Alef Logo
ضفـاف
              

الأدب والسينما.... من يأخذ من الآخر

عباس علي موسى

2009-02-15


من المعلوم أنّ الرواية هي سابقة على السينما، ولكن في الوقت ذاته ليست السينما ناتجةً عن الأدب ولا ناتجةً عن الرواية.
لكن إذا ما حاولنا التقريب بينهما فحينئذٍ ماذا سنعتبر السينما، رُبّما نستطيعُ القول بأنّ السينما هي إنجازٌ للصور والأحداث المتناوبة التي كنت ستنجزها من خلال الرواية والتي ستخلقُ نسقاً يشكّلُ ما عرفناه في السينما فيما بعد بالمشاهد.
في الحقيقة، وبعد أن تحولت السينما إلى صناعةٍ مستقلة وعملاقة، حيث تطورت العدسة والموسيقى متضافرةً مع الإضاءة والسيناريو الذي أخذ شكلاً خاصاً منفصلاً عن الرواية والقصة فهو أي السيناريو يحمل طابعه الخاص الذي يفصله عما سواه. خاصة بعد أن خرجت السينما من إطارها الصامت (عصر السينما الصامتة) .
بعد هذا التطور الباهر الذي حققته السينما، وعملية الجذب التي قامت بها من خلال جذب القارئ وتحويله إلى مشاهدٍ بالدرجة الأولى. وللحقيقة فقد سرقت السينما الكثيرين من قرّاء الأدب فالذي شاهد فيلما روائياً ربما لن يعود ليقرأ الرواية التي أخذت السينما الفيلم عنه.
ومن هنا ندرك كيف أن تيارا من الروايات الجديدة تحاول التقارب مع السينما من خلال سوق أحداث ومشاهد تتفق وتوجّه السينما، ولعلّ هذا النوع هو الذي لاقَ رواجاً أكبر حتى في أوساط قراء الأدب الجادين وهو ما يبرر المبيعات الكبيرة لهكذا نوع من الروايات .
لعلّ هذه المقدمة تكونُ ساذجةً إذا ما كنا نودّ الحديث عن الأدب والسينما مقدمين لكليهما تاريخهما، وأشياء لا يجهلها من كان مهتما بالأدب أو السينما، لكن لكلٍ مبرره فهذا المدخل له مبرره حين نود الحديث عن روايتين كتبتا بنفسٍ سينمائي ولكن من زاوية مختلفة كلٌ عن الآخر، هذان الروايتان هما:
"صالبا/ Salpa " و"شيفرة دافنتشي/The Da Vince Code" .
- أولاً رواية " صالبا/Salpa" :
رواية "صالبا " هي روايةُ الكاتب الكوردي الكبير " Yelmaz gunê " الذي لم يهب نفسه للأدب بل إنّه تحولّ للسينما حتى غدا أحد أقطابها المهمين حيث خرج بسينماه من التقوقع الذي كانت تعيشه سينما الشرق بشكلٍ عام وتركيا حيثُ يعيش بشكل خاص، ولسنا بصدد الحديث عن المخرج الكبير سوى أن التركيز على كونه مخرجا له أهميته فهو كتب الرواية كما وأنّه يخرجُ فيلماً وبذلك أضحت قيمتُ الرواية إذ أنّ قارئ الرواية يلتقطُ أنفاسهُ منذ أول سطر إلى أن تبلغ به الرواية الذروة، فالرواية مكونةٌ لديه من أربعةَ عشر فصلاً تشغلُ في فصلها الأول مونولوجاً رائعاً للشخصية / صالبا-Salpa / ثم تأتي الفصول بعدها لتروي الأحداث بتلاحقٍ يقطع الأنفاس فتأخذك الأحداث إلى الذروة لتهبط بك بعد ذلك حيث النهاية الهادئة التي تقود بطلها إلى الانخراط بالجماهير.
والذي يحفظ للرواية أدبيتها ذلك المونولوج ذاك إذ أنه يحمل أشياء تصعب على الكاميرا التقاطها .
والذي يبرر ﻟ/ Yelmaz gunê/ ذلك هو انشغاله بالسينما، لكن الموضوع مختلفٌ عند / دون براون-Dan Brown/ مؤلف الرواية الأكثر شهرةً والتي حققت مبيعاتٍ خياليةً فاقت الأربعين مليون نسخة وبترجماتٍ إلى كافة اللغات الحية، و/ دون براون-Dan Brown/ من غير العاملين بالسينما.
الرواية مشغولٌ عليها بطريقةٍ سينمائية تخالها مكتوبةً للسينما وهو ما نودُّ الإشارة إليه هنا، وكأن الحوارات والأحداث والتقنيات السردية خاضعة لعينٍ سينمائية مسبقاً، وعندما تحولت الرواية فيما بعد إلى فيلم سينمائي لم تلقى صعوبةً في ذلك لأنها كما أسلفنا خاضعة لعين سينمائية مسبقاً.
حيث قام المخرج / رون هوارد Ron Howard / بإخراج الفيلم بعد أن أعدّها السيناريست العالمي/ أكيفا غولدز مان Akiva Goldsman-/ .
قد لاقى الفيلم نجاحاً باهراً، لكن وللأمانة فإن الرواية والفيلم كانا سيكونان أقل نجاحاً لو لم يلعب الكاتب على الوتر الديني الذي أستغله الكاتب عبر حبكةٍ بوليسية متقنة تذكرنا بالأفلام الأمريكية البوليسية.
والذي نود الإشارة إليه هو الاشتغال على ذلك النمط من الروايات وهو ما يبرر أيضا لجوء كاتب كماركيز إلى السيناريو.
ترتفع الحدود شيئاً فشيئاً بين الفنون والرواية والسينما لم يعودا أبا وابنا كما سابقاً، لكن أصبحا منافسين لبعضهما البعض، تحاول السينما سرقت القرّاء فيما تناضل الرواية للإبقاء على مجدها.
وأخيراً نستطيعُ القول بأنّ كلّ شيء يحوي في نواته خواصٍّ يصعب اختراقها مهما كانت درجة التقارب.
* * * *
- رواية / صالبا-Salpa / هي للكاتب الكوردي / Yelmaz gunê/
الذي تحوّل للسينما حتى غدا الأكثر شهرةً بين مواطنيه، حاز فيلمه / الطريق-Yol / على السعفة الذهبية 1982 وكان يكتب سيناريوهات أفلامه بنفسه.
- رواية /شيفرة دافنتشي-The Da Vince Code / هي للكاتب / دون براون-Dan Brown/ وهو روائي له الكثير من الروايات منها:
/ الحصن الرقمي- Digital Fortress / و/ ملائكة وشياطين-Angels and Demons / وغيرها، وجميع الروايات تلعب بالنفس السينمائي ذاته.
أحدثت روايته المذكورة أرقاماً خياليةً من حيث المبيعات من حيث حساسية موضوعها ونقدها للدين.











تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

القنّاص نصوص بعبق الحرب

07-نيسان-2018

شاحنة من ورق/ وأصابعنا المخضّبة حبرا أحمر

17-تشرين الأول-2015

أزرق / قصة قصيرة

24-أيار-2014

مداعبة

20-نيسان-2014

هي لا تحبكَ أنت، يُعجِبها مجازُك ,, محنةُ الشاعر

23-حزيران-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow