Alef Logo
كشاف الوراقين
              

سلطة المتلقي وسلطة "نظرية التلقي"

الخير شوار

2008-10-10


كتاب "التلقي والسياقات الثقافية" لـ عبد الله إبراهيم:

ما مصير الموروث الشفاهي الكبير الذي أنتج على فترات متباينة من الحقبة "الجاهلية"؟ وماذا تبقى من ذلك التراث؟ سؤال بقدر ما يبدو بسيطا ويحيل إلى المرويات القديمة التي دونها المدونون في كتب الأخبار والملاحم وحتى كتب التاريخ، بقدر ما هو معقد ومتشابك لا يخلو من رائحة السياسة؟ هذا السؤال يبقى يراوح الذهن ونحن نتصفح كتاب "التلقي والسياقات الثقافية" للباحث العراقي عبد الله إبراهيم.


في هذا الكتاب الصادر في طبعة جزائرية عن "منشورات الاختلاف"، ينقلنا الباحث عبد الله إبراهيم من الجانب النظري في نظرية "التلقي" التي يرى أنه لا يستقيم فهمها إلا أنزلت المنزلة التي يراها حقيقية وهي نظرية "الاتصال"، وبين نظريتي التلقي والاتصال، نذهب مباشرة من الجانب النظري الذي أنجزه باحثون غربيون في مجملهم وبحوثهم معروفة في الكتب والدوريات المتخصصة، إلى تطبيقاتها في "النص الجاهلي" كعينة حقيقية تجعل النص في النهاية رهينة المتلقي لا العكس مثلما يبدو للوهلة الأولى، وعلى مدى أربعة فصول ننتقل من "التلقي الداخلي وخطأ التفسير" إلى "التلقي والتمثيل السردي"، إلى "التلقي النقدي وتعويم الخصائص الاجناسية" وربما لم تلن تلك الفصول إلا تمهيدا للفصل الأخير المعنون بـ "التلقي التاريخي وهيمنة السياقات الثقافية"، ففي هذا الفصل يبلور الباحث الصورة التي ركبها القرآن الكريم ورسول الإسلام -ص- للعصر الجاهلي بكل متنه النصي، فنقرأ ذلك الموروث الجاهلي من وجهة نظر إسلامية، فالتلقي الإسلامي للنص الجاهلي جعله يعيد تشكيله وفق "نسق جديد"، وكمثال على ذلك يستعيد الباحث في الفصل الأخير أساطير الكهان الجاهليين من أمثال شق وسطيح، ومعروف في التراث العربي أن هذين الكاهنين من طبيعة لم نعهدها في البشر، فالأول له نصف جسد وعين واحد ورجل واحدة ويد واحدة، وأما الثاني فقيل أن جسده لا يحتوي على عظام وجمجمة وهو يطوى كما يطوى القماش، والمسألة ليست هنا، بقدر ماهي في الرؤيا التي رآها ربيعة بن نصر ملك اليمن، التي لم يشأ يخبر به أحدا إلا إذا كان الكاهن يعرف الغيب فيعرف الرؤيا دون أن تروى له ثم يقوم بتفسيرها، ولما يلجأ إلى الكاهنين شق وسطيح، يعرفان -بالطبع- الرؤيا ثم يشتركان في تفسيرها كل على حدة ولو بتعبير مختلف في كل مرة وهو مسجوع في كل الحالات، وتفسير الرؤيا أن ملك ربيعة بن نصر سينتهي ويهجم ملك الحبشة -أبرهة- على مملكته التي سيحررها واحد من آل ذي يزن (سيف)، وفي النهاية الرؤيا والحكاية ككل تبرر لجوء الملك إلى تأسيس مملكة الحيرة تحت "رعاية"الفرس، كما تبرر سرعة زوال ملك سيف بن ذي يزن الذي يمهد لظهور الإسلام كدين جديد غالب، "ناسخ" لما قبله، وكأن المتلقي في النهاية هو الذي أبدع الحكاية وليس مرسلها الأول، وهو حسب الباحث ما يبرر التهلل والضعف في الحكاية وحتى في اللغة التي تبدو مهللة ومتكلفة، وأن الشذرات المتبقية من النثر الجاهلي هي في النهاية بقايا نصوص مطموسة، وأن اللحظة القرآنية الحاسمة قد فعلت فعلتها في ذلك التراث الذي يكون قد عرف ازدهارا كبيرا فأقصي جانبه الأساسي وبقيت تلك الشذرات المبتورة منه تكيفت وفق مقتضيات الدين لتؤدي له خدمة، ففي النهاية أعيد تشكيل الخطاب النثري الجاهلي وفق نسق جديد وأصبح المتلقي (الإسلامي) هو المنتج الحقيقي لذلك الخطاب الذي يكاد لا تكون له علاقة بأصله بعد أن بتر منه ووظف لغاية أخرى غير الغاية الأصلية، وفي النهاية أن الباحث عبد الله إبراهيم في هذا الكتاب لم يقم إلا بتطبيق نظرية التلقي كما تلقاها هو نفسه من أبرز مفكري النظرية النقدية، لكن الكتاب مهم لأنه يعيد قراءة المتن الجاهلي وفق آليات جديدة، والمتن الجاهلي شعرا أم نثرا أو ما تبقى منه يبقى دائما في حاجة إلى قراءة من زوايا مختلفة.




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

القاص اعلاّوة حاجي: راهنت على تقديم مادة قصيرة تتماشى والقراءة الالكترونية حاوره:

11-حزيران-2009

زهرة المسعدي ومدينة ياشار

04-حزيران-2009

تفاحة نيوتن وحمّام أرخميدس

23-أيار-2009

عيادة حتشبسوت

14-أيار-2009

الطارف••• العذراء التي اغتصبها موريس

08-أيار-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow