Alef Logo
يوميات
              

اعتذارٌ قبيحٌ .. لغزَّةَ الجميلة ..

جمعة الفاخري

2009-01-12


غزَّةُ أيتها الصبيَّةُ الساحرةُ التي شوَّهها الحزنُ .. وغدرَ بها عشَّاقوها الزائفونَ .. أيُّتها القصيدةُ الجميلةُ في الزمنِ القبيحِ .. والعيدُ الفارهُ في الزمنِ الخطأِ .. والكلمةُ الذهبيَّةُ في فمٍ مقفلٍ .. أيتها الشَّمسُ العذراءُ في سماءٍ بلا أفقٍ ولا زرقةٍ .. أيتها الحسنُ المفلوتُ في عالمٍ تُعْمِيهِ البشاعةُ .. وتكفُّ أبصارَهُ الشناعاتُ والقبائحُ .. أيتها الجميلةُ بلا وصفٍ .. الصَّامدةُ بلا عونٍ .. الشَّاعِرَةُ المتمسَّكةُ بحسنِها حينَ يحرقُ الباغونَ حقولَ القصائدِ .. ويلغَّمُ المنبطحونَ بيادرَ الفرحِ .. ويجتثُّ الحاقدونَ دوحةَ الأملِ الأخيرةَ ..
أيتها الدَّافِئَةُ في الزَّمنِ الجليدِ ، الأنشودةُ المزهرةُ في حنجرةٍ بحَّاءَ .. والزورقُ الذهبي المبحرُ بوجِهِ كرامتِنا .. السَّابحُ ضدَّ تيَّارِ خوفِنا وَعَجزِنا وكذبِنا وتواطؤِنا .. سلامٌ عليكِ أيتها المعلِّمَةُ الكبيرةُ ، وأنتِ تُلقينَ على مسامعِ الكونِ الأبلهِ تعاليمَكِ الزَّكِيَّةَ الطَّاهِرَةَ .. وأنتِ تُمْلينَ على العالمِ الجهولِ كتابَ إِبَائِكِ .. وتُسمعينَهُ سِفْرَ نضالِكِ الأسطوريِّ .. وأنتِ تعدينَ الحيارى والجوعى والضعفاءَ والمشرَّدينَ ببيتٍ في حضنِكِ .. وحقلٍ في قلبِكِ .. وشاطئٍ في عينيكِ ..
سلامٌ عليكِ .. وأنتَ تسخرينَ منَ الموتِ الضعيفِ .. تُصَادقينَهُ كي لا تربكيهِ .. تهدهدينَ يديهِ الخشنتينِ واعدةً إيَّاهُ بالانتصارِ على غشامَةِ حضورهِ .. وعبثيَّةِ محاولاتِ اغتيالِهِ للبراءةِ في أعماقِكِ .. والطهرِ في قلبِكِ الأخضرِ النقيِّ.. واعدةً شراسةَ أعماقِهِ بترويضٍ يليقُ بأستاذيَّتِكِ المبجَّلةِ ..
سلامٌ عليكِ وأنتِ ترفعينَ رأسًا أبيًّا نحوَ اللهِ .. تُسْنِدينَ ظهرَكِ المتعبَ على محضِ مددِهِ وسنَدِهِ .. وعلى شَفَيتكِ ينبتُ ابتهالٌ طهورٌ صموتٌ .. وينمو حقلُ دعاءٍ خصيبٌ ، فيما يعلو في أعماقِكِ صوتٌ أبيٌّ يردِّدُ ( للبيتِ رَبٌّ يحميهِ ..)
سلامٌ على أهلِكِ الصامدينَ ، وهم يحيكونَ بدمائِهِم الزكيَّةِ ملاحمَ البطولَةِ ، ويغنُّونَ أناشيدَ الإِباءِ .. ويرسمونَ على وجهِ الشمسِ قاماتٍ تأبى الحصارَ والانكسارَ .. وتنأى بجبروتِهَا أن تُعمَّمَ هاماتُهَا بالعارِ والشنارِ والصَّغَارِ ..
غزَّة .. أيتها الجميلةُ الأبيَّةُ على التشويهِ ، العصيَّةُ على الترويعِ والتجويعِ والتطويعِ .. أيتها القصيدةُ التي وحَّدَتْ على بحرِ الحزنِ قلوبَنا .. أيتها الفاكِهَةُ الشَّهِيَّةُ الطَّرِيَّةُ التي لاكتْهَا أعماقُنا بجوعٍ كافرٍ .. هل من مدينةٍ بمقدورِها الآنَ أن تلبسَ فساتينَ الفخارَ مزهوَّةً ، وأنتِ تحتكرينَ أوشحةَ العزَّةِ باقتدارٍ .. هل بإمكانِ مدينةٍ ما أن تفخرَ بعشَّاقِها الصَّغَارِ وهم يُترجمونَ القنابلِ إلى بلابلِ ، والرَّصاصِ إلى بالوناتٍ .. والغاراتِ إلى أعيادٍ .. والحصارِ إلى نهارٍ.. والموتَ إلى نزهةٍ ربيعيَّة ..!؟
هل بإمكانِ مدينةٍ ما .. أن تمدَّ رأسَهَا للشمسِ زهوًا وخيلاءً كما تفعلينَ الآنَ ..؟ أليسَ بإمكانِكَ أن تزيحي الشَّمسَ عن عرشِهَا .. وأن تزاحمي بضفائرِكَ المحنَّاةِ بدمِ مِسْكيٍّ أكتافَ الغيومِ .. وتزحمي بمنكبيكِ هَامَاتِ الجبالِ..
فلتتحسْ كلُّ المدنِ رؤوسَهَا .. فبعدَ أن أشهرَتْ على الملأِ رأسَكِ لم تعدِ الرؤوسُ غيرُ رأسِكِ حقيقيَّةً .. دعي المدنَ الموهومةَ بنشوى البطولاتِ الفارغةِ .. العاقدَةَ وشاحَ مجدٍ مزيَّفٍ على رؤوسِهَا .. دعيها تُرَاجِعُ صفحاتِ تاريخِهَا الهجينِ .. فلعلَّها تنتبهُ للقَاطتِهِ فتخجلُ من أمسِهَا الكذوبِ الجديبِ .. وتسحبُ ورقةَ توتٍ على سوأةِ ظنونِهَا المعيبةِ ..
غزَّة .. يا مدرسةَ الشُّموخِ المعجزِ .. يا جامِعَةَ القلوبِ المحبَّةِ على تخومِ التحدِّي .. هل لكِ أن تضمِّي إلى فصولِكِ النُّورانيَّةِ مدنَنَا الأميَّةَ .. ووطنًا لم يتعلَّم بعدُ قراءةَ سطورِ الحريَّةِ .. وتهجِّي سورةِ النِّضالِ ، وكتابةَ ملاحمِ البطولةِ .. وإنشادَ تراتيلِ الصمودِ .. ولم يقرأْ شيئًا عنِ التَّضحيةِ والفداءِ .. مكتفيًا بلوكِ صفحاتٍ صفراءَ مغشوشةٍ من تاريخِ مزوَّرٍ ..!
غزَّة .. يا حاضنةَ الهاشميِّ الأبيِّ .. وَوَارِثةَ مجدِ الأنبياءِ وطهرَهَم .. سلامٌ إلى قلبِكِ الكبيرِ .. وأنتِ تتوئمينَ الحزنَ وقلبَكِ .. وتُوَائمينَ الجراحَ وروحَكِ .. وتواشجينَ الخراب وحياتكِ .. ثم تحيلينَ مفرداتِ الدَّمَارِ إلى فخارٍ .. وأبجدياتِ الحزنِ القميءِ إلى فرحٍ بهيٍّ وضئٍ ..
هل ثمة قصيدةٌ الآنَ بإمكانها أن تفاخرَ بضوئِها وعطرِها وسحرِها وأنتِ تحوزينَ العطرَ والسحرَ والضوءَ .. وأنتِ تكوِّنينَ الحلم .. والأملَ .. وأنتِ تستحوذينَ على القصيدِ والنَّشيدِ والدعاءِ ..
أيتها البدايةُ الحقيقيَّةُ للتاريخِ المخضوضرِ .. ونقطةَ الانطلاقِ الحمراءِ إلى الغدِ الآمنِ .. وبابِ المواسمِ إلى الربيعِ الأبديِّ .. وبوَّابَةَ الدُّنيا إلى الخلودِ ..
إني لأستحي منكِ .. وأنا لا أملكُ إلا سربَ كلماتٍ عجفاءَ اِمتصَّ الحزنُ الجبَّارُ ثمالةَ دمِهَا .. وسلبَهَا العجزُ الظلومُ بقيَّةَ حياتِها .. إني لأستحي منكِ جدًّا ، وأنا أبكيكِ عاجزًا كالآخرينَ .. وأرثيْكِ باكيًا كالآخرينَ .. كالعاجزينَ .. والمتواطئينَ واليائسينَ والبائسينَ ..!؟
أيتها الجميلةُ العفيفيةُ ، إني لأستحي منكِ كثيرًا .. كثيرًا .. من عيونِ أطفالِكِ الأبرياءِ وهيَ ترصدُ الموتَ المتربِّصَ بهم يحجبُ عنهم وجهَ الشمسِ .. ويسلبُ منَ السماءِ الصديقةِ رائحةَ المطرِ .. ونداوةَ الغيم ِ .. وتفاؤلَ البرقِ .. وهو يُوَطِّنُ الغربانَ الغريبةَ في انفساحِهَا البهيِّ .. إني لأستحي من أحلامِهِم الموؤودِةِ .. من طموحاتِهِم المغدورَةِ .. من حطامِ ألعابِهِم الطفوليَّةِ يغيِّبها الموتُ الجبانُ تحتَ الرُّكَامِ .. من تناثرِ كتبِهِم المدرسيَّةِ ، ورسوماتِهم بالمعبَّأةِ بمليونِ حلمٍ وأمنيةٍ .. ومن صورِ أعيَادِ ميلادِهِم .. من ابتساماتِهِم المغتالةِ على مصاطبِ الغدرِ المشينِ .. إني لأخجلُ من أجسادِهِم البريئةِ الغضَّةِ وهي تتضرَّجُ بمسكِهَا الموعودِ .. وتلعنُ الإنسانَ المتحيونَ .. الإنسانَ الشرسَ المفترسَ .. وهم يعيدونَ نظرتَهُم المتوجِّسَةَ القديمةَ إلى الحيوانِ ، ويعتمدونَهُ كائنًا أليفًا مُسَالمًا .. وينكرونَ فهمَهم لمعنى الإنسانيَّةِ ، وَيُلغونَ ثقتَهُم بكتبِ الجغرافيا ويحرقونَ أسفارَ التاريخِ المزوَّرِ.. ويوجِّهونَ أصابعَ اتهامِهِم للتاريخِ والجغرافيا الخادعينِ .. للدمِ واللغةِ والمصيرِ .. ولنا .. نحن الأبرياءَ المدانينَ المتورِّطينَ في فعلِ اغتيالِ طفولِتِهم .. المتآمرينَ على أحلامِهِم وآمالهِِِم وألعابِهِم .. والمتواطئين على تخريب غرفِ نومِهم .. وتفخيخ أسرَّتِهِم الصغيرَةِ .. وقمعِ طموحاتِهمِ البريئَةِ الجريئَةِ ..!؟
أستحي من أفهامِهِم وهي تستفسرُ من معاجِمِ اللُّغَةِ عن معانٍ أخرى للنخوَةِ والشَّهَامَةِ والمروءَةِ والنُّصْرَةِ وَالغيرَةِ .. تستفهمُهَا عنِ الأخوَّةِ .. عنِ مفهومِ العروبَةِ .. ومعنى الأمَّةِ .. فلعلَّها قد فهمَتْهَا فهمًا خاطئًا قاصرًا ...!؟
ومن أصواتِهم العندليَّةِ وهي تستنجدُ باللاشيءِ .. وتصرخُ في الفراغِ الأصمِّ .. وهي توكلُ أعمارَهَم الغضَّةَ للموتِ الصفيقِ ، وتسلمُ طفولَتَهُم قبلَ أن تكملَ سني براءتِها .. قبل أن تُنْجِزَ مشاريعَ شقاوتِها المشروعةِ..
أستحي من ثباتِهِم وهم يراقبونَ الموتَ الأسودَ الموجَّهَ نحوَ مُهَجِهِم الصَّبِيَّةِ .. فيعلو هديرُهُ الغشومُ على دندنةِ الرَّعدِ .. ومناجاتِهِ النديَّةِ لأبصارِهِم وبصائرِهِم..
إني لأستحي من دموعِ الأمهاتِ تلعنُ كلَّ شيءٍ .. إني لأستحي من حزنِهِنَّ الجميلِ النبيلِ .. من أكداسِ الوجعِ المتراكمِ يحتلُّ أعماقَهُنَّ بصفَاقَةِ .. من خوفٍ جهورٍ يُبَاغِتهنَّ .. خوفٍ على الوطنِ .. والأرضِ والعرضِ .. على الولدِ والزوجِ والأخِ و.... على كلِّ شيءٍ .. ومن كل شيءٍ .. ومن أيِّ شيءٍ .. خوفٍ منَ الإنسانِ والزَّمَانِ والمكانِ .. خوفٍ على كرامةٍ تُهدرُ .. وعزَّة تُصادرُ .. ووطنٍ يُغتالُ .. وأخوةٍ أصابَهُم الخوفُ بِدَاءِ الخيانةِ والعجزِ المهينِ .. فهم صمٌّ بكمٌ فهم لا يعقلونَ ..!؟
إني أستحي من دعائِهِنَّ ؛ فمنَ المفترضِ أن تكونَ أسيافُنَا استجابَةً فعليَّةً لَهُ .. أستحي من شيوخِكِ الأتقياءِ الأنقياءِ .. وهم يتحدُّونَ شيخوخةَ الوطنِ الكبيرِ ، والغربَةَ فيهِ .. والهوانَ على القريبِ والبعيدِ .. وهم يعتادونَ الحصارَ المنهكَ والمرضَ الفاتِكَ ، وَيُصَادِقونَ الوجعَ المستديمَ .. ويألفونَ الدمارَ والخرابَ .. وهم ينظرونَ بشجاعةٍ إلى الموتِ المتربِّصٍ بهم ينصبُ لهم فخاخَهُ في كلِّ زفرةٍ وشهقةٍ ..
إني لأستحي من شمسِكِ حينَ تُشرقُ على حقولٍ من دمارٍ .. على قرًى يحاصرُهَا الفناءُ .. ومدنٍ تحتلُّهَا الأشباحُ .. على وطنٍ بلا وطنٍ .. على قلوبٍ يتفاقَمُ فيها الأسى المستفزُّ .. ويتناسلُ فيها العذابُ الجهورُ.. !
غزَّةُ .. أيتها العزيزةُ الكريمةُ .. الرَّافِضَةُ تقبيلَ يدِ الجزَّارِ الأثيمِ .. الباصِقَةُ في وجهِهِ مليونَ لعنةٍ ولعنةٍ .. المستهزِئَةُ بلمعانِ سيفِهِ .. والسَّاخِرَةُ من حِدِّةِ نصلِهِ .. أيتها الشَّامِخَةُ في زمنِ دفنِ الرؤوسِ .. المتطاوِلَةُ على الوجعِ والفجيعَةِ .. المتحامِلَةُ على الاستسلامِ بطلاَّبِ الشَّهَادَةِ المحيِّرينَ .. المتظاهِرَةُ على الخنوعِ والركوعِ بقلبٍ مفتوحٍ على الموتِ الجبانِ .. المتآمرِةَ على الصَّمْتِ الكسيحِ بجهرِ الصمودِ .. وبجاحَةِ البقاءِ .. وروح الخلودِ ..
إني لأستحي منكِ كثيرًا ، وأنا أرثي فيكِ عجزي .. عجزَنَا .. وأنا أؤبِّنُ فيكِ وطنًا مُباحًا .. مُضاعًا .. أؤبِّنُ فيكِ شعبًا مكتوفَ الإرادةِ .. كسيحَ العزيمةِ .. مُصَادَرَ الطموحِ .. مقتولَ الأملِ .. وأشيِّعُ من خلالِكِ كرامةً هُدِرَتْ .. ومروءةً فَتَرَتْ .. وشموخًا انطفأَ .. وعزةً ماتَتْ ..
إني لأستحي منكِ كثيرًا .. وأنا أنقلُ لكِ في خندقِ صمودِكِ الحصينِ ، نَبَأَ موتِنَا السَّريريِّ خبرًا عاجلاً .. وأنا أُعْلِمُكِ بضياعِ نداءاتِ استغاثتِكِ في بيداءِ جبْنِنَا .. وفي فيافي بلادتِنَا .. وأبشِّرُ ثقتَكِ الأكيدةَ بعبثيَّةِ ما تعقدينَ من عزمٍ على بقايا وطنٍ .. بقايا بشرٍ.. همُ في الحقيقةِ مجرَّدَ دُمًى ..
غزَّة .. يا أيتها المعلَّقةُ الفاخرةُ المنقوشَةُ بالدِّمَاءِ على صفحاتِ جراحِنا .. أيتها القصيدةُ العصماءُ في ديوانِ الصمودِ .. أيتها الصبيَّةُ الجميلةُ التي حاولوا تشويهَ وجهِهَا بنيرانِ حقدِهِم فازدادَتْ حُسْنًا .. الصبيَّةُ التي ظلَّت تلقِّنُ الحسَانَ معنى الصمودِ والثورةِ والإباءِ والشموخِ .. وتزدادُ ضحكًا من غيرةِ الأخرياتِ منها ..
يا جرحًا غائرًا في خاصرةِ الوطنِ .. ودبابيسَ ألمٍ فظيعِ في سويداءِ الأمَّةِ .. يا مسيرةَ ملايينِ الجراحِ النَّاطقَةِ في جسَدِ أمَّةٍ بكماءَ .. يا جولةَ الألمِ الكبرى في الجراحِ الخضيبةِ .. يا مراسِمَ العزِّةِ في عيدِ الكرامةِ ، يا متَّسعَ الضنى في ليالي بؤسِنا الأبديِّ .. يا وشايةَ العطرِ بقلبِ الربيعِ .. ونميمةَ الفصولِ للأطيارِ بأحضانِ الخمائلِ .. يا موعدَ الشمسِ لأطيارِ الضحى الربيعيِّ .. ويا أنشودةَ المساءِ على شَفَةِ صغيرٍ يلهو .. يا تراتيلَ السهرِ في وجدانِ سمَّارٍ أودَّاءَ .. يا فراديسَ اللهِ في أرضِنَا .. ويا ميعادَنَا المأمولَ على شُرُفَاتِ الفرحِ الرَّغيبِ .. أيُّ مجانين َ نحنُ حينَ نلقي بجسدِكِ الذهبيِّ إلى كلابِ اللَّيلِ الضالَّةِ .. ونتركُ حُسْنَكِ المنيعَ نهبًا مُباحًا .. !؟
أيُّ جبناءٍ نحنُ ، حينَ ننكفئُ حلفَ أسوارِ خوفِنا التاريخيِّ .. ونرقبُ بعينينِ أرعبَهَا الأسى عينيكِ الجميليتنِ يفقؤهما الغريبُ .. وإلى قلبِكِ الربيعِ يتغوَّطُ الغرباءُ فيهِ .. وإلى جسدِكِ القصيدةِ يتشظَّى تحتَ سياطِ القهرِ شواظًا من ألمٍ وقهرٍ وخيبةٍ .. وكيفَ ندعُ طهرَكِ يتفحَّمُ ببارودِ الغاشمينَ ..!؟
أيُّ عهرٍ أن نتركَ أصابعَكِ الذهبيَّةَ تمسحُ عرقَ الغرباءِ .. وتجفِّفُ بمنديلِها الأرجوانيَّ جبهَتَهُ المتغضِّنةَ .. وأن نتركَ أحذيةَ الجبناءِ العفنةَ تُدَنِّسُ أطرافَ فستَانِ زفافِكِ .. وتذرو كحلَ عينيكِ ، وتسرقُ الحلمَ الجميلَ من أجفانِكِ ..
ما أجبَنَنا ..! ونحنُ نرَاكِ تُسَاقيَنَ إلى موتٍ محدِّقٍ غشومٍ ونضحكُ .. وَتُجَرِّينَ إلى حَبْلِ المشنقَةِ ونضحكُ .. ويُدْخِلُ الجلاَّدُ رأسَكِ في أنشوطةِ موتِهِ المحمومِ ونضحَكُ .. وتغتصبُ براءتَكِ ونضحَكُ .. وَتُصَادَرُ عذريَّتَكِ ونضحَكُ .. وتعدُّ لكِ المحرَقَةُ ونضحكُ ونضحكُ .. فأيُّ سخفٍ أن نرضى بعهرِ صَمْتِنا .. وبخلاعةِ واقعِنا .. وبخنوعِنَا وخضوعِنا .. وأنتِ تُسَامينَ سوءَ العذابِ .. وسوءَ الغيابِ .. وسوءَ النكوصِ عن نصرتِكِ .. ونحنُ نغطِّي ـ عبثًا ـ عورَةَ خذلانِنَا بتوتِ أعذارنِا المهترئةِ ، ونغطي شمسَ حقيقةِ جبنِنَا بغربالِ حُجَجِنَا المريضةِ .. ونحنُ نقابلُ وجْهَكِ الجميلَ بالنُّكرانِ .. وَنُبَارِكُ صبرَكِ وَجَلَدَكِ بأمنياتٍ عِجَافٍ وصمتٍ خانعٍ .. ولامبالاةٍ سافرةٍ سافلةٍ ..
غزَّتنا العروسَ .. يا جَرَاحاتِ القصَائدِ ليلَ مفارقةِ المعنى .. وانكفاءَاتِ الرُّوحِ حينَ تُدَاهِمُهَا الهزيمةُ ، ويا مُدَاهمَةَ الوجعِ ضَاحيةِ الرُّوحِ إثرَ السَّقمِ السَّخيفِ ..
ما أسخفَنَا ..! ونحنُ نقدِّمُ قبحَ أعذارِنَا برجَاءِ غفرانِ كبائرِنا في حقِّكِ .. برجاءِ محوِ ذنبِ تخاذلِنَا وتجاهلِنا وتنازلِنا .. ومحوِ كبيرة التخلِّي عنكِ وعنَّا .. عنِ الوطنِ والعزَّةِ والكرامةِ..!؟

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow