Alef Logo
يوميات
              

مجزرة غزة.......

مازن كم الماز

2008-12-28


القضية بسيطة جدا , إما أنك مع المقتول أو مع القاتل , لا يوجد أي موقف آخر يمكنك أن تختاره بصدد ما يجري في غزة اليوم و بصدد أي حالة مشابهة , يمكنك أن تقول ما تشاء في تفسير ذلك , يمكنك أن تصف حماس أو إسرائيل بما تشاء , يمكنك أن تدعي الحياد مثلا , لكن الحياد هو موقف صريح لا لبس فيه , ليست القضية في حماس و لا في هنية و لا في أولمرت , القضية أنه عليك أن تختار بين القاتل و بين المقتول لأنه لا يوجد شخص آخر هناك , أقول المقتول حتى لا أزعجك باسم الضحية , علينا أن نذكر أن الشيخ الشعراوي قد صلى في الخامس من حزيران لهزيمة الضباط الكسالى أو المشغولين بإدارة نظامهم البيروقراطي أمام "اليهود" الذين يهاجمون غزة اليوم , لكن من مات يومها كان آلاف الفلاحين المصريين , لم يمت بيروقراطي واحد , لا ريب أن هزيمة نظام عبد الناصر قد سمحت للسعودية بتنفس الصعداء و أخيرا بتنظيم مصالحات عن طريق شراء ذمم الكثيرين لتغيير طابع "ثورة" اليمن لتصبح أكثر تدجينا و مطاوعة و أقل خطرا , إذن لم يكن الشعراوي يصلي وحده لانتصار "اليهود" في حزيران , هذا أيضا جرى في صيف 2006 , كان البعض يصلي لانتصار حزب الله و آخرون كانوا يصلون لهزيمة "الروافض" أمام اليهود "المغضوب عليهم" بالمناسبة وفقا لفاتحة الكتاب , و الذين تلقوا هذه المرة صلوات غير مجدية للأسف عن تلك التي تلقوها من نفس المصلين ربما في حزيران 67 , ليست حماس ملاكا كما تريد أن تصور نفسها , لقد تحولت بسرعة مذهلة لكن منطقية إلى مشروع بيروقراطية , متطور إلى حد كبير , حتى في غزة المحاصرة و الجائعة , ليست فقط قضية الحريات التي تحاول حرمان خصومها منها , بل في التوزيع الملائم لها كسلطة للمنافع بين أبناء القطاع المحاصر , الشعب المقهور أيضا ينقسم إلى طبقات و إلى سادة و عبيد , تذكروا هنا "العز" الذي عاشته قيادة المنظمة عندما كانت الأنظمة العربية تتنازع على صداقتها بإغداق الأموال عليها , يمكنك أن تلعب لعبة وضع الرأس في الرمل , أو لعبة شتم الآخر كوسيلة لتنويم ضميرك , إذا كنت تفترض أنه موجود في الأساس , لكن هذا الموقف الإجباري بين الجلاد و الضحية يختلف عندما نتحدث عن المخرج من الموت المفروض بواسطة طائرات ال ف – 16 الأمريكية المتقدمة على أجساد الناس العراة أمام سماء ترشقهم بالقنابل لا بالرحمة التي يفترض أن تتنزل على هؤلاء الجوعى العراة , بين ثقافة مقاومة تصر على أن الناس لا شيء و الوطن , أي الزعامة أو البيروقراطية أو البرجوازية التي تحتكر هذا الوطن , هي كل شيء , أو ثقافة "تحضر و تمدن و "دمقرطة" , باستخدام القنابل الذكية وريثة قنبلة هيروشيما , على أيدي الرجل الأبيض الرأسمالي المتفوق , هذه الثقافة "الديمقراطية" لا تريد أن تقول أن الناس هم كل شيء بل و لا حتى أنهم يساوون أي شيء , إذا كان هناك من شيء مشترك بين "المقاومين" في - دمشق و ملالي طهران و حزب الله و حماس و خصومهم المعتدلين أتباع السمع والطاعة لأمريكا و منظريهم الليبراليين الجدد فهو هذا الإصرار على أننا , أن الناس جميعا , هم لا شيء , يشترك الجميع في سحق و إلغاء الوجود الفعلي للجماهير أو البشر القاطنين في هذه المنطقة أمام السلطة أو الزعامة "الوطنية" أو أمام الوجود المتفوق للغازي الآتي من جهة الغرب , أنتم لا شيء ! , هكذا يصرخ الجميع في وجوهنا , مثقفو السلطة و مثقفو الغازي الكاوبوي , مرة لأنه علينا أن نكون وطنيين أي أتباعا مطيعين لتلك الأنظمة , مجرد شهداء في صراع بين الأصوليات , و مرة لأننا بشر بل أشباه بشر متخلفين متأخرين علينا أن نرضخ للغازي الآتي إلينا بالحضارة و التمدن , دعني أشرح لك القصة ببساطة , أنت , إن كنت من هؤلاء أو أولئك , تريد بكل بساطة استمرار الوضع القائم , أنت تريد من الناس , من الجماهير , من البشر , من ضحايا هذا و ذاك أن يبقوا بحالة استسلام و سمع و طاعة , لسبب واحد فقط , أنت في هذه الحالة ممن يستيطعون ملئ بطونهم إما في ظل الأنظمة البيروقراطية التي تنهبنا و تكتم أصواتنا لصالح "أوطانها" , أو من المشاركة الفعلية مع سيطرة الرجل الأبيض الرأسمالي , ليست القضية قضية عمالة مباشرة بالضرورة , هناك عملاء غير مباشرين لأمريكا أو لإيران , أي يستفيدون من هيمنة هذا السيد أو ذاك بشكل غير مباشر , هذا مثلا ينطبق على ليبراليي الخليج الذين يعتقدون أن المارينز هم أفضل طريقة للاستمتاع بالأموال التي تدرها عليهم الأرض التي تسمى أوطانهم و التي تبقي قسما هاما من هذه الأموال , بعد خصم حصة الشركات الأمريكية و الغربية , في جيوبهم بحيث يتمكنون من استعباد المزيد من الهنود و الفيلبينيين و السوريين و المصريين كخدم و كعاهرات "شرعيين" حتى بمنطق أمريكا "الحرة" ممن يبحثون عن لقمة العيش بعيدا عن أوطانهم التي نهبتها الأنظمة "الوطنية" و حولتها خرابا , يصدق في هذا قول من قال "وخلقناكم فوق بعض" أي الترتيب الهرمي من علاقات الاستغلال و الاستعباد المتعدية , أي التي تقوم فيها أقلية ما باستغلال و استعباد جمهور ما و تتعرض هي بالتالي للاستعباد و للاستغلال من قبل أقلية أكثر قوة و وقاحة فأقلية أخرى أكثر قوة و همجية وهكذا , هكذا يريد الرجل الأبيض – كبار تجار وول ستريت و كبار جنرالات البنتاغون أن يجلسوا على قمة هرم يوجد أسفلهم مباشرة تجار لندن و باريس و موسكو و بكين و كبار الجنرالات هناك , و من ثم كبار تجار بلادنا , المقاومة منها و المعتدلة , و كبار جنرالاتهم , أي باختصار أسر حكامنا و حاشياتهم الذين يملكون بلادنا و يقودون أجهزة أمنها , و هناك في أسفل الهرم أنا و أنت , كل من يعمل ليشتري خبزه الذي يصنعه بيده , كل المليارات التي تموت أولا و تأكل أخيرا , ما زال الناس الذين يموتون بيد أولمرت و باراك اليوم يعتقدون أن حماس هي سيد جيد , هم مخلصون في ذلك , على عكس من يعتقد أن زعماء العرب سادة جيدون , إن المدافعين عن هذه الأنظمة يملكون فقط ما يكفي من الوقاحة لقول ذلك أولا بدافع رغبتهم بالاحتفاظ بسياراتهم الفارهة و الأموال التي يغدقها عليه سادتهم و ثانيا عندما يصدقون كذباتهم مع استمرارهم بتكرارها , أما من يعتقد بأن بوش كان سيدا و لا كل السادة فأنا متردد بشأنه رغم أني لا أستغرب ممن تعود على استبداد الأنظمة البيروقراطية و نهبها أن يجد من الأجدى الخدمة في سلطات يفرضها الاحتلال عن سلطة يفرضها الناس و يقودونها , يجب التنبيه أن الناس , الجماهير , الذين ينتظرون اليوم من حماس أن تفعل الأعاجيب في مواجهة آلة الحرب الأمريكية الإسرائيلية المتفوقة بشكل رهيب في مواجهة الأسلحة المتواضعة جدا لمقاتلي حماس , الشيء الذي حرص عليه أزلام النظام المصري و سائر أنظمة الاعتدال بشدة , سيصابون بخيبة أمل كبرى عند وقوع هزيمة منطقية رغم عنف المقاومة المتوقعة و رغم الوعود التي تنسب إلى السماء , لأن هذا سيعني هزيمة آخر نخبة يعتقد الناس بإخلاص أنها تشكل سادة وطنيون جيدون و بالتالي مقاومون مخلصون , هذا كما يعتقد من يصلي اليوم لهزيمة حماس القاصمة سينهي أية مقاومة , أرجو أن أتنبأ هنا بأن سقوط حماس , في حال واصل أولمرت و باراك هجومهما استنادا على صلوات من يرغب بهزيمة حماس , سيضع الأساس لثورات عارمة قادمة , قد يكون أول ضحاياها أقرب عملاء أو حلفاء أمريكا و إسرائيل : نظام مبارك و ربما سواه , و ربما سيمنح هؤلاء العبيد الخدم شعورا هائلا بقوتهم مما سيقصر عمر أنظمة القهر بكل ألوانها و أشكالها في شرقنا و في العالم على وقع خطا الأزمة العالمية..إن الدماء التي تسيل و ستسيل أضعافا مضاعفة في غزة إذا تقدمت الدبابات الإسرائيلية لن يكون في وسع عباس و لا مبارك و لا أي مجلس أمن أن يتحمل عبئها , هذه نبوءة لا علاقة لها بالسماء بل بالأرض التي يسير فوقها مليارات ممن لا يراهم أحد حتى اليوم...

مازن كم الماز

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الطريق إلى الثورة

09-كانون الأول-2012

كلمات عن جورج وسوف

19-كانون الثاني-2010

المكان و طقوس القداسة و انتهاك الإنسان

15-كانون الثاني-2010

عن قضية التكفير

11-تشرين الأول-2009

بين المعري و الفلاسفة المسلمين

06-تشرين الأول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow