Alef Logo
كشاف الوراقين
              

محمد حلمي الريشة يقدم عربيًّا كريستوفر ميريل: ' لماذا همسَ العشبُ ثانيةً؟ '

ألف

2007-12-26

ضمن الاندفاع الشعري الجديد لـ "بيت الشعر" في فلسطين، والذي بدأه بإصدار سلاسل شعرية متنوعة مثل: "ديوان الشعر الفلسطيني"، و"ديوان الشعر الشعبي الفلسطيني"، و"الأعمال الكاملة .
لبعض الشعراء الفلسطينيين"، و"أصوات جديدة"، فقد استحدث "بيت الشعر الفلسطيني" سلسلة جديدة أخرى بعنوان "شعريات مترجمة"، تهتم بترجمة شعريات أجنبية بهدف التعريف بها، في إطار مدِّ جسور التثاقف والتواصل مع العمق الإنساني، والانفتاح على المشهد الشعري العالمي، انحيازًا للشعر ومجترحيه، حيث صدر حديثًا كتاب شعري مترجمٌ بعنوان "لماذا همسَ العشب ثانيةً؟"، هو عبارة عن مختارات شعرية من أعمال الشاعر الأمريكي "كريستوفر ميريل"، والتي صدرت بلغتها الأصل بعنوان "مشاهدة النار" العام (1994)، وقد قام الشاعر محمد حلمي الريشة بترجمة مختارات شعرية منه إلى اللغة العربية، إضافة إلى المقدمة التي وضعها "ديفيد سانت جون"، وهذه هي المرة الأولى التي يقدَّم بها الشاعر "كريستوفر ميريل" عربيًّا
اشتملت المختارات المترجمة على واحد وثلاثين نصًّا شعريًّا، من ضمنها ما كان "ميريل" قد ترجمه من نصوص شعرية إلى اللغة الإنجليزية، حيث أعاد الشاعر الريشة ترجمتها إلى اللغة العربية، لكل من الشعراء: "جيمي سابينس"، و"أندريه بريتون"، و"رينيه شار".

كريستوفر ميريل
هُوَ شَاعِرٌ وَكَاتِبٌ وَمُحَرِّرٌ وَمُتَرْجِمٌ. ظَهَرَتْ مَقَالاَتُهُ وَمُرَاجَعَاتُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّحُفِ وَالْمَجَلاَّتِ. عَمِلَ مُحَرِّرًا لـِ: "بُرُوز: جون مكفي فِي الْغَرْبِ". وَضَعَ مُخْتَارَاتٍ شِعْرِيَّةً بِعُنْوَانِ: "اللُّغَةُ الْمَنْسِيَّةُ: الشُّعَرَاءُ الْمُعَاصِرُونَ وَالطَّبِيعَةُ". تَرْجَمَ، مُشَارِكًا، "أَبْرَاج" لـِ"أنْدْرِيه بْرِيتُون"، وَ"رينيه شار" لـِ"بْرِيتُون"، وَ"تَبَاطُؤ الْبِنَاءِ" لـِ "بول إلوار"، كَذلِكَ قَامَ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الْشَّاعرِ "أليس ديبلجاك" بِتَرْجَمَةِ مَجْمُوعَةٍ مِنَ قَصَائِدِ الأَخِيرِ النَّثْرِيَّةِ بِعُنْوَان: "لَحْظَاتٌ قَلِقَةٌ". كَتَبَ أَهَمِّ كِتَابٍ عَنْ عَالَمِ كُرَةِ الْقَدَمِ فِي الْعَالَمِ بِعُنْوَان: "الْعُشْبُ مِنْ بَلَدٍ آخَر". لَهُ حَدِيثًا كِتَابُ "فَقَط الْمَسَامِيرُ تَبْقَى - ثَلاَثُ رِحْلاَتٍ لِلْبلْقَانِ". صَدَرَ لَهُ فِي الشِّعْرِ: "كُرَّاسَة". "حُمَّى وَمَدّ". "مُشَاهَدَةُ النَّار".
يقول "ديفيد سانت جون" في مقدمته: "حَتَّى الآنَ فَإِنَّ شِعْرُ "كرِيستُوفَر ميريل" يُلْفِتُ نَظَرَنَا نَحْنُ كَقُرَّاءَ، بِهذَا الْحَجْمِ الرَّائِعِ مِنْ عَمَلِهِ الرَّصِينِ. يَفْتَرِضُ شِعْرُهُ مَادَّةَ الْعَالَمِ الطَّبِيعِيِّ كَخَلْفِيَّةٍ قَوِيَّةٍ، لِهذِهِ التَّيَّارَاتِ الانْتِقَالِيَّةِ لِرَغَبَاتِنَا، وَإِحْبَاطَاتِنَا وَذِكْرَيَاتِنَا الْهَشَّةِ وَآمَالِنَا الْيَائِسَةِ. فِي هذِهِ الأَشْعَارِ نُلاَحِظُ أَنَّ الْعَالَمَ الْحَقِيقِيَّ يُسْتَوْقَفُ بِاسْتِمْرَارٍ، مِنْ قِبَلِ الرُّؤْيَا اللَّحْظِيَّةِ، وَبِخِفَّةِ الْيَدِ الإِلْهَامِيَّةِ نَجِدُ وَعْيًا فِي "حُمَّى وَمَدّ". هُنَا أَعْمَالُ بَلاَغَةٍ وَدِقَّةٍ، كَمَا صَنَّفَهَا "جالوي كينّل" فِي "كِتَابِ الْكَوَابِيسِ"، عَظِيمَةَ "الْحَنَانِ تِجَاهَ الْوُجُودِ".
ويضيف: "إِلَى جَانِبِ ذلِكَ، وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَحْدَاثِ الْحَيَاةِ الْعَشْوَائِيَّةِ، وَلكِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ يَبْدُو عَشْوَائِيًّا، فَالشَّاعِرُ يَعْرِفُ أَنَّ "الْحَوَادِثَ، مِثْلَ قَتْلِ الْفَنِّ/، لَهُ أَنْمَاطٌ رَسْمِيَّةٌ، تَصْمِيمَاتٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ". هِيَ الْكَشْفُ عَنْ هذِهِ الثُّنَائِيَّاتِ وَالْمُخَطَّطَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا "ميريل" عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ؛ فَهُوَ يَجْعَلُنَا نَسْتَمْتِعُ بِدَوَّامَاتِ الْمُصَادَفَةِ الَّتِي تُحَرِّكُ حَيَاتَنَا مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَر، مِنْ سَنَةٍ إِلَى أُخْرَى. وَبِالطَّبْعِ، هِيَ الدَّوَّامَاتُ الَّتِي تَتَحَرَّكُ كَذلِكَ، لِتَقْتَرِبَ مِنْ حَافَّةِ السُّقُوطِ الَّتِي بِلاَ قَعْرٍ...
ويختتم "جون" مقدمته قائلاً: "أَنَا أَحْسِدُ الْقَارِئَ الَّذِي جَاءَ لِيَقْرَأَ هذَا الْعَمَلَ لأَوَّلِ مَرَّةٍ، إِنَّهُ مَصْدَرُ غِنًى وَمُفَاجَآتٍ كَثِيرَةٍ. إِلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْكُم، مِثْلِي أَنَا، يَرْجِعُونَ إِلَى هذِهِ الْقَصَائِدِ بِسَعَادَةٍ، كَالَّذِي يَتَجَوَّلُ فِي أَرْضِ حَبِيبَةٍ. دَعُونَا جَمِيعًا نَتَمَنَّى لأَنْفُسِنَا خُطًى آمِنَةً، وَبَعْضًا مِنَ الْحَظِّ الدَّمَوِيِّ".
محمد حلمي الريشة
شاعر وكاتب ومترجم فلسطيني. عمل في عدة وظائف في مجال تخصصه حتى سنة (2000). شارك ويشارك في عديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والعربية والدولية. ترجمت له عديد من النصوص الشعرية والنثرية إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والبلغارية والإيطالية والإسبانية. عمل نائب رئيس تحرير مجلة "الشعراء" التي تصدر عن "بيت الشعر الفلسطيني". يعمل حاليًّا رئيس تحرير مجلة "أقواس"، وكذلك يعمل رئيس تحرير السلاسل الثقافية التي تصدر عن "بيت الشعر الفلسطيني".
صدر له في الشعر: "الخيل والأنثى". "حالات في اتساع الروح". "الوميض الأخير بعد التقاط الصورة". "أنتِ وأنا والأبيض سيء الذكر". "ثلاثية القلق". "لظلالها الأشجار ترفع شمسها". "كلام مرايا على شرفتين". "كتاب المنادَى". "خلف قميص نافر". "هاوياتٌ مخصَّبة". "أطلس الغبار". "معجمٌ بكِ". وفي النثر: "زفرات الهوامش". أما أعماله الأخرى فهي: "معجم شعراء فلسطين". "شعراء فلسطين في نصف قرن (1950-2000 ) توثيق أنطولوجي/ بالاشتراك". "الإشراقة المجنحة – لحظة البيت الأول من القصيدة – شهادات/ بالاشتراك". "إيقاعات بريّة – شعريات فلسطينية مختارة – جزءان/ بالاشتراك". وفي الترجمة: "لماذا همس العشب ثانية؟ مختارات شعرية من "مشاهدة النار" للشاعر كريستوفر ميريل".

من أجواء المختارات نقتطف النصوص الشعرية التالية:

طُفولَة
الصُّحفُ جَرَّحَتِ اليَنبُوعَ؛

والكَلمَاتُ التَفَّتْ في الدَّوَّامَاتِ؛
بأَشكَالٍ رَماديَّةٍ - لِصٌّ مَيتٌ، والرَّئيسُ وزَوجَتهُ،
وسِبَاقَانِ للخُيولِ - عَامُوا في المَاضِي
ثمَّ غَرِقُوا…
أَو عَرْقَلُوا الصُّخُور
يُمَوِّجون الماءَ البَطيءَ حتَّى الشَّمس، مِثلَ رَجُلٍ
بِسكِّينٍ، يُقطِّعُهُم إِرَبًا
لذلكَ يُمكِنُهم الإِبحَارَ بَعيدًا.
. . .
لَيلةَ الأَمس، خَارجَ خَيمَتي، شَخصٌ مَا
بَاغَتَ الأَخشَابَ الصَّغيرةَ: هَاجَ ضَوءٌ مُتقطِّعٌ، وغُصَيناتٌ،
مِثل حَيوانَاتٍ صَغَيرةٍ، خَشخَشتْ تَحتَ الأَقدَام؛
بَعُوضٌ طَنَّ في الصَّفاءِ. أَمسَكتُ تَنفُّسِي
كَي أَسمعَ الأَصواتَ الهَادئَةَ، ثَمَّةَ سُعَالٌ مُلَفَّعٌ،
كَصفَّارَةِ إنذَارٍ يَهبِطُ الطَّرِيقَ…
أُشعِلُ عُودَ ثِقَابٍ.
زَحفتُ إِلى الخَارجِ: أُمِّي وأَبي،
في المَلابسِ البَيضَاء، وَقَفا إِلى جَانبِ السّمَّاقِ،
يُلوِّحَان ِبأَيْديهِمِ النَّارِيَّة. لَمَسا الشَّجَرَ، ولَعَقا
رَاحَاتِ أَيْديهِم، وتَوَرَّدَا فَوقَ الأَخَشابِ الّتي تَحْتَرق.
حِكايةٌ خُرافيَّة
كيفَ ابتَسَمتْ شَواهدُ القُبور!
والغُيومُ، مِثلَ أَزهَارٍ،
استَقرَّتْ فَوقَ الأَشجَارِ
بِتَرتيَباتٍ رَماديَّةٍ،
عِندَما اختَبأْتُ فَوقَ التَّلَّةِ
كَي أُشاهدَ جَنازَتي.

أُمِّي، بِلباسٍ من وَبَرِ الإِبلِ
الرَّماديِّ وعَلى انتِبَاهةِ
(أَوامرِ الوَزيرِ)، تَبكي
إِلى أَن رَفعَ وَالدِي
تَابُوتي عَاليًا نَحْوَ فَتحةٍ
في الغُيومِ، حَيثُ طَفَا هُناك.
وَسطَ دوَّامةٍ من الأَوراقِ
والظِّلالِ، مِثلَ غِمدِ
لحاءٍ أُطلِقَ فَوقَ جَدوَلٍ -
ضَحكتْ بَعدَ ذلكَ،
ورمَتِ الأزهار فوق الرَّأس،
ورَقصَتِ الدَّبكةَ حول قَبري…
وعِندَما أَعطَى تَابُوتي
دَفعةً، وأَبحرَ نَحوَ الشَّمسِ،
وتَدحرَجتُ أَنا عن التَّلَّةِ
كي أَلحقَ الذي اختَرتُهُ،
انضمَّتْ إلى الحَشدِ في صَمتٍ،
وقد تَصلَّبتِ الدُّموعُ فَوقَ شَفتَيها.


صَـلاة

هُنا في أَرْضِ المِلْحِ والحِجَارَةِ،
حَيْثُ رَائحةُ الطَّحالبِ المُتعفِّنةِ والمِياهُ المالِحَةُ لِلقريديس تَغتَسِلُ فَوقي،
وتَشطفُ عُيوني وخَياشِيمي مِثلَ البَرْدِ؛

الذي يَحكُّ نَزْفَ البَلُّوطِ في التِّلالِ قَبلَ ضَمادَاتِ الثَّلجِ
ويَحِلُّ في أَسفَلِ المُنحَدراتِ، حَيثُ تَنساقُ النَّحلاتُ الأَخيرةُ مَع الأَورَاقِ
نَحوَ يَنابيعِ الوَادِي كي تُضيءَ مَع النُّجُومِ؛
وحَيثُ الَجرادُ في دَمِ القِدِّيسينَ، والنَّوارسُ تَملأُ
المُربَّعَ المُقدَّسَ، وأَبراجُ الكَنائسِ تَرفعُ قُبَّعاتِهم الدُّخَانيَّةَ والسَّديمَ
للتَّرحيبِ بالرِّجَالِ العُمْيِ الّذينَ يُغنُّونَ في الشَّارعِ؛ -

أَسمعُ السَّاعَات المُغطَّاةَ تَضرِبُ الطُّبولَ ثَانيةً،

وَلذلكَ أُكرِّرُ صَلاتي:

أَثِقُ بالرِّيحِ تَلثغُ بأُغنِيتهَا المُقدَّسةِ خِلالَ ثُقبِ المِفتَاحِ؛
في صَوتِ دَوَرانِ المِزلاجِ عِندَما مِنضدَتي تُنفَخُ مَفتُوحةً؛
وفي الكَلمَاتِ، كأَحضَانِ البِسَاطِ على الحَائطِ، الّتي تُرشِدُني
خِلالَ قَناةِ الصَّفحةِ الفَارغَةِ
خَارِجًا باتِّجاهِ البَحرِ المَفتُوح.


البَحـر

الأَوراقُ أَسرعَتْ عبْرَ السَّقفِ،
لأَنّهُ كَانَ الخَريفُ؛ ذلكَ أَنَّ بَيتَنا
يَتمدَّدُ في الظِّلِّ العَميقِ لِشَجرِ القَيقَبِ والبلُّوط؛
ولأَنّني اختَرتُ كَلمةَ َأسرَعْتُ من خِلالِ الأَقفَاصِ
ومَمرَّاتِ الحلُمِ لَيلةَ أَمس، ومن استيقَاظِي
في الفَجرِ - وَحِيدًا…
ولأَنّكِ غَادَرتِ،
الأَوراقُ تُسرِعُ نَحوَ السَّقفِ،
والبَيتُ الفَارغُ يَهمِسُ، سُقوط، سُقوط،
وأَنا أَشمُّ هواءً مالحًا - وكذلكَ البَحر.






















































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow