Alef Logo
ابداعات
              

سـَهْــو

أنس مصطفى

2008-10-10


حَامِلاً حلمهُ المغرَورِقَ بالأثَر، مُحَاذرَاً من اهدَارِ وَهلة، يَمضِي مُتفَقِّداً مَداَئنَ بُعدَه، طَيرَ صبَاحَاته، طينَ المسَاكِن، شَجَرَ الحِيشَان، مَاسحَاً بالحنانِ الجَليل تُرَابَ فَنَاءَاتٍ غَابِرَة، رَائحَة
زمَانٍ مُتَهَدِّم، مَقَابضَ البيبَان، أسرَّة الحَديد، مَفَاتيحَ النُّور، رَائحَة الأَب، يَمضي بِحلمهِ غَيرَ مُكتَرثٍ للنُقصَانِ الآسِر، لأهَازِيجَ العَدَمِ المقسُومَةِ لِلرِّيَحٍ، مَحفُوفاً بمَلامِح مَرَّت، بهَمِّ ذَهَاب، فِي الشَّارعِ القَديمِ لقَريَةٍ وَادعَة، كانَ المَكَانُ مُلثَّماً بعُشبِ الأَبَديَّة، يَجُوبُ الأرَضَ منذُ آمَادٍ وآمَاد، كَانَ مَليئاً بِالأشيَاء المترُوكَة: ( طُوبٌ أخضَر، شَبَابيك، حيطَان بيُوت، حِبَال غَسِيل، وَدَاعَات، بَشَرٌ غَارِبون)..

مَرُّوا..
.
.
.


بِمَعُونَةِ الموتِ يَمضِي نَاجِيَاً من تعقُّبَات شَرِهة، من رُمَاةِ هَدَر، من بُوصَلات، من عَوَاميدِ نُور، من قَنص، من شِرَاكِ حَنِين، مُحَاذرَاً من التَّعَبِ الأزَلِي لسُلالاتِ تُرَاب، من أَسلافِ نَدم، من ندَاءَاتٍ عَذبة لضفَافٍ مُرَّة..


(ولا نُقطَة.. الأثرُ بِكَاملِ غَيماتِِه لِي)..

عَائِدَاً بهِ الَى عَامٍ قَديم، لأنَّه الأجملُ عُمرَاً، هَكَذا يَظُن،
لأنَّه المَحفُوفِ بنُورِ ابتسَامَةٍ هَاربَة، ربَّمَا هُنَاك سَينجُو برَمَادِ نجُومه، بشَهقَةِ وَمضه، بشَجَرٍ
أخضَر، بسكُون، مُخَلِّفاً حَرَّاسَ أثَرٍ مُنتَظرُين، لَولا قَهوَةِ سكَّتهم لأمسَكُوا بغيَابه، سَاكبينَ سَطلَ أَمَلهِ فِي سفوحِ عَدَمٍ رَاكدٍ منذُ نَوَاحٍ عَميَاء..


وَحدهُ فِي المَقعَدِ الأَخير اذاً، قُربَ نَافذَةٍ رَحيمَة، يُرَاقبُ الحَيَاةَ عَابرَةً بأَنينه، يُرَاقب الحُزنَ مَفتُونَاً بالحُزن، يَحسبُ الوَقت بدَهشَة.


تَسترسلُ الحَافلاتُ فِي رحلاتِهَا لمَحَطَّاتٍ أخيرَة، هُنَاكَ بلا مُنتَظرِين، زُوَادَةُ الأُمَّهَات انتَهَت مُنذُ زَمَن، الفَتَى مَحمُومَاً وَمُبَلَّلاً بِمُكَمَّدَاتٍ من أيَّامٍ قَديمَة، برَتَاين منسيَّة عَبرَ أزيزِ السَّنَوَات، حَالِمَاً بصَباحٍ رَقيق، مُستعَيداً مَمتَلكَاتِ بَهَائهِ، بكَامِل أنَاشيدِهَا، مُنذُ شَجَرِ البَرَازيليَا، وَشَمَالِ الحَلَنقَة، منذَُ قَهوَةِ الفَجر، وَعَجوَةِ الدَّكَاكين، منذُ مَدَارس، حَالِمَاً بأنَّ المَسكُوب لَم يَكُن سوَى اغفَاءَة، بأنَّه استَفَاقَ نَضِرَاً يغدقُ الحَنَانَ علَى الكَائِنَات، يغدقُ النُّورَ عَلَى الصَّباحَ، مُتَوَّجاً بثَمَرٍ وَطُفُولَة، الفتَى أضرَّ بِه حَناَنٌ وَشَجَر، لا زَالُ قَيدِ فَلَوَاتٍ سَاهِيَة، يَندَهُ الرُّوحَ مِن أقَاليمِ نِزُوحهَا، لَو أنَّه إنتَظَرَ هُنَاك، لَو أنَّه تمهَّل قُربَ شَبَابيكٍ زَرقَاءَ وَوَقت، لَو أوقَفَ الشَّاحنَاتِ تُهَرَّبُ لَحظَاته، لَو أنَّه.. لَما عَبَرَ مُرَّاً بنُتُوءَاتٍ وَشَوَاهِد..
.
.
.


حَاملاً حُلمَهُ وَمنتَبهَاً لَحظَتَهَا، مَهدُودَاً بأرَقِِ الْمُسَاسَقَات، بضَياعِ النَّظرَة، بإلتبَاسِ مَدَاه، مُجتَاحَاً بأمَلٍ مُر، باسترسَالٍ بَاهظ، بسَحَابٍ بَعيد، بابتسَامَة نَاصعَة، بمَشَاوير، بفَاكهَةٍ عَذبَة، بدروبِ قُرَى،
بمعنَىً،
وَمَنَاص..



لا أتَوَسَّل..

قََالَهَا لغيَابهِ..


مَا تَبَقَّى أََثَر..


[بِكَاملِ غَيمَاتهِ لِي..]
.
.

الخريف-يوليو/2007/أمدرمان



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

شرود

17-تشرين الأول-2020

شُرُود

27-حزيران-2020

عشر سنوات عشناها بلا محمّد الماغوط

13-حزيران-2020

بَصيرَةْ

26-تشرين الأول-2019

الممرَّاتُ التي تعبرينَ منها

27-تشرين الأول-2018

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow