Alef Logo
نص الأمس
              

الشعر الجديد في العالم - هنري ميشو

2006-04-05

من الصعب أن نصنف هنري ميشو ضمن اتجاه أو مذهب شعري محدد، فهو مستقل على الرغم من أنه يتلاقى مع السوريالية في بعض مناحيها، دون أن يكون قد ارتبط أو تصل بها كحركة وعلى الرغم من أن تجربته امتداد للتجربة الصوفية في الشعر، بشكل عام، ولتجربة «لوتريامون» بشكل خاص.
المشكلة الأساسية الأولى التي تثيرها تجربة هنري ميشو تتصل بمعنى الشعر. فهناك نقاد بارزون يترددون في اعتباره شاعراً، ذلك أن كتابته لا تندرج ضمن ما أجمعت عليه المقاييس بأنه شعر. صحيح أنه يستخدم في هذه الكتابة وسائل الشعر وطرقه، لكنه يقدم مضموناً مغايراً للمألوف في مضمومات الشعر. لكن نقاد آخرين بارزين أيضاً يعتبرون أن كتابته شعر على الرغم من ذلك، بل يرون أنها شعر عظيم بسبب ذلك، ويستطردون قائلين أن بين الآثار الفنية العظيمة شيئاً مشتركاً هو أنها تفلت من التحديدات، وتحير القارئ.
هكذا يرون أن شعر ميشو يجبر قراء الشعر والمعنيين به على إعادة النظر في المفهومات التي يعرفونها عن الشعر. فشعره يوسع الحدود المرسومة للشعر، ويزلزل طرق كتابته وأساليبها المعتادة، وهو في ذلك يهدم لأنه يؤسس.
أما نتاجه ذاته فيتردد بين موضوعية يبدو فيها منفصلاً متجرداً عن ذاته وذاتية مشحونة بهاجس العذاب والحسرة والموت وليل العدم، والفراغ الكوني. ولئن كان في موضوعيته تهكمياً، فإنه في ذاتيته نحيبي حتى الصراخ. والكلمة هنا تجربة بحيث أن الشاعر هو هو كلماته التي يلفظها صارخاً، وبحيث تصبح اللغة هي هي نفسها عذاب الجسد والروح.
ويصف ناقد فرنسي شعر ميشو بأنه فعل حضور في العالم وتعرية للإنسان أحياناً يختبئ في المحزن في هذا الشعر وراء المجاني والعجيب، ويختبئ معناه وراء غرابة المخاوف الفردية الهائلة لكن الناقد يستطرد قائلاً أن وراء هذه الوساوس الفردية شمولية أو عالمية لا يمكن إنكارها. ومن هنا يسمي شعره بأنه أيضاً شعر الكشف والشهادة.
ولد هنري ميشو سنة 1899 بين أهم كتاباته: «الليل يتحرك، أمكنة أخرى، فضاء الداخل، رياح وغبار، اللانهاية المدومة، حركات، لحظات».

ـ 1 ـ
لا أقدر أن أرتاح، فحياتي أرق. ولا أعمل ولا أنام ـ أمارس الأرق. حيناً تقف روحي على جسدي الممدد وحيناً تتمدد روحي على جسدي الواقف، لكن لا نوم أبداً. لعمودي الفقري قنديله الخاص ومن المستحيل أن ينطفئ.
أليست الفطنة هي التي تبقيني متيقظاً ذلك أنني إذ أبحث فإن لي حظاًَ أن أجد شيئاً يخالف كلياً ما أبحث عنه، ذلك أنني أعرف عما أبحث.
ـ 2 ـ
في صدري ثقب صغير
تهب فيه روح مخيفة
أيتها القرية الصغيرة لست لي
إنني في حاجة إلى الحقد والرغبة ففي هذا صحتي.
وتلزمني مدينة كبيرة ورغبة كبيرة استهلكها.
ويلزمني أن أنظر من النافذة، الفارغة مثلي.
لي سبع أو ثماني حواس، وبينها حاسة النقص. ألمسها وأجسها كما أجس خشبة... وتلك هي حياتي، حياتي بفعل الفراغ. وإذا غاب هذا الفراغ، أبحث عن نفسي. سأجن، ويكون الأمر أكثر سوءاً.
إنني مبني على عمود غائب،
ـ 3 ـ
خذوني في مركب
في مركب وديع عتيق، بين الزبد
وأضيعوني بعيداً، بعيداً،
في حافلة عصر آخر
في مخمل الثلج الخادع
في قطيع الأوراق الميتة.
احملوني، دون أن تكسروني،
في القبل
في الصدور التي تنهض وتتنفس على سجاد الراحات وابتسامتها في ممرات العظام الطويلة، في المفاصل.
خذوني أو بالأحرى خبئوني.
ـ 4 ـ
البحر غير المحدود، هو ما أعرف، ما هو يخصني
في الحادية والعشرين، كنت أهرب من حياة المدن، وأصير بحاراً. كنت أظن أننا، في السفينة، ننظر إلى البحر، ننظر بلا نهاية.
أوقفت السفن عن الإبحار،
وبدأت بطالة العاملين في البحر.
هكذا تركت العمل. لم أقل شيئاً. كان البحر في نفسي، يدور أبدياً حولي.

من ملحق الثورة الثقافي – العدد السادس – 1976

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow