Alef Logo
دراسات
              

طقوس الزواج والولادة والموت في الشعبية بالإسكندرية

مصطفى نصر

2008-09-05

بدأت كتابة هذه المقالة منذ سنوات طويلة جدا، وكنت وقتها أذهب إلى بيت المستشار فوزي عبد القادر الميلادي في حي بحري بعد كتابة قصة قصيرة ، أو جزء من رواية ، أو مقالة ، وأقرأ عليه ما كتبته فيصحح لي الأخطاء النحوية .وقرأت عليه بداية المقالة التي قسمتها إلى ثلاثة أنواع ،ما يحدث في حالة الموت ، ثم حالة الزواج ، ثم حالة الولادة ، فاقترح الميلادي أن أبدأ بالزواج ، ثم الولادة ، وأختم بالموت . وكتبت كما أراد ، وذهبت وقرأت عليه الجزءان الأول والثاني ، وما أن بدأت في قراءة الجزء الثالث – عن الموت ؛ حتى صاح : أرجوك لا تقرأ أكثر من هذا ، فقد كان يخاف من سيرة الموت.
وظلت صفحات هذه المقالة معي ، تختفي عني لسنوات ،ثم أجدها وأعيد قراءتها ، ثم تختفي ثانية . حتى قررت أن أعيد صياغتها الآن.
1 – الخطبة :
كانت العادة في الصعيد ؛إذا أراد شابا أن يخطب فتاة ؛ أن يذهب لزيارة أهلها مع أبيه وأقاربه ( أو ولي أمره إذا لم يكن والده موجودا ) ويكون الحديث للوالد – أو ولي الأمر – ولا يسمح للعريس بالتحدث طالما أن أقاربه – الأكبر سنا – موجودين؛ فإذا أعجبتهم العروس ،يضع الوالد مبلغا كبيرا من المال في صينية الشاي الذي تقدمه العروس ( يختلف المبلغ من وقت لآخر، حسب الحالة الاقتصادية للبلدة )ثم يقوم ولي الأمر بعد ذلك بتقديم أقمشة تكفي لصنع ثوبا أو ثوبين للعروس وأمها وأخواتها ،ويعتبر هذا شبكة للعروس .لكن عندما وفد أهلي إلى الإسكندرية ؛ تغيرت عاداتهم ،وصارت وسطا بين ما كانوا عليه في الصعيد ، وما هو متبع في أحياء الإسكندرية الشعبية .، فموضوع إهداء الأقمشة لم يعد مناسبا في الإسكندرية، ويتم الاتفاق على موعد الخطبة ، ويقام حفل لهذا في بيت العروس ،ولابد أن يكون في بيت العروس ، وإذا كان البيت لا يصلح لهذا – لأي سبب من الأسباب ؛ يقام في بيت أحد أقاربها ،وتكون تكاليف الحفل على حساب العريس ،بما فيها فستان عروسته وحذائها واكسسوارها أيضا .ثم يقوم العريس بتقديم الهدايا للعروس في المواسم الإسلامية ( ليلة رأس السنة الهجرية، وعاشوراء، ومولد النبي ، والإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان ، والعيدين ) وتكون الهدايا عادة من نوعين : الأول : هدية للعروس ، إما أن تكون شخصية ؛ كالملابس والحلي.. الخ ، أومن مستلزمات البيت ، كلوازم السفرة والمطبخ والمفروشات .. الخ الثاني : هدية لأهلها، كالحلويات والفاكهة .
ويتم الاتفاق على المهر ونوع الجهاز ، لكن هناك أساسيات لا تستلزم اتفاقا ، ولا تقبل جدلا، فمن المسلم به أن الجهاز ( حجرة النوم والسفرة .. الخ) على حساب أهل العروس. وأدوات المطبخ والنجف على العريس .وفستان زفاف العروس على العريس ،أو يدفع ثمنه ( ولأن تكاليف الأثاث يزداد يوما عن يوم؛ ووالد العروس يتحمل العبء الأكبر منها ، فهذه العادات بدأت في التراجع شيئا فشيئا ، فيتحمل العريس الآن بعض الأعباء ،فتلزمه بعض الأسر بدفع ثمن المفروشات من أقمشة وقطن وأجرة المنجد، وشراء بعض أدوات المطبخ، وبمرور الوقت ستتحول إلى عادة .
2 - العفش: وهو خروج الأثاث من بيت العروسة إلى بيت العريس ، وهو من الطقوس المهمة في الزواج،مثله مثل الخطوبة والزواج ، فيدعون إليه أقاربهم وجيرانهم ، ويتم عادة بعد صلاة العصر ، فيجلس المدعوون على مقاعد بجوار بيت العروسة، ويقدمون إليهم المشروبات ( شربات ، أو زجاجات قازوزة) وتعزف "مزيكة حسب الله "، التي اقتصر عملها الآن على حفلات خروج العفش .ويخرج العفش ، كل جزء على سيارة نصف نقل، ويصل بهم الأمر؛ بأن يأتوا بنجار لكي يقيم الدولاب ليقف شامخا فوق عربة نصف نقل وحده ،وبعد أن يدورون به الشوارع القريبة ؛يقوم النجار بفكه لكي يصعدون به إلى شقة العريس ثم يربطه ثانية في الشقة .
وقد أراد عمي – والد زوجتي – أن يخرج عفشي ب" مزيكة حسب الله " ، وأنا في الأساس رافض عرض العفش على الناس، فما شأنهم بما أشتريت لبيتي؟!، لكنني لم أستطع تنفيذ ما أريد، فعمي يريد أن يرى الناس ما اشتراه لابنته، وعن مدى جودة الأثاث وغلو ثمنه. لكنني تمسكت بأن تسير العربات دون " مزيكة " ،وسارت العربات التي تجرها الخيول، ( لم تكن سيارت ال2/1 نقل قد انتشرت كما هي الآن)وشباب الأسرة يسيرون أمامها ، كل منهم يمد ذراعيه حاملا طقم أكواب أو فناجين، وأرادوا أن أحمل طقما مثلهم فرفضت بإصرار ، لكن زميلي في العمل – الذي أصبح بعد ذلك المدير العام لإدارتنا - وافق أن يحل محلي في هذا .
3 - ليلة الحنة : يفضل سكان الأحياء الشعبية في الإسكندرية إقامة حفلات الزواج في الصيف، حيث لا تسقط الأمطار.
تقام ليلة الحنة أمام بيت العريس، إذ يضع متعهد الفراشة الدكك وسط الشارع ، ويضع قطعة قماش خلف الدكك ومقاعد كثيرة متراصة ،وتأتي الفرقة الموسيقية بعد التاسعة أو العاشرة مساء لتعرض فنونها حتى صباح اليوم التالي ،ويقوم المدعوين بتقديم مبالغ ( نقوط) للفرقة الموسيقية ،مجاملة للعريس وأهله ،ويجلس المدعوين – عادة – على هيئة مجموعات ، وكثيرا ما يقدم أهل العريس المشروبات، ويعدون الشيش الصغيرة ( يستأجرونها من متعهد ، مكونة من برطمانات زجاجية ، بداخل كل منها قطعتان من الغاب، أحدهما قصيرة ، يوضع في آخرها " الحجر" وفوقه الفحم الأحمر والمعسل، ويسحب المدعوون ( النفس) من الغاب الأكثر طولا، وكلما كان العريس غنيا ؛ أسرف في تقديم هذه الأشياء .
ثم تتوقف الفرق الموسيقية ، ويسدل الستار،وينقل الميكرفون إلى جوار بيت العريس حيث يرقد العريس فوق حاشية ، بجانب باب بيتهم وبجانبه والده ، ويقوم الحلاق بوضع الحنة فوق قدميّ ويديّ العريس ، وتوضع الحنة في صينية والشموع حولها من كل جانب ؛يرقص بها رجل ،متخصص في النداء على نقطة والد العريس ، ثم يبدأ المدعوون بتقديم النقطة وتكون عادة مبالغ أكبر مما أعطيت للفرقة الموسيقية ) ويشهر الرجل المبلغ المقدم ويعيد ويزيد به ، فهم يدفعون له مبالغ صغيرة نظير ذلك. تكتب المبالغ التي دفعت لوالد العريس في دفتر ، ليقوم بدفع أكبر منها في المناسبات ( من العادات المألوفة ألا يدفع نفس المبلغ الذي دفعه له الآخر، وإلا اعتبر هذا رغبة منه في أن إنهاء هذه العلاقة ) بعد ذلك يحملون العريس، الذي لا يستطيع السير على قدميه الملطختين بالحنة ،وتستأنف الفرقة الموسيقية عملها من جديد .
4– الزفاف : يقام السرادق في اليوم التالي ليوم الحنة أمام بيت " العروس " وهو سرادق مغلق من كل الأطراف ، بحيث لا يرى أحد ما يحدث داخله، ويقف عدد من أهل العروسين ، يمسكون طرفي قماش السرادق ، ولا يسمحون إلا بدخول السيدات، أو الرجال المقربين جدا للعروسين .
ويذهب العريس مع أصدائه وأقاربه بالسيارات إلى الكوافير – مصفف الشعر – ليأتي بعروسه من هناك ، حيث عليه أن يدفع أجرة تصفيف الشعر لها ولأقاربها وصديقاتها ،وترتدي العروس – وقتها – فستانا أبيض وطرحة وبعض الإكسسوارات يستأجرونها من الكوافير ، ( وفي الوقت الذي أتحدث عنه ، كانت العروس ترتدي فستانين ، كل منهما له لون مختلف ، ويرسل الكوافير من تشرف على ارتدائها للفستان ، ومراجعة التجميل (وتصل السيارات إلى مكان الحفل ، وتدخل العروس السرادق ، فتجلس في الكوشة المقامة وسط السرادق، وعليها أن تجلس فيها كالدمية ،فلا تتحرك كثيرا ،ولا تسرف في الابتسام ، فكلما كانت جامدة كالتمثال؛ نجحت في مهمتها ، وتحدثت النسوة عنها بالخير .
أما العريس فيذهب إلى المكان المجهز له ليستحم ويرتدي ملابسه التي سيحضر بها الحفل ، ويكون – عادة – شقة قريب أو صديق يدعو فيه عددا كبيرا من أصدقائه .
يتناول العريس- أحيانا - مع أصدقائه بعض المشروبات الروحية لكي تعينه على ألا يخجل من عروسه عندما ينفرد بها ،وربما تكون هذه المرة الأولى التي يذوق العريش فيها هذه المشروبات .أو قد تكون الأخيرة أيضا ،
ويغني أصدقاؤه ويزفونه من وقت لآخر بكلمات معروفة ؛ تقال دائما في مثل هذه المناسبات .
وأحيانا لا يجد العريس مكانا يقضي فيه وقته هو وأصدقاؤه إلى أن يحين موعد ذهابه إلى عروسه ، فيتفق مع قهوة من المقاهي القريبة من بيت عروسه، فتجهز القهوة صينية محاطة باللمبات الملونة وفوقها أكواب الشربات،( كل المقاهي في ذلك الوقت كان لديها مثل هذه الصواني ) وتعلق لمبات في الركن الذي سيجلس فيه العريس مع من معه.
وقد جاء شاب غريب للزواج من فتاة من حينا، وذهبت – وأنا صغير – مع صديق يسكن قريبا من بيت الفتاة ؛إلى القهوة التي سيزف العريس فيها .كان العريس مرتبكا، ويبدو أنه أول مرة يرتدي ملابس إفرنجية، وقدم ساقي القهوة الطلبات التي سيحاسب عليها شقيق العريس آخر الجلسة ، وكلما اقترب الساقي من صديقي؛ يصيح طالبا اثنين قهوة ، ثم اثنين كاكاو ،ثم اثنين سلحب .. الخ ،حتى امتلأنا من الشرب، وشقيق العريس يتابعنا في ضيق،فهو الذي سيدفع كل هذه الطلبات .
وفي حوالي العاشرة ؛ يركب العريس ومن معه السيارات وسط التهليل، تسبقهم الموتسكلات التي يستأجرونها خصيصا لهذا الحفل ،ويأتون بها ألعابا بهلوانية .ثم يذهبون إلى السرادق ،ويكون الرجال من أهل العروسين في انتظارهم ، يحيطون بالعريس الذي يقف وسط زميلين يرتديان ملابس تشبه إلى حد بعيد الملابس التي يرتديها ،ويكونان في طوله تقريبا .ويزفونه ثانية بكلمات مثل التي قيلت في البيت الذي كان يرتدي فيه ملابسه .
وتقام وقت ذلك بعض الألعاب؛ كإشعال دائرة من النار حول العريس وصحبه، والرقص حول النار ، وصنع سجادة فوق الأرض مصنوعة من نشارة الخشب الملونة بالعديد من الألوان ، يصنعونها بمهارة فائقة ، وبدخول العريس للسرادق ينتهي الحفل ، حيث أن النسوة اللاتي لم يرين العريس من قبل ، ينتظرون بشوق لرؤيته ، لمعرفة أي نوع من الرجال ذلك الذي ستتزوجه العروس التي يعرفونها ويعرفون أهلها.
ويركب العريس والعروس سيارة وخلفهما باقي السيارات الأخرى ،فيذهبون إلى مسجد سيدي أبي العباس المرسى، فيطوفون حوله عدة دورات ،حيث ينتظرهم بعض الرجال يحملون مباخر يبخرونهم بها .
تسرع أم العروس – رغم مشاغلها – مع أقارب لها إلى بيت الزوجية الجديد، تضعن في شقة العروسين طعاما مجهزا يسمونه " الوسواسة " يتركنه لهما فوق المائدة .
وتنتظر النسوة حضور العروسين إلى سكنهما الجديد ،من كثرتهن يجلسن خارج الشقة.قبل أن يدخل العروسان باب الشقة ؛ يذبحون أمامهما " ديك البوابة " تبركا.وتغلق الشقة عليهما وعلى قليل من النسوة ليساعدن العريس على فض بكارتها.، وتقوم النسوة بدق الأبواب بصوت مرتفع جدا، ويغنين أغنيات لهذه المناسبة ، وذلك حتى لا يسمع الجيران صراخ العروس ( زالت هذه العادة نهائيا ، ولا أعتقد أن هناك من يلجأ إليها الآن )
تظل العروس تأكل من طعام أمها ، أو أم زوجها ، حتى اليوم السابع للزواج، إذ يقام حفل بهذه المناسبة يسمى( السبوع) ، يأتي فيه الأقارب ،يحملون الهدايا للعروسين، وتكون عادة سلالا بداخلها السكر والشربات ، والصابون المعطر، والأرز والمكرونة ، وتغطى السلال بمفارش مطرزة وردية اللون، ويدفع الرجال للعروسين ( نقطة ) ثم تقدم الأطعمة وتكون عادة من اللحوم .
وعلى العروس في الأحياء الشعبية ،خاصة التي جاءت من الصعيد ؛ إتباع الآتي:
1- عليها – على قدر المستطاع – أن تخفي نفسها عن عيون الجيران الذين يتشوقون لرؤيتها لمدة تصل للشهور الكثيرة .
2- ألا تخرج من بيت زوجها ؛ لزيارة أهلها إلا بعد أن تلد ، أو بعد عام من زواجها إذا لم تلد خلال العام .
3- أن تحترس العروس من أن يدخل عليها طفل أو طفلة تم ختانهما. أو تدخل عليها امرأة متزوجة حديثا – مثلها – ما لم يمر على الختان أو الزواج شهر هجري كامل ، وإلا لن تنجب .
وتنتهي مشاكل العروس في هذا الشأن وقلقها بعد مرور شهر هجري ، فتحرص على الصعود إلى سطح البيت الذي تسكنه لمشاهدة هلال الشهر العربي ، بعدها لا يهمها شيء.
5 - طقوس الولادة
بعد تسعة أشهر أو أكثر للزواج تستعد العروس للولادة ، ويتحمل أهل العروس تكاليف الولادة كلها ،وذلك في الطفل الأول فقط . وتقيم الزوجة – أحيانا – لدى أهلها في شهرها الأخير – قبل الولادة – ولعل هذا تحسبا للمعتقد القائل بأن الزوجة التي يحضر زوجها أول ولادة لها ؛ لن تستطيع أن تلد ثانية إلا بحضوره. ويحدث بأن يستدعي الزوج الذي حضر ولادة زوجته الأولى – من البلدة التي سافر إليها إذا اقترب موعد ولادة زوجته ؛ خشية أن تتعب في الولادة في غيابه ، بل يستدعى أيضا حتى لو كانت زوجته تلد في مستشفى ولادة وحولها الأطباء .
وإذا تعسرت الولادة وكان الزوج حاضرا عليه أن يخلع ثوبه ويرتديه بالمقلوب حتى تتيسر الولادة .
وقد عرفت زوجين كانا على درجة عالية من الوفاق والاتفاق، كان الرجل طيبا، وسيما ، وهي جميلة تشع أنوثة ، وتهتم بزينتها ،وقد تزوجا في الصعيد وجاءا لدواعي العمل إلى الإسكندرية .وكان الزوج يحبها ويخضع دائما لإرادتها ،وقد حضر يوم ولادتها ، كانت الداية مع باقي النسوة في حجرة وهو في حجرة مجاورة لا يراهم ولا يرونه ،وتعسرت ولادتها ، فصاحت وهى تئن من الألم: يا أحمد ، يا أحمد .
وأجابها من مكانه: نعم يا زينب .
- أخلع قفطانك .
تساءل أول الأمر: أخلع قفطاني ليه ؟!
صاحت وهي تبكي: أخلع قفطانك واسمع الكلام .
فخلعه في ضيق، ورماه على السرير المجاور له : أهه يا زينب .
لكن المولود لم ينزل ، والداية حائرة ، فصاحت ثانية :
- ألبسه بالمقلوب .
فارتداه بالمقلوب ، لكن المولود لم ينزل أيضا ، فصاحت وهي تئن :
- أخلعه تاني يا أحمد .
فخلعه ورماه في ضيق . فصاحت وهي تتألم : ألبسه تاني يا أحمد .
وظلت هكذا ، تأمره بأن يخلعه ويرتديه ، مرة من الأمام ومرة من الخلف حتى نزل الولد الذي كانا ينتظرانه منذ وقت طويل .
6 - الرضاعة: بعد الولادة يجب مراعاة بعض الأسباب التي تسبب نضوب اللبن في ثدييّ الأم، منها:
• إذا دخل عليها أحد بعد عودته من لدى الحلاق مباشرة .
• إذا دخل عليها أحد بعد عودته من المدافن مباشرة، أو بعد رؤيته لجنازة تسير في الطريق.
• إذا دخل عليها أحد يحمل لحما أو بعض الخضروات التي تسبب هذا كالباذنجان مثلا .
وقد رأيت رجلا ينادي على زوجته الوالدة منذ أيام قلائل ، وهو يقف أمام باب البيت يحمل لفة اللحم ، فخرجت هي إلى أرض الشارع ، ودخل قبلها ، ثم تبعته .
وامرأة تلوم أخري لأنها دخلت عليها بالباذنجان ، فترد الأخري : اطمئني، فمادام الباذنجان مقطعا فلا يضر .
وتظل المرأة التي ولدت حديثا قلقة حتى يظهر الهلال ، فتصعد إلى أعلى السطوح لتراه .
وعليها أن تراعي الآتي أيضا :
• إنها لو استخدمت السكين في تقليب أي شيء على النار ، سيتسلخ ما خلف أذنيّ طفلها .
• وإذا لم تدق الهاون عاليا أمام الطفل في " السبوع " ، سيسمع الطفل بصعوبة .
• إذا مشطت شعر الطفل بالمشط وهو صغير ؛ سيصبح الطفل عندما يكبر أسنانه بارزة( بضب )
وعندما يكبر الطفل قليلا ؛ عليها مراعاة الآتي:
• ألا تجعله يبكي في الحمام؛حتى لا يصاب بالأذى ، لأن الحمام مسكون بالشياطين .
• ألا تدفعه على عتبة الباب ، أو عتبة الشقة لأن العتبات عادة ما تكون مسكونة أيضا بالشياطين .
• إذا تأخر الطفل في المشي، تعقد ساقيه بخيط رفيع ويقوم أول خارج من المسجد – بعد صلاة الجمعة – بفك الخيط، ثم ترمي الحمص والحلوى للأطفال الكثيرين الذين يتجمعون وقتذاك أمام الجامع .
وقد فعلنا هذا مع أخي الصغير، فقد تأخر في المشي نتيجة وقوعه من فوقه " سندرة " الشقة ، فحملته أنا وأختي الكبيرة ، ووقفنا أمام جامع سلطان ، وقد كان بابه الخلفي في آخر الشارع الذي نسكنه. وفكه أول خارج من هذا الباب، ورمينا ما معنا من حمص وحلويات على أطفال الشارع الذين جاءوا معنا .
• إذا تأخر في النطق؛تضع الأم الماء في بيضة حمامة ؛ فقست حديثا ويشرب ماؤها.
وقد عانت جدتي كثيرا ، فقد مات أطفالها صغارا(عدد كبير جدا من النساء في حينا ؛ عانوا طويلا من موت أطفالهن في صغرهم) كان يكبرني بعام ونصف تقريبا، فخافت جدتي أن يموت طفلها مثل أخوته ، فسعت حتى أحضرت له لبن حمير، فقد وصفوه لها لكي يعيش، وأحضروا لها لبن كلاب، ولبن غجر. ( أعرف كثيرين شربوا لبن الحمير والكلاب والغجر في حينا) وقد كان خالي مدللا، فهو الطفل الوحيد ، خاصة بعد موت أمي وهو مازال طفلا صغيرا، وكان عصبيا، يتجاوز كل الأشياء في غضبة ، و جدتي تصيح : أعذروه، أصله شارب لبن حمير. ولا أدري ما صلة شرب لبن الحمير بهذه العصبية ؟!
7 - التأخر في الحمل
يحدث كثيرا أن تتأخر الزوجة في الولادة ، فتدور تبحث عن أسباب ذلك ، وعادة ما تبدأ بالذهاب إلى المنجمين والدجالين الذين ينصحونها بأشياء سخيفة لا تأتي بخير أبدا .
وقد حكى لي أحد الأصدقاء ، بأن أمه قد تأخرت كثيرا في الحمل ، فنصحتها امرأة بأن تذهب إلى عمود السواري لتحل مشكلتها ، وذهبت معها إلى حارس معبد "السرابيوم " المجاور لمدافن عمود السواري. ودخلت أم صديقي مع مجموعة من النساء يبحثن عن " الخلفة " وسار أمامهم الحارس حاملا شعلتان ملتهبتان تحت الأرض ، والنساء خلفه ، حتى وصل لمنطقة يعرف أن فوقها تسير ترام كرموز ، وعندما سمع صوت الترام تقترب أطفأ الشعلتين فجأة، فأظلم المكان فصرخت النسوة من ظلام المكان ، ومن الصوت الرهيب الذي تحدثه الترام التي تسير فوقهن.
وبعدها بتسعة أشهر جاء صديقي، لذلك يسمي نفسه ابن " معبد السرابيوم " .
وأعرف قريبة لي ، لا تحبل إلا إذا سافرت في القطار . تسافر مع زوجها إلى الصعيد ، يقيمان معا عدة أيام ، وتعود حامل ، صوت القطار وهزاته تعينها على الحمل .
8 - الختان : تحدثت في مقالة سابقة عن خلف الله الحلاق المشهور في غربال الذي يسأل الأطفال الذين يحلقون عنده سؤالان : أولهما : ابن مين؟ ليعرف والد الطفل. والثاني : اتطاهرت والا لسه ؟ فلو لم يتم ختانه يتصل بوالده ويحضه على أن تتم عملية الختان بسرعة . وذلك لمصلحة الولد ، فكلما تأخر في الختان ؛ كان هذا عليه صعبا.
وبعد موت أمي في عام 1956 انتقلنا إلى بيت جدتي لأمي في حي غربال، وكان والدي مازال في البيت الذي ماتت فيه أمي ، والذي أصرت أمها ألا تدخله ثانية . وكان أخي في السادسة من عمره تقريبا، وانشغلنا عن أمر ختانه بما حدث لأمي . وصحا من نومه ذات صباح فإذ به قد تم ختانه، وأعلنت جدتي : إن الملائكة طاهرته" واعتبر والدي ذلك كرامة من كراماته، فهو كان قلقا من أجل هذا الولد الصغير اليتيم ، فإذ بالعملية تتم وقت النوم دون ألم ودون إراقة دماء . وأحس أخي بالألم بعد عدة أيام وذلك لأننا لم نلتزم الصمت حيال ما حدث( هكذا قالت جدتي ) ، فأخذته إلى وحدة علاج الطلبة في شارع الفراعنة ، وعرضته على طبيب شاب ، قائلا له : إحنا لقيناه متطاهر في الصباح ، الملايكة طاهرته .
فصاح بي الطبيب غاضبا : امشي يا ولد شوف مين طاهرة .
ولأن أختى الكبيرة تؤمن كثيرا بالغيبيات ،فقد أكدت بأن أخي عندما يكبر ويتزوج ستكون كل ذريته من الذكور ،والغريب في الأمر أن هذا حدث ، فقد أنجب أولادا، وأولاده أنجبوا أولادا أيضا . ومازالت أختي مصرة على إنه هو وأولاده لن ينجبوا سوى الذكور .
حكاية نقطة الدم
كانت عمتي تسكن شقة مع أم عيسى المسيحية ،وابن عمتي وعيسى ولدا في أسبوع واحد ، وتم ختانهما معا ،جاء " خلف الله " من دكانه القريب جدا من بيتهما ، وختنهما.
اتفقت امرأة في البيت - تأخر حملها - مع " المطاهر" على أن يعطيها قطنة بها نقطة من دم عيسى المسيحي ، لكي تخطي فوقها فتحمل ، وفعل " المطاهر " هذا ، ربما نظير مبلغ أعطته له ، وعندما علمت عمتي ؛ ذهبت إلى المرأة ولامتها ، فأقسمت المرأة بأن نقطة الدم ليست من جرح ابنها ،وإنما من دم الولد الثاني، وأيقن الجميع أن عيسى المسيحي لن ينجب نظير ذلك ،ثم انتقلت أم عيسى إلى بيت آخر ، لكنها كانت تزور عمتي ،وعمتي تزورها ، وكبر عيسى، وكان يجري بعض الألعاب البهلوانية مع آخر أمام القهاوي، ثم يجمعان النقود من الناس، وبعد ذلك تعلم ألعاب الحواة وصار حاويا ، لكن بعد أن تزوج ابن عمتي الذي تم ختانه مع عيسى – لم تحمل زوجته رغم مرور أكثر من عام . فتذكرت عمتي قصة نقطة الدم التي خطت المرأة فوقها ، وأكدت للجميع بأن المرأة أخذتها من جرح ابنها. وهذا هو سبب تأخر حمل زوجته ؛خاصة أن البعض قد أكد لها بأن عيسى هذا قد تزوج وأنجب. والحل هو أن تجده، لكي تأخذ منه نقطة دم من أصبعه ، يخطي ابن عمتي فوقها. ولم يجدوا عيسى ، فقد سافر وعاش في القاهرة، يعرض أعماله البهلوانية هناك.وفجأة حملت زوجة ابن عمتي دون نقطة دم، ولديها الكثير جدا من الأولاد والبنات. ومازال عيسى يزورهم ، ويضحك من حكاية نقطة الدم .
5 - الوفــــــــــــــــــــاة
كنت؛ ولازلت أدهش لإقامة السرادق وسط شوارع الإسكندرية يوم الجنازة ويوم الأربعين وفي ذكري الوفاة، حيث يقام سرادق كبير يتكلف مبالغ كثيرة، حتى لو كان أهل المتوفى فقراء، فقد اقتضت العادة أن يقام السرادق ولو اقترض أهل المتوفى ثمن إقامته، ولو كان قد ترك وراءه أطفالا صغارا في أشد الحاجة إلى المال.
وأذكر عندما عملت في شركة الورق عام 1968، أن جاء أحد موظفي المصنع طالبا سلفة ليقيم سرادق لذكرى وفاة والده الذي مر عام على وفاته، ونصحه البعض بألا يفعل هذا، فليس في الدين إقامة السرادقات والأربعين والسنوية، وكان يرد في صوت مرتفع: يا ناس ده أبويه.
واقترح البعض عليه أن يقيم السنوية في شقته توفيرا للمصاريف، لكنه صاح عاليا مرة أخرى: ده أبويه يا ناس.
وحصل على السلفة التي خصمت من راتبه لأكثر من عام.
وأذكر عندما مات عمي، وقد وضعوه في حجرة مغلقة إلى أن يحين موعد خروجه من البيت، أن جاءت امرأتان توقف حملهما، فاستأذنتا من زوجته التي وافقت على مضض، وسمحت لهما بدخول الحجرة، فدخلتا معا وهما ترتعشان من الخوف، فهما وحدهما مع الميت، وسارت كل منهما إلى الخلف؛ على يديها وقدميها في اتجاه الجثة، وكلما اقتربتا منها زاد خوفهما، حتى لمستا بجسديهما جثة الميت فصرختا. وهكذا حلت مشكلتهما، فالخضة أزالت العائق الذي يمنعهما من الخلفة.
ويأتي المعزون، يصافحون كبار أهل الميت - الذين يقفون إذا ما رأوا معزيا آتيا، ويظلون هكذا لوقت متأخر من الليل، مما يؤدي إلى التعب من كثرة الوقوف والجلوس، وخاصة أن معظمهم من كبار السن.
ويجيء الساقي مرتديا بذلة سوداء وببيونة سوداء، حاملا صينية فوقها فناجين من القهوة السادة؛ يمر بها أمام المعزين (ويحدث دائما ألا يغير ما بداخل الفناجين طوال فترة العزاء) فلا تمتد يد إلى الصينية، والغريب أن الساقي يعلم مقدما أن لا يد ستمتد ناحيته، ومع هذا يمر ويلح، هذه هي التقاليد.
ولو حدث ومد (معزي) يده وأمسك فنجانا، ربما لأنه غريب ولا يعرف عادات وتقاليد المنطقة، أو متمرد على هذه التمثيلية السخيفة، لو حدث هذا؛ سينظر إليه المعزون في دهشة واستنكار، وسيظلون يتحدثون عما فعله لأيام وشهور، وربما صارت سبة له ولأهله لسنوات طويلة، فذلك دليل سفه ورعونة.
ولو كان المتوفى شابا، فهذا معناه أن ذلك الذي تجاسر وشرب فنجان القهوة؛ أتى إلى السرادق خصيصا ليشمت في أهل الميت.
وعندما ماتت أمي عام 1956 أقامت جدتي السرادق أمام باب بيتها لمدة ثلاثة أيام، كانت مقيمة داخله، تأتيها النسوة في النهار، ثم تنتقل إلى دخلة البيت، لكي يتلقى الرجال العزاء. وامتنع البيت كله عن إشعال البوابير، كل طعامنا نشتريه من السوق، وعندما اشتقنا إلى أكل الطبيخ ذهبت مع خالي الذي كان يكبرني بعام لنشتري الملوخية والبطاطس المطبوخة باللحم من شارع " شجرة الدر " الممتليء بدكاكين الطباخين، وكان الطبيخ ساخنا جدا، فانقلب على ذراع خالي، وظل يؤلمه لأيام عديدة.
ويحدث أن يمتنع أهل البيت عن أكل اللحم لمدة طويلة منتظرين من أهل الميت أن يبدءوا بهذا، لكي يتبعوهم. الطريف في الأمر أن أهل الميت كانوا يفعلون مثل الآخرين، فيأتون بالسدق والكبدة .. الخ يطهونها مساء، ويأكلونها سرا، وإذا دق الباب يخفونها تحت السرير لكي لا يراها الزائر.
وبعد انتهاء العزاء؛ يرفع عمال الفراشة ما أقاموه، ويحملون ذلك الصرح، ويتركون قطعة قماش؛ عادة ما تكون قديمة، وذلك لتكون " دروة " للنسوة اللاتي سيأتين في الصباح للعزاء (يقام عزاء السيدات في الإسكندرية داخل البيوت، ولكن في الأحياء الشعبية لا تكفي البيوت – عادة – لاستقبال العدد الكبير من المعزيات، فيقيمونه في الشارع داخل سرادق صغير.)
ويسمى اليوم الأول بالصبحة، تأتي فيه النسوة صباحا، تحمل بعضهن طعاما لأهل المتوفى يتكون عادة من الخبز والزيتون والجبن. والبيض المسلوق لذلك كان أحد أقاربي إذا ما وجد الطعام في البيت ؛ بيض مسلوق ، يقول معترضا وساخرا: هو فيه حد مات ؟!
واليوم الثاني راحة، لا يقام فيه عزاء. أما اليوم الثالث فيسمى (الفرق) فتأتي فيه النسوة كما في يوم الصبحة، ويحدث هذا أيضا في أيام الخميس الثلاثة التالية للوفاة، حيث يصنع أهل المتوفى (القرص) المصنوعة من الدقيق والزيت، وقد كنا ننتظر مساء يوم الأربعاء؛ مجيء النسوة حاملات السلال المغطاة بالفوط، لكي تذهب بها جدتي صباح الخميس لتوزيعها على من معها من نساء وعلى المقرئين والمتسولين في مدافن العمود، والسلال بها فاكهة الموسم، كل امرأة بمستواها.
وقد كنا نهتم بسلة تأتي بها امرأة تسكن البيت المواجه لبيت جدتي، زوجها تاجر ورق دشت، كان في ذلك الوقت أغنى رجل في المنطقة، وزوجته مشهورة بالإسراف والمباهاة، لدرجة أنها كانت ترمي لحم الفراخ في الزبالة، لكي يحكي الزبال - وهو من المنطقة – عن ذلك. كان في سلتها تفاح أميركاني، تشتريه من محطة الرمل، وفواكه غالية، لم تكن جدتي تأخذ مما في هذه السلة إلى المدافن، كانت تبقيه وتوزعه على من في البيت. وكنا نتمنى أن تمتد الخمسان لأكثر من ذلك حتى نستمتع بما تأتي به هذه المرأة، وإذا حضرت امرأة الخميس الأول فلابد أن تكمل الخمسان الثلاثة، لأنها لو امتنعت عن الذهاب في واحد من الاثنين الباقيين، فذلك فأل سيء لأهل الميت، فقد يموت لهم فقيد آخر في وقت وجيز.
وفي الأربعين يقام سرادق مماثل للذي أقيم يوم الجنازة، وتوزع لقمة القاضي (الزلابية) على السيدات اللاتي تحضرن العزاء في البيت، بشرط ألا يكون المتوفى شابا.
ويمتنع الرجال عن الاقتراب من نسائهم حزنا على الفقيد، وقد ماتت والدة زوجة زميل لنا، وزارتهم زميلتنا في العمل للعزاء، فقابلتها زوجة زميلي مع أخواتها السيدات، وكن حزانى على فقد أمهن الغالية، لكن زميلتنا قالت لهن "فكوا الحزن."
فلم يفهمن قصدها، فشرحت لهن مقصدها، وحكت عن أختها التي مات والد زوجها، فجمعت زوجته نساء أولادها الأربعة، وقالت لهن " كل واحدة تدخل حجرة نومها مع زوجها لكي تفك الحزن."
لكن زوجة زميلي وأخواتها غضبن منها، واعتبرنها تتدخل في شئونهن، ولا تراعي مدى حزنهن على أمهن.
6 - بعض المعتقدات الأخرى
• عند آذان المغرب تهرع النسوة لإضاءة مصابيح الحجرات؛ حتى لو كانت خالية، وذلك لتضيء للملائكة.
• قبل أن ترمي النسوة الماء الساخن في دورات المياه، يبسملن ويستعذن من الشيطان الرجيم حتى تنصرف الشياطين فلا يؤذيها الماء الساخن.
• إذا اقترضت امرأة من أخرى "غربال" أو إناء يستخدم للأكل؛ فلابد أن تعيده إليها وداخله قطعة خبز حتى لا تزول البركة من البيت.
• إذا "خربشت" القطة في الحصير، فلابد أن ضيفا آتيا في الطريق.
• إن في يوم الجمعة ساعة نحس، وهي وقت الصلاة ، فتخشى المرأة فيها على أطفالها من أن يسيروا في الطرقات حتى لا تدهمهم السيارات، ولا ينظرون من النوافذ والشرفات حتى لا يقعون في الشارع.
• إن قص الأظافر مساء يولد الشر.
• مسح البلاط بعد خروج المسافر من البيت فأل سيء، فالبلاط يمسح عادة بعد خروج الميت من البيت.
• يمسح بلاط الشقق الجديدة والمحلات الكاسدة بماء البحر.
• تغسل قدما الفتاة العانس بماء (الرِّجْلة) حتى يفك عكسها؛ فتتزوج.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow