Alef Logo
شعر معاصر
              

الناي والريح

خليل الحاوي

2006-04-08

بعد الجليد
(1) في الصومعة
بيني وبين الباب أقلامٌ ومِحْبرةٌ،
صدى متأفِّفٌ،
كُوَمٌ من الورق العتيقْ.
هّمُّ العبور،
وخطوةٌ أو خطوتانِ
إلى يقين الباب، ثمَّ إلى الطريق.

(2) كذبٌ،
دمي ينحَرُّ، يشتمني، يَئنُّ:
إلى متى أزني، وأبصِقُ
جبهتي، رئتي
على لقبٍ وكرسيٍّ
أضاجع مومياءْ؟
أنا لست منكم طغمة النسَّاكِ
واللحم المقدِّد في خلايا الصومعة
لن يستحيل دمي إلى مصْلٍ
كذبت، كذبت،
جرُّوني إلى الساحات، عرُّوني
اسلخوا عنِّي شعار الجامعة



(3) الناي
"ابني، وقاه الله، كنز أبيه،"
"جسر البيت، يحمل همَّنا همَّاً ثقيلْ"
"... العام خلف الباب ، يا بِنْتي، يعود"
"غداً، يعود عليك، بعض الصبر"
"سوف يعود، والله الكفيلْ"



***
ولربَّما ماتَتْ غداً
تلك التي يبست على اسمي
ومصَّ دماءها شبحي
وما احتفلتْ بلذَّاتِ الدماءْ،
ماتت مع الناي الذي تهواه
يسْحَبُ حزنه عَبْرَ المساءْ
ومع الورود متى التوت
بيضاءَ، ينسج عرسها ثلجُ الشتاءْ
طولَ النهار
مدى النهارْ
نتحلُّ في عَصَبي جِنازَتُها
يحزُّ النَّايُ فيه
وما يزيحُ عن القرارْ:
ماتَتْ وما احتفلتْ وما عَرَفَتْ
رفاه يدٍ تُظللُّها ودارْ.



(4) الرِّيح
طول النهار
مدى النهارْ
ربي متي أَنشقُّ عن أمِّي، أبي
كُتُبي، وصومعتي، وعن تلك التي
تحيا، تموتُ على انتظارْ
أطأُ القلوب، وبينها قلبي،
واشرب من مراراتِ الدروبِ بلا مرارةْ،
ولعلَّ تخصب مرة أخرى
وتعصف في مدى شفتي العبارةْ.
دربي إلى البدويِّة السمراءِ
واحاتِ العجينِ البكر،
والفجوات أودية الهجيرْ،
وزاوبعِ الرملِ المريرْ.
تعصى وليس يروضها
غير الذي يتقمَّصُ الجَمَلَ الصَّبُورْ
وبقلبه طفلٌ يكوِّر جنَّةً،
غير الذي يقتات من ثمر عجيبْ:
نصْفٌ من الجنَّات يسقط في السلالْ
يأتي بلا تعبٍ حلالْ
نصفٌ من العرق الصَّبيبْ.
الشوك ينبت في شقوق أظافري
الشوك في شفتيَّ يمرجُ باللهيبْ
.. في وجهها عبق الغريزة
حين تصمت عن سؤالْ
..نهضتْ تلمُّ غرور نهدَيْها
وتنفض عن جدائلها حكاياتِ الرمالْ،
تحدو، تدور كما أُشيرُ بأصبعي
ولربَّما اصطادتْ بروقاً
في دهاليزي تمرُّ وما أعي
وبدون أن أُملي الحروف وأَدَّعي
تحدو، تدورُ، تزوغُ زوبعةً طروبْ
وأرى الرياح تسيحُ؛ تنبعُ
من يديها:
منبعَ الريحِ المعطَّرة الجنوبْ
ومنابع الريحِ الطَّريَّة والغضوبْ
للريح موسمها الغضوبْ.



***
وحدي مع البدويةِ السمراءِ
كنت مع العِبارةْ
في الرمل كنت أَخوضُ
عتمته ونارهْ
شربُ المراراتِ الثقالِ
بلا مرارَةْ.



***
ريحٌ تهبُّ كما تشيرُ عبارتي
للريح موسمها الغضوبْ،
للريح جوعُ مَبارِدِ الفولاذِ
تمسحُ ما تحجَّرَ
من سياجات عتيقةْ
ويعود ما كانت عليه
التربةُ السمراءُ في بدء الخليقةْ
بكراً لأوَّل مرَّةٍ تشهى
بحضن الشمس، ليلُ الرعد
يوجعُها وتَسْتَمْري بروقهْ
ماذا سوى أرضٍ تَعُبُّ
الحلمَ، تنبته كروماً والكروم
لها شروش السنديان،
لها عروق السنديان
ورفاهُ فيء البيلسانْ.
ماذا سوى عَقْدِ القباب البيض
بيتاً واحداً يزهو بأعمدة الجباهْ
يزهو بغابات من المدن الصبايا
لين أرصفة وجاه
أَيصحُّ عَبْرَ البحر تفسيخُ المياهْ؟
***
وأرى، أرى الطاووس يُبْحِرُ
في مرواح ريشهِ،
نشوانَ يبحر وهو في ظلِّ السياجْ
ويظُنُّ أنَّ الوردَ والشِّعْرَ المنمَّق
يستران العار في تكوينه والمهزلةْ
في صدره ثديانِ
ما نبتا لمرضعةٍ
ولا للعانس المُسترجلةْ
ثديان يأكل منهما عسلاً
ويحصدُ منهما ذهباً وعاجْ
لو يستحقُّ صلبتُهُ
ما شأنهُ بصليب إيمانٍ
يسوق لجُلْجُلَةْ
وكَّلْتُ ريحَ الرملِ
تعجنه بوحلةِ شارعٍ أو مزبلةْ
هو والسياجْ
وطيوب ثدييه وما حصداه
من عسلٍ وعاجْ
في موسم الريح الغضوب
مَسْحَ السياجات العتيقة في العقولِ
وفي الدروبْ



(5) الناسك
ألنَّاسكُ المخذولُ في رأسي
يُطلُّ عليَّ، يسألني، يَحَارْ
"أهَملتَ فرضكَ"،
"هل جُنْنتَ فرحتَ تحلُمُ في النهارْ"
"حلم النَّهارْ"
"مدى النَّهارْ؟"
"هل كنْتَ تتبع ذلك الجنِّيَّ"
"هل أغواك شيطانُ المغارةْ؟"
-وحدي مع البدويةِ السمراءِ
كنْتُ مع العبارةْ
في الرمل كنْتُ أخوضُ
عَتْمتهُ ونارهْ،
شربُ المراراتِ الثقالِ
بلا مرارةْ.
-"أَلغازُ مجنونٍ" وعاد
لغرفةِ الآثارِ في رأسي،
وللسلع العتيقةِ،
عاد منخلع الوقارْ.



(6) طولَ النَّهارِ
مدى النهارْ
الحينُ بعد الحينٍ تعْبر جبهتي
صورٌ وتنبت في الطريقْ
صورٌ يشوِّهها الدوارْ
أمي، أبي، تلك التي
تحيا تموت على انتظارْ.
النَّاسك المخذول في رأسي
يشدُّ قُواهُ ينهرني، أفيقْ:
بيني وبين الباب
صحراءٌ من الورقِ العتيقِ وخلفها
وادٍ من الورقِ العتيقِ وخلفها
عمرٌ من الورقِ العتيقْ.











تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow