Alef Logo
يوميات
              

بين الغارة والغارة

عبد الرحيم الشيخ

2009-01-21


بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة يدور دولاب الدم على شاشات الفضائيات التي لم تعد تخشى أن تتهم باللاسامية، أو على تلك التي لم تحظ بلادها المضيفة، رسمياً، بـ"شرف" الانضمام إلى "معسكر الاعتدال" بعد. بين الغارة والغارة لا وقت لدينا لمعرفة الأسماء، إلا أسماء القتلة. بين الغارة والغارة يرتفع الشهداء: مئة، مئتان، ثلاثمائة، أربعمائة، خمسمائة، ستمائة، سبعمائة، ثمانمائة، تسعمائة، ألف... ويصير الجرحى أضعاف الشهداء. بين الغارة والغارة تزدحم سماء غزة بوحوش الجو-الطائرات، ولا شيء يزاحمها في هذا الفضاء القاتم: لا طائرات حربية مناصرة، ولا طائرات إغاثة محايدة، ولا ملائكة عذاب، خارج كل الصنافيات، ترمي من هدموا بيوت الله وبيوت الناس بحجارة من سجيل. ليس إلاها أرواح الشهداء، تفلت من كل الرادارات، لتزاحم وحوش الجو، وتسمو أعلى فأعلى، ومعها يسمو صراخ الجريمة حدَّ السماء.

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة نحلم أحلاماً مزعجةً أن أسماء القتلة قد سُرقت من أدراج الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، فنعاود إحصاء الشهداء، ونُحصي القتلة من بيروت إلى غزة. بين الغارة والغارة نملك ترف النظر إلى دمنا، وتتصادى الأسماء، وبؤس التصريحات، وعين القرصان الأمريكي على جزيرة كنزه المشتهاة في شرقنا "الأوسط". رؤساء، ووزراء خارجية، ووزيرات، وممثلون في مجلس الأمن، وممثلات، أحياء وأموات: رولاند ريغان، جورج شولتز، جين كيركباترك. جورج بوش، كوندليزا رايس، جون بولتن. باراك أوباما، هيلاري كلينتون، زلماي خليل زاد. أسماء لا تصلح للذكرى، إلا لجريمة حرب...

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة تنعاد القصة: يُتَّهم اللاجئون المنفيون من الأرض والتاريخ بإزعاج أمن إسرائيل، وإيقاظ عقدة "العالم الحر" الذي أباد أجداد سكانها قبل عقود ستة. يُتَّهم اللاجئون بخرق الهدنة. يُتَّهم اللاجئون بمهاجمة "المدنيين الإسرائيليين وإعاقة حياتهم الطبيعية." لا تستطيع إسرائيل التحمل أكثر. تحشد إسرائيل نار أمريكا وحديدها وغطاءها الدولي، وتبدأ حملتها: سلامة الجليل، عناقيد الغضب وحرب لبنان الثانية، الرصاص المصبوب. ويكون قتل، ويكون موت، ويكون دم، ويكون هدم. ويصمت العرب. ويخرج العالم للشارع. ويخرج الشارع للعالم. وينعقد مجلس الأمن. ويصوِّت الأصدقاء. ويصوِّت الأعداء. وتصوِّت أمريكا...ويكون صمت. وتنهي إسرائيل "المهمة". وتزيد قائمة مجرمي الحرب خمسة أو عشرة. وتزيد قائمة الضحايا خمسة آلاف أو عشرة...
بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة ليس للطبيعي أن يستمر في طبيعيته: لا التزامات السياسي البليد، ولا أطروحات المثقف العنيد، ولا وظيفية الأكاديمي السعيد. ليس للكلام إلا أن يذهبَ إلى مكانه الأعلى: الدفاعُ عن فكرة الحق، ولا حق أعلى من الحق في الحياة. بين الغارة والغارة ليس من متسع لكلامٍ لا يدافع عن فكرة الحق في الحياة. ولكن الحياة تحت الاحتلال "حياةٌ مع وقف التنفيذ،" وموتٌ كيفما يشاءُ الاحتلال. بين الغارة والغارة فإن بوصلةً لا تشير إلى هذا الحق، ولا تحدد وجهة الدفاع عنه، مشبوهةٌ.

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة نعرف أن المعرفة أول ما تبدأ في المدرسة. والمدرسة تُعلِّم الجغرافيا. والجغرافيا أول المعارف في المدرسة. والبيت أول الجغرافيا. ومن لا بيت له لا وطن له، ومن لا وطن له، إلا في قاع القلب وأعالي الروح، فهو لاجئ. واللاجئ يدرس في مدارس وكالة الغوث. ووكالة الغوث أول درس في التاريخ. والتاريخُ أول درس في تسمية الغالب والمغلوب. ومن الجغرافيا والتاريخ، نعرف كيف نجيب على أسئلة الصحافة الأجنبية حين نكبر: أين تقع أمريكا؟ وماذا يحدها؟ تقع أمريكا على الساحل الغربي للمحيط الأطلسي، و"يحدها من الشمال: القطب الشمالي، ومن الجنوب: القطب الجنوبي، ومن الشرق: يحدها الإصحاح الأول من سفر التكوين، وأما من الغرب فيحدها: يوم القيامة." هكذا تعلمنا المدرسة الفلسطينية حدود أمريكا، سدوم الجديدة وامبراطورية الخراب القديمة، التي لا تستعمر العالم، ولا تشرعن جرائم المحتلين، إلا من أجل خلاصهم، هذه رسالة الرجل الأبيض السوداء. وأمريكا، هي بلاد الأمم المتحدة للحرية، وتمثال الحرية، وصحافة الحرية، وبلاد الـ CNN التي تنفرد بعرض بقصتين إخباريتين يوم السابع من كانون.

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة أشاهد قصتين على الـ CNN:الأولى، والأكثر، مشاهدة وقراءةً، هي قصة ذهاب ساشا التي في السابعة ومليا التي في العاشرة، ابنتي رئيس امبراطورية الخراب الجديدة، باراك أوباما، إلى اليوم الأول في مدرسة سيدول فرندز. وصور للأب الامبراطور، وزوجته، ورجال الأمن السري في مرافقة البنات إلى مدرستهن في اليوم الأول. أما القصة الأخرى، الأقل قراءة، فقصة مدرسة "لوكالة الغوث في غزة" طالها الأذى حينما قصفت إسرائيل، الجريحة بصواريخ الإرهاب، سيارة لقوات حماس كانت تطلق الصواريخ على إسرائيل! أكثر من 43 شهيداً بلا إسم، ولا صفة ولا حراسة من شرطة سرية ولا علانية. هذا هو وعي العالم القرصاني الذي لا يرى. وهذا هو وجه الشر الذي يبرر شرور جرائم الحرب في غزة اليوم، وليس أقل هذه الجرائم قصف الجامعة الإسلامية، ووزارات التربية والتعليم والثقافة، ومقر برنامج غزة للصحة النفسية، والمدارس، ومقرات الصليب، ومواضع الهلال، والمساجد، وبيوت الله....

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة تكثر المقابلات. بين الغارة والغارة ينظِّف المجرمون السلاح من أثر الدم. بين الغارة والغارة "يطهِّرُ" المجرمون السلاح بصلاةٍ على الملأ لأطفال شاتيلا وقانا وغزة. بين الغارة والغارة طفل مثقوب الصدر، وأخ مقنوص في الرأس، وأخت في الرقبة. بين الغارة والغارة طفل مفقوء القلب، وبنت مبتورة الرجلين، وآخر مسمول العينين يروي القصة كاملةً، ويتوج قصته بالشكر: "...وشكراً لكم." بين الغارة والغارة: يخرج بيرس، يوقظ موهبةً في الشعر انمسخت بغبار الحرب، ويرجو "لأطفال غزة السلامة، وسماءً صافيةً، وهواء عذباً". بين الغارة والغارة يخرج ديختر: "مقطوع القلب على مدرسة، أو مستشفى، أو جامعة يسكنها القتلة.." من آباء القتلة، أو أبناء القتلة، أو إخوان القتلة! بين الغارة والغارة تتسع تنغلق الأرض. بين الغارة والغارة تتسع الروح.

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة يخرج ناطق جيش الرب، يؤكد طُهر سلاح الرب: "على جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ومجنداته أن يستخدموا أسلحتهم وقوتهم فقط لتحقيق مهمتهم، وبالقدر الضروري على أن يحافظوا على إنسانيتهم خلال المعركة. على جنود جيش الدفاع ألا يستخدموا أسلحتهم وقوتهم للمساس بأناس ليسوا محاربين أو أسرى حرب، وعليهم أن يعملوا كل ما بوسعهم لتجنب المساس بحياة هؤلاء، أو أجسادهم، أو كرامتهم أو ممتلكاتهم." (المادة الأولى، والأخيرة، من "قانون" طهارة السلاح الإسرائيلي). بين الغارة والغارة يفتي قائد جيش الرب: "لا يجب على السلاح أن يكون طاهراً، يجب على السلاح أن يكون نظيفاً صالحاً للقنص. على الجندي أن يحافظ على "نظافة" سلاحه جاهزاً لإطلاق النار، ولا شأن له بـ"الطهارة"."

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة يتواصل تعليم سفر يشوع في الدبابات المعطوبة: "يوم الرب يوم إرهاب." بين الغارة والغارة يحرق حاخام وثيقة سفرٍ في الشارع في بلد الضباب. بين الغارة والغارة تُنتَقَدُ الفاشية من منظور ديني بحت، ويُحال إلى سفر التثنية التشريعي حيث الأمر الإلهي بالعدل الذي لا يتم إلا بوسائل عادلة: "لا تحرِّف القضاء، ولا تنظر إلى الوجوه، ولما تأخذ رشوة لأن الرشوة تُعمي أعين الحكماء، وتعوج كلامَ الصدِّيقين. العدل العدل تتبع لكي تحيا وتمتلك الأرض." بين الغارة والغارة يسودُّ ضمير الجلاد. بين الغارة والغارة يصرخ ربانيٌّ كفر برب الجند: "إن لم نكن جميعاً مذنبين، فإننا جميعاً مسؤولون... إن رأيت أعداءك يتوضأون بالدم، فادع إلى صلاة الجماعة." لكن، بين الغارة والغارة يصدر مجلس حاخامات اسبارطة، في أوقات الحرب، فتاوى تُحرِّمُ حتى الشفقة على ضحايا الحرب من الأغيار (حين تبكي مذيعة تلفزيون إسبارطة من القناة الثانية على أطفال طروادة الذين حرقتهم قنابل الفسفور): "إن من يتحسر على مشاهد أطفال لبنان وغزة القتلى، إنما يعرّض يهوديته، دينياً، واليهود، وجودياً، للخطر. وإنه ينبغي توفير تلك الحسرة لأطفال اليهود الذين يستهدفهم الإرهاب العربي على جانبي الجبهة." بين الغارة والغارة نذكر هتلر ومعاونيه من قادة الحزب النازي بُعيد السادس والعشرين من شباط عام 1942، نذكر التاريخ "الرسمي" لبدء تصفية يهود أوروبا في إطار ما يُعرف بـ"الحل النهائي للمسألة اليهودية Endlösung der Judenfrage" عبر معسكرات الإبادة كـ أوشفيتس وغيره. بين الغارة والغارة نتذكر إدوارد سعيد ولا "نلوم الضحايا"، نتذكر لوم ضحايا غزة اليوم الذين يُقال، عنهم، وبالمنطق ذاته، إنهم: "تسببوا في حرب أخرى، وعليهم أن يدفعوا الثمن، دون أن يتعاطف معهم أحد، ودون أن تُذرف عليهم دمعة شفقة واحدة."
بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب.بين الغارة والغارة يتبدل "زمن القديسين." بين الغارة والغارة تأتي أمريكا للحرب. بين الغارة والغارة يأتي سادة أمريكا لخلاص العالم. بين الغارة والغارة تحصد إسرائيل الإجماع على "عدل العدوان". بين الغارة والغارة تصويت بالإجماع على العدوان. بين الغارة والغارة تأتي أمريكا للحرب: "تذهب أمريكا للحرب على مضضٍ." وتدافع ليفني عن قيم العالم الحر في عاصمة العالم الحر في باريس. ويشحذ أوباما أدوات الحل...ويصمت.
بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة نتعلم علم "التكافؤ الأخلاقي" وفلسفة "الحق في الدفاع عن النفس." بين الغارة والغارة يحاضر فينا حكماء "سدوم الجديدة" من أعالي نيويورك: حول ضرورة عدم الموازاة أخلاقياً بين "ضحايا الإرهاب" و"قتلى الدفاع عن النفس." بين الغارة والغارة لا نعرف تاريخ التصريحات، ولا تاريخ الفيتو. لا نعرف أين، وإن، قد تم وقف إطلاق النار على الفلسطيني: "إن السؤال ينبغي أن يكون حول شرعية ممارسة الدفاع عن النفس، الأمر الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية حالياً، لا بد من أن يكون واضحاً جداً. وأعتقد أنه قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، علينا البحث عن مسببات الصراع. وأعتقد أنه كان لنا أن نتمكن من وقف إطلاق النار في لحظات لو أن حزب الله وحماس حررا ضحاياهما المختطفين، وتوقفا عن إطلاق الصواريخ، والنشاطات الإرهابية الأخرى ضد إسرائيل." بين الغارة والغارة لا نعرف حدَّ كلام "الرايخ": "إن وقوع هذه الوفيات بين المدنيين هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، وللرئيس بخاصة، وهو تراجيديا. ليس ثمة من طريقة أخرى لوصفها. غير أنني أعتقد أنه من الخطأ منح تكافؤ أخلاقي للمدنيين الذين يموتون كنتيجة مباشرة لأعمال إرهابية وحشية تتغيا قتل المدنيين، والنتيجة التراجيدية المأسوف عليها لوجود مدنيين يقضون نتيجة لعمل عسكري يُقام به دفاعاً عن النفس. إن أنظمتنا الأخلاقية والقانونية تفرّق بين الأعمال (العسكرية) بناءً على النوايا الكامنة وراءها. وإنه، ببساطة، لا يستوي القول بأن الفعل الذي يستهدف، عن سابق إصرار وترصد، حياة المدنيين الأبرياء، قاصداً قتلهم، ويطلق الصواريخ، ويستخدم أسلحة متفجرة، وأعمالاً كالاختطاف... يمكن أن يقارَن بالنتائج المحزنة والمأسوف عليها الناتجة عن الدفاع عن النفس."

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة لا نكتب شعراً. بين الغارة والغارة نذكر أوشفيتس. بين الغارة والغارة نذكر هيروشيما. بين الغارة والغارة نذكر شاتيلا. بين الغارة والغارة نذكر قانا. بين الغارة والغارة نذكر غزة. بين الغارة والغارة لا نكتب شعراً. بين الغارة والغارة تتطهر أجساد الأطفال. بين الغارة والغارة تتدنس أسلحة القتلة...بين الغارة والغارة يتسع الحقل لدان ياهيف وإيلان بابيه!

بين الغارة والغارة لا وقت لدينا للذكرى. فتاريخنا مفردات بصيغة الجمع، وجغرافيانا تستعصي على الإفراد: بيروت وقانا وغزة. والأزمنة أزمنة حرام: 1982، 2006، 2009...وأمريكا وراء الباب. بين الغارة والغارة أملك ترف الخروج من الشاشة سالماً. بين الغارة والغارة تملك الروح تذكُّر درويش الغائب. بين الغارة والغارة أملك ترف النظر من الشرفة لـ"لأرى ما أريد"-ضريحاً مضاءً على استحياء، وعلماً لفلسطين خافقاً رغم برد البلاد. بين الغارة والغارة أبصر صوتاً تحتَ زجاج يلمع ويسمِّي القتلة من بيروتَ إلى غزة:

"يستمر الفجر منذ الفجرِ.
تنكسر السماءُ على رغيف الخبزِ.
ينكسرُ الهواءُ على رؤوس الناسِ من عبء الدخانِ ولا جديد لدى العروبةِ:
بعد شهرٍ يلتقي كلُّ الملوكِ، بكلِّ أنواعِ الملوكِ، من العقيدِ إلى العميدِ/
ليبحثوا خطرَ اليهودِ على وجودِ اللهِ. أما
الآن، فالأحوالُ هادئةٌ تماماً مثلماً كانت. وإن الموتَ يأتينا بكل
سلاحهِ الجويِّ والبريِّ والبحريِّ. مليونُ انفجارِ في المدينة.
هيروشيما هيروشيما.
وحدنا نصغي إلى رعد الحجارة، هيروشيما
وحدنا نصغي لما في الروح من عبثٍ ومن جدوى
وأمريكا على الأسوار تهدي كلَّ طفلٍ لعبة للموتِ عنقوديةً
يا هيروشيما العاشق العربيِّ: أمريكا هي الطاعونُ والطاعونُ أمريكا.
نعسنا، أيقظتنا الطائراتُ..وصوتُ أمريكا.
وأمريكا لأمريكا.
وهذا الأفق إسمنتٌ لوحش الجوِّ.
نفتحُ علبة السردينِ، تقصفنا المدافعُ
نحتمي بستارةِ الشباكِ، تهتزُ البنايةُ. تقفزُ الأبواب.
وأمريكا وراء البابْ."


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow