Alef Logo
ابداعات
              

دراهم كلكامش

أديب كمال الدين

2009-02-07



(1)
في حديقةٍ أصغر مما ينبغي
قدّام لحية كلكامش في المتحفِ العراقي
وفوق عشبٍ أكله الحنين الرطب
ومزّقه الدمع
وتحت غروبٍ أثقل من الحجر
ضيّع الطفلُ دراهمه السبعة.
فبكى
يا إلهي، لِمَ يبكي هذا الطفل؟
(2)
تلك التي اسمها الحياة
متلفّعة بعباءةِ السوادِ والحلم
بعباءةِ الفقرِ والتعاسة
هي مَن أعطاني الدراهم التي ضاعتْ سريعاً.
كان لقاءً عابراً
يشبه حياةً عابرة
وكان أنكيدو عابراً
يشبه أفعى عابرة
سرقت السرَّ كما يزعمون
تشبه كلكامش العابر هو الآخر.
يا إلهي، لِمَ يبكي هذا الطفل؟
أمن أجل الدراهم حقاً؟

(3)
صغرت الحديقة
(هي في الواقع أصغر مما ينبغي)
وكبرَ الطفل
وتزوّج
وهاجر
وكتبَ حرفاً عجيباً
وماتَ أو كاد
لكنّه لم يزلْ ينظر إلى الحديقة:
أين هي الدراهم يا إلهي؟
كلّ درهمٍ كانَ اسمه السعادة
وكلّ درهمٍ كانَ اسمه العيد
أو الغيمة
أو الشمس
أو البحر
أو قُبْلَة الأمِ متلفّعة بالسواد.
كلّ درهم
كان عبارة عن سرٍّ وجده كلكامش
ثم ضيّعه معي في الحديقة.
(4)
بعد أربعين عاماً
كتبتُ رسائلَ مستعجلةً إلى كلكامش
ليعينني على استرجاع دراهمي الضائعة
فوجدتُ تمثاله الحجري
دون لحية طويلة تغطّي صدره
فانتبهتُ إلى أن كلكامش
قد زوّر تمثاله ليعيش بعيداً عن السرّ
ربّما بعيداً عن التعاسة
ولكن ليس بعيداً عن دراهمي السبعة.

(5)
مَن يعرف السرَّ يا إلهي؟
مَن يعرف كيف ضيّع كلكامش سرّه؟
ومَن سرقه منه؟
مَن يعرف كيف ضيّعتُ دراهمي السبعة
قرب الحديقة التي تقع تحت لحيته
أو قدّام لحيته؟
مَن سرقَ دراهمي يا إلهي؟
(6)
حتّى أنكيدو الذي ماتَ لأسبابٍ غامضة
لم يعرف السرّ
حتّى أتونابشتم
أو صاحبة الحانة
أوصاحبة اللعنة...
ليس من أحدٍ يعرفُ السرَّ أبداً.
(7)
أنا
فقط
أعرف:
إنني أعيش منذ أربعين عاماً
قدّام لحية كلكامش
فوق عشبٍ أكله الحنين الرطب
ومزّقه الدمع
وتحت غروبٍ أثقل من الحجر
أبحثُ
حتّى
الموت
عن دراهمي السبعة التي ضيّعتُها
في حياةٍ عابرة
كملمسِ الأفعى العابرة
كلحيةِ كلكامش العابرة هي الأخرى
نحو غروبٍ أثقل من الحجر.

**************
أستراليا

[email protected]

http://www.adeb.netfirms.com










تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

إنّي أنا الحلاّج

13-آذار-2010

قصائد من هناك

01-شباط-2010

أعتذر الآن

23-كانون الثاني-2010

أو أكثر بقليل

16-كانون الثاني-2010

لِمَ أنت؟

23-كانون الأول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow