أن أوعز إلينا وزير الثقافة بإيقاف العمل ريثما تتشكل لجنة للتأكد من صحة تلك التلفيقات أو عدمها، وجاءت اللجنة المؤلفة من ثلاثة أساتذة مختصين (الأستاذ محمد حطاب مدير الثقافة في اللاذقية، ونزار حلوم نقيب الفنانين في اللاذقية ونضال حمود مدير المسرح القومي في طرطوس) وبعد أن انتهت من مشاهدة البروفة قدمت تقريرها الذي جاء فيه: "العمل مناسب فكرياً ومنسجم فنياً ولا مانع من تقديمه جماهيرياً" وقبل أن يصل التقرير إلى الوزير سمع به أصحاب الشأن وحاكوا المكائد فاستجمعوا قواهم لشن حملة مسعورة في الصحافة المعارضة وبعض الصحف الحاقدة لإيقاف هذا العمل المسرحي أو لنقل لوأده.
5- إن نص (جنون البشر) هو مقاربة فنية لما حصل ويحصل في المنطقة دون أية إشارة واضحة أو فاضحة، وإن ما كتب ويكتب في الصحافة المحلية وغيرها أكبر وأهم وأخطر، والنص لم يقدم سوى حكاية تعد نفياً لما هو موجود في الحياة اليومية، إذا إنّ المسرح لا يقدم الواقع ولا ينسخه بل يحاكيه وهذه أبسط مقولة مسرحية تنفي كل ما هو قائم على الخشبة.
6- يدعو نص (جنون البشر) إلى التسامح والتسامي فوق الخلافات ونبذ العنف وتشييد الحوار..
إنه نص يبحث عن الحقيقة ويعري أصحاب النفوس الميتة الذين لا يشغلهم في هذا الكون سوى مصالحهم الصغيرة والتافهة.. فليس عبثاً أن تنقض عليه الخفافيش لتمنع ظهوره.
7- لقد أخطأت وزارة الثقافة بإيقاف العمل المسرحي نهائياً ولكن ما العمل وقد وصل الحاقدون (الجلبيّون) إلى ما وصلوا إليه، فعندما وصلت تفاهتهم إلى وضع مصلحة الوطن تحت مصلحتهم، وأوصلهم حقدهم الأعمى إلى الاستنصار على الوطن بأعدائه، كان لا بدّ من إيقاف عرض المسرحية حتى يتوقف هؤلاء الانتهازيون المتهافتون عن خستهم، حتى لو كان سيؤدي هذا الأمر إلى وأد جهود الفريق المسرحي الذي تدرب على المسرحية لمدة ثلاثة أشهر ولكن هذا الجهد هو برسم وزارة الثقافة.
8- مرحى لكم يا أعداء العمل لقد كسبتم المعركة مستغلين الظروف التي يمر بها وطننا، ونحن تخلينا عن المسرحية طالما أن أمثالكم مندسون بيننا، ويقوّلوننا ما لم نقله، لكن الفجر سينبلج وستسقط الأقنعة ويسطع الحقيقي والجميل.
وأنّوه أخيراً إلى أن هذه المسرحية قد كانت بمثابة مبادرة إنسانية خالصة لتكريم أحد المسرحيين الذي يعاني من مرض عضال، ولعل جرعة مسرحية ستساعده على الخروج من وحدته وتبعده عن السرير وعزلته، وتكون له ربما أنجع من تلك الجرعات الكيميائية التي يتناولها كل حين، ولكن فرحته أزعجتهم فليعذرنا هذا المكّرم أو مشروع المكّرم لأننا لم نستطع وقف جموح هذه الثلّة من ( شبّيحة الثقافة) !!!
وكان وزير الثقافة السابق الدكتور محمود السيد قد أوقف المسرحية بناء على ما أوردته بعض المواقع الصحفية.
وفي اليوم الأول لتسلم الوزير الجديد رياض نعسان آغا لمهامه في وزارة الثقافة دعا إلى الانفتاح على كل التيارات الفكرية والاعتماد على المثقفين أصحاب المشاريع الفكرية الهامة والتنويرية، جاء ذلك خلال استقبال الوزير للمفكر الدكتور طيب تيزيني بوجود الأستاذ محمد كامل الخطيب مدير التأليف والترجمة، وفي سياق الحديث أكد الوزير على نيته بتحديث الوزارة وإعادة هيكلتها وإعادة الاعتبار للثقافة والمثقف في وسورية.