Alef Logo
يوميات
              

الموسيقى والتربية ( التابو )

فوزي غزلان

2008-10-07


هل يمكن أن تكون الصوفية أو التصوّف بمعزل، أو بعيداً عن الذات الإلهية؟...
هل من طقوس حياتية، أو دنيوية ما، يمكنها أن تحقق ذلك الاتجاه معزولاً؟ وهل هي شعائر، أم طقوس، أم هي بِنيات بشرية ما هي جزء من الطبيعة البشرية؟
أجدني أجيب على السؤال الأول بنعم... إنها الموسيقى. موسيقى السلطنة الطربية الحقيقية، هي التي تحقّق ذلك على الدّقة.... حين الإخلاص فيها لها وبها يصلان حدود الإبداع الذي يسيطر ويسلب المرء بكلّ تفاصيله الحسية والشعورية الى عالم الاستسلام إلى السباحة في العوالم غير المدركة إلا في مثل هذه الأنواء والفضاءات المستسلمة لريحِ الروح وحدائقها وطيوبها ليصل المرء المتذوّق في النهاية إلى عوالم لاحسية، بل شعورية مطلقة، تصله بعوالم شفيفة يتبدى من خلالها الجمال بكلّ تخلّقاته وإبداعات تجلّيه، حين ذلك بمكننا القول: تلك حال صوفية بامتياز. حال تصل المرء بالمطلق. ولكن، الفرق هو في معنى هذا المطلق. فالديني يراه الذات الإلهية فقط! وإن خالفت الرؤية فإنما ذلك كفرٌ مطلق!!!!!!!؟؟....
وإذا كانت هي جزء من الطبيعة البشرية فلماذا هي ( تابو ) ديني/ بحسب كل الأعراف والإفتاءات التي تمتهن الحجر بسلطة غبية/ طالما هي حالة روحية تحلّق لتلامس المطلق، أو - حتى - مطلقاً ما!؟!؟.....؟!
ولماذا هي ( تابو ) طالما أنها تربّي؟ تربّي الإنسان وتربي ذائقته فتقوده ليحسّ ويدرك تلك القيمة التي منحا الله إياها: قيمته ككائن إنسان. تلك تربية نتعلم من خلالها القيمة. نتعلّم من خلالها القيم الجمالية ومعنى الجمال الذي يحبه الله..
هنا لابدّ سيختلف الإنسان/ بمفهوم ذاته كإنسان/ مع معلني موازين ( التابو ) الديني في تعيين أو تفسير معنى الجمال، وبالتالي مع القيمة المعطاة له!.... كأنّ للجمال كمعنى وكمفهوم، ( تابوات ) أخرى؟!؟؟؟؟!!!!!....!!!
إن نترك هذا للمتفكّر ونرجع إلى تلك المسألة القضية، قضية التربية، فلا بدّ سنصطدم بأكثر من موقع يطلق أو يمارس مفاهيم ومفاعيل سلطات ( التابو ) لأغراض بعيدة عن الديني حتى حدود النقيض.... وكأن المقصود/ بل المقصود هو وأد مفهوم التربية بكل تفاصيله ومفاتيح مفهوماته/ وأوّلها ذلك المفتاح أو البوابة التي تفضي إلى اكتشاف البشر لحقيقتهم الإنسانية.. أو إنسانية الإنسان بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنىً، أو معانٍ تمكّنه من اكتشاف القيمة/ كلّ قيمة ممكنة لحياته ولمعناه وبالتالي لحقوقه الوجودية/ وبلا شكّ ومن غير ما تعيين لكلّ علاقاته الروحية التي قد ترتكز إلى قراءة - قد يراها منطقاً - للدنيوي باعتباره الخطأ المقترَف.... أعني، ونحن نعرف أنّ الآخرويين/ إن جاز التعبير/ لا يمكنهم اختيار الديني والاقتناع به إلا حين يتعرفون على الدنيوي فتحصل المقارنة وبالتالي الاختيار والاقتناع بالذي اختار......
لن أخوِّض في هذه المفازة الفلسفية وسأترك لكم بقية مسارها. سأعود إلى لب ما أردت: التوافق في إشهار ( التابوات ) بين الديني والدنيوي الذي يرتكز إلى مصالح سلطوية. وهنا اشتراك في مسألة السلطوية بين الديني والدنيوي، أو تقاطع مسارات، تُجاه الإنسان وبشريّته. البشر وإنسانيتهم... كلاهما يمنع علينا أن نرانا ونحترمنا كبشر لهم مشاعر وأحاسيس وحقوق. وبالتالي: علينا أن نكون......
هذا يحرّمها، وهذا يخرّب كلّ مسارات التربية. تربية الذائقة التي من خلالها يمكننا أن نرانا وأن نتطلّع إلى قيمتنا ومكانتنا وما يمكن أن يكون لنا/ وهو على هذه الحال/ أو الحالين مستَلَبٌ ممنوعٌ ومغيّب... ويا ليته مغيّب/ إنّه قيد التخريب والاستبدال...
التخريب: هذا الاجتياح المسعور للتوافه المعنونة بالعصرنة والتحضر ومواكبة التسارع والمُحدَث الموشوم بالتحضّر الزائف الذي لا يمتّ لأنسنة البشر بشيء. والموشّى بمفاهيم العولمة وخداعات مدلولاتها/ ونحن لسنا - هنا - ضدّ بوّاباتها ولكننا مع الفهم الحقيقي لمدلولاتها ومفاعيلها الإيجابية... لكننا ضدّ مساربها الهادمة لبشريتنا حين تمتطي سيارات خداعنا.... وما هذه المسارات إلا مسارات الاستلاب الثقافي التي توصل إلى الاستلاب الاقتصادي - وهو الأساس هنا - الذي لا يعترف ببشرية الإنسان قطّ....
وللتخريب وجه آخر: تعميم الجهل والافتقار المعرفي والتسطّح المقيم للإبقاء على العمى والعمه البشرييين/ الشعوب/ لاستدامة الهيمنة والقيادة السلسة واستغلال الموارد والطاقات والحقوق المغيبة.....
أما الاستبدال: فللقصد ذاته، مع تشييع الحماية المبنية على تغييب السائد العميم الحقيقي والأساس الذي قد يعيد وينبّه إلى حقوقه المستلبة، وبالتالي توليد طاقاته وحقوقه من خلال أصالته وتجذّره التاريخي. هذا الاستبدال هو إحلال الضيق ليصبح الحقيقي والعميم فتتوسع قدراته وطاقاته لحماية المسؤول عن هذا الإعلاء/ إعلاء الجزئي ليحلّ مكان العامّ والكلّي....
نحن أمام هجمات لا يمكن أن ينقذنا من اجتياحاتها المبيدة إلا الوعي الحقيقي لحال الوقت القاتم، وإعادة تربية الإنسان. تربية الذائقة التي - هي وحدها - القادرة على استعادة المرء لذاته حيث تأخذه إلى إدراك تلك الذات التي تتعرض لاستلابات متعدّدة المنابع والوجوه والأشكال والسبل... تربية الذائقة هي بوّابة للبناء المعرفي الأبيض والحقيقي...
ربّوا الذائقة، تتربّى الرؤية وتتجلّى الرّؤى والحقوق والمسارات التي - وحدها - تُفضي إلى تحقيق الحقوق. تحقيق إنسانية البشر/ بعد تحقيق المعرفة المؤدية إلى الفاعلية اللازبة......

فوزي غزلان 6/10/2008

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

خيراً من قصرٍ هذه الغرفةُ (الكاسارولّا).

01-تشرين الأول-2021

أمطارٌ على النافذة

15-أيار-2021

لنا فصولٌ أخرى

01-أيار-2021

ثلاثةُ نصوصٍ قصيرة:

17-نيسان-2021

لست في بيتي

10-نيسان-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow