Alef Logo
المرصد الصحفي
              

صلاة منسية عند مقامك .. يا حبّ

عبد العظيم فنجان

2006-05-27

كنتَ تمرّ يا حب ، حاملا كيس النجوم على ظهرك ،
فنتبعـكَ على دراجاتنا الهوائية .
لانعرف ، الآن، أنـّا صرنا نتبع مـَن عند أول منعطف سيتوارى :
نلتفتُ فنراه عالقا على الأسلاك ، التي وضعناها لاصطياد العدو .
هل أنتَ عدوّنا ياحب ، وهل قلوبنا ساحة حرب؟

شربناكَ أيها الفاتن، وترنـّحنا عبر العالم .
انتظرنا عطاياك ،
حين كنتَ تطرح انعامك على أبواب الهائمة نفوسهم في البعيد .
طاردناكَ من مكتبةٍ إلى مكتبة ٍ ،
قرأناكَ في الفنجان والكف ،
في خطوط الوجه ،
وفي نظرات المطر ، عندما يصبّ ، في غيمة الروح ، خيوط رعده المنيرة .

لاحقناكَ في كل مكان ،
عندما كنا ننسى أبداننا على النسمة التي تطير في رئتيك .
عندما ، بعد كل هجر ، ينسل عصفورك من أغانينا ، فنبكي
لأنك ، أيها الفاتن ، تخيط ثقوب أرواحنا بحسراتك الدافئة ، بعد كل خسارة .

هذه صلاتنا ، من أجلك ياحب ..
نحن الواحات في معطف البراري ، يرنو الينا الطير ،
قادما من هضبة الخيال ،
ناقلا بمنقاره حبة رمل ، يتركها على راحاتِـنا ،
فنعيد معه المصباح اليدوي ، الذي سقط من يد القمر ، إلى أعماقنا..

قل ياحبيبنا المتواري خلف حجاب الاغنية :
أي موسيقى نعزف ، كي تتجلى لك أرواحنا كما تريد ؟
كي تعرفنا جيدا يا حب ؟
بعد أن هجرنا دروسكَ ، ونسينا الترانيم وحدها في المهد ،
يلاطفها الغبار بأجنحته اللانهائية ؟
دلـّنا .. ياحب على وديانكَ ،
لعلنا نتيه في خطوط يديك ،
لعل المصاب قديما بعدوى مرضاك يمرض من جديد ،
فتفرك عن رموش عينيه آثار هذيانك.

تـِـقـنـا إليكَ ... ياحب .
فزعتْ إليك النجوم المرسومة على أكتافنا ،
فرّتْ نحوكَ فوّهات أوجاعنا،
فلم نعد قادرين على مقاومة نحول أفراحنا ،
أو فقر دم الأصباح التي تفتح نوافذنا بيد ذابلة ..
من أجلكَ ، نسينا مناجل المنفى ، غربتنا عنا ، وتيهنا المستحيل .
انتظرنا القمح يعلو فوق هامة السياج ،
ثم وضعنا الحرب في الثلاجة وجئناكَ ،
كأننا اكتشفناكَ من جديد ،
فهل تسمح لنا أن نمر من خلال خرائطكَ ونجومكَ ،
لنعيد للأشجار اصطفافها الأول على النهر ؟

ياحب ، من أين نأتيكَ فتمنحنا الصفح ؟
من أعماقنا المغسولة بالحزن ،
حيث الليل يشحذ حدّ مديته ،
وهو يصعد نحو كل نجمة مسـّها طيف أوجاعنا ،
فتخر مغشيا عليها من فرط الوحشة ؟
من الدمع ياحب ؟
أم من نـَشارة احلامنا ، وهي تزيـّن ثياب الريح ؟

قل يا حب ، يا صلاتنا المنسية :
أي كتاب نتلوه لترضى ، فتأتي كما قبل ،
عندما كانت العشيـّات تهدهد أطراف قمصاننا ببرد روحـَك :
عندما كنا ننتظرك في باب السينما ،
ندخل أثرك ، حاملين تذاكر الركوب معك إلى الأحلام ؟
آه ... كنا نفرّ من الدرس ،
نجلس بانتظارك ، على سياج المدرسة ،
مدلدلين أرجلنا طوال شهقة السنابل ،
إذ ترنو إلينا قشة العشب ،
تتوق متأهبة لأن تمسك بحبل أرواحنا، لترتفع معنا فيك ،
كما صلاة وجدتْ مـَن يقبلها فوق ، فحلـّقتْ .
لقد نسينا الصلاة الواجبة ، فكيف بالمستحبة ؟
ذكـّرنا ، أرجوك ، يا حب .
ذكـّرنا، ذكـّرنا
ذكـّرنا بغيمتك تمطرنا مظلات ، تحت قوس البهجة ،
ترافقنا إلى الموعد ،
تجلس بانتظارنا على مصطبة الشاطئ ،
تحرسنا من الموجة ، وتكسونا قوارب ورحلات .

ذكـّرنا يا حب بنورك ، الذي نسيناه تحت قصف مدافع النسيان ،
وغارات الحراسة .
ذكـّرنا .. فقد أضعنا العنوان في أحد الثكنات ،
وبين حاجيات الجنود القتلى .
ذكـّرنا .. أين يمكن أن نصادف مقهاك ، أو غرفتك ، أو سريرك ؟
ذكـّرنا .. كيف نغسل أيدينا ، فقد نسينا الماء ،
بعد أن نشرنا أصابعنا على حبال غسيل العطش ،
فما عدنا نلـّوح ، يا حب ، إلا بيدين متخيلتين ،
ولا نبكي ، يا حب ، إلا بعينين متخيلتين ،
والأفضل فينا هو مـَن وجد بصمة إنسان في نحيبه .
ذكـّرنا يا حب بشكل يديكَ ،
لعلنا نعرف أيدينا ، يوم ترضى عنا ، فنـُبعث فيكَ .

يا حب ، يا حب ، يا حب ..
ها قد جئناك مفترضين أنك في الكتابة ،
أو أنـكَ في العيون التي تقرأ ما خلف الكتابة ،
فهل أنتَ هنا حقا ، أم نحن واهمون ؟
قل ياحب ، فليس كل ما في الكتابة أنتَ ،
أيها الذائب في فص الغيبة ،
ايها الشاعر فينا، قبل أن تمشي على الأرض أول قصيدة .
دلـّنا عليك ، أرجوك .
اقتلعنا من عروقنا ، فلم نعد قادرين على الوقوف من دون ساقيك .
جرجرنا من شعورنا : رؤوسنا لاتستقر إلا بين كتفيك .
اخطف أرواحنا بيديك ،
أقبلنا ولو حلقة دخان ، تأوي اليها ،
وتنام .

هذه صلاتنا يا حب ..
نحن الفنادق التي تأوي إليها الغرف المنسية في جيوب المسافرين ،
فهل نسيتَ ، أنتَ الآخر ، بحـّة الرخام في غنائنا ،
ونحن نغسل أطراف قدميك ،
إذ تعود مرهقا ، من أسفارك الكثيرة ؟

من أبولو وود

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow