Alef Logo
شعر معاصر
              

مرآة لخالدة وقصائد أخرى ـ مختارات من أدونيس

2006-05-28

نهضتُ أسألَُ عَنكِ الفجرَ: هَل نَهضَتْ؟
رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مُرتَسمًا
في كلِّ غصنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:
جاءَتْ
أمِ الحُلمُ أغواني؟ سألتُ ندًى
على الغُصونِ، سألتُ الشَّمسَ هَل قرأتْ
خُطاكِ؟ أينَ لمستِ البابَ؟
كيفَ مَشى
إلى جوارِكِ وَرْدُ البيتِ والشجرُ؟
أكادُ أشطرُ أيامي وأنْشطرُ:
دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا – وَرَقٌ
يجرُّهُ في هَشيمِ العالمِ الشَّرَرُ

2
صامتٌ ليلُنا.
مِِن هُنا زهرٌ ينحني،
مِن هنالك ما يُشبه التَّلعثُمَ.
لا رجَّةٌ، لا افتتانْ.
ليلُنا يتنهَّد في رئتَينا
والنوافذُ تُطبِقُ أهدابَها.
- تقرأين؟
- ضَعِ الشايَ. ضوءٌ
يتسرَّبُ مِنْ جسدينا إلى جسدينا
ويغيِّر وَجْهَ المكانْ.

3
هكذا – في عِناق الطَّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ،
لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ – عَفوَ أعضائِنا
ننتهي، نَبدأُ.
جسدانا
كوكبٌ واحدٌ.
نتبادَلُ أحزانَنا،
نتبادَلُ أحشاءَنا،
جسدانا دَمٌ واحِدٌ.
نحن صِنْوانِ في الجرحِ: مفتاحُ أيامِنا
ومفتاحُ أفراحِنا وأحزانِنا،
جَسدانا.

4
فَكَّتِ الأرضُ أَزرارَها، وسارَتْ
حُرَّةً في خُطانا،
عندما سألتْنا وقلنا:
نعرفُ الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا
طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنا
فتنةَ القمرِ المتشرِّد في طَمثهِ بأوجاعِنا،
ورسَمْنا
كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،
بتقاطيعِنا.
هي ذي أرضُنا، –
نتوقَّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه
كيفما دُوِّنَتْ
في دفاتر أيَّامِها.

5
رسمَتْكِ على جسد النيل، بين يديه
عندما كنتِ تمشين كالضوء في ظلِّ أحزانهِ
لغةٌ
لم يكن لإيزيسَ أن تتوقَّع فيها
قيامَ أدونيس من موته
كي يبرِّئ من دمِه قاتليه.
وتظلُّ الأنوثةُ بدءًا.
رسمَتْكِ على جسد النيل، في غيمها وفي صحوها،
أبجديةُ أمواجه.

من مجموعة (أول الجسد آخر الروح)


1- وجه امرأة

سكنت وجه امرأةْ
تسكن في موجةٍ
يقذفها المدُّ إلى شاطئٍ
ضيَّع في أصدافه مرفأهْ.
سكنت وجه امرأةْ
تُميتني، تُحبُّ أن تكونْ
في دمي المُبحر حتى آخر الجنونْ
منارة مطفأه.

2 – مرآة لخالدة

1- الموجة
خالدهْ
شجنٌ تورق الغصونْ
حوله،
خالده
سَفََرٌ يُغرق النهارْ
في مياه العيونْ
موجة علمتني
أن ضوء النجومْ
أن وجه الغيومْ
وأنينَ الغبارْ
زهرةٌ واحده....

2- تحت الماء
نمنا في ثوب منسوجْ
من عُناب الليل – الليلُ هباءٌ، والأحشاءْ
تهليل دمٍ، إيقاعُ صنوجْ
- وبريق شموس تحت الماءْ.
والليلة حبلى....

3- الضياع
مرّةً، ضعتُ في يديكِ، وكانتْ
شفتي قلعةً تحنُّ إلى فتحٍ غريبٍ
وتعشق التّطويقا.
وتقدّمت،
كانَ خصركِ سلطاناً،
وكانت يداك فاتحة الجيش،
وعيناكِ مخبأ وصديقاً
والتحمنا، ضعنا معاً، ودخلنا
غابة النّار – أرسم الخطوة الأولى إليها
وتفتحين الطريقا...

4- تعب
التعبُ القديمُ حول البيتْ
صار لها جرارٌ
وشرفةٌ
ينام في أكواخها، يغيبُ، كم قلقنا
عليه في أسفاره، ركضنا
نطوفُ حول البيتْ
نسأل كل عشبةٍ، نُصلي
نلمحه، نصيح: كيف، ماذا، وأين؟ كلُّ ريحٍ
أتتْ

وكلّ غصن
أتى
وما أتيتْ...

5- الموت
يعد هذي الثواني يجيءُ الزّمان الصّغيرْ
وتجيءُ الخطى والدروب المعادهْ
بعدها تهرم البيوتْ
بعدها يُطفئُ السريرْ
نار أيّامه ويموتُ
وتموتُ الوسادهْ.

من كتاب (التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل 1956)

1. تلك المرأة
لم أستطع أن أرفع عينيَّ عن وجه تلك المرأة التي استقبلتْني في قاعة الدرجة الأولى في مطار اسطنبول. أخذتُ أختلقُ أعذارًا للحديث معها. وتمنَّيتُ لو كانت لديَّ أعذارٌ لا تنتهي.
نسيتُ إن كنتُ جلستُ أخيرًا على مقعد في هذه القاعة، أم جلستُ بين يدي عاصفة. وأخذتْ أحشائي تضطرب.
*
قلتُ لنفسي، فيما أحشائي تضطرب: لا بُدَّ من أن تكون للشاعر أسبابٌ أخرى لكتابة الشعر غير الأسباب التي نراها عند قُرَّائه.
وقلت: لا بُدَّ، إذا أردتَ أن تفهم شاعرًا، من أن تتعلَّم الإقامة في شعره.

من (أشجارٌ لِحديقةِ المَعْنى)


أعيش مع الضوء

أعيشُ مع الضوء عُمْري عبيرٌ
يمرّ، وثانيتي سنواتُ
وأعشق ترتيلةً في بلادي
تَناقَلها كالصباح الرعاةُ;
رَموْها على الشمس قطعةَ فجرٍ نقيٍّ
وصلّوا عليها وماتوا –
إذا ضحك الموتُ في شفتيكَ
بكت، من حنينٍ إليكَ، الحياةُ.

بين عينيك وبيني

حينما أُغرقُ في عينيكِ عيني،
ألمح الفجر العميقا
وأرى الأمس العتيقا
وأرى ما لست أدري،
وأحسّ الكون يجري
بين عينيكِ وبيني.

وطني فيَّ لاجئ
وليكنْ وجهيَ فيئًا!
دهْرٌ من الحجر العاشق يمشي حولي أنا
العاشق الأول للنار
تحبلُ النار أياميَ نارٌ أُنثى دَمٌ تحت
نهديها صليلٌ والإِبطُ آبارُ دمعٍ نهَرٌ تائهٌ وتلتصق
الشمس عليها كالثوبِ تزلقُ جرحٌ فَرَّعتْه
وشعشعَتْهُ ببَاهٍ وبهارٍ (هذا جنينُكِ؟) أحزانيَ وَرْدٌ.
دخلتُ مدرسة العشب جبيني مُشقّقٌ ودمي يخلع
سلطانَه: تساءلتُ ما أفعلُ؟ هل أحزم المدينة
بالخبز؟ تناثرتُ في رواقٍ من النار اقتسمْنا
دمَ الملوكِ وجعْنا
نحمل الأزمنه
مازجين الحصى بالنجومْ
سائقين الغيومْ.
كقطيعٍ من الأحصنَه.































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow